1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ما هو القاسم المشترك بين "مواطني الرايخ" واليمين المتطرف؟

٢٦ ديسمبر ٢٠٢٢

منذ بداية أزمة كورونا تزداد شعبية أصحاب "نظرية المؤامرة"، ومن بينهم "مواطنو الرايخ". وهو ما دق ناقوس الخطر لدى الأجهزة الأمنية حيث تراقب الآن هيئة حماية الدستور هذه الجماعة وأقرانها عن كثب. فمن هم هؤلاء وكيف يبدو المشهد؟

أحد أعضاء حركة مواطني الرايخ يرفع علم الإمبراطورية في مظاهرة أمام السفارة الأمركية في برلين 02.10.2020
تتقاطع العديد من الجماعات اليمينية المتطرفة مع حركة "مواطني الرايخ" أيديولوجيا في رفضها النظام الديمقراطي في ألمانياصورة من: Marc Vorwerk/SULUPRESS/picture alliance

من هم "مواطنو الرايخ" ومع من وأي جماعات يمينية يتقاطعون معها أيديولوجيا؟ فيما يلي نظرة على المشهد اليميني المتطرف في ألمانيا.

"مواطنو الرايخ" و"الإدارة الذاتية"

لا يوجد شيء محدد اسمه "مواطنو الرايخ"، وإنما هم مجموعة غير متجانسة من المواطنين الألمان يجمعهم رفض جمهورية  ألمانيا الاتحادية  ونظامها الديمقراطي الأساسي.

بعضهم يشيرون إلى استمرار وجود الإمبراطورية الألمانية بحدودها التي تعود لعام 1871. وينظرون إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية بدستورها الحالي، ككيان إداري يحكمه الحلفاء الغربيون الذين انتصروا في الحرب العالمية الثانية.

والبعض الآخر ينأى بنفسه عن الجمهورية الاتحادية، ويحاول إقامة "دولته الخاصة" أو حتى "إمبراطوريته" بقوانينها الخاصة التي تتعارض مع القانون الأساسي (الدستور) المعمول به حاليا في ألمانيا. بل وإصدار وثائقه الخاصة به مثل البطاقة الشخصية وجواز السفر ورخصة القيادة، طبعا كلها وثائق غير صالحة وغير معترف بها.

كما تدعي مجموعة من حركة "مواطني الرايخ" أن ألمانيا فقدت سيادتها الوطنية، وتتخيل هذه المجموعة نفسها تعيش في منطقة يهيمن عليها الألمان "البيض"!

عام 2021 قدرت هيئة حماية الدستور (المخابرات الداخلية)، مجموع عدد أعضاء حركة "مواطني الرايخ" بـ 21 ألف شخص، 5 بالمائة منهم تم تصنيفهم ضمن اليمينيين المتطرفين المستعدين لاستخدام العنف. 

وأول شيء يربط "مواطني الرايخ" بالتطرف اليميني هو أيديولوجية المؤامرة، وهنا يمكن أن نجد سلسلة كاملة من أشكال التفسير  المعادي للسامية . وروايات المؤامرة الأكثر انتشارا هنا، هي تلك المتعلقة بالدولة العميقة، أي حكومة الظل التي تبني في الخفاء هياكل السلطة. ومن يتحكمون بذلك ـ حسب اصحاب نظرية المؤأمرة هذه ـ هم اليهود، الذين يُزعم أنهم يديرون مؤامرة عالمية في الخفاء.

وتعتبر معاداة السامية وإنكار المحرقة ، محور أيديولوجية المؤامرة التي يؤمن بها "مواطنو الرايخ". ورفض دولة ألمانيا الحديثة ودستورها يتوافق مع أيديولوجية اليمين المتطرف التقليدي المنظم منذ عام 1945. والهدف الرئيسي لها هو إحياء وإعادة بناء الإمبراطورية الألمانية بأحزابها ومنظماتها كما كانت قبل عام 1945.

وتؤكد هيئة حماية الدستور أن حركة "مواطني الرايخ" لها صلة بالسلاح، وهو ما أثبته العثور على كميات كبيرة من الأسلحة خلال عمليات المداهمة. ومنذ عام 2016 حين أطلق أحد أفراد الحركة النار على شرطي، تحاول السلطات الأمنية تجريد أفراد الحركة من السلاح.

وخلال عمليات مداهمة واسعة جرت بداية شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري، اكتشفت الشرطة مجموعة مسلحة تنتمي لحركة "مواطني الرايخ"، ويرجح أنها كانت تخطط لإسقاط الدولة الألمانية. ومنذ ذلك الحين هناك جدل واسع حول الحركة، خاصة وأن بين من ألقي القبض عليهم في تلك المجموعة، ضابط سابق في الجيش الألماني من القوات الخاصة، وبرلمانية سابقة في البوندستاغ من  حزب "البديل من أجل ألمانيا"  اليميني الشعبوي.

الرفض يجمع "مواطني الرايخ" مع أصحاب "التفكير الجانبي"

صورة مشابهة لحركة "مواطني الرايخ" نجدها لدى من يعرفون بأصحاب "التفكير الجانبي"، حيث هم أيضا يرفضون إجراءات الحكومة لمكافحة وباء كورونا. وحركة "التفكير الجانبي" أيضا غير متجانسة، وتشارك جزءا من حركة "مواطني الرايخ" في العداء للنظام الديمقراطي الأساسي في جمهورية ألمانيا الاتحادية ورفض القبول بممثلي الدولة.

ومع بداية وباء كورونا التقى "مواطنو الرايخ" مع المؤمنين بأيديولوجية المؤامرة من أصحاب "التفكير الجانبي". ويؤمن هؤلاء بروايات نظرية المؤامرة السائدة، مثل مزاعم حكم اليهود للعالم، والادعاء بأن "نخبة عالمية" سياسية واقتصادية تسعى لإقامة ديكتاتورية عالمية.

اقتحم مئات المحتجين ضد إجراءات مكافحة كورونا وبينهم أعضاء من حركة "مواطنو الرايخ" درج مبنى البرلمان الألماني وحاولوا دخولهصورة من: JeanMW/imago images

ويتكرر كشف اتصالات بين اليمين المتطرف و"مواطني الرايخ"، وبالمقابل يحاول الوسط اليميني المتطرف التأثير على حركة الاحتجاج لكسب مؤيدين جدد. ولهذا يشارك دائما يمينيون متطرفون في الاحتجاجات أو يدعون هم إلى الاحتجاج.

في نهاية آب/ أغسطس عام 2020 شارك حوالي 40 ألف شخص في احتجاجات ضد إجراءات مكافحة كورونا بأماكن مختلفة في برلين. واستطاع حوالي 400 شخص من المحتجين تجاوز حواجز الشرطة واقتحام درج مبني البرلمان حيث رفع بعضهم أعلام الإمبراطورية بألوانها الأسود والأبيض والأحمر. وقد تمكنت الشرطة من منع اقتحامهم لمبنى البرلمان والدخول إليه، وبعد عدة ساعات تمكنت من إبعاد هؤلاء عن درج المبنى أيضا.

ومنذ أبريل/ نيسان 2021 يخضع أشخاص محددون ومجموعات من حركة التفكير الجانبي لرقابة هيئة حماية الدستور أي المخابرات الداخلية.

تصنيف خاص لأعداء الدستور

من أجل تصنيف الحركة الاحتجاجية ضد إجراءات كورونا وجماعاتها المختلفة بشكل أفضل، أنشأت المخابرات الداخلية عام 2021 تصنيفا جديدا عنوانه غير الرسمي "الحماية الدستورية المتصلة بنزع شرعية الدولة". "ومن يصنفون ضمن هذه الفئة يهدفون إلى إبطال المبادئ الدستورية الأساسية أو إعاقة قدرة الدولة ومؤسساتها على العمل بشكل كبير"، حسب ما جاء في تقرير هيئة حماية الدستور لعام 2021، والتي صنفت ضمن هذه الفئة حركتي "التفكير الجانبي" و "مواطنو الرايخ".

وإلى جانب حركتي "مواطنو الرايخ" و"الإدارة الذاتية" تضم قائمة المراقَبين من قبل هيئة حماية الدستور لعام 2021 ناشطين من اليمين واليمين المتطرف. وقد لحق بعضهم بركب منكري وباء كورونا ويحاولون استغلال رواياتهم وتوظيفها لمصلحتهم.

"حركة الهوية" اليمينية المتطرفة تركز على الشباب المتعلمين من الطبقة الوسطى ويقدر عدد أعضائها بنحو 500 عضو وهي في تراجعصورة من: Sachelle Babbar/Zumapress/picture alliance

"حركة الهوية" في ألمانيا

تعود "حركة الهوية" بالأصل إلى فرنسا، وترفع مزيجا من الشعارات التقليدية المعادية للهجرة والإسلام مع مزيج من الفعاليات الإعلامية المؤثرة ونمط حياة عصري. وتستهدف بالدرجة الأولى الشباب المتعلمين من الطبقة الوسطى.

ولكن الحركة في تراجع ويقدر عدد أعضائها في ألمانيا بنحو 500 عضو. مع العلم أن مقاطع الفيديو التي تنتجها الحركة وتنشرها على منصات التواصل الاجتماعي ويوتيوب تصل إلى جمهور واسع. وقد اشتهرت الحركة من خلال أعمال الشغب في الجامعات وأمام المقار الرئيسية للأحزاب في برلين ومن خلال حملاتها المعادية للاجئين. ويحاول ناشطو وممثلو "حركة الهوية" الظهور بمظهر فكري ودود لجعل مطالبهم اليمينية المتطرفة منتشرة ومقبولة من المجتمع الوسطي

وحسب هيئة حماية الدستور، فإن "حركة الهوية" أيضا ترفض الديمقراطية القائمة في ألمانيا. وترفض حصول المهاجرين على الجنسية الألمانية، لذلك تصنف المخابرات الداخلية الحركة كمجموعة يمينية متطرفة. والعديد من أعضائها مرتبطون بحزب "البديل من أجل ألمانيا"، ومنذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2022 يسمح لهيئة حماية الدستور بمراقبة "حركة الهوية".

معهد سياسة الدولة

كذلك مركز الأبحاث اليميني الجديد وبرنامجه الذي وضعه مؤسسه غوتس كوبيتشك، ترى هيئة حماية الدستور أن "لديه مؤشرات على معاداة النظام الديمقراطي الأساسي".

يلتزم المعهد بمفهوم التعدد العرقي، وهو تصور عنصري للعالم من قبل اليمين الجديد ويسعى ممثلوه إلى التجانس الثقافي للدول والمجتمعات على أساسي "عرقي". ويعد المعهد حالة يمينية متطرفة مشتبه بها لدى هيئة حماية الدستور، لذلك يمكن استخدام الوسائل الاستخباراتية ضده.

"جمعية واحد بالمائة"!

تأسست "جمعية 1 بالمائة" عام 2015 باسم جمعية "1 بالمائة من أجل بلدنا"، وقدمت نفسها بمثابة "غرينبيس ألمانيا" من أجل جمع التبرعات لدعم الفعاليات المناهضة لسياسة الحكومة الألمانية للهجرة. وتحاول الجمعية بالدرجة الأولى التأثير على الجدل بين الرأي العام، حسب هيئة حماية الدستور، وعلى أجندتها الأيديولوجيا المعادية للمهاجرين والمسلمين.

وفي منشوراتها تربط الجمعية بشكل غير صحيح بين الهجرة والجريمة، وترفض اللاجئين من الدول العربية بشكل أساسي ولا ترى أن هناك أسبابا شرعية لنزوحهم. وهذه الجمعية أيضا مشتبه بها لدى هيئة حماية الدستور.

PI-NEWS

مدونة "Politically Incorrect" التي تعرف اختصارا بـ PI-NEWS تسلك خطا إيديولوجيا مماثلا جوهره الادعاء بـ "أسلمة" و"تغيير سكان" ألمانيا. وتصور المهاجرين المسلمين خاصة كمجرمين وعدوانيين وخطرين.

كما تنشر المدونة الدعاية للمنظمات اليمينية الأخرى، وتدعي بأن لديها 150 ألف زائر لموقعها كل يوم. ومنذ عام 2021 تراقبها هيئة حماية الدستور عن كثب.

مجلة كومباكت

مجلة كومباكت "COMPACT-Magazin" تنظم الفعاليات ولديها موقع إلكتروني واسع. وفي معظم منشوراتها تهاجم النظام السياسي في ألمانيا بشكل عام والحكومة بشكل خاص.

وتستغل المجلة نظريات المؤامرة للتحريض ضد الحكومة الألمانية. وأطروحتها تتمثل في أن نخبة مالية عالمية تخطط لنظام اقتصادي عالمي جديد، ومن أجل ذلك تستخدم من بين وسائل أخرى وباء كورونا. وفي عام 2021 صنفت هيئة حماية الدستور شركة Compact GmbH على أنها يمينية متطرفة.

وبشكل عام، الحركات التي تقدم نفسها كحركات مناهضة لإجراءات مكافحة كورونا والنظام الديمقراطي، ازدادت قوة خلال الجائحة. وفي نفس الوقت استغل اليمين المتطرف هذه الديناميكية لنشر أيديولوجيته بشكل أوسع في المجتمع.

آنه هوين/ عارف جابو

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW