ما قصة محمد حسني.. المصري الذي أحرق نفسه بميدان التحرير؟
١٣ نوفمبر ٢٠٢٠
ما هي قصة محمد حسني، الذي حاول الانتحار عبر إحراق نفسه في ميدان التحرير وسط القاهرة؟ الخبر ملأ مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، والبعض ألمح إلى تشابه بين هذه الحادثة وحادثة إحراق التونسي محمد البوعزيزي نفسه عام 2011.
إعلان
عادت محاولات إحراق النفس كشكل احتجاجي في المنطقة العربية، بعدما قام مواطن مصري بإضرام النار في نفسه في ميدان التحرير بالقاهرة، لكن تدخل المارة وعدد من عناصر الأمن لإطفاء النار بعد اشتعالها في جسده بمدة وجيزة، ما أدى إلى إنقاذه ونقله إلى مستشفى القاهرة حيث تأكد أنه لم يصب سوى بجروح طفيفة.
واختار محمد حسني الغريب ميدان التحرير، وهي الساحة نفسها التي شهدت انطلاق الاحتجاجات ضد نظام حسني مبارك عام 2011 ما أدى إلى إعلانه التنحي عن الحكم، لمحاولة انتحاره على الملأ، في مبادرة أراد أن يكون لها تداعيات على السلطة.
غير أن الكثير من الأمور جرت منذ سقوط نظام مبارك، واستطاع نظام عبد الفتاح السيسي وأد كل الاحتجاجات التي طالبت بتنحيه في مهدها قبل أن تكبر، مستعينا بحملات اعتقالات ومحاكمات واسعة. ونتيجة لذلك يبقى من غير المتوقع أن تؤدي الواقعة هذه إلى اندلاع احتجاجات واسعة.
ونقلت وكالة فرانس برس عن مسؤول أمني أن محمد حسني كان قد أُفرج عنه مؤخرا بتهم جنائية، من دون أن يعطي مزيدا من التفاصيل. واتّهم المسؤول جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها السلطات المصرية منظمة "إرهابية"، باستغلال حسني.
وقال المصدر الأمني إن "جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية تستغل أحد أفرادها المصاب باضطرابات نفسية، مما يضطره لإشعال النار في ملابسه في محاولة لإحداث الفوضى بين المواطنين المصريين".
غير أن الشاب، قال في فيديو الواقعة إنه لا ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، وإن السلطات طردته تعسفيا من عمله، ردا على كشفه لمجموعة من ملفات الفساد التي تورطت بها شخصيات كبرى، كما اتهم السلطات بالتضييق عليه بسبب ديون كانت عليه لكنه سددها.
ونشر الإعلامي المصري المقيم في تركيا سامي كمال الدين صورة مفترضة لمحمد حسني، وهو يحمل لافتة قبل مدة يصف فيها الإخوان بالفاسدين شأنهم شأن الفلول، مرفوقة بصورة من موقع إخباري مصري يتهم محمد حسني بأنه إخواني.
بينما نشر مستخدمون فيديو لمحمد حسني وهو يحاور أحد أصدقائه بالكاميرا ويقول إن "أعظم جهاد عند الله قول كلمة حق في وجه حاكم جائر"، متحدثا عن أنه سينزل لميدان التحرير وسيصوّر فيديو للواقعة، مؤكدا في الفيديو أنه سبق أن احتج أمام المجلس العسكري ورفع أمامه لافتة فيها "نصف فساد مصر هو المجلس العسكري".
وكتبت المدونة رشا عزب: "ناس كثر سمعوا صوت محمد حسني في ميدان التحرير. حتى ولو نكن قادرين على أن نعلّق أو نتفاعل من ثقل الحدث، فقد سمعنا (صوته) لدرجة أننا غير قادرين على الكلام".
وكتبت مواقع مصرية أن محمد حسني نشر على حسابه على فيسبوك قبل محاولة إحراق نفسه عدة منشورات جاء فيها "يا شعب مصر إن لم تغضب فانتظر غضب الله وعقابه.. اغضب لدينك، لدمك، لعرضك، لكرامتك"، و"الوصية الأولى والأخيرة، حين وفاتي لا تهجروني ولا تحرموني من الدعوات فالدنيا أصبحت مخيفة، والموت لا يستأذن أحدا.. يا رب ارزقنا حسن الخاتمة".
ونشرت مواقع مصرية تصريحا لسيدة قدمت نفسها أنها زوجته، قالت إنها كانت تعيش معه لغاية عام 2011، وإنه طرد من البنك المصري لتنمية الصادرات، وبعدها بقي دون عمل سنة، ثم سافر للخارج حيث اشتغل لما يقارب خمس سنوات. ولما عاد بسبب مشاكل في العمل في الخارج، دخل في اضطراب نفسي وكان يعنف أولاده ويسبب الخوف لأسرته، ما دفع الزوجة للخروج من البيت وطلب الطلاق، حسب قول هذه السيدة.
كما نشر مقطع آخر لقريبة مفترضة من محمد حسني وهي تصفه بأنه مجنون، وبأنه دخل في توتر مع البنك منذ طرده، ودخل في عراك دائم مع أسرته، كما رفض البحث عن عمل لأداء الأقساط التي عليه، وأن زوجته طلبت الطلاق منه.
غير أن متتبعين كثر شككوا في هذه الشهادات، وفي إمكانية إصدارها تحت التهديد والضغط، في ظل نظام السيسي المتهم حقوقيا بانتهاك حقوق الإنسان والتضييق على المعارضين والمستقلين.
وكعادتها، شيطنت وسائل الإعلام المصرية المقرّبة من النظام محمد حسني الغريب ونشرت أخبارا عنه مسبوقة بالمهتز نفسيا والمجنون والإخواني، كما أفرد له إعلاميون موالون للنظام مساحة في برامجهم لتكرار اتهامات الأخونة والجنون.
في الجانب الآخر، نشر متعاطفون مع محمد حسني ومعارضون للنظام السيسي وسم "بوعزيزي التحرير" كناية عن محمد البوعزيزي، الشاب التونسي الذي أحرق نفسه وساهم في اندلاع شرارة الربيع العربي، كما نشر آخرون وسم "ميدان التحرير".
إ.ع/ع.ج.م
السيسي- نجاح في حصار الإرهاب وإخفاق في ملفات أخرى
سجل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال السنوات الأربع الماضية، يتضمن نجاحات على صعد مختلفة مثل حصار الإرهاب في سيناء وإطلاق مشاريع عملاقة. لكنه لا يخلو من الإخفاق أيضا خاصة فيما يتعلق بالوضع المعاشي وحقوق الإنسان.
صورة من: Reuters/Dalsh
محاصرة الإرهاب في سيناء
استطاعت مصر خلال فترة رئاسة السيسي أن تحصر بؤرة الحركات المسلحة في سيناء. وحققت، حسب مراقبين، نجاحات عديدة فيما يخص مكافحة الإرهاب. وبالرغم من اعتماد استراتيجيات جديدة، كـ "قيادة قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب"، في فبراير 2018، لا تزال مصر تشهد هجمات إرهابية بين فترة وأخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/Gharnousi/Alyoum
تنويع الشركاء الاقتصاديين
تمكن السيسي خلال أربع سنوات من تنويع شركائه الإقتصاديين. إذ قام بعدة زيارات لبلدان عرفت علاقتها بمصر فتورا منذ ثورة 25 يناير، وكانت فرنسا وأمريكا من أهمها. وشهد التعاون بين الجيشين المصري والأمريكي تقدما ملحوظا، وهو ما أشار إليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أيضا. كما تعتبر صفقات الأسلحة بين مصر وفرنسا وكذلك روسيا من النجاحات التي حققها السيسي.
صورة من: H. Tiruneh
تحسن الوضع الاقتصادي
شهد الاقتصاد المصري تحسنا خلال السنوات الأربع الأخيرة. وقد رصدت صحيفة "اليوم السابع" مؤشرات مهمة على ذلك، أبرزها: تراجع العجز في الميزان التجاري بمعدل 5 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية، وارتفاع حصيلة صادرات السلع الاستهلاكية بمعدل 11 بالمائة لتصل إلى نحو 5,8 مليار دولارا بالإضافة إلى زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج لتسجل نحو 6 مليارات دولار.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Nabil
إطلاق مشاريع ضخمة
عرفت المشاريع في مصر قفزة نوعية خلال فترة رئاسة للسيسي، فقد تم إطلاق مشاريع عملاقة مثل توسيع قناة السويس، فضلا عن بناء عاصمة إدارية جديدة في شرق القاهرة،ن تتضمن بناء 240 ألف وحدة سكنية جديدة خلال خمس سنوات. كما تمت زيادة الرقعة الزراعية عبر مشروع "المليون ونصف فدان".
صورة من: picture-alliance/dpa/Str
حل مشكلة انقطاع التيار الكهربائي
كان ملف الطاقة من بين الملفات الشائكة في مصر، لكنه عرف نوعا من التحسن مؤخراً. لا سيما مشكلة انقطاع الكهرباء التي عرفت انفراجا مهما بعد توقيع شراكات دولية، بينها أربع مذكرات تفاهم مع شركة سيمنس الألمانية لإقامة مشروعات في مجال الطاقة بإجمالي استثمارات تصل إلى عشرة مليارات دولار. وقال بيان لوزارة الكهرباء المصرية إن الشراكة شملت إنشاء محطات لتوليد الكهرباء بنظام الدورة المركبة.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Schwarz
تراجع السياحة في مصر
توفر السياحة في مصر عائدات مالية مجزية، لكنها شهدت تراجعا في السنوات الأخيرة بسبب غياب الاستقرار الأمني حسب ما ذكر تقرير مجلس السياحة والسفر العالمي سنة 2016. وكان لسقوط الطائرة الروسية عام 2015، تأثير كبير على تراجع توافد السياح الروس إلى مصر. وتحاول القاهرة استقطاب السياح مجددا.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. El-Geziry
تحرير الجنيه وارتفاع الأسعار
لم تنعكس بعض القرارات الهامة التي اتخذت في السنوات الأخيرة إيجابيا على المصريين. فقد أدى تحرير سعر صرف الجنيه المصري إلى ارتفاع كبير في الأسعار أثر بشدة على الأسر المصرية وخاصة الفقيرة، فضلا عن ارتفاع التضخم لمستويات قياسية، بالرغم من القروض التي حصلت مصر عليها من الصندوق الدولي.
صورة من: Picture alliance/dpa/EPA/K. Elfiqi
أزمة مياه
في حين يتحدث خبراء وتقارير إعلامية عن وجود أزمة مياه في مصر، قال السيسي في تصريح له مؤخرا، إن الدولة والحكومة لن يسمحا بحدوث أزمة مياه في البلاد! وكانت مصر على خلاف مع إثيوبيا بشأن بناء سد النهضة، وهو مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية قيمته أربعة مليارات دولار، وتخشى القاهرة أن يقلص السد كمية المياه التي تصل لحقولها من إثيوبيا عبر السودان.
صورة من: Imago/photothek
جدل حول جزيرتي تيران وصنافير
أثارت موافقة مصر عام 2016 على تسليم السعودية جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين في البحر الأحمر، انتقادات واسعة في مصر لا يزال صداها يتردد حتى الآن، ويعتبر الكثير من المصريين الأمر تنازلا عن أراض مصرية. وكان القضاء الإداري قد أصدر أحكاما بعدم قانونية تسليم الجزيرتين اللتين تقعان في مدخل خليج العقبة، إلا أن المحكمة الدستورية العليا في مصرأبطلتهما في 3 مارس/ آذار 2018.
صورة من: Getty Images/AFP/Str
انتقادات دولية لملف حقوق الإنسان
عرف ملف حقوق الانسان في مصر تدهورا في السنوات الأخيرة. ويعتبر كثير من منتقدي السيسي أن تراجع شعبيته جاء نتيجة تكميم أفواه المعارضين والنشطاء ووسائل الإعلام المستقلة، حسب ما نقلت عنهم رويترز. بالإضافة إلى إصدار عقوبات بالإعدام ضد المئات. وفي هذا الإطار، وجهت الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية انتقادات للقاهرة بخصوص الاعتقالات وتخويف المعارضين. إعداد: مريم مرغيش.