لا يزال المجتمع العلمي غير قادر على تحديد منشأ فيروس كورونا. دراسة جديدة تؤكد فرضية مصدر الفيروس من حيوان مستضيف له نقله إلى البشر، لكن في المجمل لا تقدم هذه الدراسة معلومات قطعية بهذا الشأن.
إعلان
كشف فريق أبحاث دولي عن الأنواع الحيوانية المحتملة كمضيفات وسيطة لفيروس كوفيد-19، وفقًا لمقال في مجلة "سيل". وتشير الأدلة المقدمة إلى أن الجائحة بدأت نتيجة إدخال حيوانات مصابة إلى سوق ووهان للمأكولات البحرية في نوفمبر من عام 2019. ولم تتوفر عينات مباشرة من الحيوانات بسبب إغلاق السوق سريعًا، لكن محققين من المركز الصيني لمكافحة الأمراض جمعوا عينات من الأرضيات والجدران. وفي تحليل لأكثر من 800 منها، وجدوا فيروس (سارس-كوف-2) بالقرب من حظيرة للحياة البرية، كما كُشف عن الحمض النووي لحيوانات مثل كلاب الراكون وقطط الزباد، وكانت نتائج كلاب الراكون الأكثر انتشارًا.
إعلان
دور سوق ووهان في بدء جائحة كوفيد-19
رغم توفر البيانات للباحثين، أكدت فلورانس ديبار من المركز الوطني للأبحاث العلمية أنه "لا يمكننا التأكيد بشكل قاطع" على إصابة الحيوانات في السوق بالفيروس، في إشارة إلى كلاب الراكون وقطط الزباد.
بعد حوالي خمس سنوات من ظهور فيروس كورونا، لا يزال المجتمع العلمي غير قادر على تحديد مصدره بدقة. لتبقى نظريتان رئيسيتان حول منشأ الفيروس قائمتان: تسربه من مختبر أو انتقاله من حيوان وسيط إلى البشر عبر سوق محلي، والفرضية الثانية الأكثر تداولا إلى غاية اللحظة.
قال جيمس وود، عالم الأوبئة في جامعة كامبريدج، إن الدراسة "تقدم أدلة قوية" تثبت أن أكشاك بيع الحيوانات البرية في سوق ووهان كانت بؤرة لظهور جائحة كوفيد-19. وشدد أن الجهود العالمية لتعزيز السلامة البيولوجية لم تترافق مع خطوات كافية للحد من تجارة الحيوانات البرية، مما قد يسهم في تفشي الأوبئة.
على الرغم من نفي بعض الأطراف لوجود أنواع معينة في السوق، تم تحديدها كمضيفات وسيطة محتملة للفيروس بين الخفافيش والبشر، مع عدم وجود سوى أدلة فوتوغرافية ونتائج دراسات حول الحيوانات المعروضة للبيع آنذاك.
تظهر الدراسة تلوث "عربات نقل الحيوانات، قفص، حاوية قمامة، وآلة إزالة الشعر والريش" بفيروس SARS-CoV-2. كما أظهرت العينات الحمض النووي لأنواع برية أكثر من البشر، مع اكتشاف الحمض النووي الريبي لبعض الحيوانات في العينات الإيجابية.
أشار الباحثون إلى احتمالين: إما أن الحيوانات في السوق كانت مصدر الفيروس، أو أن إصابات بشرية مبكرة نقلت العدوى إلى الموقع.
بالصور: ما هي الحيوانات التي تنقل فيروس كورونا؟
أظهرت الدراسات أن القطط وحيوانات ابن مقرض حاملة لفيروس كورونا وتستطيع أن تنقله لحيوانات من نفس فصيلتها. حتى النمور قد تصاب بكورونا، لكن عند الحيوانات المنزلية لا يكون الخطر على نفس الدرجة.
صورة من: picture-alliance/F. Herrmann
هل بإمكاني مداعبة القطة؟
وجد باحثون بمعهد أبحاث الطب البيطري في مدينة هاربين الصينية أن فيروس كورونا المستجد يتكاثر بنجاح في القطط التي تنقله بدورها إلى قطط أخرى. لكن الفريق الذي يرأسه الطبيب البيطري "هوالان تشين" خلص إلى أن العدوى بين القطط لا تنتقل بسهولة، وهو ما نشروه في دراستهم التي ظهرت في مجلة بيو رفيكس العلمية مؤخراً.
صورة من: picture-alliance/dpa/K-W. Friedrich
لا داعي للقلق!
لكن لا ينبغي على أصحاب القطط القلق الآن: تطور القطط أجساد مضادة للفيروس بشكل سريع، مما لا يجعلها معدية لفترة طويلة. أما من لديهم أمراض مسبقة أو المسنين فمن الأفضل أن يتفادوا القطط في هذه الفترة. وعلى الأصحاء ممن لديهم قطط غسل يديهم جيداً بعد ملامستهم لها.
صورة من: picture-alliance/imageBroker
إعادة اعتبار للكلاب
وعلى عكس القطط أظهرت الدراسة أن الفيروس لم ينجح في التكاثر في الكلاب، لذلك لا ضرورة للخوف عند مداعبة الكلب أو التنزه معه.
صورة من: DW/F. Schmidt
من يخاف من الأخر؟
لا يحتاج هذا الخنزير الأليف في العاصمة الإيطالية روما للقلق من هذا الكلب اللطيف، لكن أيضاً الكلب لا يحتاج للخوف من الخنزير. فبحسب ما اكتشف الأطباء البيطريين، فإن الخنازير غير ناقلة لفيروس كورونا.
صورة من: Reuters/A. Lingria
حجر صحي لابن مقرض
يختلف الأمر عند حيوان ابن مقرض، فقد خلص الطبيب هوالان تشين لنتيجة غير مطمئنة: يتكاثر فيروس كورونا المستجد فيه مثلما يتكاثر في القطط. ينتقل كورونا بين الحيوانات عن طريق الرذاذ، ووجد العلماء الفيروس في عينات من جهاز التنفس العلوي للقطط وابن مقرض، لكنهم لم يجدوا له أثراً في الرئتين.
صورة من: picture-alliance/Mary Evans Picture Library/J.-M. Labat
هل الدجاج خطر على الإنسان؟
يجب ألا يخاف أحد من الدجاج، مثل هذا التاجر في مدينة ووهان الصينية. فقد خلص فريق العلماء إلى أن الدجاج والبط بالإضافة إلى طيور أخرى لديها مناعة ضد فيروس كورونا المستجد.
صورة من: Getty Images/China Photos
عندما يصبح البشر خطراً
لا ينتقل الفيروس من الحيوان للإنسان فقط، بل العكس أيضاً صحيح: فقد انتشر خبر إصابة النمرة الماليزية "ناديا" ذات الأربع سنوات في حديقة حيوانات نيويورك إثر نقل العدوى إليها من المسؤول عن رعايتها. وقال كبير الأطباء البيطريين بحديقة الحيوانات تعليقاً على الأمر: "على حد علمنا هذه أول مرة ينتقل فيها فيروس كورونا من إنسان إلى حيوان بري".
صورة من: Reuters/WCS
هل ظلمنا الخفافيش؟
يعتبر الجميع الخفافيش المتهم الرئيسي في جائحة كورونا، فأغلب العلماء يرجحون أن الفيروس بدأ من عندها. لكن الاطباء البيطريين يعتقدون أن هناك حيوان أخر كان وسيطاً في نقل الفيروس بين الخفاش والإنسان. فهل كانت القطط؟ أم حيوان إبن مقرض؟
صورة من: picture-alliance/blickwinkel/AGAMI/T. Douma
المتهم الحقيقي؟
يقع حيوان "آكل النمل الحرشفي" تحت إشتباه أن يكون هو الوسيط في نقل كورونا من الخفاش للإنسان. فقد وجد باحثون من الصين و هونغ كونغ وأستراليا في حيوان آكل النمل الحرشفي الماليزي فيروساً يشبه تماماً فيروس كورونا المستجد، ونُشرت هذه الدراسة في 26 مارس/ آذار بمجلة "ناتشور". ويذكر أن آكل النمل الحرشفي يُباع بطريقة غير مشروعة بأسواق الحيوانات البرية في الصين.
صورة من: Reuters/Kham
9 صورة1 | 9
ميتزل يعيد تقييم أصل فيروس كورونا
في المقابل، قدم جيمي ميتزل، الزميل في المجلس الأطلسي ومؤلف في علم الوراثة، اعتراضاته على ورقة جديدة، وفقًا لموقع NPR، تتعلق بالبيانات الجينية التي جُمعت في يناير 2020. يؤكد ميتزل أن المسحات من سوق ووهان ليست عينة تمثيلية بل متحيزة، حيث جمع العلماء البيانات بشكل تفضيلي من الجانب الغربي المعروف ببيع الحيوانات الحية. ويقول: "إنه منطق دائري لا يستند إلى أدلة قوية".
كما يشكك ميتزل في الجدول الزمني لبداية تفشي المرض، وفي فرضية انتقال فيروس سارس-كوف-2 من الحيوانات إلى البشر مرتين. ويعبر عن قلقه بشأن وصف المؤلفين لحالة العلم، قائلاً: "يحاول المؤلفون الترويج لإجماع زائف حول علم متنازع عليه، وليس كما يريدون أن يصدق الناس".