مارتن كوبلر لـ DW: لا يمكن الآن إرجاع اللاجئين إلى ليبيا
٧ فبراير ٢٠١٧
يريد الاتحاد الأوروبي التعاون بصورة وثيقة مع دول شمال أفريقيا بما يخص ملف اللاجئين. ويجري الحديث عن عملية لإرجاع اللاجئين إلى ليبيا. لكن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، الألماني مارتن كوبلر، في حوار لـ DW، يرفض ذلك بشدة.
إعلان
DW: الاتحاد الأوروبي يتناقش حول الكيفية التي يمكنه التعامل بها مع قضية اللاجئين. وهنا تلعب بعض الأفكار دورا، مثل إعادة اللاجئين إلى ليبيا. كيف تقيم ذلك؟
مارتن كوبلر: أنا عندي تفهم كامل طبعا للأوروبيين وأعرف أنهم يريدون كبح موجات اللاجئين القادمة من ليبيا والعابرة منها. لكنه في الوقت الحاضر لا تعد عملية إعادة اللاجئين إلى ليبيا عملية يمكن تطبيقها. وفي ليبيا تجري حوادث مخالفة للقيم الإنسانية. وهنا مهربو البشر مواظبون على عملهم، وتحدث جرائم ضد الإنسانية.
وهذا ما يجب ربطه كله بالقضية. وهنالك أسس واتفاقيات دولية حول اللجوء يجب أن تُحترم. ولذلك لا يمكن للمرء أن يرسل الناس إلى أوضاع مزرية، مثل تلك التي تسود في مخيمات اللاجئين في ليبيا. وأنا اعتقد أن الكل يرى ذلك أيضا.
هل يمكنك توضيح شكل الأوضاع في مخيمات اللاجئين؟
لا يمكن للمرء أن يتخيل أن تكون مخيمات اللاجئين في ليبيا مثل مخيمات اللاجئين في الأردن، التي هي عبارة عن خيم من قبل الأمم المتحدة. إذ إن مخيمات اللاجئين في ليبيا مزدحمة جدا باللاجئين، وفي بعض الأحيان يُجبر اللاجئون على الوقوف بسبب الزحام، أو انتظار النوم بعد أن يستيقظ الآخرين أو النوم فوق بعضهم البعض.
ونحو 10 بالمائة من الرجال الساكنين في مخيمات اللجوء يعانون من نقص التغذية. يضاف إلى ذلك وجود الأمراض الجلدية والتعسف الحكومي. وتحدث عمليات اغتصاب ومشاجرات، ويتم حتى في بعض الأحيان ضرب اللاجئين بالنار. الوضع يسوده الاستبداد وغياب القانون، ولا يمكن إعادة اللاجئين إلى ليبيا مع هذه الأوضاع. وهذا غير مقبول بتاتا.
أكرر مرة أخرى: أنا أفهم تطلعات الأوروبيين والألمان في تقليل تدفق اللاجئين. لكن لا يمكن حل المشكلة عبر إرسالهم إلى مخيمات اللجوء، حيث يصابون بالجوع ويتعرضون للتعذيب والاغتصاب. والإتحاد الأوروبي والسفير الألماني في ليبيا اعترضا على ذلك كون أن الأوضاع الأمنية بما يخص ذلك حرجة.
ما الذي يجب القيام به لتهيئة الظروف من أجل إعادة اللاجئين إلى ليبيا؟
الحل يكمن في أن يتم بناء هياكل حكومية قوية. وعندما تعود ليبيا من جديد بلدا يسود فيه القانون ويضمن فيه تطبيق حقوق الإنسان في مخيمات اللاجئين، عندئذ يمكن التفاوض مع الحكومة، على قدر الإمكان، من أجل إعادة هؤلاء الناس.
وكيف يمكن للمرء عاجلا منع الناس في ليبيا من التوجه إلى أوروبا؟
يجب زيادة قوات خفر السواحل. ويجب تحسين الأوضاع الإنسانية في المخيمات. والنقطة الثالثة تكمن في العمل على زيادة أعداد الذين يعودون طواعية إلى بلدانهم. لقد أعدنا في العام الماضي 3000 شخص إلى بلدانهم الأصلية.
أما النقطة الرابعة فهي، يجب أن تتحسن الأوضاع في البلدان الأصلية للاجئين، لأن الناس لا تتجه دون سبب إلى هذا الطريق الطويل. وهذا ما يحدث غالبا لأنهم ملاحقون سياسيا أو لأنهم يعانون من مشاكل اقتصادية. وعندما يجلس الأوروبيون سوية مع البلدان الأصلية للاجئين ويعملون على تحسين الأوضاع هناك، عندئذ سيقرر عدد أقل من الناس السير في هذا الطريق.
تعتبر ليبيا"منطقة أزمات". كم ستستغرق الفترة حتى تتحسن الأوضاع في ليبيا؟
لا يمكنني هنا تقديم توقعات. الوضع استقر بعض الشيء. لقد بدأنا عملية سياسية، لكن ليس هناك هياكل حكومية فعالة. ولا يمكن توقع الوقت اللازم لاستقرار الدولة من جديد. وليبيا لم تملك في تاريخها، إلا نادرا، مؤسسات حكومية قوية. والبلد ينظر ورائه إلى دكتاتورية القذافي التي استمرت لجيلين، ومن الصعوبة تخطي ذلك ما بين عشية وضحاها، وهذا ما يعرفه الليبيون وهذا ما يعرفه أيضا المجتمع الدولي.
لكننا نعمل بجد من أجل ألا يحتاج هذا البلد، الذي هو غني أصلا ويملك أكبر احتياطي للنفط في أفريقيا، أية مساعدة من قبل المجتمع الدولي، وأن يتمكن أهله أيضا من العيش في الرفاهية التي يستحقونها.
***شغل مارتن كوبلر منصب السفير الألماني في مصر وفي العراق. ويشغل منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 منصب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا. ونشرت البعثة الأممية الخاصة إلى ليبيا مؤخرا دراسة عن الأوضاع في مخيمات اللاجئين.
أجرى الحوار: نيكولاس مارتن/ ترجمة: زمن البدري
خمس سنوات على سقوط القذافي وليبيا لم تخرج بعدُ من النفق
بعد سقوط القذافي وعد سياسيون بإقامة دولة في ليبيا تحترم حقوق الإنسان، لكن بعد مرور سنوات لم تقم تلك الدولة حتى الآن.
صورة من: DW-Fotomontage/picture-alliance/AA/AP
في مدخل هذا النفق ألقى ثوار في 20 من اكتوبر 2011 القبض على القذافي وهاجمه نفر من الغاضبين وأردوه قتيلا. بعد خمس سنوات من الحادثة التي شكلت منعرجا في تاريخ ليبيا، يختزل هذا المكان وبألوانه المتداخلة وشعاراته المتضاربة، المشهد الليبي الغارق في الفوضى.
صورة من: picture alliance/dpa
بعد نحو 42 عاما من حكم معمر القذافي اندلعت في ليبيا في 17 فبراير/ شباط 2011 ثورة ضده أدت إلى سقوط نظامه بمساعدة من حلف الناتو، ومنذ ذلك الحين تبحث ليبيا عن مخرج من الاضطرابات السياسية والعنف الذي يجتاحها.
صورة من: dapd
في بنغازي بشرق ليبيا تأسس المجلس الوطني الانتقالي برئاسة مصطفى عبدالجليل، كوجه للمرحلة الإنتقالية بعد الثورة الليبية. ولم يكد ينته الشهر الذي قتل فيه القذافي حتى انتخب المجلس في طرابلس عبد الرحيم الكيب رئيساً للحكومة الانتقالية. وفور انتخابه صرح الكيب أنه يريد "بناء دولة تحترم حقوق الإنسان".
صورة من: dapd
في سنة 2012 قرر المؤتمر الوطني إجراء انتخابات مباشرة من قبل الليبيين لاختيار جمعية تأسيسية لصياغة دستور البلاد. كما صدر في نفس العام قانون تعديلي لتنظيم المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية في البلاد).
صورة من: AFP/Getty Images
استمر المجلس الوطني الانتقالي في السلطة نحو عشرة أشهر. وفي يوليو/ تموز 2012 جرى انتخاب المؤتمر الوطني العام، الذي شكل الحكومة برئاسة على زيدان في أكتوبر/ تشرين الأول، لكن المجلس سيحجب الثقة عن حكومة زيدان وإسقاطها في شهر مارس 2014.
صورة من: Reuters
ورغم وجود حكومة غرقت ليبيا في فوضى الجماعات والميلشيات المسلحة، وظهرت مخاطر تحولها إلى "دولة فاشلة" تأوي إليها العناصر الإرهابية والمتشددة من دول الجوار. وفي شهر فبراير/ شباط 2014 ظهر اللواء المتقاعد خليفة حفتر عبر شريط فيديو معلنا سيطرته على عدد من مؤسسات الدولة في شرق البلاد، وفي شهر مايو أعلن حفتر بدء "عملية الكرامة" لتطهير ليبيا من العناصر الإرهابية والمتشددة.
صورة من: Reuters
وتمت كتابة دستور بعد تعطل كبير لتجرى الانتخابات التشريعية بالنظام الفردي في 25 يونيو/ حزيران 2014. وفاز مرشحو التيار المدني الليبرالي بأغلبية مقاعد البرلمان، متقدمين على مرشحي التيار الوطني الإسلامي. ليحل البرلمان (مجلس النواب) وحكومته محل المؤتمر الوطني. ومقر مجلس النواب هو بنغازي، لكن أغلبية الأعضاء اختاروا طبرق لعقد جلساتهم.
صورة من: Reuters
اعترف المجتمع الدولي بالبرلمان في طبرق، والذي كلف عبدالله الثني بتشكيل حكومة، لكن ائتلاف "فجر ليبيا" في غرب البلاد، والذي تعد جماعة الإخوان المسلمين أقوى طرف فيه شكل برلمانا موازيا في طرابلس وحكومة برئاسة عمر الحاسي. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 ألغت المحكمة العليا في طرابلس نتائج الانتخابات بحجة عدم دستورية قانون الانتخابات.
صورة من: picture-alliance/dpa
شهدت ليبيا مزيدا من الفوضى وتحولت إلى ملجئ للعناصر المسلحة من مشارب مختلفة وخصوصا من التيارات المتشددة، ومنها "أنصار الشريعة"، و"جيش تحكيم الدين" و"مجلس شورى الشباب" المواليين لتنظيم القاعدة، وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وغيرها من الجماعات المسلحة التي تتراوح العلاقات فيما بينها بين التحالفات والتناحر.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Hannon
انحازت قوى إقليمية ودولية إلى طرفي الصراع. وفي حين تدعم مصر والإمارات وروسيا برلمان طبرق واللواء حفتر، تدعم تركيا وقطر برلمان طرابلس. وقامت مساع دولية من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، ولهذا أوفدت الأمم المتحدة في أغسطس آب 2014 مبعوثا خاصا إلى ليبيا هو برنادينو ليون، الذي أطلق مسلسل مفاوضات في الصخيرات بالمغرب.
صورة من: picture-alliance/AA/Jalal Morchidi
استقال المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون بعد مفاوضات طويلة وعسيرة بين الأطراف الليبية في منتجع الصخيرات القريب من العاصمة المغربية الرباط. لينجح خلفه الديبلوماسي الألماني مارتين كوبلر في التوصل مع الأطراف الليبية في الصخيرات إلى اتفاق سلام يهدف لإنهاء الصراع السياسي والعسكري بينها في الخميس (17 كانون الأول/ ديسمبر 2015).
صورة من: imago/Xinhua
وبناء على اتفاق الصخيرات تشكل المجلس الرئاسي الليبي، الذي شكل بدوره حكومة وفاق وطني برئاسة فائز السراج، ونالت الحكومة ثقة برلمان طبرق بالأغلبية قرب نهاية فبراير/ شباط 2016. ووصل السراج الأربعاء (30 آذار/ مارس 2016) إلى طرابلس، لكن خليفة الغويل، رئيس ما يسمى بـ "حكومة الإنقاذ الوطني" طلب منه مغادرة البلاد هو ومن معه.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/GNA Media
وبمرور الوقت أعلن الغويل دعمه لحكومة الوفاق الوطني لكنه تراجع عنه بعد ذلك. لتبقى في ليبيا حتى الآن ثلاث حكومات تتنازعها. حكومتان في طرابلس: "الوفاق الوطني" بقيادة السراج، و"الانقاذ" بقيادة الغويل وحكومة طبرق المؤقتة برئاسة عبدالله الثني، إضافة إلى العشرات من الميليشيات المسلحة والمتناحرة.