قبل سنتين فقط احتفل ماريو غوتسه بمشاركته الأولى في الدوري الألماني لكرة القدم "البوندسليغا". وقبل سنة واحدة فقط دوّن إبن التاسعة عشرة عاماً اسمه على قائمة هدافي الدوري الألماني بتسجيله هدفاً في مرمى فريق شتوتغارت. وهذا ما يُظهر أن لاعب خط الوسط البارع تطوّر كثيراً وبشكل سريع أيضا. ويرى خبراء كرة القدم أن اللاعب الواعد مازال قابلاً للتطور أكثر من ذلك ويتوقعون له مستقبلاً باهرا. فهو لاعب متكامل يملك مفاتيح الحل على العشب الأخضر وهو قادرٌ على التألق في جميع الظروف. وما من شك في أنه بأدائه القوي في المباراة الودية التي خاضها المنتخب الألماني مؤخراً أمام البرازيل، حقق انطلاقة كبيرة في عالم النجومية. وعلى الصعيد المحلي كان غوتسه قد لفت الأنظار في مباراة فريقه دورتموند أمام هانوفر في مرحلة إياب الموسم الكروي الماضي في البوندسليغا.

تطور نوعي وسريع

بعد فوز ألمانيا على البرازيل ودياً ( 3 : 2 ) في الـ 10 من أغسطس/ آب سُلّطت الأضواء بشكل خاص على النجم الصاعد الذي كان في مواجهة بطل العالم خمس مرات نجم المباراة بلا منازع، بفضل أدائه الساحر الذي أثار حماساً كبيراً في سماء الكرة الألمانية. والكثيرون من الخبراء وصفوا اللاعب الشاب بأنه كان أفضل برازيلي على أرض الملعب. فحركات لاعب خط الوسط وطريقته في اللعب تُشبه إلى حد بعيد طريقة لعب أبطال السامبا البرازيليين الأنيقة.

وقد نال غوتسه بأدائه الرائع وأفكاره الإبداعية على العشب الأخضر إعجاب مدرب المنتخب الألماني لكرة القدم يواخيم لوف أيضاً الذي قال إن غوتسه يملك القدرة والكفاءة لتولي قيادة المنتخب الألماني. وقد أثنى لوف بشكل خاص على التكتيك غير العادي لغوتسه وبراعته في التمركز على أرض الملعب، وعلى حدسه في اللعب وحسه التهديفي.

فرانتس بيكنباور: غوتسه هبة من الرب

ويمتاز غوتسه، الفائز بلقب الدوري الألماني مع فريقه بروسيا دورتموند، بأدائه السريع وبراعته في المراوغة وبطريقته الأنيقة في التحكم بالكرة ولعب تمريرات دقيقة ومتقنة. ويصفه المدير الرياضي في الاتحاد الألماني لكرة القدم ماتياس زامر بأنه لاعب استثنائي وموهوب يستطيع تقديم الكثير لكرة القدم الألمانية. ويصفه الكثيرون أيضاً بـ " ميسي الألماني"، نظراً لطريقته الأنيقة في اللعب التي تُشبه طريقة لعب النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي. كما يحظى غوتسه بمديح كبير من معظم نجوم الكرة السابقين، مثل النجم البرازيلي السابق جيوفاني إيلبر الذي دُهش بأدائه الساحر والمتكامل.

أما أسطورة كرة القدم الألمانية القيصر فرانتس بيكنباور فيتوقع هو الآخر مستقبلاً باهراً لغوتسه ويعتبره لاعب القرن. ولا يستبعد الرئيس الفخري لنادي بايرن ميونخ أن يُدرج اسم غوتسه قريباً على قائمة اللاعبين الذين سيسعى فريق ريال مدريد إلى اجتذابهم إلى صفوفه، أو ربما على قائمة نادي برشلونة. كما أكد بيكنباور أن غوتسه في طريقه إلى النجومية العالمية وأنه لاعب من الدرجة الأولى على الصعيد الدولي أيضا.

غوتسه "ملك كرة القدم الألمانية"

وبفضل غوتسه أيضاً أصبحت أنظار عشاق الساحرة المستديرة تتجه الآن إلى ألمانيا كمنبع للاعبي كرة القدم البارزين والموهوبين، بدلاً من أن كانت في الماضي تنصبّ على أمريكا الجنوبية. ففي بطولة العالم 2010 في جنوب إفريقيا لقّن المنتخب الألماني نظيره الأرجنتيني درساً لن ينساه بفوزه الساحق عليه برباعية نظيفة. والآن كرّر أبطال العالم ثلاث مرات أداءهم القوي والفريد، وهذه المرة أمام أصحاب الرقم القياسي في الفوز بلقب بطولة العالم (5 مرات) البرازيليين في اللقاء الودي الذي جمعهم مؤخراً في مدينة شتوتغارت. فلأول مرة تعرّض النجوم البرازيليون لضغط بهذا الشكل من قِبَل لاعبي المنتخب الألماني، إذ كانوا مضطرين طيلة الوقت تقريباً للدفاع عن مرماهم، معتمدين على الهجمات المرتدة.

وبهذا التطور النوعي الذي يُحققه المنتخب الألماني بفضل نجومه الشباب من أمثال غوتسه الذي يصفه البعض أيضاً بملك كرة القدم الألمانية، لم يعُد هناك أدنى شك لدى أي من اللاعبين الألمان بأنه ينتمي حالياً إلى جيل جديد من النجوم الألمان القادرين على تسطير تاريخ جديد في كرة القدم الألمانية، تاريخٍ يُمكن مقارنته بالتاريخ الذي صنعه أبطال العالم الألمان عام 1990 وأبطال أوروبا الألمان عام 1972.

أداء من الدرجة الأولى

إلى جانب إسبانيا، بطلة أوروبا والعالم، ووصيفة بطلة العالم هولندا والفائز بلقب دوري أبطال أوروبا فريق برشلونة، يُقدّم المنتخب الألماني بقيادة المدرب يواخيم لوف حالياً أداء فريداً من نوعه. وهو يتطلع بالطبع إلى الفوز بلقب بطولة أوروبا لكرة القدم 2012 في بولندا وأوكرانيا. وما من شك في أن الفريق الوطني الألماني بتشكيلته الحالية ونجومه الشباب، من أمثال ماريو غوتسه وماتس هوملز وأندري شورله وحارس المرمى المتألق مانويل نويير، يُعدّ من أبرز الفرق المرشحة للفوز بلقب بطولة الأمم الأوروبية 2012.

ومن حظي بمتابعة الأداء القوي والمقنع لألمانيا أمام البرازيل، يرى مستقبلاً باهراً وواعداً لبطل العالم ثلاث مرات الفريق الوطني الألماني. حتى أن النجم البرازيلي السابق جيوفاني إيلبر الذي أنهى مسيرته الاحترافية عام 2006 قال عقب مباراة ألمانيا والبرازيل الودية: "المنتخب الذي سيُتوّج بلقب بطولة العالم 2014 يتعين عليه أولاً أن يهزم المنتخب الألماني". وهو يرى، كما الكثيرون من نجوم الكرة القدامى والخبراء، أن المنتخب الألماني حالياً هو أفضل منتخب في العالم إلى جانب المنتخب الإسباني، بطل العالم وأوروبا.

علاء الدين موسى البوريني

مراجعة: طارق أنكاي