ظهرت في الآونة الأخيرة تصريحات وتلميحات إلى إمكانية تخلي حماس على السلطة في قطاع غزة، وفق شروط محددة. هل يمكن أن يتحقق ذلك بالفعل؟ وأي دور يمكن أن تلعبه إسرائيل؟.
المظاهرات التي شهدها قطاع غزة ضد حركة حماس ومطالبتها بالرحيل قد ساهمت هي أيضا في تغيير موقف حماس والتلميح لاستعدادها بالتخلي عن السلطةصورة من: Habboub Rame/abaca/picture alliance
إعلان
من يمكن أن يحكم قطاع غزة في المستقبل؟ هذا السؤال اكتسب زخماً جديداً مؤخراً، حيث صرح مسؤول فلسطيني لـ بي بي سي، اشترط عدم كشف هويته، أن حركة حماس أشارت إلى استعدادها لتسليم السلطة في قطاع غزة لجهة فلسطينية أخرى. وهذه الجهة التي يمكن أن تسلمها حماس السلطة، يمكن أن تكون السلطة الوطنية الفلسطينية أو سلطة أخرى جديدة، بشرط التوصل إلى اتفاق مسبق "على المستويين الوطني والإقليمي" حسب المسؤول الفلسطيني.
جاء ذلك في سياق مقترح مصري قطري بشأن محادثات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل، حول اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في غزة. وقال مسؤولون، إن الوسطاء العرب يعملون على مقترح لإنهاء الحرب في غزة، يتضمن هدنة تستمر من خمسة إلى سبعة أعوام، والإفراج عن كل الرهائن المتبقيين.
وقال مسؤول مصري وآخر من حماس، طلبا عدم الكشف عن هويتيهما، حيث إنه غير مخول لهما الحديث للإعلام، إن مصر وقطر مازالتا تطوران المقترح الذي يشمل الانسحاب التدريجي للقوات الإسرائيلية من كل القطاع والإفراج عن السجناء الفلسطينيين. وقال المسؤول المصري إن الهدنة المقترحة بضمانات دولية، من شأنها أن تستمر ما بين خمسة إلى سبعة أعوام، وإن لجنة من تكنوقراط مستقلين سوف تتولى إدارة غزة، وهو إجراء قبلته حماس .، حسب المسؤول المصري . وقال مسؤول حماس إن الحركة منفتحة على هدنة طويلة الأمد تتضمن الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية والضمانات الدولية، مشيرا إلى روسيا أو الصين أو تركيا أو مجلس الأمن الدولي، كضامن محتمل.
يذكر أن حركة حماس، هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
تحذيرات من نفاد الطعام في قطاع غزة
02:05
This browser does not support the video element.
مظاهرات ضد حماس في غزة
ومن الواضح أن حماس لا تستطيع تجنب الرد تحت ضغط الحرب المستمرة منذ عام ونصف، بحسب تحليل لصحيفة "الحياة الجديدة" التي تنشرها السلطة الفلسطينية. وتتابع الصحيفة أنه ربما يكون السبب في رغبة حماس المتزايدة في تقديم التنازلات هو المظاهرات شبه اليومية التي يشهدها قطاع غزة في الآونة الأخيرة ضد حماس ومطالبة المحتجين برحيلها.
إعلان
وحسب الصحيفة "تعكس هذه المظاهرات بشكل واضح رفض الشعب لسلطة الحركة. كذلك تلعب التطورات الأخيرة أيضا دوراً في تغير موقف حماس، حيث هناك تنبؤات بتخلي إيران عن حلفائها الإقليميين في الشرق الأوسط، ومن بينهم حماس، في إطار المفاوضات التي تجريها طهران مع واشنطن حول برنامجها النووي".
وإذا تخلت حماس فعلاً عن السلطة في قطاع غزة، سيكون ذلك نهاية حكم سياسي لم يشهد أي تغيير. وكانت إسرائيل قد انسحبت عام 2005 من قطاع غزة وفككت المستوطنات التي كانت موجودة هناك. وفي عام 2006 فازت حماس في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في مناطق السلطة الفلسطينية، وشكلت حكومة مشتركة مع منافستها حركة فتح في الضفة الغربية. لكن الائتلاف الحكومي بين حماس وفتح لم يدم طويلاً وانهار بعد أشهر قليلة. وفي عام 2007 هاجمت مجموعات مسلحة تابعة لحماس المقر الرئيسي لحركة فتح في قطاع غزة وسيطرت على كامل القطاع. ومنذ ذلك الحين تحكم حماس قطاع غزة بدون منازع.
حياة تحت القصف وفي ظل الفقر.. الكثير من الناس في قطاع غزة يريدون إنهاء الحرب ويتظاهرون من أجل ذلك ضد حماسصورة من: Jehad Alshrafi/AP Photo/picture alliance
نزع سلاح حماس قضية أساسية
لكن هل تترنح سلطة حماس بالفعل؟ ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تخل طوعي وجوهري عن السلطة على المدى المنظور؟ هذا ما يشك فيه المحلل السياسي، بيتر لينتل، الباحث في شؤون الشرق الأوسط لدى مؤسسة العلوم والسياسة في برلين (SWP). العقبة الأساسية تكمن في نزع السلاح الذي تطالب به إسرائيل، حسب لينتل، الذي يمكنه تصور أن تكون حماس مستعدة للتخلي عن إدارتها السياسية المباشرة في قطاع غزة لصالح حكومة تكنوقراط.
ويضيف لينتل لـ DW: "لكن أن توافق حماس على نزع سلاحها، يبدو لي أمراً مشكوكاً فيه. وهنا أتساءل: من ينبغي أن يضمن الأمن الداخلي والخارجي، إذا حافظت حماس على سلاحها؟". ويبدو من غير المعقول أن توافق إسرائيل على ذلك، على الأقل حسب الوضع الراهن.
كذلك أعرب ماركوس شنايدر، مدير المشروع الإقليمي للسلام والأمن في الشرق الأوسط التابع لمؤسسة فريدريش إيبرت في بيروت، عن شكوكه: "من الناحية النظرية يمكن تصور مغادرة حماس لقطاع غزة. لكن السؤال هو: من يمكن أن يحل محلها؟".
وأضاف شنايدر لـ DW: "لا يوجد بديل حقيقي داخل قطاع غزة". وتابع المحلل في المؤسسة المقربة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني: "الحل الوحيد القابل للتطبيق هو السلطة الفلسطينية. لكن إسرائيل تعرقل هذا الحل منذ عام ونصف". ويقول شنايدر: "ما يتم تناسيه هو أن قطاع غزة والضفة الغربية يُشكلان كياناً سياسياً واحداً. من الصعب تخيل أن يحكم كل منهما من قبَل كيان منفصل على المدى البعيد".
إسرائيل غير مهتمة بإيجاد بديل سياسي في قطاغ غزة حسب رأي خبراء، وتريد توسيع المنطقة العازلةصورة من: Handout/GPO/AFP
بدائل يصعب تصورها
ويوضح خبير شؤون الشرق الأوسط، بيتر لينتل، أنه من الصعب في الوقت الراهن تصور كيف يمكن أن يبدو البديل لحكم حماس. ويقول إنه ربما يكون من الممكن التوصل إلى حل وسط في ظل حكومة إسرائيلية غير حكومة رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو. ويضيف لينتل "الحكومة الإسرائيلية الحالية تعارض الحكم الذاتي الفلسطيني ـ ومن الواضح أيضاً أنها تعارض الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة".
ودعت أطراف في الحكومة الإسرائيلية الحالية إلى إعادة المستوطنات إلى قطاع غزة أو على الأقل إنشاء مناطق عازلة إسرائيلية كبيرة ودائمة. علماً أن المنطقة العازلة الحالية تشكل بالفعل نحو 30 في المائة من مساحة قطاع غزة، حسب المحلل السياسي، بيتر لينتل، الباحث في شؤون الشرق الأوسط لدى مؤسسة العلوم والسياسة في برلين (SWP). ولا يعتقد لينتل أن الحكومة الإسرائيلية الحالية يمكن أن توافق على أي شكل جديد من أشكال الحكم الذاتي الفلسطيني في قطاع غزة.
كذلك يرى ماركوس شنايدر من مؤسسة فريدريش إيبرت، أنه في ضوء السياسة الإسرائيلية على مدى العام ونصف العام الماضيين، يبدو من الواضح نسبياً أن إسرائيل ليس لديها أي مصلحة في إنشاء كيان سياسي فلسطيني جديد في قطاع غزة، بغض النظر عن تركيبته وطبيعته. ويقول "كان من الممكن التحدث مع قوى بديلة منذ بداية الحرب، لكن لم يحدث ذلك. فلا توجد حاجة من جانب إسرائيل لبديل سياسي".
أعده للعربية: عارف جابو
السلطة الفلسطينية.. مسار متعثر نحو تحقيق هدف الدولة المستقلة
تأسست السلطة الفلسطينية عام 1994 بموجب اتفاقية أوسلو الأولى، لتكون هيئة حكم ذاتي انتقالي نحو دولة فلسطينية مستقلة، لكنها فشلت في تحقيق ذلك، وسط تجمد مؤسساتها وانقسامات وصراعات داخلية وضغوط خارجية، ورفض إسرائيلي.
صورة من: Justin Lane/epa/dpa/picture alliance
ملف الاعتراف بالدولة الفلسطينية من جديد في الجمعية العامة
يرتقب أن تدعم الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة 10 مايو أيار 2024، المساعي الفلسطينية من خلال الاعتراف بأحقية دولة فلسطين في العضوية الكاملة بالمنظمة الدولية وإحالة الطلب مجددا لمجلس الأمن الدولي "لإعادة النظر في الأمر بشكل إيجابي". وتفيد تقارير بأن أيرلندا وإسبانيا وسلوفينيا ومالطا تنتظر التصويت وتدرس الاعتراف بدولة فلسطينية على نحو مشترك في 21 مايو أيار.
صورة من: Shannon Stapleton/REUTERS
الولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد اعتراف كامل بدولة فلسطينية
منعت الولايات المتحدة الخميس (18 أبريل/ نيسان 2024) قرارا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يمنح دولة فلسطين المراقبة العضوية الكاملة في المنظمة الدولية. وصوتت 12 دولة عضو في مجلس الأمن لصالح القرار، واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضده، وامتنعت بريطانيا وسويسرا عن التصويت. وأدانت السلطة الفلسطينية في بيان الفيتو الأمريكي، فيما رحبت به إسرائيل.
صورة من: Yuki Iwamura/AP/picture alliance
الفيتو الأمريكي كان متوقعا
قدّمت الجزائر، بصفتها العضو الممثّل للمجموعة العربية في مجلس الأمن، مشروع قرار يوصي الجمعية العامة بـ"قبول دولة فلسطين عضواً في الأمم المتحدة". وأعلنت البعثة الدبلوماسية المالطية التي تتولّى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي لنيسان/أبريل أنه سيتم التصويت على مشروع القرار على الرّغم من أنّ الولايات المتّحدة، التي تتمتّع بحقّ الفيتو، عبّرت صراحة عن معارضتها له.
صورة من: Yuki Iwamura/AP/picture alliance
اتفاقية أوسلو عام 1993..مرحلة التأسيس
تأسست السلطة بموجب اتفاقية أوسلو الأولى - اتفاقية إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي- التي تم توقيعها في واشنطن بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في سبتمبر/أيلول 1993.
صورة من: Avi Ohayon/GPO
الاعتراف المتبادل وسلطة منتخبة
نص الاتفاق على بنود أبرزها اعتراف متبادل بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وإعلان مبادئ تحقيق السلام وانسحاب إسرائيلي تدريجي من الضفة الغربية وقطاع غزة. لكنه نص أيضا على تشكيل سلطة فلسطينية تكون منتخبة وتتمتع بصلاحيات محدودة.
صورة من: J. David Ake/AFP/Getty Images
اتفاقيات تفصيلية لاحقة مع إسرائيل
بُني على اتفاقية أوسلو توقيع اتفاقيات أخرى بين السلطة وإسرائيل سواء لأغراض سياسية أو اقتصادية أو أمنية. في 29 أبريل/نيسان 1994، جرى توقيع "بروتوكول باريس" ليمثل الشق الاقتصادي لاتفاقية أوسلو. وفي أكتوبر / تشرين أول 1998، جرى توقيع "مذكرة واي ريفر" وبعدها "اتفاقية المعابر" في عام 2005.
صورة من: Palestinian Presidency /Handout/AA/picture alliance
هيكل السلطة الفلسطينية
يتألف هيكل السلطة الفلسطينية من المؤسسة التشريعية (المجلس التشريعي) ومؤسسات تنفيذية مثل الرئاسة ومجلس الوزراء بالإضافة إلى أجهزة أمنية أبرزها "قوات الأمن الوطني" و "الأمن الوقائي".
صورة من: MUHAMMED MUHEISEN/AP/picture alliance
رام الله مقر السلطة
اتخذت السلطة الفلسطينية من مدينة رام الله بالضفة الغربية مقرا لمؤسساتها الرئيسة الثلاثة وهي الرئاسة والحكومة والمجلس التشريعي. وتهيمن حركة فتح ذات التوجه العلماني على منظمة التحرير، التي تعد المكون الرئيسي في السلطة.
صورة من: AFP/F. Arouri
1996 ..أول انتخابات
جرت أول انتخابات في عهد السلطة في يناير / كانون الثاني عام 1996 لانتخاب أعضاء المجلس التشريعي وتحت إشراف دولي بمشاركة 88% من الناخبين الذين يحق لهم التصويت في غزة و70% في الضفة الغربية.
صورة من: ENRIC MARTI/AP/picture alliance
وفاة عرفات وبدء حقبة أبو مازن
توفي ياسر عرفات، أول رئيس للسلطة، في نوفمبر / تشرين الثاني 2004. وخلفه محمود عباس "أبو مازن" في رئاسة منظمة التحرير ورئاسة السلطة بعد فوزه بالانتخابات. لاقى وصول عباس إلى السلطة ترحيبا من إسرائيل ودول غربية بسبب انتقاده لأعمال العنف خلال "الانتفاضة الثانية" على النقيض من عرفات.
صورة من: Awad_Awad/dpa/picture-alliance
انتخابات 2006.. فوز حماس
مثل فوز حركة حماس، التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا ودول أخرى على قائمة الإرهاب، بأغلبية المقاعد في الانتخابات التشريعية لعام 2006 مفاجأة للسلطة ومنظمة التحرير. وفي 28 مارس/آذار 2006، تولى إسماعيل هنية ـ رئيس المكتب السياسي لحماس حاليا ـ رئاسة الحكومة.
صورة من: Mohamed Hams/EPA/picture alliance/dpa
2007.. طرد السلطة من غزة
عقب ذلك، توترت العلاقة بين فتح وحماس حيث خاض الفصيلان مواجهات مسلحة لفترة قصيرة قبل طرد السلطة من غزة عام 2007. ومنذ ذلك الوقت أصبح القطاع تحت إدارة حركة حماس، التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا ودول أخرى على قائمة الإرهاب.
صورة من: Hatem Moussa/AP/picture alliance
تعطل إجراء انتخابات
لم تعقد أي انتخابات رئاسية منذ انتخاب محمود عباس في عام 2005 كما لم تعقد انتخابات برلمانية منذ عام 2006. ولم يعقد المجلس التشريعي الفلسطيني أي جلسة منذ عام 2007. ومع انتهاء فترة ولايته التي استمرت أربع سنوات في عام 2009، اعتبرت حماس محمود عباس رئيسا غير شرعي.
صورة من: Safadi/dpa/picture-alliance
تدني نسبة التأييد
حسب استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في شهر مارس / آذار الماضي، اعتبر 63% من المشاركين في الضفة الغربية وغزة أن السلطة تشكل عبئا على الفلسطينيين. وذكر الاستطلاع أن 84% يريدون استقالة محمود عباس.
صورة من: Abbas Momani/Getty Images/AFP
تنامي الضغوط على السلطة
تتعرض السلطة لضغوط دولية متنامية في أعقاب هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول وما تلى ذلك من عمليات عسكرية إسرائيلية في قطاع غزة. يتزامن هذا مع انتقادات واسعة النطاق للسجل الحقوقي للسلطة والفساد داخل أجهزتها.
صورة من: Ayman Nobani/dpa/picture alliance
طلب نيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة
في الثالث من أبريل/نيسان 2024 جددت السلطة الفلسطينية طلبها نيل "العضوية الكاملة" في الأمم المتحدة، وهو الطلب الذي كانت قد قدّمته السلطة في 2011. وتتمتّع فلسطين منذ نهاية 2012 بصفة "دولة مراقب غير عضو في الأمم المتّحدة". وترفض إسرائيل "حل الدولتين" وأي " اعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية ".