ماكرون في لبنان.. زيارة قصيرة ورسالة حازمة للطبقة السياسية
٦ أغسطس ٢٠٢٠
تحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته القصيرة إلى لبنان بلغة واضحة وحازمة مع القيادة السياسة في البلاد. كما كشف عن نيته الدعوة لمؤتمر لدعم لبنان بعد انفجار المرفأ مطالبا بإجراء "تحقيق دولي" لكشف ملابساته.
إعلان
في ختام زيارته القصيرة إلى العاصمة اللبنانية الخميس (السادس من آب/ أغسطس 2020) على خلفية انفجار مرفأ بيروت، طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإجراء "تحقيق دولي مفتوح وشفاف" لكشف مسبّبات الانفجار، وهو موقف لم يلق قبولا لدى الطبقة الحاكمة في لبنان.
وأعلن الرئيس الفرنسي عن تنظيم مؤتمر دولي لدعم لبنان بعد انفجار المرفأ وأضاف في مؤتمر صحافي عقده في مقر السفير الفرنسي في بيروت أن الهدف من المؤتمر الدولي الذي ينوي تنظيمه هو الحصول على تمويل دولي "من "الأوروبيين والأميركيين وكل دول المنطقة وخارجها من أجل توفير الأدوية والرعاية والطعام ومستلزمات البناء".
وتوجه ماكرون للطبقة السياسية بلهجة حازمة مطالبا إياها بتنفيذ إصلاحات ملحة. وقال "أنتظر من السلطات اللبنانية أجوبة واضحة حول تعهداتها بالنسبة لدولة القانون والشفافية والحرية والديموقراطية والإصلاحات الضرورية". كما طالب بـ "إعادة تأسيس ميثاق جديد" وإجراء الإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي، مشيرا الى أنه سيعود في أيلول/سبتمبر لـ "إجراء تقييم" للوضع.
وتابع "يجب إعادة بناء الثقة والأمل (...) وهذا لا يستعاد بين ليلة وضحاها، إنما يفترض إعادة بناء نظام سياسي جديد". وأضاف أن المبادرة التي عرضها اليوم على المسؤولين الذين التقاهم تقوم على "تحمل مسؤولياتهم خلال الأسابيع المقبلة وإطلاق الإصلاحات وتشكيل حكومة وحدة وطنية خلال الأشهر القادمة، وإنهاض البلاد".
لبنان بعد يوم على انفجار بيروت.. صدمة ودمار وتساؤلات
52:24
واستمرت زيارة ماكرون بضع ساعات تفقّد خلالها موقع الانفجار في المرفأ، وسار في شارع الجميزة المتضرر بشدة جراء الانفجار مستمعاً إلى شكاوى ومطالب السكان. كما التقى خلالها رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب ورئيس مجلس النواب نبيه بري. ثم التقى ممثلين عن القوى السياسية، وبينهم حزب الله، والمجتمع المدني خلال اجتماع موحّد.
انفجار غير مسبوق يعمق معاناة اللبنانيين
ويعمّق الانفجار الضخم الذي قالت السلطات إنه نجم عن تخزين 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم في المرفأ وتسبّب بمقتل 137 شخصاً وإصابة خمسة آلاف آخرين، معاناة اللبنانيين.
ووقع الانفجار فيما يواجه لبنان أسوأ أزماته الاقتصادية. وتوقفت الشهر الماضي المفاوضات التي عقدها لبنان مع صندوق النقد الدولي، على خلفية مطالبة الأخير المفاوضين اللبنانيين بتوحيد تقديراتهم لخيار الدولة المالية ورؤيتهم للمضي بإصلاحات.
سحابة موت وأطلال وضحايا بالآلاف.. صور مروعة من انفجار بيروت
إنها كارثة لم تشهدها بيروت في تاريخها من قبل: انفجار يذكر بقنابل هيروشيما وناغازاكي النووية، "دمر أو تضررت منه نصف منازل بيروت". وتعيش المدينة "المنكوبة" صدمة لا توصف ويهب الجميع للمساعدة، حتى "الأعداء".
صورة من: Getty Images/AFP/STR
أفلام نهاية العالم تتحول لواقع في بيروت
كان يوم الثلاثاء (الرابع من آب/ أغسطس 2020) يوماً صيفياً عادياً في تاريخ بيروت حتى دقائق قليلة بعد الساعة السادسة مساء بتوقيت العاصمة اللبنانية، عندما وقعت كارثة تشبه مشاهد أفلام نهاية العالم: انفجار مروع في "العنبر رقم 12" بمرفأ بيروت "كان يتم فيه تخزين نحو 2750 طناً من مادة نترات الأمونيوم منذ ست سنوات دون إجراءات سلامة" حسب رئيس الوزراء حسان دياب.
صورة من: Reuters/A. Taher
سحابة عيش الغراب المرعبة
رغم أن الانفجارات في بيروت ليست شيئاً غريباً إلا أن ما شاهده السكان في انفجار مرفأ بيروت أمر لم يروه من قبل. فبعدما شاهدوا سحابة دخان كثيف وقع الانفجار الذي هزّ كل لبنان وصولاً إلى جزيرة قبرص على بعد 200 كيلو متر، وظهرت في مكان الانفجار سحابة عيش الغراب، التي ترتبط في الأذهان بالانفجارات النووية، مثل السحابة التي علت سماء ناغازاكي بعد إلقاء قنبلة نووية عليها في أغسطس/ آب 1945.
صورة من: Reuters/K. Sokhn
تحذيرات منذ 2014
إنه "كابوس" ليلة صيف، تم التحذير من وقوعه قبل سنوات، فقد كشف القاضي مروان عبود، محافظ بيروت، أن تقريراً أمنياً يعود لـ 2014، حذر من إمكانية حدوث انفجار بسبب تخزين مواد شديدة الانفجار بطريقة لا تراعي السلامة العامة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Amro
عدد لا يحصى من الضحايا
بعد الانفجار الذي حول منطقة المرفأ إلى أطلال، عمل رجال الإنقاذ بدعم من عناصر الأمن طوال الليل بحثاً عن ناجين أو ضحايا عالقين تحت الأنقاض. وفي ظهر اليوم التالي يفيد الصليب الأحمر اللبناني أن هناك أكثر من مئة قتيل وأربعة آلاف جريح، وأن فرقه ما تزال تقوم بعمليات بحث وإنقاذ في المناطق المحيطة بالموقع. لكن مهما قيل عن أعداد الضحايا ستبقى معلومات أولية، فالأعداد الحقيقية بحاجة لوقت طويل لحصرها.
صورة من: Reuters/M. Azakir
دمار شامل وخسائر مادية مهولة
إنه وضع كارثي لم تشهده بيروت في تاريخها، بحسب عبود. فبجانب الخسائر البشرية التي لا تعوض، هنالك خسائر مادية فادحة فقد "تدمر أو تضرر نحو نصف بيروت"، وصرح محافظ المدينة المنكوبة أن "هناك بين 250 و300 ألف شخص باتوا من دون منازل، لأن منازلهم أصبحت غير صالحة للسكن"، مشيراً إلى أنه يقدر كلفة الأضرار بما بين ثلاثة وخمسة مليارات دولار، في انتظار التقارير النهائية للمهندسين والخبراء.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Amro
مستشفيات بيروت لم تعد قادرة
يعاني لبنان من أزمة مالية غير مسبوقة وأوصلت جائحة كورونا المستشفيات إلى أقصى طاقاتها الاستيعابية، وجال مصابون في الانفجار خلال الليل على مستشفيات عدة لم تكن قادرة على استقبالهم. وقال طبيب بمستشفى أوتيل ديو بالأشرفية في شرق بيروت إن عدد الجرحى في المستشفى وصل إلى 500، طالباً عدم إحضار مزيد من المصابين إليها. وأمام مستشفى كليمنصو في غرب بيروت، كان عشرات الجرحى ينتظرون في الخارج إدخالهم لتلقي العلاج.
صورة من: Getty Images/AFP/I. Amro
العالم يعزي ويعرض المساعدة.. لكن كيف؟
بعد الانفجار بدأت دول العالم تعزي لبنان وتهب لتقديم المساعدة، لدرجة أن إسرائيل التي مازالت رسميا في حالة حرب مع لبنان، كانت من أوائل من عرضوا المساعدة. وأرسلت دول بالفعل مساعدات مثل الكويت وهولندا وهناك مساعدات في طريقها لبيروت من دول مثل قطر والأردن وألمانيا وتونس مصر وغيرها، ويتعلق الأمر خصوصا بالمعدات الطبية والمستشفيات الميدانية وفرق انقاذ وانتشال الضحايا، مثل الفريق الذي قررت ألمانيا إرساله.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Amro
"السوشيال ميديا" تظهر جانبها الإيجابي
وبالتوازي مع الجهات الرسمية سرعان ما انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي "السوشيال ميديا" حملات لمساعدة لبنان في محنته. وهنالك منشورات تبادل نشرها مدونون ومغردون داخل وخارج لبنان تتضمن هواتف لأشخاص يعرضون استضافة من فقدوا مساكنهم، وأخرى تدعو للتبرع بالدم والبحث عن المفقودين. إعداد: صلاح شرارة