ما هي دوافع باكستان في الوساطة بين السعودية وإيران؟
يورغن فيبرمان٢٠ يناير ٢٠١٦
تقوم باكستان حاليا بوساطة بين المملكة العربية السعودية وإيران لتخفيف حدة التوتر المتفاقمة بين البلدين. ويتساءل الكثيرون عن الأسباب التي دعت إسلام أباد للإعلان عن هذه المبادرة وما قد تجنيه من خلال الوساطة بين البلدين.
إعلان
زار رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف السعودية الاثنين (18 يناير/ كانون الثاني 2016 ) قبل التوجه إلى إيران يوم الثلاثاء، والتقى شريف بالعاهل السعودي الملك سلمان ومسؤولين سعوديين في محاولة لرأب الصدع المتفاقم بين السعودية وإيران عقب قيام المملكة بإعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر.
وآثرت إسلام أباد موقفا حياديا في النزاع القائم بين البلدين، حيث إنها تعاني داخليا من توترات طائفية وتعمل على تعزيز روابطها الاقتصادية مع كلا البلدين. وجاء في بيان صدر في إسلام أباد أن شريف دعا لحل الخلاف "لما يصب في مصلحة الوحدة الإسلامية."
وعقب الإعلان عن إعدام نمر النمر اقتحم متظاهرون إيرانيون السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مدينة مشهد، مما دفع الرياض وعددا من حلفائها لقطع العلاقات مع طهران.
وتبع هذا الحدث انطلاق موكبين لمتظاهرين بعد صلاة الجمعة وسط العاصمة إسلام أباد. الموكب الأول لمئات من السُنة الذين نددوا بالاعتداء على السفارة السعودية في إيران، حيث هتف أحد المتظاهرين:"إيران تلعب دورا خطيرا داخل العالم الإسلامي. فهي تتدخل باستمرار في شؤون دول أخرى. إنها تزرع بذور الكراهية والعنف بين المسلمين".
وبعيدا ببعض الكيلومترات كان مئات الباكستانيين الشيعة يتظاهرون احتجاجا على إعدام السعودية لرجل الدين الشيعي نمر النمر.
ويكشف هذا أن باكستان منقسمة: فالشيعة هناك يقفون إلى جانب إخوانهم الإيرانيين في العقيدة هم أقلية، غير أنهم يشكلون نسبة 20 في المائة من مجموع السكان، أي 40 مليون نسمة.
ضرورة نهج سياسة التوازن
ويبقى السُنة الأغلبية في البلاد التي تربطها علاقات وطيدة مع الرياض التي زارها رئيس الوزراء الباكستاني شريف بعد أيام من زيارة وزير الخارجية السعودي وولي عهدها إلى إسلام أباد، مما يبرز قوة العلاقات بين البلدين.
ولكن في ظل وجود أقلية شيعية كبيرة العدد في باكستان فإن البلد الآسيوي مُعَرض لخسارة الكثير إذا أُثيرت بداخله توترات طائفية. هذا الوضع الحساس لباكستان يقول عنه طاهر مالك، أستاذ بالجامعة الوطنية الباكستانية:"إيران والسعودية تكتسيان أهمية كبيرة بالنسبة لباكستان. فإيران هي جارتنا المباشرة. والعربية السعودية شريكنا الوثيق. ويجب على سياستنا الخارجية أن تراعي مصالحنا القومية، وليس مصالح مجموعة دينية".
ويجب الإشارة هنا إلى أن إسلام أباد كانت قد رفضت العام الماضي دعوة السعودية للانضمام للتحالف الذي تقوده الرياض في اليمن لمحاربة حوثيين شيعة متحالفين مع إيران.
الوساطة الباكستانية هي مصلحة قومية
ويعتبر ساسة كبار في باكستان أن القيام بدور الوساطة بين الرياض وطهران نهج جيد، فقد يساهم أيضا في كبح جماح التوترات الطائفية داخل باكستان. ولدى باكستان إضافة إلى ذلك أسباب أخرى تشرح مبادرة التوسط بين السعودية وإيران، حيث إن السعودية هي أهم مصدر للنفط والشريك الأوثق، ناهيك عن الاستثمارات السعودية داخل باكستان.
وقال المتحدث باسم الخارجية الباكستانية قاضي خليل الله إن "التصعيد الأخير بين المملكة السعودية وجمهورية إيران الإسلامية يقلق باكستان كثيرا"، مستخلصا أن تسوية الخلاف تصب في صالح الأمة الإسلامية.
بعد رفع العقوبات الاقتصادية الغربية على إيران، من الممكن أن تتصبح هذه الأخيرة مصدرا هاما لتزويد باكستان بالغاز، والتي تتطلع منذ 15 عاما إلى استكمال بناء أنبوب غاز لتغطية حاجياتها المزمنة من الطاقة. ومن خلفية هذه المعطيات يتضح منطق المبادرة الباكستانية للوساطة بين الرياض وطهران.
عداء وحروب بالوكالة في تاريخ العلاقات السعودية الإيرانية
صورة من: picture-alliance/AP Photo/H. Mohammed
قطعت السعودية الاحد 3 يناير/كانون الثاني 2016 علاقاتها الدبلوماسية مع إيران ردا على الهجوم على بعثاتها الديبلوماسية فيها وعلى الموقف الإيراني المنتقد بشدة لإقدام الرياض على إعدام رجل الدين السعودي الشيعي نمر النمر. وليست هذه هي الأزمة الدبلوماسية الأولى بين البلدين.
صورة من: Fars
شهدت سنة 1943، أول أزمة دبلوماسية بين البلدين إثر إعدام السعودية لأحد الحجاج الإيرانين بعد إدانته بتهمة إلقاء القاذورات على الكعبة وغيرها من التهم الأخرى. وبعد هذا الحادث قطعت العلاقات الدبلوماسية بشكل رسمي عام 1944، لتعود بعد عامين من جديد.
صورة من: Getty Images/AFP
توترت العلاقات بين السعودية وإيران في يوليو تموز عام 1987 عندما لقي 402 حاجا مصرعهم ومن بينهم 275 حاجا إيرانيا، أثناء أدائهم فريضة الحج، في منى في صدامات مع الشرطة السعودية.
صورة من: farhangnews
خرج محتجون إلى شوارع طهران واحتلوا السفارة السعودية وأشعلوا النار في السفارة الكويتية. وتوفي الدبلوماسي السعودي مساعد الغامدي في طهران متأثرا بجروح أصيب بها عندما سقط من نافذة بالسفارة واتهمت الرياض طهران بالتأخر في نقله إلى مستشفى في السعودية. وهو ما دفع الملك فهد بن عبد العزيز الى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في أبريل نيسان عام 1988.
صورة من: Getty Images/J. Barrak
اعيدت العلاقات بين البلدين عام 1991 بعد لقاء بين الملك عبد الله بن عبدالعزيزآل سعود بالرئيس الإيراني هاشمي رافسنجاني في العاصمة السنغالية داكار في ديسمبر 1990 خلال مؤتمر القمة الإسلامي السادس، ثم فتحت سفارتيهما في الرياض وطهران في مارس 1992.
صورة من: Getty Images/AFP/H. Ammar
زار الرئيس الإيراني محمد خاتمي(يمين الصورة) السعودية عام 1999بعد عامين من توليه منصبه، خلفا للرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني. وكانت تلك أول زيارة يقوم بها رئيس إيراني للمملكة منذ قيام الثورة عام 1979. وتوج البلدان تحسن العلاقات باتفاق أمني في أبريل نيسان عام 2001.
صورة من: Kavoshpress.ir
هنأ الملك فهد الرئيس الايراني محمد خاتمي لفوزه في الانتخابات عام 2001 وقال إن هذا الفوز يمثل إقرارا لسياسته الاصلاحية. وكان خاتمي وهو من رجال الدين الشيعة قد سعى من أجل تقارب البلدين بعد فوزه الساحق الأول عام 1997 وإنهاء ما يقرب من 20 عاما من توتر العلاقات بينهما في أعقاب قيام الجمهورية الاسلامية عام 1979.
صورة من: AP
أبلغت السعودية مبعوثا إيرانيا في يناير كانون الثاني عام 2007 أن إيران تعرض منطقة الخليج للخطر وذلك في إشارة للصراع بين للجمهورية الاسلامية والولايات المتحدة حول العراق وعلى البرنامج النووي الايراني. بعدها وتحديدا في شهر آذار/ مارس من نفس العام قام الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بزيارة للرياض لتهدئة الأوضاع بين البلدين.
صورة من: AP
منذ عام 2012 أصبحت السعودية الداعم الرئيسي لقوات المعارضة التي تقاتل للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد حليف إيران. واتهمت الرياض الأسد بارتكاب "إبادة جماعية" وايران بأنها أصبحت قوة محتلة. هذا فيما اتهمت طهران الرياض بدعم الارهاب.
صورة من: AP
في 14 تموز/ يوليو 2015 تم في فيينا التوقيع على الاتفاق النووي الإيراني بعد أكثر من 10 سنوات من المفاوضات. وهو ما أثار حفيظة القيادة السعودية، التي عبرت عن قلقها من هذا الاتفاق، معتبرة أن من شأنه تعزيز نفوذ إيران في المنطقة.
صورة من: picture-alliance/dpa
توترت العلاقات الإيرانية السعودية بعد حادثة تدافع منى بموسم حج عام 2015 وخاصة بعد أنباء عن سقوط عدد كبير من الإيرانيين قتلى في الحادثة ، قابله صمت شبه مطبق من السلطات السعودية. أعادت هذه الحادثة للواجهة، مطالب الإيرانيين بتسيير مشترك لمناسك الحج تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي .
صورة من: Reuters
في مارس أذار 2015 بدأت السعودية حملة عسكرية في اليمن لمنع الحوثيين المتحالفين مع إيران من الاستيلاء على السلطة. واتهمت الرياض إيران باستخدام مسلحي الحوثيين لتنفيذ انقلاب. في حين قالت طهران إن الضربات الجوية التي تنفذها الرياض تستهدف المدنيين