ما هي "القوارب الشبح"؟ وما علاقتها بأعداد المهاجرين الغرقى؟
١٣ فبراير ٢٠٢٤
تعرف "القوارب الشبح" بأنها القوارب التي يعثر عليها طافية في عرض البحر أو راسية على أحد الشواطئ، ولكنها تكون فارغة تماماً. وتعتبرها المنظمات غير الحكومية إشارة إلى غرق المهاجرين أثناء رحلة العبور دون العثور على جثثهم.
إعلان
"لا أحد يعرف أين هم. لقد رأينا قاربا مكتظا للغاية، يبحر وسط أمواج عالية الخميس، وهو ما أفادت به منظمة هاتف الإنذار أيضا، ومنذ ذلك الحين تبحث العديد من الجهات الفاعلة عنهم. منذ أيام ونحن نتساءل هل ما زالوا على قيد الحياة؟"، هذا ما نشرته منظمة "سي ووتش" على صفحتها على منصة (X)، أمس الإثنين.
ولا تنفك المنظمات الإنسانية تتحدث عن العثور على قوارب فارغة في عرض البحر، أو ما يعرف بـ"القوارب الشبح" (ghost boats)، وهي قوارب ترجح المنظمات أنها كانت تحمل مهاجرين قبل أن يتوهوا في البحر ويلقوا حتفهم.
"بالنسبة للسلطات، المهم أن عدد المهاجرين الوافدين آخذ في الانخفاض، أما بالنسبة لنا، فالفجوة بين المغادرين والوافدين كبيرة"
وبما أن الأرقام الرسمية لأعداد الغرقى في البحر تتطلب الاستناد على معلومات مؤكدة أو العثور على جثث المهاجرين، تلاحظ المنظمات فجوة كبيرة بين أعداد المهاجرين المغادرين للسواحل الأفريقية وأعداد الوافدين إلى السواحل الأوروبية.
وشرح خوسيه بابلو باريبار، خبير الأنثروبولوجيا الطبية الشرعية في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لمهاجرنيوز في نهاية نيسان/أبريل الماضي، أن "أعداد القوارب التي تغادر السواحل الأفريقية أكبر بكثير من القوارب التي يعثر عليها، مصير هؤلاء المهاجرين واضح، لقد اختفوا في البحر، أو عثر على قواربهم فارغة (ghost boats). بالنسبة للسلطات، المهم أن عدد المهاجرين الوافدين آخذ في الانخفاض، أما بالنسبة لنا، فالفجوة بين المغادرين والوافدين كبيرة، ومن واجبنا أن نحدد مصير هؤلاء المفقودين".
ومن المشاريع التي أطلقتها المنظمات لمتابعة هذه القوارب وإحصاء أعداد المفقودين وتحديد هوياتهم، مشروع "المهاجرين المفقودين" التابع للصليب الأحمر الإسباني. ويحاول هذا المشروع جمع أكبر قدر من المعلومات عن جثث المهاجرين التي يعثر عليها، بالإضافة إلى معلومات عن المهاجرين الذين فقدوا على طريق الهجرة، وذلك عبر الاستماع إلى شهادات الناجين وفرق الإنقاذ، فضلاً عما يمكن الحصول عليه من الجانب الآخر للمحيط، سواء من عائلات المهاجرين أو أقاربهم الذين أبلغوا عن اختفائهم.
بعد ذلك، يربط الفريق هذه المعلومات مع بعضها باستخدام برامج وتطبيقات محوسبة تسهّل التعرف على الضحايا والمفقودين، وبالتالي التواصل مع ذويهم وإبلاغهم بمصير أبنائهم، خاصة إذا ما تمكنت من مطابقة الحمض النووي للجثث مع عائلاتهم. مثل تطبيق "DIVIDOC" الذي يسجل معلومات القبور والجثث، ويسمح للشركاء والعاملين في المجال ذاته بالوصول إليها. وأداة "SCAN" التي تسمح للشركاء العاملين في مجال البحث عن المفقودين وتحديد هويات جثث المهاجرين، بمشاركة وتعديل المعلومات التي يحصلون عليها من المصادر المختلفة، وذلك بهدف "جعل العلاقات بين هذه المعلومات مرئية".
"العثور بانتظام على مئات الجثث والرفات على الساحل الليبي"
وتعاني سفن الإنقاذ التابعة للمنظمات غير الحكومية، والتي تنشط في منطقة البحث والإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط، من التضييقات التي تفرضها السلطات الأوروبية، خاصة الإيطالية، والتي تحول دون تنفيذها عمليات الإنقاذ، وبالتالي "المزيد من القوارب الشبح".
وفي لقاء مع مهاجرنيوز في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أكدت مارغو بيرنارد، نائبة منسق المشروع على متن سفينة "جيو بارنتس" التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود، "في معظم الأوقات اليوم، لا يمكننا القيام إلا بعملية إنقاذ واحدة، على الرغم من أن لدينا قاربا يتمتع بقدرة استيعاب كبيرة (تبلغ سعة جيو بارنتس 500 شخص). بالإضافة إلى ذلك، وبسبب إلزامنا بمغادرة منطقة البحث والإنقاذ مباشرة بعد عملية الإنقاذ الأولى، فإننا نترك المنطقة فارغة تماماً، في ظل تخلي الدول الأوروبية عن مسؤولياتها في عمليات الإنقاذ في البحر".
وتضيف "تشكل هذه التعقيدات مصدر إحباط كبير بالنسبة لنا، خاصة وأنها تزيد من مخاوفنا إزاء زيادة حوادث غرق السفن غير المرئية"، في إشارة إلى ما يعرف بقوارب "الشبح" التي تغرق في البحر دون أن يعلم أحد.
في كل عام، ووفقا لما تؤكده أيضا المنظمة الدولية للهجرة، لا يمكن تسجيل العديد من حوادث غرق السفن، مشيرة إلى "العثور بانتظام على مئات الجثث والرفات على الساحل الليبي".
ووفقاً للمنظمة الدولية للهجرة، لقي 2700 مهاجراً حتفهم في البحر الأبيض المتوسط، في 2023، مقارنة بـ2400 في 2022.
وبحسب المصدر ذاته، قضى ما يقرب من 900 مهاجر في 2023 أثناء محاولتهم الوصول إلى جزر الكناري، مقارنة بأكثر من 550 في عام 2022.
2023 الأكثر خطورة للاجئين.. معاناة مستمرة ومأساة تتفاقم!
يوما بعد يوم تتفاقم مأساة اللاجئين، ويعتبر 2023 الأكثر مأساوية إذ شهد النصف الأول منه غرق المئات من المهاجرين. في هذه الصور نسلط الضوء على محنة ومعاناة الأشخاص المجبرين على الفرار من أوطانهم بمناسبة يوم اللاجئ العالمي.
صورة من: Fabrizio Villa/Getty Images
الأمل بعيدا عن الديار
اختارت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هذا الشعار: الأمل بعيدا عن الديار، للاحتفال بيوم اللاجئ العالمي لهذا العام. وهي تريد أن تركز فيه على "إﻳﺠﺎد اﻟﺤﻠﻮل ﻟﻼﺟﺌﻴﻦ وﻋﻠﻰ ﻗﻮة اندماجهم". وترى المفوضية أن ذلك يعد اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻷﻛﺜﺮ "ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ" لتمكينهم من بدء حياة جديدة في اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﻟﻬﻢ.
صورة من: Tessa Walther/DW
أسباب عديدة..
أسباب عديدة تجبر الناس على ترك أوطانهم واللجوء إلى دول أخرى طلبا للأمن. ولعل الحروب والنزاعات المسلحة هي السبب الأبرز، إلى جانب الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والاضطهاد لأسباب سياسية أو دينية أو ثقافية أو غيرها من الأسباب الشخصية.
صورة من: Nicoletti/dpa/picture alliance
تغير المناخ والكوارث الطبيعية
المناخ أيضا بات سببا للهجرة والنزوح حول العالم. فالظواهر المناخية المتطرفة والكوارث البيئية مثل الجفاف والعواصف المدمرة والفيضانات حول العالم ولاسيما في النصف الجنوبي للكرة الأرضية الذي يعاني من الفقر والصراعات، تدفع ملايين الناس للهجرة والنزوح ولاسيما للدول المجاورة.
صورة من: Orlando Sierra/AFP/dpa/picture-alliance
110 ملايين نازح ولاجئ حول العالم
ارتفع عدد النازحين حول العالم في عام 2022، جراء الصراعات والمجاعات وتغير المناخ، ليصل إلى مستوى قياسي تجاوز المائة مليون نازح، حسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وتقول المفوضية إن الاتجاه التصاعدي لم يظهر أي علامة على التباطؤ في عام 2023 حيث دفع الصراع في السودان إجمالي عدد النازحين في العالم إلى ما يقدر بنحو 110 ملايين نازح بحلول أيار/ مايو الماضي.
صورة من: Blaise Dariustone/DW
السودان..هروب جماعي من ويلات الحرب
شرّدت الحرب المستعرة منذ شهرين في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع أكثر من 2,5 مليون سوداني، بين نازح ولاجئ، ولاسيّما في دارفور. ويعاني السودان أصلا من الصراعات والنزوح منذ اندلاع أزمة دارفور في عام 2003. وبحلول نهاية عام 2022، كان هناك أكثر من 3.7 مليون شخص من النازحين داخلياً، يعيش معظمهم بمخيمات في دارفور. ويعيش 800 ألف سوداني آخر كلاجئين في دول مجاورة مثل تشاد وجنوب السودان ومصر وإثيوبيا.
صورة من: Gueipeur Denis Sassou/AFP
حرب أوكرانيا
الحرب في أوكرانيا كانت السبب الرئيسي للنزوح في عام 2022. وقد ارتفع عدد اللاجئين الأوكرانيين من 27 ألف لاجئ في نهاية عام 2021 إلى 5,7 مليون في نهاية عام 2022، وهو ما يمثل أسرع تدفق للاجئين في أي مكان منذ الحرب العالمية الثانية، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
صورة من: Jens Schicke/IMAGO
حلم الفردوس الأوروبي
تعتبر أوروبا الوجهة الأولى للنازحين والمهاجرين من نصف الكرة الجنوبي ويحلم الملايين بالفردوس الأوروبي ويغامرون بحياتهم من أجل ذلك، من خلال محاولة عبور الصحراء الكبرى والبحر المتوسط أو عبر طريق البلقان أو حتى الغابات الشاسعة بين بيلاروسيا وبولندا ودول البلطيق.
صورة من: Flavio Gasperini/SOS Mediterranee/dpa/picture alliance
المتوسط مقبرة المهاجرين
يعتبر عبور البحر الأبيض المتوسط من أخطر الطرق التي يسلكها المهاجرون حول العالم، حيث غرق أو فقد أكثر من 26 ألف مهاجر في البحر المتوسط منذ عام 2014. ولعل عام 2023 كان الأكثر مأساوية حيث شهد النصف الأول من هذا العام غرق مئات المهاجرين، وآخر حادثة مأساة السفينة التي غرقت قبالة السواحل اليونانية وكان على متنها نحو 750 مهاجرا لم يتم إنقاذ سوى 104 منهم.
صورة من: Gianluca Chininea/AFP
عبء كبير على أوروبا
يشكل اللاجئون عبئا كبير على الدول الأوروبية، وهو ما يدفعها للتشدد في هذا الملف والبحث عن حلول وسياسة لجوء مشتركة. وبعد مفاوضات طويلة واجتماعات ماراثونية توصل وزراء داخلية الدول الأعضاء إلى صيغة للإصلاح الشامل لإجراءات اللجوء وملف الهجرة المطروحة منذ سنوات.
صورة من: Darko Vojinovic/dpa/AP/picture alliance
البحث عن شراكات في شمال أفريقيا
يسعى الاتحاد الأوروبي إلى الاتفاق والتوصل إلى شراكات مع دول شمال أفريقيا ويخوض مفاوضات صعبة مع تلك الدول، ويحاول تقديم مساعدات وإغراءات مالية لتلك الدول بغية إقناعها بالتعاون مع أوروبا في التصدي للهجرة غير الشرعية وتدفق المهاجرين. وفي هذا السياق عرض الاتحاد الأوروبي مساعدات بأكثر من مليار يورو على تونس.
صورة من: Italian Premier Office/AP/picture alliance
عبور السياج الحدودي بين المغرب وإسبانيا
السياج الحدودي بين المغرب وإسبانيا يشهد دائما محاولات عبور مستمرة، بعضها جماعية مثلما حدث الصيف الماضي حين حاول مئات المهاجرين عبور السياج الحدودي من المغرب إلى جيب مليلة الإسباني في 24 حزيران/ يونيو 2022، وتصدت لهم قوات الأمن وقتل ما لا يقل عن 37 مهاجرا.
صورة من: Javier Bernardo/AP/dpa/picture alliance
استمرار مأساة اللاجئين السوريين
ورغم مرور 12 عاما على الأزمة السورية ونزوح وملايين السوريين من ديارهم، لا يزال الملايين ينتظرون العودة من مخيمات اللجوء ولاسيما في لبنان والأردن وتركيا إلى ديارهم. فيما يحاول كثيرون منهم عبور الحدود اليونانية التركية للوصول إلى أوروبا.
إعداد: عارف جابو