ما سبب زيادة عدد اللاجئين القادمين من تركيا إلى اليونان؟
٦ أكتوبر ٢٠١٩
في الأشهر الأخيرة ازداد عدد المهاجرين الذين وصلوا من تركيا إلى اليونان، ما أدى إلى تفاقم الوضع في الجزر اليونانية، وأثار قلق الدول الأوروبية وفي مقدمتها ألمانيا. فما هي العوامل التي أدت إلى تفاقم الوضع؟
إعلان
في اليومين القادمين يتوجه وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر إلى كل من اليونان وتركيا. هدف الزيارة هو تجنب تكرار أزمة لجوء جديدة، مثل التي حدثت في عام 2015. ففي الفترة الأخيرة ازداد عدد المهاجرين الواصلين إلى الجزر اليونانية قادمين من تركيا بشكل ملحوظ، فمنذ بداية العام الجاري وصل أكثر من 35800 شخص إلى الجزر اليونانية الواقعة في بحر إيجه، بالإضافة إلى أكثر من 9700 آخرين وصلوا إلى اليونان عبر الحدود البرية مع تركيا، وذلك وفقاً لإحصائيات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
زيادة أعداد القادمين الجدد إلى الجزر المكتظة باللاجئين زاد من معاناتهم، ففي يوم واحد في نهاية آب/أغسطس الماضي وصل أكثر من 500 مهاجر إلى جزيرة ليسبوس المكتظة باللاجئين أصلا. ويعيش أولئك اللاجئون بشكل رئيسي في مخيم موريا الذي تندلع فيه أعمال شغب بين حين وآخر، نشبت آخرها يوم الأحد (29 أيلول/ سبتمبر 2019) بعد اندلاع حريق أدى إلى وقوع ضحايا.
تفاقم الأزمة
بحسب الاتفاقية التي وقعها الاتحاد الأوروبي مع تركيا عام 2016، يجب إبقاء جميع القادمين الجدد في الجزر اليونانية حتى يتم البت بطلبات لجوئهم. وعندما يتم رفضهم يجب إعادتهم إلى تركيا. لكن العدد الكبير للطلبات يشكل عبئاً على كاهل سلطات الهجرة اليونانية، ما يؤدي إلى طول مدة البت بالطلبات. كما أن اليونان قلما تعيد المهاجرين إلى تركيا. وبسبب الظروف المأساوية في المخيمات، تم نقل مئات اللاجئين إلى البر اليوناني.
ويأتي الأفغان في مقدمة المهاجرين الجدد إلى اليونان (38.8%)، يليهم السوريون (20.6%) ثم الكونغوليون والعراقيون والفلسطينيون. وأكثر من ثلث اللاجئين في الجزر اليونانية هم أطفال، 20% منهم قاصرون غير مصحوبين بذويهم، ومعظمهم من أفغانستان.
لماذا يزداد عدد القادمين الآن؟
يعمل العديد من الأفغان في إيران التي ترزح تحت وطأة العقوبات الأمريكية. وبسبب تفاقم الوضع الاقتصادي في إيران عام 2018 توجه عدد كبير من الأفغان وخاصة العاملون في مجال البناء إلى تركيا بحثاً عن عمل. لكن الحكومة التركية زادت من ضغوطها على اللاجئين منذ تموز/يوليو الماضي، وذلك بسبب تقلب المزاج العام تجاه اللاجئين نتيجة الأزمة الاقتصادية الأخيرة في البلاد.
وبالإضافة إلى الضغوط على اللاجئين السوريين في تركيا، فإن أوضاع المهاجرين الأفغان أيضاً تزداد سوءاً. وتقول السلطات التركية إنها ألقت القبض على أكثر من 300 ألف مهاجر "غير شرعي"، وقامت بترحيل عشرات الآلاف من المهاجرين الأفغان.
ماذا تريد تركيا؟
حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مراراً وتكراراً من أن بلاده ستضطر "لفتح البوابات إلى أوروبا"، إذا لم يقدم الاتحاد الأوروبي المزيد من المساعدات. ويريد أردوغان أن يدعم الاتحاد الأوروبي خطته لنقل اللاجئين السوريين الذين يعيشون في تركيا إلى "منطقة آمنة" على طول الحدود مع سوريا. لكن العديد من الخبراء يعتبرون خطة أردوغان غير واقعية.
ماذا يفعل الاتحاد الأوروبي من أجل اللاجئين في تركيا؟
في اتفاقية اللجوء مع تركيا، وعد الاتحاد الأوروبي بتقديم ستة مليارات يورو إلى تركيا بحلول عام 2022، ووفقاً لبيانات الاتحاد الأوروبي فقد تم تسليم نحو 2.4 مليار يورو حتى الآن، لكن أردوغان يشكو دائماً من أن المبلغ ضئيل. وبالإضافة إلى المبالغ التي تقدمها بروكسل لأنقرة، يستمر الاتحاد الأوروبي في إعادة توطين اللاجئين من تركيا إلى دول الاتحاد، حيث تمت إعادة توطين 7200 لاجئ من تركيا في دول أوروبية، منهم 2400 لاجئ في ألمانيا.
اللاجئون في جزيرة ليسبوس: أوضاع مزرية على أبواب الفردوس الأوروبي
من المنتظر أن تزداد مآسي طالبي اللجوء الذين تقطعت بهم السبل في جزيرة لسبوس اليونانية، فالعديد من المنظمات غير الحكومية المهتمة بالخدمات الصحية والقانونية تستعد الان للانسحاب أو انسحبت بالفعل.
صورة من: DW/V. Haiges
عالقون في بحر ايجة
يقبل التمويل الأوروبي للمنظمات غير الحكومية التي استجابت لأزمة المهاجرين في الجزر اليونانية، على الانتهاء شهرآب/أغسطس. ومنذ ذلك الحين كانت الدولة اليونانية المسؤولة الوحيدة عن التعامل مع طالبي اللجوء. الا أن غياب خطة انتقال واضحة، ساهمت في ظهور ثغرات واضحة على مستوى الخدمات الإنسانية في جميع أنحاء جزيرة ليسبوس.
صورة من: DW/V. Haiges
لا هنا ولا هناك
موريا ليست مرفق الاستقبال الرئيسي في ليسبوس، وانما توجد مخيمات أخرى غير قادرة على التعامل مع استمرار وصول الأعدادا القليلة لطالبي اللجوء. تزايد التوتر يؤدي الى تحول الإحباط بسرعة إلى عنف وعدوانية، والصراعات بين الأفراد تتحول إلى معارك بين مختلف المجموعات العرقية.
صورة من: DW/V. Haiges
جديد ونظيف
خارج موريا، يتم التخلص من عبوات الشامبو والمياه بالقرب من أماكن الاستحمام غير القارة أو المتنقلة. بسبب النقص في المرافق الصحية في المخيم، الكثير من الناس هناك يبحثون عن خيارات أخرى. وهم يرون أن الفشل في توفير مرافق كافية، استراتيجية متعمدة لتدهور الظروف المعيشية بالمخيم.
صورة من: DW/V. Haiges
في انتظار المصير
أمان من إريتريا، يعتذر عن عدم قدرته على تقديم الشاي أو الماء في خيمته. انه ينتظر قرارا بشأن طلب لجوئه منذ وصوله الى ليسبوس قبل ثلاثة اشهر. "حتى في موريا توجد مشاكل كثيرة". اكتظاظ الملاجئ والتوترات بين مختلف المجموعات يولد معارك وصراعات بين أفرادها.
صورة من: DW/V. Haiges
نحن بشر أيضاً
طالب لجوء أفغاني يقوم بإعداد علامات احتجاج ضد الظروف السيئة والفقيرة في موريا. معظم الأفغان الذين يحتجون في ليسبوس لأكثر من عام لايزالون ينتظرون الرد على طلبات لجوئهم. غياب المعلومة، صعوبة الظروف المعيشية والخوف من الترحيل إلى أفغانستان تجعل الكثيرين من هؤلاء يعيشون في حالة قلق دائم ومستمر.
صورة من: DW/V. Haiges
حدود الكرم
يناقش سكان ليسبوس احتجاج الأفغان. أزمة اللاجئين تسببت في انخفاض كبير في السياحة في ليسبوس، حيث انخفضت بنسبة 75 في المائة تقريبا هذا العام مقارنة بعام 2015. كما كان للأزمة الاقتصادية في اليونان أثر كبير على الجزيرة. وبالرغم من تعاطف العديد من السكان المحليين مع احتياجات طالبي اللجوء، إلا أنهم لا يعتقدون أن اليونان قادرة على استضافتهم في الوقت الحالي.
صورة من: DW/V. Haiges
كفاح ضد الإحباط وخيبة الأمل
يحاول بعض المتطوعين بموريا، سد الثغرات الموجودة هنا. فهم يقومون بتوفير الرعاية الصحية مثلا، والتي تعتبر من المطالب الملحة للساكنة. الطبيبة الألمانية جوتا ميوالد قدمت إلى ليسبوس لمدة أسبوعين لتقديم مساعدتها، وقالت إن السبب الرئيسي في الكثير من المشاكل الصحية هنا بموريا، هو الظروف المعيشية للسكان. وقد اشتكى الموجودون في المخيمات من أن الأطباء هناك عادة ما يعطونهم مسكنات للألم بغض النظر عن آلامهم.
صورة من: DW/V. Haiges
استعادة الحياة
في مركز الموزاييك للدعم طالبي اللجوء يحولون - سترات الحياة - أو سترات الإنقاذ التي يتم تجميعها من الشاطئ في أكياس ومحافظ. مثل هذه الأنشطة مرحب بها لمحاربة رتابة الحياة في المخيمات، بالإضافة إلى الحصول على دخل للعالقين هنا، مثل هذه المرأة الإيرانية، ولو كان الدخل صغيرا.
صورة من: DW/V. Haiges
وافدون جدد يوميا
منذ بداية سنة 2015، اضطر الوافدون الجدد إلى البقاء في الجزيرة إلى أن تتم معالجة طلبات لجوئهم. إلا أن تراكم الطلبات وعملية معالجتها المطولة لم تساعد الكثيرعلى الاستفادة منها. أكثر من 14 ألف مهاجر وصلوا إلى اليونان هذا العام، وفقا لوكالة الأمم المتحدة للاجئين. وفي العام الماضي منحت اليونان اللجوء لحوالي 12500 شخص، في حين جاء 173 ألف لاجئ.
فينسنت هايغس/ مريم مرغيش