1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ما مدى خطورة المقاتلين الأجانب في سوريا؟

٢٢ مايو ٢٠٢٥

يشجع تنظيم "الدولة الإسلامية" المقاتلين الأجانب على الانقلاب على الحكومة السورية الجديدة، فيما يحذر قادة غربيون دمشق من إيواء متطرفين أجانب. فما حجم الخطر الذي يمثله المقاتلون الاجانب في سوريا؟

يُعرف الأجانب الذين قاتلوا إلى جانب "هيئة تحرير الشام" باسم المهاجرين، والذي يتمتع الكثير منهم بمهارات قتالية عالية.
يُعرف الأجانب الذين قاتلوا إلى جانب "هيئة تحرير الشام" باسم المهاجرين، والذي يتمتع الكثير منهم بمهارات قتالية عالية.صورة من: Juma Mohammad/AP Photo/picture alliance

إنه "خائن للقضية" و"كافر" و"عبد" و"تذلل أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب"، هكذا وصف "تنظيم الدولة الإسلامية" المتطرف، والمعروف أيضًا باسم "داعش"، في العدد الأخير من نشرته الأسبوعية الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع ولقاءه مع الرئيس الأمريكي الأسبوع الماضي.

في الواقع، هذا النوع من العداوة بين جماعة "داعش" وجماعة "هيئة تحرير الشام" التي قادها الشرع ذات يوم ليس جديدًا. فبين عامي 2012 و2013، كانت "هيئة تحرير الشام" جزءًا مما يسمى بـ"تنظيم الدولة الإسلامية"، قبل أن تتحالف مع تنظيم "القاعدة".

وبعد قطع العلاقات مع تنظيم "القاعدة" في عام 2016، أمضت "هيئة تحرير الشام" ما يقرب من عقد من الزمان في قتال "داعش" بأجزاء من البلاد التي كانت تسيطر عليها. لذا فإن انتقاد المسار السياسي الحالي الأكثر اعتدالًا للشرع يعتبر أمرًا متوقعًا.

"باعك لأسياده"، هكذا وصف تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع.صورة من: Bandar Al-Jaloud/Saudi Royal Palace/IMAGO

ولكن هناك جانب آخر مثير للاهتمام في النشرة الإخبارية، إذ دعت "داعش" المقاتلين الأجانب في سوريا إلى الانشقاق عن الحكومة الحالية بقيادة الشرع. وحثت الجماعة المقاتلين الأجانب الغاضبين من دبلوماسية الشرع مع الولايات المتحدة على الانضمام إلى "داعش".

وأعاد هذا الحديث، فضلًا عن اجتماع الشرع مع ترامب، الاهتمام لواحد من أصعب الملفات التي تواجهها الحكومة الانتقالية في سوريا، وهو ملف المقاتلين الأجانب الموجودين في البلاد.

وكان الرئيس الأمريكي، خلال اللقاء الذي جمعه بالشرع، قد ضغط "لإجبار جميع الإرهابيين الأجانب بمغادرة سوريا" كواحد من شروط تخفيف العقوبات. وأدلى المبعوثون الفرنسيون والألمان بتصريحات مماثلة، إذ يخشى كثيرون من أن تصبح سوريا ملاذًا للجماعات ذات الأيديولوجيات المتطرفة التي يمكن أن تنشط دوليًا لاحقًا.

من هم المقاتلون الأجانب في سوريا؟

من الصعب تحديد عدد الأجانب الذين قاتلوا إلى جانب "هيئة تحرير الشام". ويمكن أن يتراوح العدد ما بين 1500 و6000 مقاتل، وفقًا لخبراء يرجحوا أن يكون الرقم الحقيقي ما بين العددين.

وتتكون أكبر مجموعة من المقاتلين من  الأويغور ، الذين يشار إليهم أيضًا باسم "التركستان"، القادمين من وسط وشرق آسيا، بما في ذلك الصين. ويأتي المقاتلون الآخرون من روسيا ودول سوفيتية سابقة ومنطقة البلقان وتركيا ودول عربية ودول أوروبية.

وجاء معظم المقاتلين إلى سوريا في وقت مبكر خلال الحرب الأهلية التي شهدتها سوريا استجابة لدعوات من "تنظيم الدولة الإسلامية"، الذي كان يحاول حينها إقامة ما يسمى بـ"خلافة". ولكن بعد قطع "هيئة تحرير الشام" لعلاقتها مع "داعش" و"القاعدة"، غادر بعض الأجانب التنظيم بينما بقي آخرون.

وفي أواخر عام 2024، خلال العملية التي قادها تنظيم "هيئة تحرير الشام" للإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد، لعبت عدة مجموعات من الأجانب، بمن فيهم الأويغور والشيشان، دورًا أساسيًا في نجاح الحملة. وقال الشرع إنه يجب مكافأتهم على مساعدتهم، وتم تعيين عدد منهم في شهر يناير بمناصب عليا في الجيش السوري الجديد، وهو ما أثار بعض الجدل.

الشرع يؤكد على حماية الاقليات والتعددية وحقوق المرأة

02:22

This browser does not support the video element.

ويرى الباحث في معهد واشنطن، آرون زيلين، في حوار مع DW، أنه من الصعب تحديد مدى أهمية المقاتلين الأجانب لقوات الأمن السورية الآن "لأن عدد السوريين يفوق بكثير عدد الأجانب". لكنه أشار إلى أن بعضهم يتمتع بأهمية أكبر، فعلى سبيل المثال، يعمل مقاتلو الكتيبة الأويغورية الآن كقوة أمنية شخصية للشرع. ويقول زيلين: "هم أساسًا من يحمونه لأنه يثق بهم، ويُنظر إليهم كرفاق سلاح في القتال ضد الأسد".

ويذكر لاجئ سوري مقيم في ألمانيا، طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، أنه التقى بعدد من المقاتلين الأجانب أثناء قتاله قوات نظام الأسد في مدينة حلب السورية. وقال اللاجئ السوري لـ DW: "كان بعضهم جيدًا، بينما لم يكن البعضهم الآخر جيدًا. كانوا شديدي التركيز على القتال، وكان لدى الكثير منهم عقلية سلفية. أرادوا الذهاب إلى حيث تدور المعارك".

ويضيف المصدر: "الذين بقوا الآن لديهم عائلات في سوريا. لهذا، شخصيًا، سأمنحهم فرصة، خاصة لأننا لو طردناهم، سنطرد أيضًا النساء والأطفال. على أي حال، لا تنسوا أن هناك أيضًا الكثير من السوريين الذين يشاركون ولو جزءًا من هذه العقلية (الدينية)".

ما مدى خطورة المقاتلين الأجانب؟

اتُهم مقاتلون أجانب ذوو توجه ديني أكثر تشددًا بالمشاركة في أعمال عنف وقعت حديثًا ضد الأقليات السورية، كما أُلقي عليهم اللوم في محاولات فرض رقابة على ملابس النساء والسلوكيات الاجتماعية في المدن السورية.

مشروع "الجيش الوطني الموحد".. مغري لجميع السوريين؟

33:07

This browser does not support the video element.

ويوضح الباحث والخبير في الشؤون السورية، عروة عجوب، في تقرير للمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، أنه حتى وقت قريب جدًا، كانت "هيئة تحرير الشام" لا تزال تُصوّر نفسها على أنها "مدافعة عن الإسلام السني.

ولكن بعد سقوط نظام الأسد، اتخذت الجماعة مسارًا أكثر ليبرالية، بحسب التقرير. ويقول عجوب: "يُمثل هذا التغيير المفاجئ في السردية تعديلًا كبيرًا للصفوف… قد يكون هذا التحول تحديًا للمقاتلين الذين اعتادوا على وجهة نظر طائفية أضيق. يواجه العديد من مقاتلي هيئة تحرير الشام، الذين لم يغادروا أبدًا البيئة المحافظة في إدلب، مجتمعات أقل تحفظًا في دمشق".

الانضمام إلى "تنظيم الدولة الإسلامية"!

ويرى الباحث في معهد أبحاث السياسة الخارجية في فيلادلفيا، محمد صالح، أنه "إذا استمرت هيئة تحرير الشام في اتجاهها نحو الاعتدال النسبي، مثل التسامح مع النساء غير المحجبات والسماح ببيع الكحول والمشاركة في عملية سياسية على النمط الغربي، فقد تنشق العناصر المتشددة داخل هيئة تحرير الشام، وخاصة الجهاديين الأجانب، أو تنشق عنهم، أو تتعاون مع داعش أو القاعدة".

توجهت أصابع اللوم إلى مقاتلين أجانب في إشعال النار بشجرة عيد الميلاد في غرب سوريا خلال ديسمبر الماضي.صورة من: Khalil Hamra/AP Photo/picture alliance

ولكن يتشكك الباحث في معهد واشنطن، آرون زيلين، في أن يشكل المقاتلون الأجانب في سوريا"أي تهديد واسع النطاق"، على حد تعبيره. ويري زيلين أن "أولئك الذين شعروا أن هيئة تحرير الشام لم تعد متشددة بما يكفي بالنسبة لهم قد غادروا بالفعل على الأرجح، وأن العديد من المقاتلين الأجانب الأقل تطرفًا الذين بقوا، يتمتعون بانضباط شديد".

كما حاول الشرع لفترة طويلة تهميش أو اعتقال أو طرد أي مقاتل أجنبي قاوم المسار الجديد للجماعة.

ولا يزال بإمكان المقاتلين الأجانب بالطبع ارتكاب جرائم أو التسبب في مشاكل. إلا أن التهديد الأكبر يأتي حقيقة من المقاتلين الأجانب الأعضاء في "تنظيم الدولة الإسلامية"، والذين يواصلون تمردًا محدودًا في شرق سوريا، بالإضافة إلى مقاتلين معتقلين في شمال شرق سوريا.

وماذا بعد؟

بعد اجتماع الشرع مع ترامب، ظهرت أنباء بشأن مداهمات من قوات الأمن السورية لقواعد خاصة بالمقاتلين الأجانب في محافظة إدلب. ويرى مراقبون ومحللون أنه لا يزال من غير الواضح ما إن كان الأمر صحيح أم مجرد شائعات أو "مسرحيات سياسية".

ويبدو أن شن حملة كبيرة ضدهم هو أمر غير مرجح. ويجادل أعضاء في الحكومة السورية الجديدة بأن المقاتلين الأجانب لا يشكلون أي تهديد للدول الأخرى وأن عددهم أقل من أن يؤثر بشكل كبير على الجيش السوري الجديد، كما أنهم موالون لإدارة الشرع الجديدة على أي حال. بل ويرى البعض أن دمج المقاتلين الأجانب في القوات السورية الجديدة ربما يكون أفضل طريقة للتعامل معهم على أرض الواقع.

ويقول زيلين: "من بين جميع الطلبات التي قدمتها الولايات المتحدة، ربما يكون هذا هو الأصعب بالنسبة لسوريا. لا أعتقد أنهم يريدون حقًا تسليم المقاتلين الأجانب إلا إذا كانوا، على سبيل المثال، يفعلون شيئًا مخالفًا للقانون".

أعدته للعربية: دينا البسنلي

تحرير: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW