يبلغ عدد السلفيين في ألمانيا أكثر من ثمانية آلاف شخص، حسب تقارير صادرة عن جهاز الاستخبارات الألماني الداخلي الذي يؤكد تزايد أعداد السلفيين باضطراد. فما هو حجم الخطر الذي يمكن أن تشكله هذه المجموعات على الأمن الداخلي؟
إعلان
حسب معطيات صادرة عن هيئة حماية الدستور الألمانية (جهاز الاستخبارات الداخلية)، يعيش في ألمانيا حوالي 44 ألف إسلامي متطرف، لكنهم لا يشكلون جميعهم "كتلة متجانسة"، حسبما جاء في تقرير لنفس الهيئة. وتجتمع المجموعات التي ينتمي إليها هؤلاء في "استغلال الدين الإسلامي لتحقيق أهداف سياسية وأغراض إسلاموية"، حسب نفس التقرير.
غير أن جهاز الاستخبارات الداخلي يشير إلى أن الخطر الأكبر تشكله المجموعات السلفية التي عرفت أعدادها تزايداً مضطردا في ألمانيا خلال السنوات الأخيرة. فبينما كان عدد السلفيين لا يتعدى 3800 شخص عام 2011، وصل الآن إلى حوالي 8350 شخص، كما ذكر رئيس هيئة حماية الدستور هانس غيورغ ماسن، الذي أعزى ذلك إلى الحرب الدائرة في سوريا وظهور تنظيم "داعش".
السلفيون واستقطاب اللاجئين
بعد موجة اللجوء الكبيرة التي شهدتها ألمانيا، خلال العام الماضي، أبدت هيئة حماية الدستور قلقها حيال المحاولات التي يقوم بها سلفيون وإسلامويون راديكاليون بين اللاجئين لاستقطاب معاونين جدد لهم. وقال رئيس الهيئة هانز-غيورغ ماسن "إن هناك حتى الآن أكثر من 340 حالة معروفة بالنسبة لنا". وتابع المسؤول الأمني الألماني "تلك فقط هي الحالات التي علمنا بها. وربما هناك حالات أكثر".
وشدد ماسن على أنه لا يتعين التركيز فقط على تنظيم "داعش" الذي من المحتمل أنه يرسل إلى أوروبا فرقا إرهابية، مثلما حدث في باريس وبروكسل. ولكن يمكن أن يكون هناك أيضاً جناة يعملون بصورة فردية ويميلون إلى التطرف فيتلقون مهاماً في هذه الخصوص.
تورط السلفيين في أعمال مخالفة للقانون
من ناحيته، قال وزير داخلية ولاية شمال الراين- فيستافاليا الألمانية رالف ييغر في تصريحات خاصة لصحيفة "رور ناخريشتن" الألمانية في نوفمبر/ تشرين الثاني إنه "تم ضبط الكثير من الأدلة التي تؤكد تورط السلفيين في أعمال مخالفة للقانون". وجاء ذلك على إثر حملة مداهمات شهدتها الولاية، صادر خلالها أفراد الشرطة وسائط تخزين وهواتف ذكية - وأيضا أسلحة في حالات فردية.
السلفيون في ألمانيا... أنشطة مختلفة والهدف واحد
يبدو المشهد السلفي في ألمانيا في صور مختلفة، فهو يضم العديد من المتطرفين المستعدين للقيام بأعمال عنف. كما يستغل هؤلاء كل فرصة لنشر مواقفهم المتشددة، من خلال القيام بأنشطة أو تظاهرات لجذب الشباب للتنظيمات المتطرفة.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Stratenschulte
استغلال المساجد لأهداف إيديولوجية
تقدر السلطات الأمنية عدد السلفيين المتشددين في ألمانيا بنحو 6500 ولكن ليسو جميعا مستعدين لاستخدام العنف. ويستغل هؤلاء المساجد لجذب الشبان ونشر التطرف بين المسلمين مثل مسجد النور في برلين الذي قامت السلطات الأمنية بإغلاقه، حيث كان يعتبر معقلا لسلفيين متشددين حسب هيئة حماية الدستور.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Zinken
توزيع القرآن بالمجان
بغرض نشر دعايتهم والتواصل مع الراي العام يستغل سلفيون حملة توزيع القرآن بالمجان في العديد من المدن الألمانية، أطلقوا عليها اسم "إقرأ"!
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
صلاة وسط شارع عمومي
يحاول السلفيون استغلال كل فرصة ومكان لنشر فكرهم واكتساب المزيد من المؤيدين. في الصورة مجموعة من السلفيين الذي تجمعوا في شارع قرب أكاديمية الملك فهد بمدينة بون لأداء الصلاة. تم ذلك بالقرب من تجمع لحزب "Pro NRW" اليميني المناهض للمهاجرين والإسلام، والذي اعتبر ذلك استفزازا له فحصل اشتباك بين أنصاره والمصلين في الشارع.
صورة من: dapd
"شرطة الشريعة"
عام 2015 قام سلفيون بدوريات عبر شوارع مدينة فوبرتال في ولاية شمال الراين فيستفاليا وكأنهم أفراد شرطة لحماية الشريعة، وتسبب ذلك في استياء عام على مستوى ألمانيا بأكملها.
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Berg
الرأس المدبر لشبكة تجنيد الشبان
هناك بين السلفيين جهاديون يتعاونون مع تنظيمات إرهابية مثل تنظيم "الدولة الإسلامية"، حيث يجندون الشباب في ألمانيا لخدمة تلك التنظيمات. ومن ابرز هؤلاء أبو ولاء العراقي الذي اعتقلته الأجهزة الأمنية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 . وقال المدعي العام الاتحادي، فرانك بيتر، بأنه يشكل "الرأس المدبر لشبكة تجنيد الشبان للقتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية".
صورة من: picture alliance/dpa/Al Manhaj Media
استعداد للقيام بأعمال عنف
ينظم السلفيون مظاهرات لحشد مؤيديهم واستعراض قوتهم. أثناء تلك المظاهرات غالبا ما تقع اشتباكات بينهم وبين الشرطة التي تحاول تفريقهم، بسبب ما يقومون به من أعمال عنف وتخريب.
صورة من: picture-alliance/dpa
جماعات مناهضة للسلفيين
مقابل السلفيين المتشددين هناك جماعات يمينية متطرفة مناهضة مثل مجموعات "هوليغانز ضد السلفيين" التي تنظم مظاهرات رافضة للسلفيين. وأحيانا تحدث اشتباكات بينهم وبين السلفيين، كما حصل في إحدى المظاهرات بمدينة كولونيا في تشرين الأول/ اكتوبر، شارك فيها الآلاف.
صورة من: picture-alliance/dpa/Roberto Pfeil
مشاركة نسائية في التحركات السلفية
المشهد السلفي لا يقتصر على الرجال فقط، بل إن هناك نساء منهم يشاركن في النشاطات والتجمعات السلفية، كما في الصورة خلال تجمع لأحد أبرز زعماء السلفيين في ألمانيا بيير فوغل بمدينة أوفينباخ عام 2014.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Roessler
مداهمة مقرات السلفيين وجمعياتهم
تقوم الشرطة بين الحين والآخر بمداهمة مساجد ومقرات جميعات سلفية وبيوت مسؤوليها وتعتقل المطلوبين منهم، كما تُغلق المكاتب والمقرات التي تعود إلى تلك الجمعيات التي يشتبه قيامها بنشاطات غير قانونية.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Gossmann
حظر جميعة سلفية متشددة
يسعى السلفيون من خلال نشاطاتهم إلى نشر الفكر الإسلامي المتشدد وتقديم "الإسلام على أنه دين العنف والكراهية والزواج القسري والإرهاب"، كما جاء في أحد مقاطع الفيديو على الإنترنت للجمعية السلفية "الدين الحق" التي تم حظرها من قبل السلطات الألمانية واعتُقل أحد مؤسسيها وأبرز وجوهها ابراهيم أبو ناجي.
صورة من: picture-alliance/Geisler-Fotopress/R. Harde
محاكمة مشتبه به
من يلجأ إلى العنف من بين السلفيين يقبض عليهم وتتم محاكمته مع حفظ حقه في محاكمة عادلة بوجود محامي الدفاع. في الصورة: السلفي مراد ك. بجانب المحامي أثناء جلسة المحاكمة في بون بتهمة الإيذاء الجسدي ومقاومة موظف عام أثناء القيام بمهامه.
صورة من: Hermann J. Knippertz/dapd
11 صورة1 | 11
وتحاول السلطات الألمانية منذ عدة أشهر تضييق الخناق على الجماعات الإسلامية المتطرفة، إذ شنت القوات الأمنية سلسلة مداهمات واعتقالات استهدفت الحركة السلفية أيضا. وقد نتج عن ذلك منع جمعية "الدين الحق" السلفية على خلفية حملة "اقرأ" التي نظمتها الجمعية ووزعت خلالها كتبا ومنشورات إسلامية.
حينها اعتبر وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير أن "حظر الجمعية السلفية موجه ضد إساءة استغلال الدين من جانب أشخاص يروجون للأفكار المتطرفة ويدعمون المنظمات الإرهابية تحت ستار الإسلام"، مشدداً في الوقت ذاته على أن " الحظر غير موجه ضد توزيع (نسخ) القرآن أو ترجمة معانيه."