متحف في دانتسيك لإحياء ذكرى اندلاع الحرب العالمية الثانية
٢ سبتمبر ٢٠٠٩لا شيء يذكر في فستربلاته بالحرب العالمية الثانية سوى النصب التذكاري الضخم الذي يراه الزائر من بعيد وأطلال الخنادق العسكرية وبعض اللوحات التذكارية. الحشائش الخضراء تغطي المكان الذي أضحى رمزاً لاندلاع شرارة الحرب العالمية الثانية، عندما أطلقت البارجة الألمانية شليسفيغ-هولشتاين في الأول من سبتمبر/ أيلول من عام 1939 أولى قذائف المدفعية على قاعدة فسيتربلاته العسكرية وعلى مبنى البريد في مدينة دانتسيك البولندية.
زائر المكان يشعر بخيبة الأمل لخلوه من آثار ذلك الحدث التاريخي الذي غير وجه أوروبا والعالم لعقود عديدة والذي راح ضحيته ستون مليون إنسان. عن هذا تقول إحدى الزائرات البولنديات: "لا يوجد في هذا المكان ما يشير إلى أن الحرب العالمية اندلعت هنا. لا لوحة ولا أي شيء."
شهود على التاريخ
بعد سبعين عاماً على اندلاع الحرب ما زال يعيش في دانتسيك شهود عيان على ذلك الحدث، ومنهم إليزابيتا مارسينكوفسكا المولودة عام 1914 والتي كانت تعمل قبل تفجر شرارة الحرب العالمية الثانية في مبنى بريد دانتسيك. ما زالت مارسينكوفسكا تعيش في شقة صغيرة في مدينة قريبة من دانتسيك، وهي تحكي لحفيدة أختها بابارا متذكرة ما حدث قبل سبعين عاماً: "سمعت الطلقات جيداً، وكانت صادرة من مكتب البريد ومن فستربلاته. طلقات الرصاص تصاعدت من كل مكان في دانتسيك في الأول من سبتمبر. الراديو البولندي من وارسو أذاع أن قوات الجيش ما زالت تدافع عن فستربلاته. وكنا خائفين."
الخشية من استغلال جروح الماضي
كان الحظ حليف السيدة العجوز. فعندما هاجمت القوات الألمانية مبنى البريد كانت في إجازة في ذلك اليوم تحديداً، أما كل زملائها وأصدقائها فهم إما راحوا على الفور ضحية طلقات رصاص الألمان أو لقوا مصرعهم فيما بعد، ولم يتبق منهم سوى بعض الصور التِذكارية. هذه التِذكارات والذكريات وشهادة شهود العيان سيتم جمعها في متحف سيقام في قلب مدينة دانتسيك ومن المقرر افتتاحه بعد خمس سنوات، وذلك بالتعاون مع المؤرخين الألمان.
عديد من البولنديين لا يستطيعون تخيل إقامة مثل هذا المتحف، مثل باربارا الصغيرة البالغة من العمر ستة أعوام والتي تقول في انفعال: "الألمان ضحايا الحرب التي كانوا هم السبب فيها". ولأن جراح الحرب لم تندمل بعد يحذر كثيرون في بولندا وألمانيا أيضاً من مغبة محاولات استغلال جروح الماضي أو إيقاظ الضغائن بتأويلات تاريخية غير منصفة. وهذا ما قد يساهم فيه المتحف الذي سيقام في دانتسيك.
الكاتب: كاتارتسيانا توسينسكا/ سمير جريس
مراجعة: عماد مبارك غانم