تسمح اتفاقية شنغن بالتنقل بحربة بين 26 دولة أغلبها أعضاء في الاتحاد الأوربي، لكن بعض الدول أعادت الرقابة على حدودها بسبب أزمة اللاجئين وخطر الإرهاب، ماذا يعني ذلك للاجئين، وهل يُسمح لهم أيضا التنقل بحرية كغيرهم؟
إعلان
دخلت اتفاقية شنغن حيز التنفيذ في 26 آذار/ مارس عام 1995، أخذت اسمها من بلدة "شنغن" الصغيرة في لوكمسبورغ حيث تم توقيع الاتفاقية بتاريخ 14 حزيران/ يونيو 1985 من قبل خمس دول ( ألمانيا، فرنسا، بلجيكا، هولندا، لوكسمبورغ). وكانت الحدود بين الدول الأوروبية قبل العمل بالاتفاقية، تخضع لحراسة ورقابة شديدة ويتم فحص جوازات السفر على المعابر الحدودية.
حرية التنقل
تضمن اتفاقية شنغن حرية التنقل بين البلدان الأطراف فيها، إذ لا يحتاج المرء لتأشيرة دخول ولا يخضع للتفتيش أو السؤال عن جواز سفره. غير أن الحالة الوحيدة التي يتوجب فيها إظهار وثيقة السفر في منطقة شنغن هي عند دخول أول بلد في شنغن، الذي يعرف باسم الحدود الخارجية للمنطقة، حيث يصدق جواز السفر بختم صادر عن هذا البلد الذي دخله. وعند عبور حدود إضافية داخل منطقة شنغن، لن يتم التحقق من أي وثائق، أو وضع أختام.
وحرية السفر داخل منطقة شنغن متاحة لمواطني جميع البلدان بمجرد دخولهم إلى منطقة شنغن. ولكن رغم ذلك، ينصح عند تواجدك في منطقة شنغن، بحمل جواز السفر، أو بطاقة الهوية الشخصية معك دائماً خلال تنقلك بين بلدان شنغن - كإجراء وقائي. وتضم منطقة شنغن أكثر من 400 مليون نسمة داخل حدودها.
المطالبة بانضمام بلغاريا
رغم أن دولا ليست أعضاء في الاتحاد الأوروبي، وقعت على الاتفاقية ودخلت فضاء شنغن وهي: سويسرا وليشتنشتاين والنرويج وأيسلندا، فإن دولا أخرى ضمن الاتحاد ليست ضمن دول الاتفاقية ومن بينها بلغاريا، التي تطالب بالانضمام إلى فضاء شنغن، وهو ما صرحت به مؤخرا وزيرة خارجيتها. ففي حوار مع صحيفة "دي فيلت" الألمانية، أعربت الوزيرة البلغارية التي تتولى بلادها حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي، عن رغبة بلادها بالانضمام إلى دول شنغن بأسرع ما يمكن، ودعت ألمانيا ودولا أخرى إلى إنهاء الرقابة التي فرضتها على حدودها مع أزمة اللاجئين. فمع تدفق اللاجئين إلى أوروبا بين عامي 2014 و2015، أعيد تفعيل ضوابط الحدود في بعض هذه البلدان، الأمر الذي من شأنه تشديد الرقابة على الحدود وفرض قيود أكثر على التنقل بين هذه الدول.
وصرحت وزيرة الخارجية البلغارية ايكاترينا زاخارييفا للصحيفة الألمانية، بأنه يجب أن يسمح لأعضاء منطقة شنغن بالرقابة على الحدود حتى شهر مايو/ أيار، تاريخ انتهاء التمديد الحالي، بعد أزمة اللاجئين. وأضافت بأنه سيكون من "المفيد جداً" عدم تمديد الضوابط بعد ذلك، وخصوصاً في ألمانيا والنمسا والدانمارك والسويد والنروج.
وأوضحت زاخارييفا أن الحدود داخل منطقة شنغن يجب أن تكون مفتوحة كي لا يؤثر ذلك سلباً على الاقتصاد. وفي الوقت نفسه، طالبت بأن توافق دول الاتحاد الأوروبي بنهاية العام الحالي على انضمام بلادها إلى منطقة شنغن، مؤكدة أن بلغاريا استوفت كافة الشروط المطلوبة وتستحق الانضمام إلى الاتفاقية مثل رومانيا، وقالت: "إننا نقوم بالكثير لتأمين الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي بنجاح".
تأثير أزمة اللاجئين على حرية التنقل
قامت العديد من الدول الأعضاء في فضاء شنغن نتيجة لأزمة اللاجئين، بتعزيز الرقابة على الحدود بشكل روتيني. ومع تدفق أكثر من مليون لاجئ إلى أوروبا عام 2015، أغلقت ألمانيا مؤقتاً حدودها مع النمسا بهدف السيطرة بشكل أفضل على هذا التدفق.
وينص اتفاق شنغن على السماح للدول الأعضاء بإعادة تطبيق عمليات الرقابة والتفتيش الحدودية بشكل مؤقت لمدة تصل إلى 6 أشهر لأسباب أمنية، كما يمكن تمديدها إلی عامین عند مواجھة تحدیات کبیرة - مثل أزمة اللاجئين. ومن ناحية أخرى، تأمل المفوضية الأوروبية بإنهاء التمديد مع انخفاض تدفق المهاجرين الملحوظ خلال العام الماضي.
غير أن بعض الدول الأعضاء قد تواصل تمديد مراقبة الحدود لمدة تصل إلى 3 سنوات، إذ لعبت المخاوف من تزايد الإرهاب دوراً هاماً في هذا الصدد. فبعد مقتل 130 شخصاً في اعتداءات باريس الإرهابية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، أدخلت فرنسا ضوابط على الحدود لحالات الطوارئ.
وكانت ألمانيا قد قررت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي تمديد الضوابط الرقابية على الحدود لمدة 6 أشهر أخرى. وكان وزير الداخلية الالماني توماس دي ميزيير قد أشار إلى "الوضع الأمني المتوتر" نتيجة "الهجمات الإرهابية المأساوية". ومؤخرا أشار وزير داخلية ولاية بافاريا، يواخيم هيرمان، إلى استمرار الرقابة والضوابط إلى ما بعد أيار/ مايو، أي تمديدها مجددا.
في حين قال ديميتريس افراموبولوس المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة واللجوء في أكتوبر 2017، منتقدا اقتراحات تمديد الرقابة الحدودية "عندما تموت اتفاقية شينغن، تموت أوروبا".
السفر في أوروبا كلاجئ؟
أما بالنسبة اللاجئين فإنهم غالبا ما يحصلون في البداية على تصريح إقامة مؤقت حتى البت في طلب لجوئهم. لكن هذا التصريح لا يسمح لهم بالتنقل بين دول منطقة شنغن، ومن غير القانوني أن يسافر اللاجئون إلى بلد آخر من بلدان شنغن، الأمر الذي قد ينعكس سلباً على طلب اللجوء خاصة إذا ما تبين وجود تجاوزات لهذه القواعد.
لكن بمجرد منحهم حق اللجوء، بإمكانهم السفر والتنقل بحرية بين جميع دول منطقة شنغن باستخدام وثائق اللجوء الخاصة بهم. ففي ألمانيا، على سبيل المثال، عندما يمنح اللاجئ حق اللجوء، يحصل على جواز سفر أزرق يسمح له بالتحرك بحرية ضمن منطقة شنغن.
مآسي المتوسط.. مقبرة الأحلام والهاربين بحثاً عن الحياة
يعرّف البحر الأبيض المتوسط بمقبرة الأحلام، حيث ابتلع المتوسط المئات من المهاجرين الحالمين بالوصول إلى شواطئ أوروبا عبر قوارب الموت. معرض صور يوثق لأكثر حوادث الغرق مأساوية منذ حادثة لامبيدوزا عام 2013.
صورة من: picture-alliance/dpa
في 21 شباط/ فبراير 2017 عُثر على 74 جثة لمهاجرين جُرفت إلى الشواطئ الليبية شمالي غربي مدينة الزاوية، حيث لقوا حتفهم بعد غرق المركب الذي كانوا يحاولون العبور به إلى أوروبا. وظهر صف طويل من أكياس الجثامين البيضاء والسوداء على الشاطئ، في صور نشرها فرع الزاوية للهلال الأحمر الليبي على صفحته على فيسبوك.
صورة من: picture alliance/AP Photo/IFRC/M. Karima
اعتبر في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 حوالي 100 شخصا في عداد المفقودين بعد يوم من غرق قارب يحمل مهاجرين غير شرعيين قبالة السواحل الليبية، وفي 11 تشرين الثاني/ نوفمبر أعلنت مجموعات إنسانية دولية ما يقارب 250 شخصاً في عداد المفقودين ويخشى أنهم ماتوا غرقاً وذلك إثر تحطم سفينة جديدة في المتوسط. وفي 17 تشرين الثاني/نوفمبر وخلال حوالي 48 ساعة تحطمت أربع سفن ما أدى لغرق 340 مهاجراً.
صورة من: Reuters/Marina Militare
تم العثور على جثث 26 مهاجراً قبالة السواحل الليبية في الثالث والعشرين من شهر حزيران/يوليو 2016، وفي 21 أيلول/سبتمبر من العام نفسه انقلب قارب يحمل مئات المهاجرين قبالة مدينة رشيد الساحلية المصرية، حيث بلغ عدد القتلى 164 شخصاً وهم عدد الذين تمكنت فرق الإنقاذ من انتشالهم خلال الأيام التالية.
صورة من: Getty Images/AFP/M. El Shahed
كانون الثاني/يناير 2016 شهد غرق أكثر من 30 مهاجراً في حادثتي انقلاب زورقين بشكل منفصل، وفي 26 أيار/مايو تم فقدان 20-30 شخص يعتقد أنهم لقوا حتفهم غرقاً قرب السواحل الليبية، وفي 31 أيار/مايو تم العثور على حطام إحدى السفن التي تقل مهاجرين وسط المتوسط بين شمال أفريقيا وإيطاليا، والتي تعود لأحد السفن الثلاثة التي تحطمت وأودت بحياة حوالي 1000 مهاجر، خلال أسبوع تقريباً.
صورة من: AP
العاشر من حزيران/يوليو 2015 شهد غرق أكثر من 20 مهاجراً بعد أن انقلب قاربهم وتحطم أثناء توجهه من تركيا إلى اليونان. وفي 14 من الشهر نفسه تم العثور على ما يقارب 100 جثة لمهاجرين قرب سواحل مدينة تاجوراء الليبية، بحسب وسائل الإعلام. في السادس والعشرين من آب/أغسطس تم العثور على جثث 50 مهاجرا قبالة سواحل ليبيا، في حادثتين منفصلتين، وفقا لتقارير مجموعة تعنى بشؤون المهاجرين مقرها جزيرة مالطة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Solaro
شهر أيار/مايو 2015 شهد إعلان نهاية عمليات البحث التي استمرت لمدة 34 أسبوع وتم من خلالها إنقاذ حياة حوالي 7000 مهاجر، كما تم الإعلان في نفس اليوم عن غرق 10 مهاجرين على الأقل، فيما أفادت منظمة "أنقذوا الطفولة" بعد يومين أن عدد الذين لقوا حتفهم يزيد عن 40 في ذلك اليوم.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
وفي 19 نيسان/أبريل 2015 تم الإعلان عن اختفاء ما يقارب 700-950 شخص، ويخشى أنهم لقوا حتفهم غرقاً على بعد 200 إلى الجنوب من جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، فيما تم إنقاذ 28 شخصاً فقط، وانتشال 24 جثة بعد ما يقارب 24 ساعة. وبعد يوم واحد أي في العشرين من نيسان/أبريل تمكنت عناصر خفر السواحل اليونانية من إنقاذ 83 شخصاً وانتشال 3 جثث إثر انقلاب قارب للمهاجرين وتحطمه قرب جزيرة رودس اليونانية.
صورة من: Getty Images/A. Koerner
في 11 شباط/فبراير 2015 أعلنت وكالة اللاجئين في الأمم المتحدة أن أكثر من 330 مهاجرا لقوا حتفهم إثر 4 حوادث غرق منفصلة في المتوسط قبالة جزيرة لامبيدوزا الإيطالية. في حين أعلنت منظمة "أنقذوا الطفولة" في الخامس عشر من نيسان/إبريل أن ما يقارب 400 شخص في عداد المفقودين بعد حادثة غرق قارب كان يحمل 550 شخصاً قبالة سواحل ليبيا في 12 نيسان/إبريل، بينما تم إنقاذ 144 شخص كانوا على متن القارب، وانتشال 9 جثث.
صورة من: picture alliance/AP Photo/E. Morenatti
في الرابع من كانون الأول/ديسمبر 2014 عثر خفر السواحل الإيطالي على 16 جثة تعود لمهاجرين كانوا على متن زورق صغير المهاجرين على بعد 75 كيلومترا من ليبيا وعلى بعد 185 كيلومترا عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.
صورة من: picture-alliance/ROPI
أعلنت منظمة الهجرة العالمية في 15 أيلول/سبتمبر 2014 عن غرق 700 شخص، وقالت المنظمة إن حوالي 500 من الغرقى قتلوا بحادثة غرق متعمد من قبل تجار البشر حيث قاموا بإغراق قارب كان على متنه حوالي 500 شخص كان متوجهاً إلى أوروبا من مصر. في حين لم تكن الذكرى السنوية الأولى لحادثة لامبيدوزا أقل مأساوية إذ تم في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر 2014 انتشال جثث 130 مهاجراً في حادثتي غرق سفينتين قرب الساحل الليبي.
صورة من: picture alliance/AP Photo/E. Morenatti
في الثاني عشر من أيار/مايو 2014 لقي 40 مهاجراً على الأقل حتفهم بعد غرق سفينة في المياه المفتوحة بين ليبيا وإيطاليا. وفي 2 حزيران/يوليو تمكنت القوات الإيطالية من انتشال 45 جثة من قارب مهاجرين غرق قبل ثلاثة أيام. بينما سجل الخامس والعشرون من شهر آب/أغسطس رقماً مأساوياً جديداً إذ عثر على 220 جثة مهاجر غرقوا في ثلاثة حوادث غرق لسفن وقوارب بين السواحل الليبية والإيطالية.
صورة من: picture-alliance/AA/H. Erdinc
في العشرين من كانون الثاني/يناير 2014 لقي 9 أطفال وثلاث نساء حتفهم غرقاً خلال محاولة خفر السواحل اليوناني سحب قارب للمهاجرين بالقرب من جزيرة فارماكونيزي اليونانية إلى الشاطئ. وفي السادس من شباط/ فبراير تم الإبلاغ عن 5 جثث تعود لمهاجرين حاولوا السباحة قرب سبتة الاسبانية على السواحل الإفريقية الشمالية.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
في الثالث من شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2013 غرق قارب للمهاجرين بالقرب من جزيرة لامبيدوزا جنوب إيطاليا، فيما اعتبر أعنف حادث بحري في تاريخ أوروبا الحديث. وتم العثور على 366 جثة وبقي أكثر من هذا العدد في عداد المفقودين. وفي الحادي عشر من أكتوبر/تشرين الأول غرق قارب في مياه المتوسط قرب مالطة وتمكنت القوات الإيطالية والمالطية من إنقاذ 186 شخص في حين بقي حوالي 200 شخص في عداد المفقودين.