اقترحت واشنطن خطة جديدة للسلام وإنهاء الحرب في أوكرانيا تتضمن تنازلات من قبل كييف، التي أكدت تسلمها المقترح. فما تفاصيل الخطة؟ وكيف رد حلفاء أوكرانيا الأوروبيون على ما جاء في الخطة التي يبدو أنهم تفاجئوا بها؟
تقول مصادر مطلعة إن خطة واشنطن لإنهاء الحرب تتضمن تنازل أوكرانيا عن أراض لروسيا وخفض عدد جنودها إلى 400 والتخلي عن جميع الأسلحة البعيدة المدى.صورة من: Rostyslav Kovalchuk/AP Photo/picture alliance
إعلان
عرضت واشنطن خطة على أوكرانيا تريد عبرها أن تضع حدا للحرب بموجب شروط. وقد أعلنت أوكرانيا اليوم الخميس (20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025)، أنّها تلقت من الولايات المتحدة "مشروع الخطة"، مؤكدة استعدادها للعمل في شكل "بنّاء" مع واشنطن.
وقالت الرئاسة الأوكرانية في منشور عبر تطبيق تلغرام إنّ "الرئيس الأوكراني (فولوديمير زيلينسكي) تلقّى رسميا مشروع خطة من الولايات المتحدة يمكن، وفقا للتقييم الأمريكي، أن يحيي المساعي الدبلوماسية".
واوضحت أن زيلينسكي يعتزم أن يناقش مع نظيره الامريكي دونالد ترامب "خلال الايام المقبلة الإمكانات الدبلوماسية المتاحة وأبرز النقاط الضرورية من أجل السلام".
وأضاف "ستعمل فرقنا، الأوكرانية والأمريكية، على تنفيذ بنود الخطة الرامية لإنهاء الحرب. نحن مستعدون للعمل في شكل بناء وصادق وسريع".
ووفق فرانس برس، رفض الكرملين التعليق، كما لم تعلق واشنطن وكييف علنا على المقترحات الواردة في هذه الخطة.
البيت الأبيض: الخطة "جيدة" للطرفين
وشدّد البيت الأبيض على أن خطة السلام الأمريكية المدعومة من الرئيس دونالد ترامب، "جيدة" للطرفين، رافضا المخاوف من أنها تلبي الكثير من مطالب موسكو.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت في إحاطة صحافية "إنها مستمرة ومتغيّرة، لكن الرئيس يدعم هذه الخطة. إنها خطة جيدة لروسيا وأوكرانيا على السواء، ونعتقد أنها ستكون مقبولة للطرفين".
وأوضحت ليفيت أن المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف ووزير الخارجية ماركو روبيو "عملا بشكل سري منذ شهر" على هذا المشروع "لفهم ما يمكن أن يكون هذان البلدان مستعدين (لتقديمه) من أجل التوصل إلى سلام دائم".
ما تفاصيل الخطة؟
تشير تفاصيل الخطة التي شاركها مصدر رفيع مطلع على المسألة مع فرانس برس إلى أن المطلوب من أوكرانيا الاستسلام لبعض مطالب روسيا الرئيسية بينما التزامات الجانب الروسي مقابل ذلك ما زالت "غير واضحة". على الأرض، تدعو الخطة إلى "الاعتراف بالقرم ومناطق أخرى انتزعها الروس"، بحسب المصدر.
ويحتل الجيش الروسي حوالي خُمس مساحة البلاد التي دمرت سنوات من المعارك جزءا كبيرا منها. وفي 2022، أعلن الكرملين ضم أربع مناطق أوكرانية هي دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون، رغم عدم سيطرة روسيا عليها بالكامل. وكانت روسيا ضمت شبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014.
وسبق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن طالب أوكرانيا بسحب قوّاتها بالكامل من دونيتسك ولوهانسك وعرض تجميد خط الجبهة في منطقتي زابوريجيا وخيرسون في الجنوب، بحسب وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الذي ادى دور الوساطة في ثلاث جولات من مفاوضات السلام في وقت سابق هذا العام.
وإذ تمسّكت أوكرانيا بموقفها الرافض للاعتراف بأي سيطرة روسية على أراضيها، أقرّت بأنها قد تُضطّر لاستعادتها بالسبل الدبلوماسية. ومن شأن التخلي عن أراض في منطقتي دونيتسك ولوغانسك اللتين ما زالتا خاضعتين للسيطرة الأوكرانية أن يترك أوكرانيا عرضة لأي هجوم روسي مستقبلا.
إعلان
تنازلات عسكرية
كما تنصّ الخطة على خفض أوكرانيا عدد جنودها إلى 400 ألف عنصر، ما يعني تقليص جيشها بأكثر من النصف، وسيتعيّن على كييف التخلي عن جميع الأسلحة البعيدة المدى.
وتتوافق هذه البنود مع مطالب روسية طُرحت على أوكرانيا أثناء محادثات في إسطنبول في وقت سابق هذا العام عندما دعت موسكو كييف إلى خفض عديد قواتها وإلى حظر التعبئة ووضع حد لتدفق الأسلحة الغربية. ولطالما شددت موسكو على أنها لن تتسامح مع أي حضور لقوات حلف شمال الأطلسي على التراب الأوكراني.
في المقابل، تتطلع أوكرانيا إلى ضمانات أمنية ملموسة مدعومة من الغرب، بما فيها قوة أوروبية لحفظ السلام لمنع روسيا من غزوها مجددا في المستقبل. وذكر موقع "أكسيوس" الأمريكي أن إدارة ترامب وضعت الخطة في إطار مشاورات سريّة مع روسيا. وتبدو العديد من عناصرها مطابقة للمطالب الروسية بشأن كيفية وضع حد للنزاع.
كيف كان رد فعل شركاء أوكرانيا الأوروبيين؟
أكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، للصحافيين قبيل اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل "لكي تنجح أي خطة، لا بدّ من أن يكون الأوكرانيون والأوروبيون طرفا فيها". وأضافت "علينا أن ندرك أنه في هذه الحرب يوجد معتد واحد وضحية واحدة، ولم نسمع عن أي تنازلات من الجانب الروسي".
وأكدت كالاس أن التكتل الأوروبي يمتلك "خطة بسيطة من بندين" تتمثل في العمل على إضعاف روسيا وتقديم الدعم لأوكرانيا. وقالت إن الاتحاد الأوروبي سيعمل على فرض المزيد من العقوبات على سفن أسطول الظل الروسي والجهات الداعمة له، مع السعي لإبرام اتفاقات مسبقة بشأن اعتلاء السفن مع الدول التي تُرفع أعلامها على هذه السفن.
من جهته، قال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول اليوم في بروكسل إن أي مبادرات للدخول في مفاوضات بشأن السلام في أوكرانيا مرحب بها، لكنه أكد على ضرورة إشراك كييف وأوروبا فيها.
وأكد الوزير الألماني أن "كل المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار، وكذلك أي تطورات سلمية أخرى في أوكرانيا، لا يمكن مناقشتها والتفاوض عليها إلا مع أوكرانيا، ويجب إشراك أوروبا".
من جانبه اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو لدى وصوله لحضور الاجتماع في بروكسل أن "السلام لا يمكن أن يعني الاستسلام". وشدد على أن "الأوكرانيين سيرفضون دائما أي شكل من أشكال الاستسلام"، مؤكدا حرص الأوروبيين على مبدأ السلام "العادل" و"الدائم". وأضاف "نريد سلاما دائما يقترن بالضمانات اللازمة لمنع أي عدوان إضافي من جانب روسيا بقيادة فلاديمير بوتين".
تحرير: عبده جميل المخلافي
حرب أوكرانيا ـ 3 سنوات من الدمار والقتل والتشريد.. والنتيجة؟
مرّت ثلاث سنوات منذ شنّت روسيا هجومها الشامل على أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد ملايين الأشخاص، بالإضافة إلى دمار واسع النطاق. واليوم، يساور الأوكرانيين القلق بشأن كيفية نهاية هذه الحرب.
صورة من: Serhii Chuzavkov/Avalon/Photoshot/picture alliance
تهديد متزايد
في أواخر 2021، أظهرت صور الأقمار الصناعية تجمع القوات الروسية والأسلحة الثقيلة بالقرب من بلدة يلنيا على حدود بيلاروسيا. وفي 11 نوفمبر من نفس العام، حذر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، الرئيس الروسي بوتن من غزو أوكرانيا. لكن رغم هذا التحذير، قرر بوتن في 24 فبراير 2022 شن غزو واسع النطاق لأوكرانيا
صورة من: Maxar Technologies/AFP
بداية الحربـ هجوم شامل
في 24 فبراير، سقطت صواريخ على عدد من المدن الأوكرانية، مثل كييف وأوديسا وخاركوف. في كييف، أُضرمت النيران في مبنى عسكري أثناء الهجمات. وبدأت الحرب التي أصرت موسكو على تسميتها "عملية خاصة"
صورة من: Efrem Lukatsky/AP Photo/picture alliance
العنف في بوتشا
في غضون أسابيع، تمكّن الأوكرانيون من طرد القوات الروسية من المدن الشمالية. وبعد ذلك، ظهرت جرائم الحرب إلى العلن، وانتشرت صور لمدنيين تعرضوا للتعذيب والقتل في بوتشا، قرب كييف. وأعلنت السلطات أن أكثر من 1100 مدني قُتلوا في المنطقة. وأظهرت تحقيقات استقضائية أن العنف كان ممنهجا ومخططاً.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/AP Photo/picture alliance
الحياة وسط الدمار
وفقًا لموسكو، كان من المفترض أن تستمر "العملية الخاصة" في أوكرانيا لمدة ثلاثة أيام فقط. لكن بعد ثلاث سنوات، لا تزال الحرب مستمرة. وتشير أحدث التقارير الصادرة عن معهد دراسات الحرب إلى أن روسيا تسيطر حاليًا على حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية، معظمها في الشرق. تم التقاط هذه الصورة في دونيتسك، شرق أوكرانيا، في مايو/أيار 2023.
صورة من: Sofiia Gatilova/REUTERS
ضم مناطق أوكرانية إلى روسيا
في سبتمبر/أيلول 2022، ضمت روسيا أربع مناطق أوكرانية — لوغانسك، ودونيتسك، وزابوروجيا، وخيرسون — بمساحة تقدر بحوالي 90,000 كيلومتر مربع. وبعد عام، إجراء انتخابات في هذه المناطق في تصويت وصف بـ "الانتهاك الصارخ للقانون الدولي". فاز حزب روسيا الموحدة بقيادة بوتين في جميع المناطق بأكثر من 70% من الأصوات.
صورة من: Alexander Ermochenko/REUTERS
فرار الملايين من الحرب
أجبرت الحرب في أوكرانيا الملايين على الفرار، مما أدى إلى موجة هجرة كبيرة لم تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وفقًا للأمم المتحدة، نزح 3.7 مليون شخص داخل أوكرانيا بسبب القتال. وغادر البلاد أكثر من 6 ملايين شخص أوكرانيا وتوجهوا إلى أوروبا، خاصة إلى بولندا وألمانيا.
صورة من: Filip Singer/EPA-EFE
ماريوبول، مدينة المقاومة الأوكرانية
في عام 2022، استمر حصار روسيا لمدينة ماريوبول الجنوبية لمدة 82 يومًا. تعرضت المدينة لقصف كثيف وتحصن آخر المقاتلين الأوكرانيين في مصنع للصلب. وبعد أن قصفت روسيا مستشفى، انتشرت صورة لامرأة حامل يتم إجلاؤها حول العالم. التقط صحفيون أوكرانيون الصورة، وفازوا لاحقًا بجائزة الأوسكار عن فيلمهم الوثائقي "20 يومًا في ماريوبول".
صورة من: Evgeniy Maloletka/AP/dpa/picture alliance
قصف طريق الاتصال الوحيد بشبه جزيرة القرم.
يُعد جسر القرم، الذي يمتد بطول 19 كيلومترًا (حوالي 12 ميلًا)، الأطول في أوروبا، ويربط جنوب روسيا بشبه جزيرة القرم. في أكتوبر\تشرين الأول 2022، تعرض الجسر لأضرار نتيجة قنبلة زرعها الأوكرانيون، مما جعله قابلاً للاستخدام جزئيًا. وفي يوليو/تموز2023، تعرض الجسر لأضرار أخرى بسبب القوات الأوكرانية.
صورة من: Alyona Popova/TASS/dpa/picture alliance
كارثة بيئية
في 6 يونيو/حزيران 2023، أدى انفجار إلى تدمير سد كاخوفكا وتفريغ نهر دنيبرو. وبينما تبادلت أوكرانيا وروسيا الاتهامات بشأن المسؤولية عن الحادث، كانت روسيا تسيطر على السد في ذلك الوقت. أسفر الفيضان الناتج عن الانفجار عن كارثة بيئية واسعة النطاق، دمرت آلاف المنازل وأدت إلى سقوط مئات القتلى.
صورة من: Libkos/AP Photo/picture alliance
استهداف البنية التحتية للطاقة
استهدفت روسيا بشكل منهجي البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا. بعد عام من الغزو، دُمرت 76% من محطات الطاقة الحرارية، وبحلول سبتمبر/أيلول 2024، ارتفع هذا الرقم إلى 95%. أدى ذلك إلى إضعاف شبكة الكهرباء في أوكرانيا، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي وتفاقم الوضع الإنساني، خصوصًا خلال فصل الشتاء.
صورة من: Sergey Bobok/AFP
أوكرانيا تهاجم الأراضي الروسية
في أغسطس/آب 2024، شنت القوات المسلحة الأوكرانية هجومًا على الأراضي الروسية لأول مرة. وفي مواجهة مقاومة ضئيلة على الحدود، تمكنت في البداية من السيطرة على نحو 1400 كيلومتر مربع (حوالي 540 ميلاً مربعاً) في منطقة كورسك. لكنها فقدت منذ ذلك الحين ثلثي الأراضي التي كانت قد احتلتها
صورة من: Roman Pilipey/AFP/Getty Images
حرب الدرون
تستخدم كل من روسيا وأوكرانيا الطائرات بدون طيار للاستطلاع والمراقبة، وكذلك لشن هجمات مستهدفة. ويقول الخبراء إن هناك حوالي 100 نوع مختلف من الطائرات بدون طيار قيد الاستخدام في أوكرانيا. وفي مارس/أذار 2024، قالت أوكرانيا إنها قادرة على تصنيع ما يصل إلى 4 ملايين طائرة بدون طيار سنويًا.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/Radio Free Europe/Radio Liberty/REUTERS
تدمير هائل
خلفت ثلاث سنوات من الحرب آثارًا عميقة في أوكرانيا. في الشرق والجنوب، تحولت العديد من البلدات والقرى، التي دمرتها الهجمات الروسية، إلى مدن مهجورة. بلدة بوغوروديتشني في منطقة دونيتسك، التي تعرضت لهجوم مكثف من روسيا في يونيو/حزيران 2022، أصبحت الآن شبه خالية.
صورة من: Mykhaylo Palinchak/SOPA Images/ZUMA Press Wire/picture alliance
الحياة بعيدًا عن القتال
رغم استمرار الحرب، لا تقتصر كافة مناطق أوكرانيا على خط المواجهة، حيث تدور المعارك المباشرة. بعيدًا عن هذه المناطق، تستمر الحياة بشكل طبيعي. المحلات والمقاهي والمطاعم تواصل عملها، فيما يستعد السكان لانقطاع التيار الكهربائي بتركيب مولدات كهربائية.
صورة من: YURIY DYACHYSHYN/AFP
مستقبل مجهول للدعم الأمريكا
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث عن رغبته في إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال "24 ساعة"، لكنه لم يحقق ذلك بعد. ومع ذلك، تثير علاقته الظاهرة مع روسيا ورغبته في الضغط على أوكرانيا للتنازل عن ثرواتها المعدنية لصالح الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تبادل التصريحات القوية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، القلق في أوكرانيا وبين حلفائها.