1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ما مصير اللاجئين من شمال أفريقيا وبلدانهم باتت "آمنة"؟

ح.ع.ح٢٩ يناير ٢٠١٦

أثار إعلان الحكومة الألمانية عزمها إدراج المغرب والجزائر وتونس ضمن لائحة ما يسمى بـ"الدول الآمنة" سجالا معقدا وواسعا بشأن كيفية تصنيف الدول إلى آمنة وغير آمنة وما يعني ذلك بالنسبة للاجئين القادمين من تلك الدول؟

Flüchtlinge aus Nordafrika in Chemnitz
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Schmidt

بعد أن أعلن نائب المستشارة الألمانية وزعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، سيغمار غابرييل، مساء الخميس (28 كانون الثاني/يناير 2016) أن ألمانيا ستدرج المغرب والجزائر وتونس على لائحة "الدول الآمنة"، لتشدد بذلك شروط الحصول على اللجوء لمواطني هذه البلدان، توالت الانتقادات من المعارضة السياسية في برلين ومن منظمات حقوق الإنسان الألمانية والدولية.

فقد وصفت رئيسة حزب الخضر الألماني زيمونه بيتر وقبل إعلان خطط الائتلاف الحاكم الرامية للترحيل السريع للاجئين المنحدرين من شمال أفريقيا رسميا بأنها غير واقعية. وقالت زيمونه في تصريحات لبرنامج "مورغن ماغازين" الإخباري بالقناة الثانية الألمانية (زد دي اف): "إننا نرى هذه الخطوة بمثابة مواصلة لتحريف الحقائق- لا يمكن الترحيل على هذا النحو السريع، لاسيما إلى هذه الدول".

وبدلا من اتخاذ هذا الإجراء شددت بيتر على ضرورة التركيز على المهام الرئيسية، وهي الإسراع من إنهاء إجراءات اللجوء وتوفير المزيد من الموظفين في الهيئات المختصة. وأشارت إلى أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال ترحيل أشخاص إلى دول يتعرضون فيها لخطر انتهاكات حقوق الإنسان.

كما اعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش يوم الأربعاء المنصرم في تقريرها السنوي للعام 2015 أن المغرب "ليس نموذجا للإصلاح كما يدعي"، لافتة إلى أن "تسامح" السلطات مع الأصوات المعارضة في المغرب والصحراء الغربية "تضاءل". وأضافت المنظمة غير الحكومية المحظورة في المغرب منذ أشهر عدة بسبب خلاف مع الرباط، أن "التسامح مع الأصوات المعارضة في المغرب والصحراء الغربية قد تضاءل خلال 2015".

أما منظمة العفو الدولية فقد انتقدت على موقعها الإلكتروني خطط برلين الخاصة بإدراج الدول المغاربية الثلاث إلى لائحة "الدول الآمنة"، حسب ما صرحت به رئيسة المنظمة في ألمانيا سلمين جاليشكان. وقالت جاليشكان إن منظمة العفو الدولية ترفض مبدئيا ما يسمى بـ"الدول الآمنة"، مبررة ذلك باعتبار أن ذلك لا يتناغم مع مبدأ احترام "الخصوصية الشخصية" لمقدمي طلبات اللجوء، حسب تعبيرها. كما أشارت رئيسة المنظمة في ألمانيا إلى أنه من غير المحتمل أن يكون ملف حقوق الإنسان في هذه الدول هو الحاسم في اتخاذ القرار بهذا الشأن.

الجزائر لم تبدي استعدادا واضحا لاستقبال رعاياها المرفوضة طلبات لجوئهم في ألمانياصورة من: Getty Images/S. Gallup

ماذا يعني اعتبار الدول الثلاث "آمنة"؟

ولكن لابد من السؤال عن معنى اعتبار دول مثل الجزائر والمغرب وتونس مناطق آمنة. فالحزمة الثانية من قانون تشديد اللجوء في ألمانيا ترى في المغرب وتونس والجزائر "دولا آمنة". وفي العام الماضي اعتبرت ألمانيا عدة دول في منطقة البلقان آمنة أيضا ما ساهم في تراجع طلبات اللجوء من هذه الدول بشكل كبير. فماذا يعني هذا التصنيف؟

تعتبر المادة 16 الفقرة "أ" من القانون الأساسي "الدستور الألماني" تلك المناطق آمنة التي توفر، حسب الظروف السياسية العامة في البلد المعني، ظروف عدم الملاحقة لأسباب سياسية أو عدم التعامل غير الإنساني لأي سبب آخر. ورغم ذلك إذا تمكن لاجئ ما من تقديم أسباب مقنعة تتعلق بوجود ملاحقة له في بلده، رغم وجودها على لائحة "الدول الآمنة"، فيتوجب عندئذ دراسة طلبه الخاص بنيل اللجوء وفق خصوصيته الشخصية.

من يقرر لائحة الدول الآمنة؟

يتم تصنيف الدولة بالآمنة أو غير الآمنة في ملحق قانون اللجوء والذي يتم إقراره في البرلمان الألماني وفي مجلس الولايات الفيدرالي وعلى خلفية قائمة بدول قدم عددا كبيرا من مواطنيها طلبات لجوء في ألمانيا والتي رفضت معظمها بحجة أن "أسباب الطلب غير مقنعة".

وتكون نتائج ذلك كبيرة على طالبي اللجوء من هذه الدول: فالمكتب الفيدرالي للهجرة واللاجئين تسرع دراسة الطلب وتقلص حجم الوقت المخصص للنظر في مثل هذه الطلبات. في هذه الحالة يطالب المكتب الفيدرالي من صاحب الطلب تقديم وثائق وأدلة دامغة تثبت ملاحقته من قبل سلطات بلاده. كما يتم منع مقدمي طلبات اللجوء من ما تسمى بـ"الدول الآمنة" من العمل خلال فترة وجوده في ألمانيا. وينص القانون الجديد على وضع هذه الشريحة من طالبي اللجوء في نزل خاص بهم ولا يجوز لهم مغادرته لحين إعداد الجواب الرسمي على طلباتهم.

ردود فعل الدول المغاربية متفاوتة

وكانت ألمانيا قد أجرت مشاورات مع مسؤولي الدول الثلاث بهدف دفعها للتعامل إيجابيا مع قرار برلين. فقد أجرى العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم الأربعاء الماضي مباحثات هاتفية مع المستشارة الألمانية انغلا ميركل بهذا الشأن، حيث عبر العاهل المغربي عن استعداده للتعاون مع برلين في هذا السياق، على أن يقوم قريبا وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير بزيارة الرباط من "أجل الانكباب بشكل وثيق على هذا الموضوع، حسب ما جاء في بيان صدر عن الديوان الملكي المغربي.

في ذات السياق أبدت تونس استعدادها لاستقبال مواطنيها المرفوضة طلبات لجوئهم في ألمانيا، كما أعلن ذلك وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي خلال مؤتمر صحافي مع مضيفه الألماني فرانك ـ فالتر شتاينماير أثناء زيارة الأول للعاصمة الألمانية يوم التاسع عشر من كانون الثاني/ يناير الجاري. وأضاف الجهيناوي " نحن نفهم أن ألمانيا تتعرض لضغوط بسبب مئات الآلاف من اللاجئين الذين يأتون إلى ألمانيا".

أحداث كولونيا في راس السنة فجرت زوبعة "الدول الآمنة"صورة من: Reuters/W. Rattay

بيد أن الموقف الجزائري كان ضبابيا نوع ما، فرغم الطلب الواضح الذي قدمته المستشارة انغلا ميركل لنظيرها الجزائري، عبد الملك سلال أثناء زيارته لبرلين والخاص بقبول الجزائر لرعاياها المرفوضة طلبات لجوئهم، وضع الأخير شرطا مفاده أن يتم التأكد من الهوية الحقيقية لطالب اللجوء وإثبات أنه يحمل الجنسية الجزائرية، كي تقبل عودته إلى بلاده.

ويبدو أن التفاوت بين مواقف الدول المغاربية الثلاث بهذا الشأن نابع من الوضع الاقتصادي عموما لكل بلد على حدة. ففي الوقت الذي تستفيد كل من تونس والمغرب من المساعدات التنموية التي تقدمها ألمانيا والاتحاد الأوروبي، ولهذا تجد نفسيهما في حال لا بد من التعاون مع الجانب الأوروبي بشأن عودة اللاجئين المرفوضة طلبات لجوئهم، من جانبها لا تعتمد الجزائر على المساعدات التنموية الأوروبية، فهي دولة نفطية غنية وصاحبة احتياطي مالي كبير تسيل لعاب الأوربيين لها. ومن هنا يتضح سبب عدم التجاوب الإيجابي مع الطلب الألماني بشأن ترحيل اللاجئين الجزائريين إلى بلادهم.

سبب آخر وراء الموقف الجزائري!

بيد أن خبراء في الشأن الجزائري يشيرون إلى وجود سبب آخر وراء الموقف الجزائري غير المتعاون بهذا الشأن: حيث يشير الخبراء على أن الجزائر تفتقر إلى سجل عام بشأن مواطنيها أو أن المعلومات الشخصية ضئيلة وغير متكاملة، على عكس المغرب وتونس اللتين تتوفر فيهما سجلات متكاملة ومعلومات غنية عن المواطنين في الداخل والخارج.

ورغم حاجة ألمانيا الملحة إلى ضرورة التعامل السريع مع أزمة اللاجئين وترحيل من لا تتوفر لديه شروط البقاء في البلاد، فإن قرار إدراج الدول الثلاث على لائحة "الدول الآمنة" لا يلقى تأييد بعض الخبراء السياسيين الألمان، بينهم فيرنر روف، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاسيل والذي يطالب في حديث مع إذاعة "دويتشلاند فونك" بضرورة مناقشة وضع حقوق الإنسان مع كل من المغرب والجزائر.

ففي شأن المغرب يقول الأستاذ روف إنه من الضروري الإشارة إلى وضع الصحراء الغربية التي "تحتلها المغرب في خرق واضح للقانون الدولي". ويضيف " إذا أردت أن تمارس الضغط على المغرب بهذا الشأن، فلا يمكن من جانب مجاملتها ودعوتها مثلا كضيف شرف في معرض الأسبوع الأخضر في برلين واعتبار المغرب وجهة سياحية مرغوبة، وتغض الطرف من جانب آخر عن أن المغرب تحتل الصحراء الغربية في خرق للقانون الدولي".

وفي شأن الجزائر يقول الخبير الألماني، إن للبلاد ملف غير متوازن فيما يخص حقوق الإنسان. فملاحقة الإسلاميين في الجزائر مستمرة، حسب رأي منظمة العفو الدولية. فقد تم، وفق معلومات العفو الدولية، اعتقال وتعذيب بعض الإسلاميين. في هذا السياق يقول الخبير روف إن متابعة أحداث الماضي القريب للجزائر، يجعل من الصعب اعتبار الجزائر دولة قانون.

لكن الناشط التونسي منيف الكيلاني والذي يقيم في فرنسا يذهب في قراءته لهذا الحدث إلى منحى آخر حيث يقول في حديث مع DW" لماذا نتوجه في كل مرة إلى الدول الاتحاد الأوروبي ونقول قوموا بواجبكم وكونوا إنسانيين وطبقوا حقوق الإنسان،ولماذا لا نوجه هذا الخطاب غلى الدول العربية وعلى رأسها دول الخليج".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW