متحف كرة القدم في دورتموند- ألمانيا تخلد تاريخ أبطالها
٢٦ أكتوبر ٢٠١٥"دورتموند تفاجئك" هذا هو شعار المدينة الألمانية الشهيرة الواقعة في ولاية شمال الراين-فيستفاليا. وقد فاجأت مدينة نادي بوروسيا دورتموند العريق الجميع عندما افتتح بها الأحد (25 أكتوبر/ تشرين الأول 2015) متحف كرة القدم الألمانية، الذي يحتفي بكرة القدم الألمانية بكل ما يمكن من وسائل ويظهر أمجادها وروعتها. 36 مليون يورو وثلاثة أعوام من البناء كلفها هذا المشروع، الذي ظهر للنور بناء مبهراً، بعد تسع سنوات من ظهوره كفكرة.
أجواء أزمة وليست أجواء احتفال
كان يفترض أن يكون يوم افتتاح "معبد كرة القدم الألمانية" يوم عيد، لكن الاتحاد الألماني لكرة القدم، الأكبر من نوعه في العالم، يعيش حالياً توترات شديدة بسبب الاتهامات، التي تضمنها تقرير نشرته مجلة "دير شبيغل" الألمانية الشهيرة في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، ومفادها أن ألمانيا قامت بشراء أصوات تنظيم مونديال 2006، الذي أطلق عليه "أسطورة صيف" وكان سبباً من أسباب إنشاء هذا المتحف.
وفي المؤتمر الصحفي لافتتاح متحف كرة القدم الألمانية أكد رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم فولفغانغ نيرسباخ أنه "لم تكن هناك رشاوى ولم يجر شراء أصوات"، لكن تيو تسفانتسيغر الرئيس السابق للاتحاد الألماني للكرة رفض تلك المقولة بشكل واضح متهماً خلفه نيرسباخ بالكذب.
دورتموند قلب كرة القدم الألمانية
لم يكن اختيار دورتموند لإقامة متحف كرة القدم الألماني مصادفة. فهي مدينة بوروسيا دورتموند، النادي الألماني العريق الذي يعرفه كل عشاق الكرة في العالم، ويعرفون مدربه السابق يورغن كلوب، الذي يدرب ليفربول الإنجليزي حالياً. كما أن مدينة غيلزن كيرشن معقل نادي شالكه المنافس العتيد لدورتموند، تبعد عن المتحف مسافة نصف ساعة فقط بالقطار. أما نادي بوخوم فهو الآخر قريب جداً من دورتموند. وعلاوة على ذلك فإن نادي كولونيا ونادي باير ليفركوزن قريبان أيضاً من دورتموند.
ويتوقع القائمون على متحف الكرة الألمانية أن يستقبل 270 ألف زائر سنوياً، منهم كثيرون سيأتون من خارج ألمانيا. وأقيم المتحف قبالة محطة القطار الرئيسية في دورتموند، لذلك فالأمر سهل جداً للوصول إليه. لكن تذكرة دخول المتحف سعرها 17 يورو وتقل اثنين يورو عند حجزها عن طريق الإنترنت، سعر ربما يجعل رب الأسرة يراجع نفسه إذا أراد زيارة المتحف مع أسرته.
عند دخول المتحف هناك سلالم كهربائية تحمل الزوار إلى المعرض وتصاحبهم أثناء ذلك أهازيج وصيحات الجماهير عبر مكبرات الصوت في محاكاة لأجواء مدرجات ملاعب كرة القدم. وعلى الجدران توجد رسوم كاريكاتيرية للجماهير مرتدية قمصان فرقها المفضلة. وهناك رسم أيضا للمستشارة أنغيلا ميركل وهي تحتفل بالمنتخب الألماني، وهي من أكبر عشاق منتخب بلادها.
الاحتفاء بنجوم الكرة الألمانية
في قاعة العرض الأولى في الصالة الطويلة المظلمة يحتفل بمنتخب ألمانيا الفائز بمونديال 1954، ويظهر التناقض الكبير بينه وبين المنتخب الفائز بمونديال 2014، الذي يبدو لاعبوه خليطاً من أصول وأعراق مختلفة، ويتمتعون بأجسام متدربة جيداً. وفي نهاية الصالة حيث تعرض كرات من مونديال 2014 وغيرها من التحف توجد كرة كبيرة متوهجة قطرها أربعة أمتار تعرض أبطال كرة القدم في مشاهد مؤثرة.
وفي "غرفة الكنز" بمتحف كرة القدم الألمانية بدورتموند تعرض بشكل ملحمي مؤثر نسخ مقلدة للكؤوس التي فاز بها أبطال كرة القدم الألمان. سواء كؤوس العالم أو دوري أبطال أوروبا أو غيرها.
تلي "غرفة الكنز" غرفة التدريب والخطط. وهنا بإمكان الزوار اختبار مدى معرفتهم بقواعد التغذية والحمية الغذائية لدى لاعبي المنتخب الألماني لكرة القدم. وفي وسط إحدى القاعات الكبيرة توجد أرضية تدور ببطء وضعت عليها مقاعد وفي مواجهة المقاعد توجد شاشة تعرض مشاهد من نوادر الأخطاء في مباريات كرة القدم العالمية، بينما تخرج من مكبرات الصوت "موسيقى الراغتايم" تصاحبها ضحكات مصطنعة.
اللاعبات مظلومات
وفي القاعة الكبرى المخصصة للدوري الألماني لكرة القدم (بوندسليغا) عرضت بشكل غير ملفت وباختصار حكاية، كيف يفسد المال الرياضة. وهذه مسألة تبدو ساخرة بالنظر إلى الاتهامات الموجهة لألمانيا حالياً بشراء أصوات مونديال 2006.
أما قاعة الشهرة التي تشبه الأسطوانة فهي لا تذكر بلحظات مجد الكرة الألمانية وإنما تعرض على حوائطها السوداء أسماء أبطال كرة القدم الألمان في منظر يذكر على الأغلب بنصب تذكاري للحرب. ساعات من عروض الفيديو وآلاف الأسماء و1600 قطعة عرض تؤكد على بطولة اللاعبين الألمان الرجال.
وفي المقابل جاء ذكر اللاعبات بشكل مقتضب، لدرجة أنه قد لا يلاحظها الزائر. فمتحف كرة القدم الألمانية في دورتموند يركز على اللاعبين الرجال مع إهمال واضح للاعبات النساء رغم أنهن حققن نجاحاً كبيراً ورائعاً في كرة القدم النسائية.