وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى برلين لمناقشة التوجه المستقبلي للاتحاد الأوروبي مع المستشارة أنغيلا ميركل. ماكرون يحاول إقناع ألمانيا، بخططه للإصلاح الاقتصادي للاتحاد الأوروبي، التي تواجه معارضة داخل حكومة ميركل.
إعلان
وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ظهر اليوم الخميس (19 نيسان/ أبريل) للعاصمة الألمانية برلين. ويعتزم ماكرون التشاور اليوم مع المستشارة الألمانية بشأن تفاصيل خطط الإصلاح الأوروبية مثار الجدل. وسوف يتناولان أيضا الوضع في سوريا وطريقة التعامل مع الولايات المتحدة الأميركية وروسيا.
وأعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن رأيه في أن أوروبا تقف حاليا في مفترق طرق، وقال: "إننا نعيش في لحظة مغامرة أوروبية فريدة حقا". وأشار ماكرون إلى أنه يتم اختبار السيادة المشتركة لأوروبا من قبل النظام العالمي، وذكر في هذا السياق تحديات التجارة والتحولات التكنولوجية والمناخية الكبرى، وأضاف: "حتى داخل دولنا هناك شك، وتنشأ رؤى قومية بشكل قوي"، وأكد أن هذه اللحظة حاسمة قطعا بالنسبة لمستقبل أوروبا.
من جانبها أعلنت المستشارة ميركل عزمها مناقشة الموضوعات الشائكة أيضا بوضوح خلال لقائها المنتظر مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع القادم. وقالت ميركل: " لدينا الآن خلافات أيضا"، ولكنها أكدت - على الرغم من كل الخلافات في الرأي - مسانداتها للتحالف عبر الأطلسي ، وقالت: "إنه كنز كبير أود رعايته والاعتناء به".
في صور.. محطات وضعت مصير ميركل السياسي في مهب الريح
خلال 12 عاماً من حكمها حققت المستشارة ميركل نجاحات مذهلة، وخصوصاً على صعيدي الاقتصاد والاتحاد الأوروبي. والآن تتجه الأمور كي تبقى ميركل مستشارة لولاية رابعة، ولكنها تعرضت قبل ذلك لهزات عنيفة وظروف صعبة.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. von Jutrczenka
"الباب المفتوح" بداية النهاية؟
بعد نجاح منقطع النظير خصوصاً في المجال الاقتصادي، منذ انتخابها مستشارة لألمانيا للمرة الأولى عام 2005، حلمت أنغيلا ميركل بالبقاء مستشارة لألمانيا لولاية رابعة. لكن "أقوى امرأة في العالم" دخلت الانتخابات الجديدة في 24 سبتمبر/ أيلول 2017، وهي في موقف صعب بسبب سياسة "الباب المفتوح"، التي طبقتها في مواجهة موجة اللجوء الكبرى في عام 2015.
صورة من: picture-alliance/dpa/Bernd von Jutrczenka
حزب "شعبوي" يحقق مفاجأة مدوية
كان حلفاؤها في "الحزب المسيحي الاجتماعي"( البافاري) يطالبون بوضع "حد أعلى" لعدد اللاجئين الذين يمكن أن تستقبلهم ألمانيا سنوياً، لكن ميركل لم تتراجع عن توجهها. ولذلك برز سخط لدى شرائح عريضة من المواطنين، خصوصاً في شرق البلاد. والنتيجة هي صعود "حزب البديل" اليميني الشعبوي للبرلمان الألماني كثالث قوة، في سابقة لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Bockwoldt
الاشتراكيون الديمقراطيون يتركون ميركل وشأنها
ورغم أن الاتحاد المسيحي بحزبيه الديمقراطي بقيادة ميركل والبافاري بقيادة زيهوفر، فاز في الانتخابات بالحصول على 32 في المائة من أصوات الناخبين، إلا أنه كانت تعد أسوأ نتيجة لتحالف المسيحي، منذ عام 1949. لكن حليفهما في الحكم، الحزب الاشتراكي، سجل أكبر خسارة في تاريخه بالحصول على 20.5 في المائة. وقرر الحزب الجلوس في مقاعد المعارضة بدلاً من مواصلة التحالف مع ميركل.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
"جامايكا".. حلم أُجْهِضَ قبل الولادة
ولهذا اتجهت ميركل للتفاوض مع "حزب الخضر" والحزب الديمقراطي الحر" (الليبرالي) لتشكيل ما يعرف بـ"ائتلاف جامايكا". ورغم الاختلاف "الأيديولوجي" بين الأحزاب الأربعة إلا أنه كانت هناك آمال معلقة على التقارب وتقديم تنازلات بعد أربعة أسابيع من المفاوضات الشاقة. غير أن الحزب الليبرالي انسحب مع الساعة الأولى من صباح الإثنين (20 نوفمبر/ تشرين الثاني).
صورة من: Getty Images/AFP/J. MacDougall
مستشارة للمرة الرابعة؟
تراجع الاشتراكيون عن موقفهم وقبلوا بالدخول في مفاوضات. وبعد محادثات صعبة جدا وتنازلات مؤلمة، نجحت ميركل في الوصول بمفاوضات تشكيل الائتلاف الحكومي إلى بر الأمان. وبهذا ستبقى ميركل على الأرجح مستشارة لألمانيا، لتكون الولاية الرابعة لها، ما لم تحدث مفاجأة. حيث يجب أن يصوت أعضاء الحزب الاشتراكي على اتفاقية الائتلاف الحكومي. وينتظر أن ينتهي التصويت مطلع آذار/مارس القادم. (صلاح شرارة)
صورة من: picture alliance/Photoshot/S. Yuqi
5 صورة1 | 5
ومن ضمن برنامج اللقاء بين ميركل وماكرون، مناقشة عدة موضوعات تتعلق بأوروبا من بينها تعزيز منطقة اليورو، وكذلك خطط الإصلاح الأوروبي لماكرون التي تلاقي تحفظا في برلين، لاسيما داخل الكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي الذي تتزعمه ميركل.
ويبذل ماكرون جهوداً لإقناع ألمانيا، صاحبة أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، بخططه للإصلاح الاقتصادي. وكانت ألمانيا وفرنسا قد تعهدتا بطرح خريطة طريق إصلاحية لدى عقد قمة الاتحاد الأوروبي المقررة في حزيران/ يونيو المقبل، بهدف التعامل مع المشاكل الأساسية التي تواجه الكتلة الأوروبية. ولكن هناك انقسامات داخل حكومة ميركل المشكّلة حديثا بشأن أفكار ماكرون. ويسعى الرئيس الفرنسي لتطبيق مزيد من التضامن المالي داخل منطفة اليورو، يشمل وضع ميزانية مشتركة، بهدف الحماية من الصدمات الاقتصادية، بالإضافة إلى تعيين وزير مالية لمنطقة اليورو، وقد أثار هذا الاقتراح جدلا بصورة خاصة.
كما تضغط باريس من أجل استكمال الاتحاد المصرفي بمنطقة اليورو. وقد وافقت ميركل على أن هذا الإجراء يمثل أولوية، مشددة على أهمية الحد من الخطورة بالقطاع المصرفي قبل اتخاذ خطوات نحو تأمين جماعي للودائع. ومن المرجح التوصل لاتفاق بين باريس وبرلين بشأن خطط فرض ضرائب على شركات الإنترنت العملاقة وتأسيس مكتب على نطاق الاتحاد الأوروبي لطالبي اللجوء. ومع ذلك، يمكن أن تواجه هذه الخطط معارضة من دول أوروبية أخرى.