ما هي خطة "البديل" الشعبوي لمنع قدوم المهاجرين إلى ألمانيا؟
٣ أغسطس ٢٠١٩بحصوله على نحو 13 بالمئة من مقاعد في البرلمان الألماني "بوندستاغ" أصبح حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، أكبر حزب معارض في البرلمان. بالإضافة لذلك يعتبر الحزب قوة لها اعتبارها في البرلمان الأوروبي، وذلك مع زيادة قدرته التصويتية في البرلمان الأوروبي إلى أحد عشر عضوا حاليا.
ومن المتوقع أن يزداد الحزب الشعبوي نفوذا في الأسابيع المقبلة، حيث تتنبأ استطلاعات الرأي بنتائج قوية له في انتخابات ثلاث ولايات شرقية وهي براندنبورغ وساكسونيا وتورينغن ابتداء من أيلول/ سبتمبر المقبل. وإذا أصبح الحزب الأول في شرقي ألمانيا كما تتنبأ نائبة رئيس كتلته البرلمانية، بياتريكس فون شتورش، فقد تضطر أحزاب الائتلاف الحكومي إلى الانتباه أكثر لما يقوله أعضاؤها، بالإضافة إلى سياساتها بشأن الهجرة واللجوء.
طرف مناهض للهجرة
الهدف الرئيسي لحزب البديل هو وقف الهجرة، كما أن سياسته تتعارض بشدة مع سياسة المستشارة أنغيلا ميركل بشأن المهاجرين واللاجئين، خاصة بعد وصول أكثر من 1,5 مليون طالب لجوء إلى ألمانيا منذ عام 2015. يريد الحزب تعديل القانون في ألمانيا للتخلص من الحق في التقييم الفردي الخاص باللاجئين، كما يطالب بترحيل طالبي اللجوء فورا لدى رفض طلبهم، بصرف النظر عما إذا كانت البلدان التي سيرحلون إليها آمنة أم لا. بالإضافة إلى ذلك يريد الحزب إغلاق الحدود الأوروبية أمام طالبي اللجوء وإقامة معسكرات خارج الحدود لمنع المهاجرين من الوصول إلى ألمانيا. نائبة رئيسة الحزب أليس فايدل صرحت أن الحزب يريد تحقيق "هجرة سلبية" إلى ألمانيا.
رؤية الحزب الشعبوي في نقاط
في شريط فيديو للحملة الانتخابية نُشر قبل انتخابات البرلمان الأوروبي في مايو/أيار، حدد الحزب أهدافه ورؤيته عبر النقاط التالية:
- حق اللجوء هو حق ضيافة على أساس مؤقت فقط، ما يعني وجوب مغادرة الضيف في النهاية، على الأقل من الناحية النظرية. يستوعب الاتحاد الأوروبي ملايين المهاجرين، في حين تبقى مشاكلنا دون حل. هذا لا يمكن أن يكون الجواب".
- الوكالة الأوروبية لمراقبة وحماية الحدود الخارجية (فرونتيكس) لا تعيد المهاجرين إلى شواطئهم، بل إنها تجلبهم إلى أوروبا. بالطبع نحن نؤمن بحق إنقاذ الغرقى من البحر لكن بالمقابل لا يوجد شيء اسمه "حق الإنسان في أوروبا". نريد أن نقرر لأنفسنا من يأتي إلى هنا!"
- يدعو حزب البديل إلى وضع حد للهجرة الجماعية، ونريد مغادرة ميثاق الهجرة واللاجئين، ونؤيد إعادة المهاجرين إلى أوطانهم، نحن نرفض حصص اللاجئين. الحزب يطالب بالسيادة وحدود آمنة ".
- من المهم إيصال رسالة إلى المهاجرين مفادها أنه لن يُسمح لهم بدخول ألمانيا (رغم أن هذا ليس هو المعمول به حاليا)، وفقًا لفون شتورش. في مقابلة مع DW مؤخرا قالت "نريد من الناس أن يعلموا أن الانتقال إلى ألمانيا سيكون غير مجد لهم لأنهم لن يكونوا قادرين على المجيء أصلا. أعتقد أن هذا الأمر ينقذ أرواح الناس.
- كما تقترح فون شتورش أن يحصل وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سالفيني، الذي انتقدته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على جائزة نوبل للسلام. وقالت إن الوزير الإيطالي ضرب "من خلال سياسة الاستقرار الناجحة لأوروبا ومن خلال إنقاذ الآلاف من الأرواح مثالاً يجب على الآخرين أن يحذو حذوه".
"التهديد الإسلامي"
ويؤمن الحزب اليميني الشعبوي أنه بحلول عام 2050، سيكون عدد سكان إفريقيا قد زاد بمقدار 800 مليون نسمة، ما يعني أنه يمكن توقع مئات الملايين من الأشخاص الذين يرغبون في الهجرة إلى أوروبا، حسب وجهة نظر الحزب. وفي أيار/ مايو من هذا العام نشر الحزب على صفحته على فيسبوك أن "1,4 مليون شخص ينتظرون تذكرة سفر إلى ألمانيا وعلينا أن ندفع لهم!".
لم تعلق فون شتورش في مقابلتها مع DWعلى الرقم 1,4 مليون ، لكنها قالت "ما نعرفه هو أن هناك الكثير من الناس في أفريقيا على استعداد للذهاب إلى الشمال، وهذا بالطبع أمر مفهوم لأنهم يطمحون إلى حياة أفضل هنا. النقطة التي نطرحها هي أنه لا يمكننا استيعاب المزيد من الأشخاص لأننا استقبلنا الكثير بالفعل".
غير أن الحجة الرئيسية التي ينادي بها الحزب لإغلاق الحدود أمام المزيد من المهاجرين ترتبط في كثير من الأحيان بتهديد "للهوية الوطنية" أكثر من العبء مالي. وخلال حملته لانتخابات البرلمان الأوروبي، قال الحزب إن سياسة أوروبا بشأن الهجرة "تشكل خطراً على الحضارة الأوروبية".
ولا تربط منشورات الحزب التي خصصت للحث على التصويت في الانتخابات الأوروبية هذا التهديد بالإسلام على وجه الخصوص، بيد أن أعضاءه يشيرون بانتظام في البيانات العامة ووسائل التواصل الاجتماعي إلى هجرة المسلمين باعتبارها "تهميشا للسكان الأصليين".
فون شتورش حاولت أن تظهر في مقابلتها أن الحزب ليس ضد المسلمين، بقولها "نحن نقبل المسلمين". وتابعت "هناك الكثير من المسلمين المندمجين جيدا في مجتمعنا. لكننا لا نريد أن تكون ألمانيا بلدا مسلما. نحن لا نريد أن نقبل أن الإسلام بدأ يؤثر على حياتنا الاجتماعية، وعلى حياتنا العامة". "وتضيف أن ألمانيا "قد شهدت أعدادا متزايدة من معدلات الجريمة داخل تلك الجماعات" (المهاجرين المسلمين).
تغيير النموذج
يقول حزب البديل إن نظام اللجوء واتفاقية اللاجئين لعام1951 لم يكن من المراد لهما تنظيم الهجرة الجماعية، إلا أنهما يستخدمان بشكل سيء من قبل الحكومة، لذلك من الواجب إعادة بلورة حق اللجوء. وينادي الحزب بأنه يجب أن تكون الأولوية "للسيادة الوطنية"، وهذا يعني أن البرلمان الألماني يجب أن يكون قادرا على تحديد من سيقبل من المهاجرين (بشكل طوعي)، كما يؤكد الحزب أن منتهكي القانون والإرهابيين ليس لهم حق اللجوء.
وبحسب الأفكار التي يروج لها الحزب اليميني الشعبوي فإنه ما دامت أوروبا تستقبل الملايين من الأشخاص القادرين على العمل من بلدان أخرى، فإن أوروبا تسرق من تلك البلدان الأفراد الذين تحتاجهم من أجل إعادة البناء. لذلك فالمطلوب هو التعاون الدولي لتوفير الحماية للاجئين في مناطقهم.
ويقول الحزب أيضا إن توفير المساعدات للمناطق المنكوبة سيكون ذو جدوى اقتصادية أفضل من "تشجيع الهجرة غير المحدودة". وهنا تشير فون شتورش إلى أن استقبال اللاجئين من المناطق التي تعاني من الحرب الأهلية والفقر وأي أمراض في العالم "لا يحل المشاكل هناك".
تصريحات استفزاية
بعد اغتيال متطرف يميني للسياسي الألماني والمسؤول المحلي في مدنية كاسل، فالتر لوبكه الذي كان معروفا بآرائه المؤيدة للهجرة، تعرض حزب البديل لضغوط متزايدة. وتم اتهامه بالمساهمة في إثارة جو من الكراهية في البلاد، وتعرض العضو في البرلمان مارتن هومان من حزب البديل لهجوم شديد عندما اقترح أنه يجب إلقاء اللوم على جريمة القتل على قرار الحكومة القاضي باستقبال أعداد كبيرة من المهاجرين. وقال هومان: لولا فتح الحدود بشكل غير شرعي من قبل المستشارة أنغيلا ميركل ووصول أعداد كبيرة من المهاجرين دون رقابة، فإن فالتر لوبكه كان سيظل على قيد الحياة".
كما أثار عضو آخر في الحزب، وهو فولفغانغ غيديون، غضبا شديدا لأنه قال بعد وفاة لوبكه إن التطرف اليميني يبقى مجرد ذرة صغيرة أمام ما دعاه بـ "بالإرهاب الإسلامي أو التطرف اليساري". وقبل عام، استخدم رئيس الحزب ألكسندر غاولاند، التعبير نفسه عندما تحدث عن التطرف اليميني.
ومثل هذه التعليقات لا يبدو أنها أضرت بصورة الحزب، حيث يشتهر غاولاند على وجه الخصوص منذ فترة طويلة بتصريحاته المتطرفة. إذ قال ذات مرة عن صورة لطفل لاجئ غارق: "هذا الأمر لا يمكن أن يجعلنا خاضعين للابتزاز".
وكانت فراوكه بيتري رئيسة الحزب السابقة قد صرحت في عام 2016 بأنه يتعين على شرطة الحدود الألمانية إطلاق النار على اللاجئين الذين يدخلون البلاد بطريقة غير قانونية.
ماريون ماكريغور/ علاء جمعة
مهاجر نيوز 2019