تسعى أورسولا فون دير لاين للفوز بولاية ثانية كرئيسة للمفوضية الأوروبية، لكن عليها أن توازن في حملتها الانتخابية بين ما تراه مهماً وبين مصالح الأحزاب الداعمة لها.
إعلان
تنتظر مجموعة صغيرة من المتظاهرين أورسولا فون دير لاين قبل حدث انتخابي في روما. يهتف المتظاهرون عند وصول سيارتها "فلسطين حرة! أوقفوا الإبادة الجماعية!"، ويبدو أنهم غاضبون مما يعتبرونه انحيازاً من جانب رئيسة المفوضية الأوروبية لإسرائيل. وبصفتها رئيسة المفوضية الأوروبية، زارت فون دير لاين تل أبيب في تشرين الأول/أكتوبر 2023 لتقديم دعم غير مشروط من الاتحاد الأوروبي لإسرائيل في حربها ضد حماس. ,بعد عودتها، تعرضت المسؤولة الأوروبية لانتقادات من قبل بعض الدول الأعضاء ودبلوماسيي الاتحاد الأوروبي بزعم أنها لا تمثل مختلف مواقف الاتحاد الأوروبي ككل.
داخل المبنى الواقع في وسط روما، استقبلها حشد أكثر ودية بالتصفيق. الشباب الذين تجمعوا، ومعظمهم من الرجال الذين يرتدون سترات زرقاء، هم أعضاء أو مؤيدون لـحزب "فورزا إيطاليا" والذي أسسه الراحل سيلفيو برلسكوني وآخرون ويتبنى مواقف يمينية ويمينية وسطية ويعرف بدعمه للاقتصاد الحر والسياسات الليبرالية في الاقتصاد.
احتجاجات داخل الاتحاد الأوروبي ضد الحرب في غزة
02:05
"أقوى امرأة في العالم"؟
حزب "فورزا إيطاليا" أحد الأحزاب التي تشكل تحالف يمين الوسط في الاتحاد الأوروبي، وقد اختار فون دير لاين كمرشح رئيسي للانتخابات الأوروبية. وفي روما، تحدثت فون دير لاين عن تصميمها على مواصلة العمل من أجل أوروبا أقوى وإلى مزيد من الازدهار.
تريد إحدى النساء القلائل بين الحضور أن تعرف ما الذي يتطلبه الأمر لكي تصبح المرأة قائدة قوية. تجيب فون دير لاين، وهي جدة وأم لسبعة أبناء مبتسمة: "عليك أن تؤمني بنفسك". وتضيف: "كنت خجولة (...) كانت لدي الكثير من الشكوك (...) اليوم، أود أن أقول إنني أضعت فرصاً". ثم تناقش فون دير لاين أهمية التوفيق بين العمل والأسرة مضيفة قولها: "لا تدعي الآخرين يحكمون عليكِ! وليكن لديكِ شبكة جيدة من النساء".
وأشاد الكثيرون في الاجتماع بسجلها كرئيسة للمفوضية الأوروبية، بما في ذلك جهودها الناجحة في شراء اللقاحات نيابة عن الاتحاد الأوروبي خلال جائحة فيروس كورونا وقيادتها في مواجهة حرب روسيا على أوكرانيا.
وقد وصفت وسائل الإعلام الدولية فون دير لاين بأنها "مديرة الأزمات في أوروبا بامتياز" و"أقوى امرأة في العالم". تحب فون دير لاين أن تقدم نفسها على أنها اليد الآمنة القادرة على قيادة الاتحاد الأوروبي في الأوقات المضطربة. لكن حملتها لإعادة انتخابها ليست سهلة وتتطلب تحقيق توازنات دقيقة. وتستمتع فون دير لاين بالحملات الانتخابية، وخاصة بالتحدث مع الشباب، كما تقول مصادر لـ DW. ووفقاً لتلك المصادر، فهي تريد إشراك الشباب وإقناعهم بأن أوروبا لديها الكثير من القوة.
تحت رحمة الأحزاب الأوروبية
ومع ذلك، وخلال زيارتها إلى روما، تم إلغاء مناقشة خُطط لها في إحدى الجامعات لأن حزب "فورزا إيطاليا" أراد أن تعقد فون دير لاين اجتماعاً حول المزارعين وأهداف أوروبا المناخية بدلاً من ذلك. فهي في نهاية المطاف تقوم بحملاتها الانتخابية تحت رحمة الأحزاب السياسية في مختلف أنحاء أوروبا التي تدعم ترشيحها.
بالنسبة لشخص مثل أورسولا فون دير لاين، التي لا ترتجل ومعروفة بتفضيلها للترتيب الدقيق المعد سلفاً، فإن ذلك قد يشكل في بعض الأحيان مساراً انتخابياً صعباً. لكن الهدف الرئيسي لفون دير لاين هو التأكد من أن الأحزاب التي تشكل عائلتها السياسية، حزب الشعب الأوروبي من يمين الوسط (EPP)، ستصبح القوة الأكبر بعد الانتخابات الأوروبية.
مثل هذه النتيجة - المتوقعة على نطاق واسع - من شأنها أن تجعل فون دير لاين المرشحة المفضلة للبقاء على رأس السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي. لكن حتى في هذه الحالة، فإنها تحتاج أيضاً إلى دعم زعماء جميع دول الاتحاد الأوروبي وأغلبية أعضاء البرلمان الأوروبي الجديد.
لذا فإن الحملات الانتخابية صعبة بالنسبة لفون دير لاين. ويتركز اهتمامها في الوقت الحالي على عدم التنفير، على الأقل حتى تتمكن من تأمين فترة ولايتها الثانية.
أعده للعربية: عماد حسن
أوروبا وبلدان شمال إفريقيا.. لعبة المصالح ومقايضة الهجرة بالمال
تحتاج دول الاتحاد الأوروبي لموافقة دول جنوب المتوسط من أجل وقف الأعداد القياسية للمهاجرين غير النظاميين. ولذلك سعت بروكسل لصفقات تبادل مصالح مع دول كمصر وتونس وموريتانيا، وتفاوض أخرى كالمغرب. اتفاقيات تعرضت لنقد شديد.
صورة من: Hasan Mrad/ZUMA Wire/IMAGO
رئيسة الحكومة الإيطالية تزور تونس للمرة الرابعة
تزور رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تونس، للمرة الرابعة خلال عام. وتركز مرة أخرى على مكافحة الهجرة غير القانونية. وأكدت مصادر إيطالية قبل هذه الزيارة أن "التعاون في مجال الهجرة يظل جانبا أساسيا في العلاقة بين إيطاليا وتونس". وتأتي الزيارة قبل شهرين من الانتخابات الأوروبية التي تخاض في إطارها نقاشات ساخنة حول الهجرة.
صورة من: Slim Abid/AP/picture alliance
اتفاقية مع تونس
وكانت تونس وقعت في تموز/يوليو 2023 مذكرة تفاهم مع المفوضية الأوروبية لكبح موجات الهجرة المنطلقة من سواحلها وجرى تعميم الخطوة مع موريتانيا ومصر لاحقا. وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، التي زارت تونس مع رئيسي وزراء إيطاليا وهولندا، إلى أهمية التعاون في مجال مكافحة عصابات تهريب البشر وإدارة الحدود والبحث والإنقاذ عبر تمويل بقيمة 100 مليون يورو هذا العام.
صورة من: Freek van den Bergh/ANP/picture alliance
ثلثا المهاجرين يصلون إيطاليا عبر تونس
ومن بين أكثر من 150 ألف مهاجر وصلوا إلى السواحل الإيطالية القريبة في 2023، انطلق قرابة ثلثي العدد من سواحل تونس وأغلبهم من سواحل صفاقس التي تضم الآلاف من مهاجري دول إفريقيا جنوب الصحراء، والحالمين بالوصول إلى دول التكتل الأوروبي الغني. وتوفي أكثر من 1300 مهاجر قبالة سواحل تونس عام 2023، أي ما يفوق نصف عدد الوفيات في البحر المتوسط، المصنف كأخطر الطرق البحرية للهجرة غير النظامية.
صورة من: Ferhi Belaid/AFP/Getty Images
اتفاقية مع مصر
رئيسة المفوضية الأوروبية زارت القاهرة أيضا، برفقة رؤساء حكومات بلجيكا وإيطاليا واليونان. ووقعت اتفاقية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بهدف إقامة شراكة مع السلطات المصرية لمساعدة هذا البلد الغارق في أزمة اقتصادية خطيرة، والذي يقع على حدود حربين في قطاع غزة والسودان، وحيث يوجد نحو 9 ملايين مهاجر ولاجئ - بما في ذلك أربعة ملايين سوداني و 1,5 مليون سوري - بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
صورة من: Dati Bendo/dpa/EU Commission/picture alliance
مساعدات لموريتانيا مقابل التعاون في مجال الهجرة
كما وقعت موريتانيا مع بروكسل إعلانا للتعاون المشترك بينهما في مجال محاربة الهجرة غير النظامية يشتمل على نقاط متفرقة منها منع المهاجرين من التدفق نحو السواحل الأوروبية، وخاصة إسبانيا، وإعادة المهاجرين الموريتانيين غير النظاميين. والتعاون في مجال اللجوء، ومساعدة موريتانيا على إيواء طالبي اللجوء الأجانب على أراضيها مع احترام حقوقهم الأساسية. ولقي الاتفاق انتقادات واسعة في موريتانيا.
صورة من: BORJA PUIG DE LA BELLACASA/AFP
العبور من المغرب
يعتبر المغرب أحد أهم الوجهات للعبور إلى الاتحاد الأوروبي. إلا أن الرباط تشدد رقابتها على المنفذين البريين في سبتة ومليلة، إضافة للعبور بحرا. واعترضت السلطات المغربية 87 ألف مهاجر حاولوا الانطلاق من المغرب إلى أوروبا في 2023، وأنقذت 22 ألف مهاجر تقطعت بهم السبل في البحر أثناء محاولة العبور.
صورة من: Bernat Armangue/AP Photo/picture alliance
تقارب إسباني مغربي
التقارب الأوروبي مع المغرب تدفع به خصوصا إسبانيا، التي أعلنت في مارس/آذار 2022 تأييد موقف المغرب فيما يتعلق بالصحراء الغربية. وزار رئيس الوزراء الإسباني سانشيز المغرب أكثر من مرة. وعملت الرباط ومدريد على توثيق التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية. واحتلت قضية الهجرة موقعا مهما في المحادثات.
صورة من: /AP Photo/picture alliance
سعي أوروبي لاتفاق قريب مع المغرب
هناك اتفاقيات ثنائية بين دول أوروبية والمغرب بخصوص الهجرة. ولكن هناك مفاوضات تجريها المفوضية الأوروبية مع الرباط، منذ سبع سنوات، ومن المقرر أن يتم التوقيع على الاتفاق نهاية 2024. التعاون مع المغرب ثمنه ليس ماليا، وإنما سياسي، بحسب مصادر أوروبية مطلعة، كما نقلت صحيفة "كرونه" النمساوية، حيث تشترط الرباط دعم بروكسل بخصوص الصحراء الغربية. وفي المقابل، يدعم المغرب السياسة الأوروبية المتعلقة باللاجئين.
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
انتقادات حقوقية لهذه الاتفاقيات
انتقد نواب في البرلمان الأوروبي "الوضع الكارثي للديموقراطية وحقوق الإنسان في مصر". كما تعرضت مذكرة التفاهم مع تونس لانتقادات من قبل اليسار الذي يدين "استبداد" الرئيس التونسي سعيد، والانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون من جنوب الصحراء في بلده.
ودان المجلس الأوروبي للاجئين "الاتفاقات المبرمة مع الحكومات القمعية".
صورة من: Mahmud Turkia/AFP
تبقى ليبيا
ومع هذه الاتفاقيات المتتالية مع دول شمال إفريقيا للحد من الهجرة غير النظامية، تبقى دولة واحدة بمثابة العقدة أمام المنشار. حيث تستغل ميليشيات مسلحة في ليبيا الانقسام في البلد، لتحقق ثروات طائلة من خلال تهريب المهاجرين على قوارب مكتظة باتجاه اليونان وإيطاليا. وعجزت الجهود الأوروبية حتى الآن عن إيجاد حل للمعضلة، التي تفاقمت في يونيو/حزيران 2023 مع تسجيل واحد من أكبر حوادث غرق المهاجرين على الإطلاق.