ما هي صلاحيات إقليم الصحراء الغربية في خطة الحكم الذاتي؟
عارف جابو أ ف ب
١ نوفمبر ٢٠٢٥
يقترح المغرب منح الصحراء الغربية حكما ذاتيا تحت سيادته "في إطار وحدته الترابية"، كحل وحيد لإنهاء النزاع القائم منذ العام 1975 مع جبهة بوليساريو التي تطالب باستقلال الإقليم مدعومة. فماذا تتضمن خطة المغرب للحكم الذاتي؟
هل ينهي قرار مجلس الأمن ودعمه خطة المغرب للحكم الذاتي النزاع المستمر في الصحراء الغربية منذ نصف قرن؟صورة من: Mosa'ab Elshamy/AP Photo/picture alliance
إعلان
عرض المغرب "مبادرته للتفاوض بشأن نظام للحكم الذاتي لجهة الصحراء" في أبريل/ نيسان 2007، استجابة لدعوات مجلس الأمن الدولي الذي يتولى النظر في هذا النزاع، بغرض التوصل إلى "حل سياسي نهائي" له.
وصوّت مجلس الأمن الدولييوم الجمعة (31 تشرين الأول/ أكتوبر 2025) ، وبمبادرة من الولايات المتحدة، لصالح دعم خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية، معتبرا أنها الحل "الأكثر واقعية" للإقليم المتنازع عليه، رغم معارضة الجزائر.
لكن جبهة البوليساريو والجزائر يرفضان حتى الآن هذا المقترح. والمشروع الذي يقترحه المغرب ليس نهائيا، بل يعرض التفاوض حوله مع جبهة بوليساريو، لكن الأخيرة ترفض المشروع، مؤكدة على المطالبة بإجراء استفتاء لتقرير مصير المنطقة، نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الطرفين العام 1991 برعاية الأمم المتحدة دون أن تنجح في إجرائه.
يسيطر المغرب على الجزء الأكبر من المنطقة، ويعتبرها جزءا من أراضيه قبل أن تخضع للاستعمار الإسباني أواخر القرن 19، ويؤكد أن سيادته عليها "لن تكون أبدا مطروحة فوق طاولة المفاوضات".
صلاحيات سيادية
ينص مشروع الحكم الذاتي على نقل جزء من صلاحيات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية إلى "جهة الحكم الذاتي للصحراء"، ليدبر سكانها "شؤونهم بأنفسهم" "بشكل ديموقراطي"، بينما تحتفظ الرباط بصلاحياتها المركزية "في ميادين السيادة، لا سيما الدفاع والعلاقات الخارجية".
إعلان
تمارس جهة الحكم الذاتي، حسب الخطة، اختصاصاتها التنفيذية من خلال "رئيس حكومة ينتخبه البرلمان الجهوي، وينصبه الملك". بينما يتكون البرلمان الجهوي من أعضاء "منتخبين من طرف مختلف القبائل الصحراوية"، وآخرين "منتخبين بالاقتراع العام المباشر من طرف مجموع سكان الجهة".
وينوه المشروع إلى أنه "يجب أن تكون القوانين التشريعية والتنظيمية والأحكام القضائية الصادرة عن هيئات الحكم الذاتي للصحراء، مطابقة لنظام الحكم الذاتي في الجهة، وكذا لدستور المملكة".
تختص مؤسسات الإقليم عموما بتدبير ميزانيتها الخاصة والجبايات المحلية، وشؤون التنمية الاقتصادية والبنى التحتية والخدمات الاجتماعية.
في المقابل، تحتفظ الدولة المركزية بالصلاحيات السيادية، مثل الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية، فضلا غن مقومات السيادة مثل العلم والنشيد الوطني والعملة.
تؤكد الرباط أن هذا المشروع "فرصة حقيقية من شأنها أن تساعد على انطلاق مفاوضات، بهدف التوصل إلى حل نهائي لهذا الخلاف (...) على أساس إجراءات توافقية، تنسجم مع الأهداف والمبادئ التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة".
وتعرض الصيغة النهائية التي تأمل المملكة أن تفرزها المفاوضات، "على السكان المعنيين بموجب استفتاء حر، ضمن استشارة ديموقراطية". وتصدر المملكة المغربية "عفوا عاما"، بعد نزع سلاح المقاتلين في جبهة البوليساريو.
التمسك بحق تقرير المصير
وكانت جبهة البوليساريو تطالب منذ عقود باستفتاء برعاية الأمم المتحدة لتقرير مصير الإقليم. وكان يفترض إجراء الاستفتاء في العام 1991 بعد توقيع وقف إطلاق النار. لكنه لم يحصل.
وأكدت جبهة البوليساريو مرة أخرى "تمسك الشعب الصحراوي القوي بحقه غير القابل للمساومة في تقرير المصير والاستقلال". جاء ذلك في بيان أصدرته الجبهة في ساعة متأخرة ليلة أمس الجمعة على موقعها الإلكتروني عقب تبنى مجلس الأمن للقرار 2797 لعام 2025 والذي قرر بموجبه تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) حتى 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2026 .
وقال البيان "في الوقت الذي جددت فيه جبهة البوليساريو استعدادها الدائم للتعاطي البناء مع المسار السلمي الذي ترعاه الأمم المتحدة في الصحراء الغربية، أكدت أيضا أنها لن تكون طرفا في أي عملية سياسية أو مفاوضات تقوم على أي مقترحات" تهدف إلى إضفاء الشرعية على الاحتلال العسكري المغربي غير الشرعي للصحراء الغربية وحرمان الشعب الصحراوي من حقه غير القابل للتصرف وغير القابل للمساومة أو التقادم في تقرير المصير والسيادة على وطنه".
أما العاهل المغربي محمد السادس فوصف دعم مجلس الأمن الدولي لخطة بلاده للحكم الذاتي في الصحراء الغربية بأنه "تحوّل تاريخي" في مسار هذا الصراع المستمر منذ عقود. وقال في خطاب مساء الجمعة "نبدأ، بعون الله وتوفيقه فتحا جديدا في مسار ترسيخ مغربية الصحراء، والطي النهائي لهذا النزاع المفتعل، في إطار حل توافقي، على أساس مبادرة الحكم الذاتي".
تحرير: ابتسام فوزي
الصحراء الغربية ـ خمسة عقود من النزاع.. فهل بات الحل وشيكًا؟
منذ 5 عقود لم يتوقف الصراع في الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر. ومؤخرا ظهرت مؤشرات على اختراق نحو الحل أبرزها تصويت مجلس الأمن لصالح خطة الحكم الذاتي المغربية. ملف صور عن مسار النزاع.
صورة من: picture alliance/UPI
الصحراء الغربية.. ميدان الصراع
تعتبر الأمم المتحدة الصحراء الغربية منطقة متنازعا عليها، تبلغ مساحتها 266 ألف كلم متربع، ومدينة العيون هي كبرى حواضرها. عام 1991 صدر قرار من الأمم المتحدة بإجراء استفتاء لتقرير مصير الإقليم، كما نص القرار على وقف إطلاق النار الساري بين الطرفين. تعثر الاستفتاء رغم تكليف ثمانية مبعوثين خلال ثلاثة عقود ونصف. سنة 2007 عرض المغرب مبادرة الحكم الذاتي تحت سيادته باعتباره حلا وحيدا للنزاع.
صورة من: Darrin Zammit Lupi/REUTERS
المسيرة الخضراء
مباشرة إثر قرار إسبانيا الانسحاب من مستعمرتها السابقة الصحراء الغربية، وتوقيع ما يعرف باتفاقية مدريد بين المغرب وإسبانيا وموريتانيا. أمر الملك الراحل الحسن الثاني بتنظيم المسيرة الخضراء التي شارك في فيها 350 ألف مغربي يوم 6 نوفمبر تشرين ثاني 1975. ومنذ ذلك التاريخ يبسط المغرب نفوذه على معظم الإقليم.
صورة من: picture alliance/UPI
البوليساريو.. التأسيس والداعمون
تأسست في 10 مايو/أيار 1973، ولقيت دعما غير محدود من النظام الليبي، واحتضانا من الجزائر التي سمحت لها بإقامة مخيماتها في ولاية تيندوف جنوبا. خاضت الجبهة منذ عام 1976 حروبا ضد المغرب. توقفت الحرب بين الجبهة والمغرب عام 1991، عقب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتنظيم استفتاء تقرير المصير برعاية الأمم المتحدة مع التوجه لاحقا للبحث عن حلول سياسية للنزاع.
صورة من: Ryad Kramdi/AFP/Getty Images
رفض مقترحات حلول أممية
اقترحت الأمم المتحدة عدة حلول، لكن البوليساريو ترفض الانضمام للمغرب، والمملكة ترفض الانفصال. فشل الاستفتاء بسبب عدم الاتفاق على من يحق له المشاركة فيه. وقدم ممثل الأمين العام جيمس بيكر خيار الحل الثالث القائم على منح الصحراء حكما ذاتيا بإدارة مغربية، لكن الجبهة والجزائر رفضتا. عام 2002 طرح كوفي عنان خيار التقسيم كحل رابع، عبر احتفاظ المغرب بالثلثان وللبوليساريو بالثلث، وهو ما رفضه المغرب.
صورة من: Fadel Senna/AFP
اختراق دبلوماسي؟
يُرجَّح أن ملف الصحراء الغربية ومعه عقود من النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو، والتوتر بين المغرب والجزائر، الداعمة البوليساريو، يتجه نحو اختراق دبلوماسي غير مسبوق. إذ صرح ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط يوم 20 أكتوبر 2025، أن فريقا يعمل على إنجاز "اتفاق سلام" بين المغرب والجزائر. وأضاف أنه "سيتم التوصل إلى صفقة خلال 60 يوما".
صورة من: Carlos Barria/REUTERS
مجلس الأمن يصوت لصالح خطة المغرب للحكم الذاتي
صوّت مجلس الأمن الدولي يوم 31 اكتوبر تشرين أول 2025 لصالح دعم خطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية، معتبرا أنها "قد تمثل الحل الأكثر واقعية" للإقليم المتنازع عليه، داعيا جميع الأطراف إلى الانخراط في مفاوضات بناء على هذه الخطة.
وصوت لصالح القرار 11 دولة، فيما أمتنعت روسيا والصين وباكستان عن التصويت، بينما لم تصوت الجزائر. كما جدد المجلس ولاية بعثة مينورسو في الصحراء الغربية لمدة عام واحد.
صورة من: Lev Radin/Pacific Press/picture alliance
إسبانيا.. تغيير جذري في موقفها من النزاع
في تغيير جذري لموقفها أعلنت إسبانيا في مارس 2022 دعم الموقف المغربي علنا، ودخول "مرحلة جديدة" في العلاقات مع الرباط، في خطوة رحبت بها المملكة ونددت بها جبهة البوليساريو والجزائر التي جمدت معاهدة الصداقة مع مدريد. واعتبرت الحكومة الإسبانية أن القرار يُدخل علاقة البلدين "مرحلة جديدة تقوم على الاحترام المتبادل، والتواصل الدائم". ووصفت صحيفة "إل موندو" الإسبانية الموقف الجديد لإسبانيا بـ "التاريخي".
صورة من: /AP Photo/picture alliance
فرنسا خطة الحكم الذاتي "الأساس الوحيد للتوصل الى حل سياسي"
نهاية يوليو/ تموز 2024، أبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، العاهل محمد السادس أن خطة الحكم الذاتي التي تقدمت بها الرباط بشأن قضية الصحراء هي "الأساس الوحيد للتوصل الى حل سياسي، عادل ومستدام ومتفاوض بشأنه، طبقا لقرارات مجلس الأمن". وتسبب الموقف الفرنسي جينها في أزمة ديبلوماسية بين فرنسا والجزائر.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/AFP/C. Archambault
روسيا تمتنع عن التصويت في مجلس الأمن
في تصريحات أشعلت الجدل مجدداً بين المغرب والجزائر، كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أكد أن "مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب يمكن أن يكون حلا ناجحا إذا حظي بموافقة الأطراف المعنية وأشرفت عليه هيئة الأمم المتحدة". وألمح إلى أن ستكون مستعدة وفق ذلك للترحيب بهذا المخطط. بيد أن موسكو أحجمت فيما بعد عن التصويت لصالح الخطة المغربية في جلسة مجلس الأمن (31 أكتوبر/تشرين أول 2025).
صورة من: Shamil Zhumatov/REUTERS
بوليساريو "مستعدة" لقبول مقترح الحكم الذاتي بشرط..
أكد القيادي في بوليساريو محمد يسلم بيسط لفرنس برس (23 أكتوبر 2025) أنه في حال تم تنظيم استفتاء واختار الصحراويون الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كما تقترح الرباط، بدل الاستقلال كما تطالب جبهته، فسيتم قبوله.
وأوضح أن "المقترح الموسع" الذي قدمته الجبهة إلى مجلس الأمن "يتضمن الخيارات الثلاثة.. والضمانات المرتبطة بها، وهي: الاستقلال والانضمام وميثاق الارتباط الحر الذي قد يشبه ما يقترحه المغرب".
صورة من: Fermin Rodriguez/NurPhoto/picture alliance