ماذا يحدث في حال إفلاس الدولة اليونانية؟
٧ نوفمبر ٢٠١١الاتحاد الأوروبي أوقف مبدئيا مدّ اليونانيين بالأموال. ولن يقدم المبلغ التالي الذي يبلغ 8 مليارات يورو، طالما لا توافق أثينا بشكل واضح على حزمة الإنقاذ المرتبطة بشروط توفير قاسية. وكان مخططا في الأصل تقديم هذا المبلغ بحلول الإثنين (7 /11 /2011). لكن عدم حصول اليونان على هذه الأموال يعرضها إلى خطر الوقوع قريبا في إفلاس رسمي غير منظم. وكانت القمة الأوروبية التي انعقدت في نهاية الشهر الماضي قد قررت تنظيم إفلاس جزئي لليونان، وتم الاتفاق لدى ذلك على أن تتنازل البنوك والصناديق المالية وشركات التأمين عن استرداد نصف ديونها لليونان، على أن يتم تغطية النقص بحزمة إنقاذ ثانية، يبلغ حجمها 100 مليار يورو، على أن يتكفل صندوق الإنقاذ الأوروبي EFSF بتقديم المساعدة اللازمة.
الضرر الأكبر يصيب البنوك
لكن إذا حل إفلاس مفاجئ لليونان فإن البلاد ستقع في فوضى، ولن تكون الحكومة قادرة على دفع الرواتب وسيتوقف التزويد بالماء والكهرباء وستنجرف الشركات تباعا إلى هوة الإفلاس، وستصبح أثينا عاجزة عن تسديد الفوائد والديون، وستكون البنوك اليونانية المتضرر الأكبر من ذلك ، فالدولة مَدينة لها بحوالي 60 مليار يورو. وفي هذه الحالة، كما يقول الخبير الاقتصادي لدى بنك بيرينبيرغ في لندن كريستسان شولتس، ستواجه البنوك حالة تنقلب فيها كل الأمور رأسا على عقب، " لأن المستثمرين اليونانيين سيبذلون عندئذ كل ما بوسعهم لسحب أموالهم من البنوك وإيداعها في الخارج".
وسيؤدي هذا في حال حدوثه إلى إفلاس البنوك اليونانية، "مما قد يجر اليونان إلى هاوية أزمة اقتصادية ومالية عميقة قد تؤدي إلى خروجها من الوحدة النقدية الأوروبية"، كما يقول الخبير شولتس. لكن الخبير الاقتصادي يورغن ماتيس من معهد الاقتصاد الألماني في كولونيا، فيشير إلى أن هناك تصورات أيضا بأن تخرج اليونان من الاتحاد الأوروبي، وبالتالي من الوحدة النقدية، لتنضم فيما بعد ثانية إلى الاتحاد.
عودة اليونان الى الدراخمة لا يحل المشكلة
ويرى ماتيس أن اليونان ستُعامل عندئذ مثل بقية الأعضاء العشرة في الاتحاد الأوروبي، ممن لا يريدون الانضمام إلى الوحدة النقدية أو ليسوا مؤهلين بعد لمثل هذه الخطوة. "عندئذ قد تقع الحكومة اليونانية تحت إغراء العودة إلى عملتها الدراخمة من أجل تحسين مقدرة شركاتها على المنافسة". فقد يتم تخفيض سعر صرف الدراخمة إزاء اليورو بمقدار 50 %. ومع ذلك لن يحسن هذا من وضع اليونانيين، كما يقول الخبير الاقتصادي ماتيس "لأن التزامات اليونان المالية ستبقى باليورو" ويشير الخبير إلى أن حساب الدين بالدراخمة يزيد من عبء الديون على اليونان، مما قد يوجد ضرورة إعفاء اليونان من مبالغ أكبر من ديونها.
وسيكون لتطور من هذا النوع عواقب وخيمة على البنوك في الدول الأوروبية الأخرى التي أقرضت الدولة اليونانية حتى الآن 120 مليار يورو، لكن أوروبا ستكون قادرة على تحمل غياب مثل هذا الحجم من الأموال، إنما الذي يخشى منه الجميع فليس إفلاس هذا البنك أو ذاك، إنما انتقال العدوى إلى دول في منطقة اليورو ذات اقتصاد قومي أكبر من اليونان. ويذكر في هذا السياق قبل كل شيء إيطاليا، فهذه الدولة، كما يقول الخبير كريستيان شولتس، ترزح تحت طائلة ديون ضخمة، يتعين عليها تجديد تمويلها باستمرار. وفي حال عدم تقديم الأسواق الإيطالية الأموال اللازمة لإعادة التمويل "فإن إيطاليا قد تنجرف فعلا في هوة الإفلاس".
ويرى شولتس أنه إذا أصبحت إيطاليا عاجزة عن الدفع، فمن الصعب أن نتصور " أن لا يلحق هذا المصير بدول أخرى"، وإن أصاب فرنسا "سيكون من الصعب تصور استمرار منطقة اليورو بشكلها الحالي"، كما يقول شولتس، فعندئذ يتعرض النظام المالي العالمي بأكمله إلى خطر الانهيار، وتصبح أوروبا بحاجة إلى مساعدة خارجية من أجل الإمساك بزمام الوضع. ويقبل العالم في النهاية على سيناريو"لا يريد أحد أن يتخيل تفاصيل تطوراته التالية" كما يقول الخبير الاقتصادي يورغن ماتيس.
دانهونغ زانغ/ منى صالح
مراجعة: يوسف بوفيجلين