منحت مؤسسة DW الإعلامية "جائزة حرية الرأي والتعبير" هذا العام لأرملة المعارض الروسي يوليا نافالنايا، ومنظمتها "مؤسسة مكافحة الفساد". كيف تسير "السيدة المعارضة الأولى" على خطى زوجها الراحل أليكسي نافالني؟
إعلان
بعد وقت قصير من تلقيها نبأ وفاة زوجها المعارض الروسي أليكسي نافالني، قالت يوليا نافالنايا: "بقتله أليكسي، قتل بوتين نصفي ونصف قلبي ونصف روحي".
نصفها المتبقي "مملوء بالغضب والحقد والكراهية" تقول يوليا نافالنايا، وتستدرك: "لكن هذا من شأنه أن يدفعني إلى تحقيق حلم زوجي: بناء روسيا يعيش فيها الإنسان بكرامة وعدالة ومحبة".
تقديراً لجهودها، كرمت مؤسسة DW الإعلامية الأربعاء (الخامس من حزيران/يونيو 2024) "سيدة المعارضة الأولى" في روسيا، يوليا نافالنايا ومنظمتها "مؤسسة مكافحة الفساد" بجائزة "حرية الرأي والتعبير" لهذا العام. وجاء في حيثيات منح الجائزة أن "أرملة المنشق الروسي الراحل أليكسي نافالني دعمت العمل السياسي لزوجها في النضال من أجل حرية الصحافة وحرية التعبير منذ البداية". وتمنح DW جائزتها المرموقة بشكل سنوي منذ 2014.
"أخذت يوليا نافالنايا ومؤسستها على عاتقها تسليط الضوء على ظلام نظام روسيا الفاسد والقاتل. أشكركم على عملكم المهم،" قال مديرعام DW بيتر ليمبورغ في حفل منح الجائزة.
"سنواصل المعركة"
وقالت نافالنايا في كلمة لها في الحفل: "ينظر الدكتاتوريون إلى حرية التعبير على أنها ضعف. ويعتبرون الحرية هي حرية نشر المعلومات المضللة والكذب". وتابعت المعارضة الروسية: "من السهل على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العثور على خبراء مزعومين قد يكذبون من أجله مقابل المال. ولكن من ناحية أخرى، أظهر أليكسي نافالني ومؤسسته من خلال معركتهم كيف يرتعد حتى الديكتاتوريون الأقوياء من الحقيقة". ووعدت يوليا نافالنايا: "سنواصل المعركة. ونؤمن أن حرية التعبير ستنتصر على سموم الدعاية".
"أعادت لنا شجاعتنا"
وفي كلمته في حفل التكريم، قال وزير المالية الاتحادي كريستيان ليندنر إن "النضال في سبيل الحقوق الأساسية في روسيا يعني المخاطرة بالحياة. وبعد وفاة زوجها، كانت يوليا نافالنايا هي من أعادت لنا شجاعتنا". وتابع الوزير: "لقد ذكّرتنا بشكل قاطع بأن مهمتنا جميعاً هي النضال من أجل الحرية والعدالة في روسيا".
وقال ليندنر إن "مؤسسة مكافحة الفساد تحدت جميع القيود وأصبحت رمزاً لا يهاود في الحرب المستمرة ضد الفساد في روسيا". وفي الوقت نفسه، حذر الوزير من إطلاق الأحكام التعميمية على بلد بكامله: "نحن مثل أليكسي، مازلنا مقتنعين بأن روسيا لديها فرصة وأن الديمقراطية ستسود هناك".
على خطى زوجها الراحل
تواصل يوليا نافالنايا وفريق "مؤسسة مكافحة الفساد" عمل زوجها الراحل أليكسي نافالني. ويصل صدى العمل إلى الناس في جميع أنحاء العالم. وتشارك المنظمة النتائج على قناة أليكسي نافالني على اليوتيوب، مسلطة الضوء على "الرشوة ودعاة الحرب". وتعمل يوليا نافالنايا كذلك مع منظمات حقوق الإنسان الدولية لحماية السجناء السياسيين.
وأنتجت المؤسسة أفلام فيديو وثائقية لتسليط الضوء على المكائد المالية لنخبة السلطة الروسية. وشوهد فيلم "قصر لبوتين” وحده أكثر من 130 مليون مرة. حظرت السلطات الروسية "مؤسسة مكافحة الفساد" في عام 2021. وبعد مرور عام، أعيد تأسيسها كمنظمة دولية لمواصلة النضال من أجل الشفافية وضد الفساد في روسيا.
تأسست "مؤسسة مكافحة الفساد" في عام 2011 على يد زعيم المعارضة الروسية آنذاك أليكسي نافالني، الذي توفي في معسكر اعتقال روسي في شباط/فبراير 2024 في ظروف غامضة. وفي ذلك الوقت، شككت الحكومات الغربية والمنظمات الدولية برواية السلطات الروسية فيما يتعلق بوفاته. يتحدث أقاربه ومؤيدوه عن جريمة قتل. وكان المعارض العنيد قد تعرض في صيف 2022 لهجوم بغاز الأعصاب أدى لتردي وضعه الصحي.
والثلاثاء (الرابع من حزيران/يونيو 2024) قامت الشرطة في العاصمة الروسية موسكو بقمع أنصار نافالني الذين تجمعوا لحضور حفل تأبين في عيد ميلاده. وتم حتى الآن اعتقال واستجواب حوالي 30 شخصاَ.
يوليا أرملة نافالني أيقونة المعارضة الروسية الجديدة
04:35
"السيدة الأولى"
بعد وفاة زوجها وعلى خطاه بدأت يوليا نافالنايا مسيرتها السياسية. ويعتبرها البعض وجهاً جديداً للمعارضة الروسية.
ولدت يوليا نافالنايا عام 1976، ودرست الاقتصاد في موسكو دون أن تكون السياسة على سلم أولوياتها. التقت بزوجها خلال إجازة في تركيا عام 1998، وتزوجا عام 2000 وأنجبا طفلين. دخلت يوليا نافالنايا المسرح السياسي لأول مرة في عام 2013 خلال الحملة الانتخابية لزوجها لمنصب عمدة موسكو. وجاء نافالني في المركز الثاني خلف الفائز في الانتخابات سيرجي سوبيانين وأصبحت يوليا نافالنايا "السيدة الأولى" لزعيم المعارضة الجديد.
بعد الهجوم السام على زوجها في آب/أغسطس 2020، سعت بشدة إلى نقله إلى برلين وعلاجه في مشفى شاريتيه. ويؤكد الطبيب ألكسندر بولوبان لـ DW أن إصرارها كان له دور فعال في نقل أليكسي نافالني إلى ألمانيا.
أعده للعربية: خالد سلامة
نافالني.. محطات من النضال ضد بوتين
توفي المعارض الروسي أليكسي نافالني في سجنه بالقطب الشمالي، في ما يأتي محطّات توثّق نضال أحد أبرز معارضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حيث عانى من السجن والمحاكمات والملاحقة المستمرة.
صورة من: Evgeny Feldman/Meduza via AP
الكشف عن ثروات نخب الكرملين
في عام 2011 أنشأ المعارض الروسي أليكسي نافالني مؤسسة مناهضة للفساد استقطبت أعدادا كبيرة من المناصرين مع كشفها عن الثروات الكبرى للنخب الموالية للكرملين. وفي شتاء 2011-2012 قاد نافالني تحرّكات احتجاجية كبرى على إثر انتخابات برلمانية فاز فيها حزب "روسيا الموحدة" بزعامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في استحقاق شابته اتّهامات بالتزوير. وتم اعتقاله وسجنه لمدة 15 يوماً بتهمة "تحدي مسؤول حكومي".
صورة من: dapd
احتجاجات حاشدة
في مارس/ آذار 2012 شارك نافالني في الاحتجاجات الحاشدة التي اندلعت في موسكو ومناطق أخرى من روسيا في أعقاب إعادة انتخاب الرئيس فلاديمير بوتين. واتهم نافالني شخصيات رئيسية، بما في ذلك نائب رئيس الوزراء آنذاك إيغور شوفالوف والزعيم الشيشاني القوي رمضان قديروف، بالفساد.
صورة من: Reuters
انتخابات بلدية موسكو
وفي 2013 حلّ نافالني ثانيا في انتخابات رئاسة بلدية موسكو خلف رئيسها المنتهية ولايته والمدعوم من الكرملين سيرغي سوبيانين. واتّهم نافالني سوبيانين بتزوير الانتخابات في عدد من مراكز الاقتراع، لكن مطالباته بإعادة فرز الأصوات رفضت.
صورة من: picture-alliance/dpa
اعتقال بتهمة الاحتيال
في يوليو/ تموز 2013 أيضاً أدين نافالني بتهمة الاحتيال على السلطات في قضية كيروفليس بمنطقة كيروف في صفقة أخشاب بقيمة 16 مليون روبل (500 ألف دولار)، أثناء عمله مستشارا للحاكم. ونفى نافالني صحّة هذه الاتهامات وقال إنها محاولة لإسكاته.
وحكمت عليه محكمة كيروف بخمس سنوات، لكن النيابة طلبت إطلاق سراحه من الحبس بانتظار استئناف الحكم، ومواصلة حملته الانتخابية.
صورة من: Reuters
إقامة جبرية
في شباط/ فبراير 2014 وضعت السلطات الروسية نافالني تحت الإقامة الجبرية فيما يتعلق بقضية شركة "إيف روشيه" ومنعه من استخدام الإنترنت. لكنه استمر في تحديث مدونته بانتظام، من خلال فريقه على الأرجح، حيث عمل على نشر تفاصيل الفساد المزعوم للعديد من المسؤولين الروس.
صورة من: Reuters
اسئتناف أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان
في كانون الأول/ ديسمبر 2014 أُدين نافالني وشقيقه أوليغ بتهمة الاحتيال في قضية "إيف روشيه". وتلقى نافالني حكماً بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف مع وقف التنفيذ، بينما حُكم على شقيقه بالسجن. وقام كلاهما بالاستئناف أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
صورة من: Reuters/M. Zmeyev
تشايكا.. النورس
في كانون الأول/ ديسمبر 2015 نشرت مؤسسة نافالني لمكافحة الفساد أول فيديو طويل لها، وهو فيلم وثائقي على موقع يوتيوب بعنوان "تشايكا"، وهو ما يعني "النورس" بالروسية ولكنه أيضاً الاسم الأخير للمدعي العام آنذاك يوري تشايكا. ويتهمه الفيديو الذي تبلغ مدته 44 دقيقة، بالفساد وارتباطاته المزعومة بجماعة إجرامية سيئة السمعة، وحصد 26 مليون مشاهدة على موقع يوتيوب. ونفى تشايكا ومسؤولون روس آخرون هذه الاتهامات.
صورة من: chaika.navalny.com
انتهاك الحق في محاكمة عادلة
في شباط/ فبراير 2016 أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكماً ينص على أن روسيا انتهكت حق نافالني في محاكمة عادلة في قضية "كيروفليس"، وأمرت الحكومة بدفع التكاليف القانونية والتعويضات.
صورة من: Getty Images/AFP/S. Brovko
خمس سنوات سجن مع وقف التنفيذ
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 ألغت المحكمة العليا في روسيا الحكم على نافالني وأعادت القضية إلى المحكمة الأصلية في مدينة كيروف للمراجعة. لكن في شباط/ فبراير 2017 أعادت محكمة كيروف محاكمة نافالني لتؤيد في النهاية الحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات مع وقف التنفيذ اعتبارا من عام 2013.
صورة من: Getty Images/AFP/S. Brovko
حياة مترفة
في آذار/ مارس 2017 نشر نافالني مقطع فيديو تناول فيه الحياة المترفة التي يعيشها رئيس الوزراء حينها ديمتري مدفيديف، وثروته العقارية متطرقا إلى منزل فخم يملكه وفيه مزرعة للبط وسط بحيرة، ما أدى إلى تظاهرات مندّدة. ومُنع نافالني من الترشحّ للرئاسة في مواجهة بوتين بسبب إدانته بتهمة الاختلاس. وحضّ نافالني الروس على مقاطعة الانتخابات التي أفضت، رغم جهود المعارض، إلى فوز بوتين بولاية رابعة.
صورة من: picture-alliance/AP/Sputnik/A. Astafyev
تصويت ذكي
في تموز/ يوليو 2019 مُنع أعضاء فريق نافالني، إلى جانب نشطاء معارضين آخرين، من الترشح لمجلس مدينة موسكو، مما أثار احتجاجات تم تفريقها بعنف، مع اعتقال الآلاف. واستجاب فريق نافالني من خلال الترويج لاستراتيجية "التصويت الذكي"، وتشجيع انتخاب أي مرشح باستثناء مرشحي حزب "روسيا الموحدة" التابع للكرملين. وقد نجحت هذه الاستراتيجية، حيث خسر الحزب أغلبيته.
صورة من: Imago Images/TASS/S. Bobylev
تسمم على متن طائرة!
20 آب/ أغسطس 2020 أُصيب نافالني حين كان مسافراً على متن رحلة جوية من مدينة تومسك مع نشطاء محليين، بوعكة صحية وقامت الطائرة بهبوط اضطراري في أومسك القريبة. دخل المستشفى في غيبوبة، واشتبه فريق نافالني في أنه تعرض للتسمم.
صورة من: picture-alliance/AP/E. Sofiychuk
غاز أعصاب سوفييتي
في 22 من آب/ أغسطس 2020 نُقل نافالني في غيبوبة إلى مستشفى في برلين. وأكدت السلطات الألمانية بعدها بقليل تعرض نافالني للتسمم بغاز أعصاب يعود إلى الحقبة السوفيتية. وبعد أن تعافى من آثاره وجه المعارض الروسي الاتهام إلى الكرملين، ما نفاه مسؤولون روس.
صورة من: picture-alliance/AP/Gluchinskiy
الاعتقال مجدداً
بعد خمسة أشهر من العلاج والإقامة في ألمانيا قرر نافالني العودة إلى بلاده حيث أُلقي عليه القبض منتصف كانون الثاني/ يناير 2021 فور عودته. وزعمت السلطات أن رحلته للعلاج خارج روسيا انتهكت شروط عقوبته مع وقف التنفيذ في قضية "إيف روشيه". وأثار اعتقاله واحدة من أكبر الاحتجاجات في روسيا منذ سنوات، حيث تم القبض على الآلاف.
صورة من: Evgeny Feldman/Meduza via AP
إضراب عن الطعام
في مطلع شباط/ فبراير 2021 أمرت محكمة في موسكو بسجن نافالني لعامين ونصف العام بسبب انتهاكه للإفراج المشروط. أثناء وجوده في السجن، بدأ نافالني إضراباً عن الطعام لمدة ثلاثة أسابيع احتجاجاً على نقص العلاج الطبي والحرمان من النوم.
صورة من: Moscow City Court Press Service/TASS/dpa/picture alliance
تسمم ببطء
في عام 2023 وقع أكثر من 400 طبيب روسي رسالة مفتوحة إلى بوتين، يحثون فيها على إنهاء ما يسمونه إساءة معاملة نافالني، بعد تقارير تفيد بحرمانه من الأدوية الأساسية بعد إصابته بالأنفلونزا. وقال فريقه إن نافالني عانى من آلام حادة في المعدة وسط شبهات في تعرضه للتسمم ببطء.