1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ما الذي يجعل اقتصاد تركيا هشا ليدمره ترامب بتغريدة؟

١٤ يناير ٢٠١٩

ترامب هدد من جديد وعبر تغريدة له على تويتر بتدمير الاقتصاد التركي، إذا هاجمت أنقرة أكراد سوريا بعد انسحاب قواته من ميدان محاربة داعش، والسؤال المهم: كيف يتمكن ترامب من تدمير اقتصاد دولة مثل تركيا دون استخدام السلاح؟

Türkei, Symbolfoto: Währung Türkische Lira
صورة من: Getty Images/C. Mc Grath

 

تغريدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باتت مألوفة لدى الجميع، سواء أكانوا معنيين بالسياسة أو غير مكترثين بالشأن السياسي. لكن تجربة السنتين الأخيريتين أظهرتا أن ترامب يمارس سياسة التغريدات بجدية وليست مجرد مزاج عابر في لحظات معينة. تغريدة ترامب الأخيرة خص بها حليف بلاده في حلف شمال الأطلسي تركيا، حيث هدد ترامب بتدمير اقتصاد تركيا، إذا ضربت أنقرة، حلفاء واشنطن في محاربة داعش في سوريا، أي قوات حماية الشعب الكردية التي تشكل الأساس لقوات سوريا الديمقراطية.

تعاملت الأوساط السياسية الدولية مع التغريدة الترامبية بنوع من البرود. غير أن الرد التركي جاء غاضبا ، ففي تغريدة كتبها المتحدث الرئاسي في أنقرة، إبراهيم كالين، قال فيها إن لغة التهديد ليست مألوفة بين الحلفاء في الناتو. ولكن ما أن انتشرت التغريدة حتى تراجعت قيمة الليرة التركية بشكل ملحوظ. مشهد ذكّر الكثيرين بالأزمة التي تسبب بها ترامب، وفي تغريدة أيضا، عندما أعلن عقوبات على تركيا في خضم الصراع التركي الأمريكي بشأن احتجاز القس الأمريكي روبنسون.

لكن السؤال المطروح حاليا: لماذا يبدو ترامب واثقا من تمكنه من تدمير اقتصاد تركيا؟ وهل الاقتصاد التركي ضعيف إلى درجة يتمكن فيها رجل مغرد مثل ترامب أن يدمره وبتغريدة؟ أين تكمن المشكلة؟ في قوة ترامب أم في ضعف تركيا؟

قبل أن نتوغل في عمق تساؤلاتنا، لا بد من معرفة مدى جدية تهديد ترامب أولا. وهل يجب على تركيا أن تأخذه على محمل الجد؟ توجهنا بهذا السؤال إلى الدكتور رشاد عبدو، وهو خبير اقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، والذي قال على الفور "أعتقد أن التهديد جدي حقا، لأن ترامب ومنذ توليه منصبه يحاول أن يفي بوعوده، وأود أن أذكر بالصراع الجاري في الولايات المتحدة بشأن بناء الجدار على الحدود مع المكسيك لمنع الهجرة غير الشرعية إلى البلاد والذي كان واحدا من وعود كثيرة في حملته الانتخابية. كما نفذ ترامب وعده بتعديل ميزان التجارة مع الصين لصالح بلاده وهو ما يقوم به حاليا. كما أود أن أذكر بتهديد ترامب بشأن احتجاز القس الأمريكي روبنسون بفرض عقوبات على تركيا. عقوبات دفعت بالليرة التركية إلى الانهيار وخسرت نحو الثلث من قيمتها وعرقلت بشكل كبيرة عجلت الاقتصاد التركي، كلنا شهود على ذلك. إذن يجب أخذ تهديدات ترامب بجدية كاملة".

ولكن ما الذي يجعل ترامب واثقا من تهديده بشأن تدمير اقتصاد دولة صاعدة وذات صناعة مرموقة ومنتجاتها تغزو أسواقا دول كثيرة في العالم؟ عن ذلك يقول الخبير رشاد عبدو: "العقوبات الأمريكية هي الأقوى بسبب هشاشة الاقتصاد التركي. بمعنى أن اقتصادا مهما كان قويا سوف يتأثر بعقوبات تفرضها حكومة دولة تشكل سوقها القلب النابض للاقتصاد العالمي. وصحيح أن المنتجات التركية متوفرة في الكثير من أسواق العالم، ولكن في حال فرض عقوبات أمريكية على الاقتصاد التركي، فإنك لن تجد سوى القليل من الأسواق التي تكون مستعدة لاستيراد البضائع التركية. فمعظم دول العالم، وخصوصا المتقدمة منها، ستجد نفسها مجبرة على التعامل مع العقوبات الأمريكية بإيجابية ولا تجازف بالسوق الأمريكية على حساب التودد لتركيا".

العلاقات التركية ـ الأمريكية تدهورت كثيرا بعد أنتخاب ترامب وأردوغان رؤساء لبلديهما

وبالفعل تعاني تركيا من سلبيات ترافق اقتصادها، فمن المميزات السلبية التي تجعل من الاقتصاد التركي هشا أو ضعيفا يترنح تحت وطأة العقوبات الأمريكية أو الأوروبية هي المتعلقة أولا بأن تركيا لا تملك موارد طاقة، مثل النفط أو الغاز، ما يجعلها مستوردة لها من السوق العالمية وحسب الأسعار الدولية وهذا يفرض وجود عملة صعبة. وإذا تعرضت أنقرة لعقوبات وتراجعت قيمة عملتها الوطنية، فإن ذلك سيؤثر عمليا على تعرض مخزونها من الطاقة، النفط والغاز، إلى نقص كبير بسبب صعوبة الحصول على العملة الصعبة الضرورية لشراء الطاقة. في هذا السياق يقول الدكتور رشاد عبدو في حديثه مع DW عربية "لقد لاحظنا ذلك بشكل جلي في أزمة القس روبنسون، عندما انهارت الليرة التركية بنسبة 30% وكيف واجهت الشركات التركية صعوبات كبيرة فيما يخص الحصول على الطاقة لاستمرار إنتاجها".

المشكلة الأخرى وهي المرتبطة بالأولى بشكل وثيق، وتكمن في تبعية الليرة التركية للدولار الأمريكي، أمر يجعلها تترنح تحت وطأة العقوبات بشكل كبير. كما أن السوق التركية ليست بالكبيرة لتعوض خسارة أسواق بسبب العقوبات. وعلى سبيل المثال تعتبر السوق المصرية أكثر قوة بكثير من السوق التركية وذلك نظرا لضخامة السوق المصرية وتنوع قطاعاتها. لهذا الأسباب ستتأثر تركيا كثيرا بالعقوبات الأمريكية في حال فرضها الرئيس ترامب، كما يؤكد ذلك الخبير الاقتصادي رشاد عبدو.

بيد أن لتركيا علاقات دولية وإقليمية واسعة ويمكن أن تخلق لها بدائل حقيقة، العلاقات مع روسيا مثلا متينة للغاية وكذلك مع إيران والصين، فلماذا الضعف التركي في مواجهة العقوبات الأمريكية؟ عن ذلك يقول الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبدو: "تركيا لا تملك بدائل واقعية تعوض لها خسارتها للسوق الأمريكية أو خسارتها للأسواق المتأثرة بالعقوبات الأمريكية. حتى الصين تنظر في تعاملها مع تركيا إلى مصلحتها أولا قبل أن تميل لأي سبب كان لصالح تركيا. السوق الأمريكية بالنسبة للاقتصاد الصيني مهمة إلى درجة لا مكان فيها للمجاملة السياسية مع تركيا ونفس الشيء يمكن أن يقال عن روسيا والتي هي دولة صناعية لها مكانتها، لكنها لا تستطيع أن تخاطر بالسوق الأمريكية. أما إيران فسوقها كبيرة لكنها لا تكفي ولا تشكل لا من بعيد ولا من قريب بديلا للاقتصاد التركي. أما دول الخليج فتستجيب بلا شك للعقوبات الأمريكية ولن تقف مع تركيا في حال فرضت عليها عقوبات اقتصادية".

حسن ع. حسين

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW