ما هي مواصفات الرئيس الذي يحلم به شباب مصر؟
١٧ مارس ٢٠١٢تقدم أكثر من ثلاثمائة شخص لسحب أوراق الترشح لأول انتخابات رئاسية تجري في مصر بعد ثورة 25 يناير، الأمر الذي طرح تساؤلات عديدة حول مدى جدية هذه الانتخابات، وسط هذا الإقبال الكبير عليها. إلا أن أمين عام شباب حزب الحرية والعدالة في الجيزة علي خفاجي ينظر بإيجابية لهذا المشهد، كما يوضح في مداخلته في برنامج "شباب توك" الحواري الذي تبثه قناة DW، أن من حق كل مواطن يرى في نفسه إمكانية الترشح والقدرة على ممارسة العمل السياسي أن يتقدم لهذا المنصب، موضحاً أن هناك بالتأكيد عدداً كبيراً من المرشحين غير الجادين الباحثين فقط عن الشهرة، لكنهم في رأيه لن يتمكنوا من استيفاء الشروط الصعبة الموضوعة ليصبحوا بالفعل مرشحين محتملين.
ويوافقه الرأي الكاتب والناشط السياسي إسلام حجازي الذي قال في البرنامج نفسه: "على العكس من الكثيرين الذين ينظرون لهذا المشهد كمشهد عبثي أو هزلي يؤدي إلى عدم جدية الانتخابات، أراه أنا أمرا طبيعيا، لأن هذه الانتخابات الرئاسية هي الأولى من نوعها، ولأول مرة يقوم الشعب بممارسة حقه الطبيعي في انتخاب رئيس له. ولكل تجربة جديدة سلبياتها". ويشدد خفاجي على أن هؤلاء المتقدمين للترشيح لم يصبحوا بعد "مرشحين محتملين"، لأن هناك ضوابط موضوعية وضوابط أخرى إجرائية عليهم تحقيقها. فلكي يتمكن المتقدم للترشح من خوض المعركة الانتخابية بالفعل، عليه أن يجمع ثلاثين ألف توكيل من الجماهير، أو ثلاثين توقيعا من مجلسي الشعب والشورى، أما مرشحي الأحزاب، فيمكن لحزبهم ترشيحهم إن كان ممثلاً في البرلمان المصري بعضو واحد على الأقل.
ويرى حجازي أن هناك معضلة أمام الراغبين في الترشح تكمن في كونهم ممنوعين من القيام بدعاية انتخابية لفترة محددة، وهم مطالبون في الوقت نفسه بجمع ثلاثين ألف توقيع على الأقل للتمكن من الترشح لانتخابات الرئاسة، ويقول في هذا السياق: "نحن في أول انتخابات رئاسية وليس لدينا كوادر كافية، وهذه الكوادر لم يكن متاحاً لها التواصل الجماهيري من قبل، فكيف نحظر الدعاية حتى نهاية شهر أبريل ونطالب المتقدمين في الوقت نفسه بتسليم ثلاثين ألف توقيع قبل التاسع من أبريل، وكيف أقنع المواطنين بالحصول على توقيعاتهم دون القيام بدعاية انتخابية؟".
وليس جمع التوقيعات هو التحدي الوحيد أمام المرشح المحتمل للرئاسة، فكل المرشحين الذين سيستوفون الشروط، سيكون عليهم المرشحين أن يعرضوا برامجهم السياسية التي يفترض أن يقدموها للجماهير خلال فترة وجيزة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع، كما أن صلاحيات الرئيس في الفترة القادمة لم تحدد حتى الآن.
"عابر للأيديولوجيات"
أما المعروفون من المرشحين المحتملين للرئاسة، والذين أعلنوا عن رغبتهم في الترشح وبدأوا بالفعل بحملاتهم الانتخابية، فيمكن تصنيفهم في فئات، حسب الناشط السياسي الشاب، فمنهم المحسوبون على التيار الإسلامي ومنهم الليبراليون ومنهم اليساريون المهتمين بتحقيق العدالة الاجتماعية. ولكن معظم الأحزاب لم تتقدم بمرشحين باستثناء حزب التحالف الشعبي، وهو ما يفسره علي خفاجي قائلا: "إن هناك أزمة كبيرة منذ إنشاء الحزب الوطني وكان رئيسه السادات ثم مبارك، ففكرة الحزب الأوحد والحزب الحاكم مرفوضة تماماً لدى الشباب حتى لدى حزب الحرية والعدالة، وهو حزب الأكثرية في البرلمان". يوضح خفاجي أن حزبه يفضل أن يكون الرئيس القادم لمصر رئيسا لكل -المصريين لا يمثل حزب بعينه ولا يرشحه حزب، حتى ولو كان حزب الأغلبية. ويضيف: "نفضل أن يصبح الرئيس القادم رئيساً لكل الشعب، متوافق عليه في الشارع كله، له كاريزما وشخصية وانتماءات وطنية وخبرة في العمل السياسي وغير محسوب على تيار بعينه حتى لو كان التيار الإسلامي". ولذلك فحزب الحرية والعدالة لم يتقدم بمرشح ولم يدعم أي مرشح.
أما حجازي فيرجع عدم إعلان الأحزاب عن مرشحين لها إلى ضعف الحياة الحزبية في حقبة مبارك، وعدم قدرة الأحزاب القديمة على التواصل مع الجماهير أو تكوين كوادر، بينما كانت الفترة الزمنية المتاحة للأحزاب الجديدة فترة محدودة، لكنه يتفق مع خفاجي في أن الانتماء الأيديولوجي للمرشح لا يجب أن يكون هو أساس اختيار المرشح الرئاسي في الفترة القادمة، ويضيف أن مصر في حاجة لمرشح قوي يمكنه أن يقود مرحلة التحول الديمقراطي وينتقل بمصر إلى الديمقراطية ويكون قادراً على إعادة هيكلة مؤسسات الدولة.
"المرشحون المحتملون لا يحققون أحلام شباب الثورة"
أما مستخدمو صفحة DW عربية على الفيسبوك فقد ذكروا صفات كثيرة يتمنون توفرها في رئيس المستقبل، و إن كان معظمهم أكد أنه لا يجد بين المرشحين من يحقق طموح الشباب. مثلا أشرف دسوقي علي كتب: "ليس هناك رئيس من المحتملين يمثل الشباب، الحقيقة أن هؤلاء المرشحين خارج التاريخ برغبتهم أو رغما عنهم بسبب عوامل الزمن والأغرب أن الشعب الذي قام بالثورة غير متفهم لرغبة الشباب لأن الإحساس الأبوي مازال سائدا وأخشى بعد مرور عام آخر على الثورة أن يقال آسفين يا ريس بالفعل. والأزمة أن الشعب الذي صنع ثورة معجزة يتجه إلى رئيس تقليدي وأخرج صانعي الثورة من الحسابات". بينما عبرت Tonaa Showعن عدم استيفاء المرشحين للشروط بالقول: "ممكن أنا أصبح الرئيسة؟". أما Aisha Alroweni فقد أعربت عن تفاؤلها قائلة: "الشباب الذين قاموا بالثورة يريدون الحكم. ستكون دولة شباب في المستقبل. أنا أدعم الشباب والنساء للوصول للبرلمان والرئاسة. الشباب انتظر الأكبر سناً لكن لم يقدموا لا استراتيجيات لا أهداف واضحة، لهذا الشباب يريدون المشاركة، لكن تنقصهم الثقة بالنفس".
وانتقد معظم مستخدمي موقعنا العدد الكبير للمتقدمين للترشح، فقال Simsim Bsimsim "هذه مهزلة وتهريج"، وقال Farid Sebai"إنها إهانة لأكبر دولة عربية لأن كل من هب ودب يتقدم للترشح ومصر لا يصلح لها إلا زعيم عربي كبير". واعتبرها Amjad Badr "سياسة خبيثة من اللاعبين الأساسيين لحرق بعضهم البعض". وكتب Ziad Shalab Alsham "أن يتقدم هذا العدد الكبير للترشح لمنصب رئيس جمهورية دليل عدم وعي، حيث يرون أن المنصب هو امتياز ولا يعتبرونه مسؤولية". وعلق محمد أحمد عبد الحميد قائلاً: "إنها دمى تمثل في مسرح للعرائس من إنتاج وإخراج النظام السابق بشقيه المدني والعسكري". وسادت السخرية على التعليقات فقال محمد شرف: "كانت هناك إشاعة تقول إن هناك غرامة لعدم الترشح، ويبدو أن الناس صدقتها".
أما حسن البغدادي فاعتبر تقدم عدد كبير للترشح: "رد فعل طبيعي لسنوات طويلة من الدكتاتورية المطلقة، فبريق السلطة بالإضافة إلى الشعور المرير بالكبت والحرمان وحب الظهور تحت الأضواء هو ما دفع الناس للقيام بالترشح". بينما اعتبر Bashir Glady أن تقدم عدد كبير "دليل على الحرية التي يتمتع بها الشعب المصري في غياب الدكتاتورية البائدة" واتفق معه محمد خيري الذي كتب يقول: "من الممكن أن يكون العدد كبير من الممكن أن يتم الاختيار الخطأ للرئيس، لكن هذه هي الديمقراطية طالما ارتضينا التعامل بها".
سمر كرم
مراجعة: عبده جميل المخلافي