ما هو الدور الألماني في الهجوم الغربي المحتمل على سوريا؟
محي الدين حسين
١٢ أبريل ٢٠١٨
تُطرح تساؤلات كثيرة حول الدور الألماني المحتمل في الهجوم الذي تنوي أمريكا وبعض حلفائها شنه على سوريا، خصوصاً بعد أن استبعدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مشاركة بلادها في توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري.
إعلان
رغم اتّفاق برلين مع حلفائها الغربيين على ضرورة ألا يمرّ الهجوم الكيميائي على مدينة دوما السورية دون ردّ، إلا أن الموقف الألماني يبدو أكثر حذراً من مواقف حلفائها الغربيين، خصوصاً فرنسا وبريطانيا، رغم أن الدول الثلاثة أكدت على وجود مؤشّرات قويّة تشير أن النظام السوري هو الفاعل.
فبعد مكالمة هاتفية بين المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكّدا فيها ضرورة التنسيق بشكل وثيق سوياً وكذلك مع الحلفاء فيما يتعلق بأيّ هجوم مُحتمل على سوريا، استبعدت ميركل أن يشارك الجيش الألماني في توجيه ضربة عسكريّة للنظام السوري، مؤكّدة في الوقت نفسه أنّ بلادها "تدعم كلّ شيء من أجل إرسال رسالة مفادها أنّ استخدام الأسلحة الكيميائية غير مقبول"، من دون أن توضّح كيفية إيصال تلك الرسالة.
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس اليوم الخميس إن بلاده تتوقع التشاور معها قبل أن يشن أي من حلفائها الغربيين هجوماً على قوات الرئيس السوري بشار الأسد، لأنّ على الحلفاء أن يكونوا متّحدين في هذا الأمر، على حدّ تعبيره، مشيراً إلى أنه لم يتم الطلب من ألمانيا المشاركة في توجيه أيّة ضربة عسكرية لسوريا.
حذر أم دور غير فعّال؟
لكن المنسق الألماني للعلاقات الأطلسية، بيتر باير أكد لـ DW أنه لن يكون لبلاده أيّ دور "فعّال" في أي عمل عسكري بقيادة الولايات المتحدة في سوريا، مشيراً إلى أن العمل العسكري الأمريكي المحتمل في سوريا ينبغي أن يكون "آخر طريق للحل".
وتأتي هذه التصريحات الألمانية في وقت يتأهّب فيه حلفاء برلين الغربيون للهجوم المحتمل، إذ أكّد الرئيس الفرنسيّ على المشاركة في الهجوم، لكن على "المنشآت الكيميائية" فحسب، كما أن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مستعدة لاتخاذ قرار المشاركة في التحرك بقيادة الولايات المتحدة دون طلب موافقة مسبقة من البرلمان.
لكنّ ميركل لا يمكنها القيام بذلك إلّا بحصولها على تفويض من البرلمان الألماني (البوندستاغ)، إذ أنّ مهمة الجيش الألماني في سوريا تقتصر على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وبالتالي يفتقد الجيش الألماني للأساس القانوني للمشاركة في أيّ هجوم على قوات الحكومة السورية، وفي حال أرادت ميركل أن تتخذ هكذا قرار، سيتعين على البوندستاغ اتخاذ قرار بشأن مهمة جديدة تماماً.
ويبدو الحذر الألماني حول سوريا واضحاً من خلال رد وزارة الدفاع الألمانية على التكهنات حول أن حاملة طائرات (فرقاطة) ألمانية ترافق حاملة الطائرات "USS Harry S. Truman” الأمريكية من أجل شنّ الهجوم المرتقب على سوريا. حيث قالت الوزارة إن توجه الفرقاطة "هيسن" التي تقل على متنها 200 شخص مع حاملة الطائرات الأمريكية إلى البحر المتوسط لا يتعلق بالهجوم المرتقب، مشيرة أن هذه الخطوة هي في إطار تدريبات مشتركة كانت مخططة مسبقاً.
ميركل: ألمانيا لن تشارك في أي عمليات عسكرية محتملة ضد سوريا
00:31
إمكانية جرّ ألمانيا إلى الحرب؟
لكن الخبير في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، جوزيف برامل، لا يستبعد أن يتم جرّ ألمانيا أيضاً إلى الصراع الحالي في سوريا. وقال برامل لصحيفة بيلد الألمانية: "تخيل أن تهاجم إيران إسرائيل. عندها أعتقد أننا سنكون هناك".
وبالرغم من أن هذا السيناريو ممكن من الناحية النظرية، إلا أنه لا توجد في ألمانيا أية مطالب بهذا الاتجاه، فألمانيا معروفة بمواقفها العسكرية الحذرة.
فقبل التدخل العسكري في ليبيا، امتنعت ألمانيا عن التصويت في مجلس الأمن الدولي على قرار فرض حظر جوي على ليبيا، ورفضت المشاركة بأي شكل في العمليات العسكرية للتحالف الدولي ضد قوات معمر القذافي.
ويشارك الجيش الألماني منذ نهاية عام 2015 في جهود مكافحة الإرهاب في سوريا والعراق ضمن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، من خلال طائرات تورنادو الاستطلاعية، بالإضافة إلى حاملة طائرات (فرقاطة) في البحر المتوسط،ولذلك فقد تقتصر المشاركة الألمانية على الدعم، كما قالت ميركل.
ويرى المدير السابق لمعهد دراسات الشرق أودو شتاينباخ ضرورة مشاركة ألمانيا إلى جانب حلفائها في الهجوم على سوريا، وأضاف في حديث لـDWعربية: "إذا أرادت ألمانيا المساهمة في الدفع نحو حل سلميّ في سوريا، فعليها المشاركة في الهجوم الأمريكي على سوريا والذي ليس سوى ورقة ضغط على روسيا للعودة إلى مسار جنيف".
الكاتب: محي الدين حسين
عقود من التدخلات العسكرية الغربية في الشرق الأوسط.. ما النتائج؟
شهدت منطقة الشرق الأوسط وعلى مدى عدة عقود تدخلات عسكرية من دول غربية. ورغم رفع شعارات نبيلة لهذه التدخلات إلا أنها وفي الأغلب كانت لها نتائج شديدة الكارثية على أطراف مختلفة.
صورة من: picture-alliance/dpa/CPA Media/Pictures From History
حرب تحرير الكويت
كانت البداية بعملية عاصفة الصحراء. استهدفت العملية العسكرية إنهاء الاحتلال العراقي للكويت التي غزاها صدام في أغسطس / آب من عام 1990. وبعد رفض العراق للقرارات الدولية بالانسحاب من الكويت بدأت الحرب في منتصف يناير / كانون الثاني من عام 1991 من خلال تحالف غربي شمل نحو 32 دولة كان على رأسها الولايات المتحدة بجانب بريطانيا ومصر والسعودية والإمارات وإيطاليا وغيرها.
صورة من: picture-alliance/dpa/CPA Media/Pictures From History
حرب تحرير الكويت
كان من أبرز نتائج الحرب سقوط نحو مئة ألف قتيل من الجيش العراقي وتلوث إشعاعي نتيجة قصف العراق بمئات الأطنان من قذائف اليورانيوم المنضّب، وتدمير شبه كامل للبنية التحتية الكويتية وجانب كبير من البنية التحتية العراقية، كما فرض حصار دولى خانق على العراق تسبب في وفاة مئات الآلاف من الأطفال بسبب سوء التغذية وضعف الخدمات الصحية، واستقرت القوات الأمريكية في الخليج وأنشأت به عدة قواعد عسكرية.
صورة من: AP
غزو العراق وإسقاط صدام
على الرغم من تأكيدات الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن العراق لايقوم بتطوير أسلحة نووية أو أسلحة دمار شامل، ورغم المحاولات الأمريكية المتواصلة لإقناع الأمم المتحدة بالعكس من خلال صور ومستندات ثبتت فبركتها فيما بعد، قررت الولايات المتحدة العمل خارج إطار المنظومة الأممية وتنفيذ عملية عسكرية في عام 2003 للإطاحة بصدام حسين. كان التحالف الدولي مكونا من الولايات المتحدة وبريطانيا بشكل رئيسي.
صورة من: AFP/Getty Images
غزو العراق وإسقاط صدام
بعد 15 عاما من غزو العراق واسقاط النظام العراقي تبدو النتائج كارثية، حيث سقط نتيجة الغزو مئات الآلاف من العراقيين بينهم نساء وأطفال، ودمرت أغلب آثار واحدة من أقدم الحضارات الإنسانية في العالم ونهب البنك المركزي العراقي بحصيلة قدرت بحوالي 100 مليار دولار وتمزق العراق إلى مناطق نفوذ طائفي لتنشأ فيما بعد كارثة اسمها "داعش".
صورة من: picture-alliance/AP Photo
إسقاط نظام القذافي
في عام 2011 انطلقت في ليبيا إنتفاضة شعبية على نظام العقيد الراحل معمر القذافي، ومن خلال مظلة أممية قصف تحالف غربي مكون من الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا الأراضي الليبية بهدف تنفيذ منطقة حظر جوي لتقليل خطر القوات التابعة للقذافي على قوات الثوار، فما كان من القذافي إلا أن أمر بفتح مخازن الأسلحة "لتسليح الشعب لمقاومة العدوان" وتحولت ليبيا إلى حالة فوضى.
صورة من: dapd
إسقاط نظام القذافي
نتج عن التدخل العسكري الغربي في ليبيا تمزق البلاد إلى أقاليم متصارعة وأصبحت ليبا مسرحاً للصراع بين تحالفات إقليمية ودولية. على أن الأسوأ كان انتشار سلاح وذخيرة الجيش الليبي لتتلقفه أيدي الفئات المتصارعة التي كان بعضها جماعات متطرفة. لم يقف الأمر عند هذا الحد بل خرج السلاح من ليبيا ووصل إلى تنظيمات إرهابية في دول مجاورة.
صورة من: picture-alliance/dpa
الحرب على داعش
مع انهيار السلطة في العراق واشتداد الحرب الأهلية في سوريا ظهر تنظيم الدولة الإسلامية، المعروف إعلاميا بـ"داعش"، وأعلن التنظيم الإرهابي ما أسماه بـ "دولة الخلافة"التي سيطرت على مساحات واسعة من الأراضي في العراق وسوريا. في عام 2014 تشكل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة ومعها فرنسا والبحرين والأردن وقطر والسعودية والإمارات بهدف القضاء على تنظيم داعش.
صورة من: Getty Images/AFP
الحرب على داعش
وبالفعل تم القضاء على ما يسمى بـ"الدولة الإسلامية" بعد فظاعات هائلة ارتكبها ليس فقط في حق أتباع الطوائف والديانات الأخرى وإنما في حق مسلمين أيضاً. على أن هزيمة التنظيم أدت إلى تشتت قواته وتفرقها بين الدول المختلفة لتبدأ في تشكيل جيوب لخلايا إرهابية شكلت تهديداً محدقاً بأمن هذه الدول.
صورة من: Imago/ZUMA Press
سوريا.. المأساة المستمرة
في فبراير / شباط من عام 2011 بدأت الثورة السورية بشكل سلمي، لكن النظام السوري واجهها بعنف شديد ما سمح لأطراف داخلية وخارجية بتحولها لحرب أهلية، لتبدأ واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث. ذهل العالم من صور لآف الجثث لسوريين قضوا جوعاً أو تحت التعذيب في أقبية السجون السورية. لكن الغضب الدولي تصاعد مع تواتر الأنباء عن استخدام الجيش السوري للأسلحة الكيماوية ما أدى لمقتل مئات المدنيين.
صورة من: AP
سوريا.. المأساة المستمرة
نفي النظام السوري استخدامه لأسلحة كيماوية ودعمته موسكو بفيتو متكرر في مجلس الأمن، ما جعل واشنطن تبدأ في تشكيل تحالف خارج نطاق الأمم المتحدة لتوجيه ضربات عسكرية للنظام السوري والميليشيات الإيرانية، كان أبرزها ضربة أمريكية في أبريل 2017 على قاعدة الشعيرات قرب حمص. وجددت واشنطن تهديدها بضربة إنتقامية ردا على هجوم كيماوي مفترض بدوما، وسط مخاوف شديدة من مواجهة عسكرية مع روسيا أبرز لاعب عسكري في سوريا.