مجددا.. الخلاف الألماني الفرنسي يخيم على القمة الأوروبية
٢٣ مارس ٢٠٢٣
يناقش قادة دول الاتحاد الأوروبي عدداً من الملفات الهامة كالغزو الروسي لأوكرانيا ووسائل تعزيز القدرة التنافسية لدى الاقتصاد الأوروبي، وذلك وسط توترات بين ألمانيا وفرنسا حول عدة مسائل على رأسها الطاقة النووية.
إعلان
تلقي الخلافات الفرنسية-الألمانية بشأن موقع الطاقة النووية في مكافحة تغيّر المناخ وحظر محرّكات الاحتراق الداخلي في عام 2035، بظلالها على قمّة رؤساء دول وحكومات دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل اليوم الخميس (23 مارس/ آذار 2023) وغدا الجمعة.
ويناقش قادة الدول الـ27 في بروكسل مسألة أوكرانيا ووسائل تعزيز القدرة التنافسية لدى الاقتصاد الأوروبي، وفقاً للنقاط المدرجة رسمياً على جدول الأعمال. ولكن الخلافات الأخيرة حول السيارات والقطاع النووي ستفرض نفسها على النقاشات، بحسب الدبلوماسيين.
خلاف بشأن الطاقة النووية
ولدى وصوله إلى الاجتماع، قال رئيس وزراء لوكسمبورغ كزافييه بيتيل، المعارض مثل برلين للطاقة النووية، "الطاقة النووية؟ ليست آمنة ولا سريعة ولا رخيصة وليست صديقة للمناخ. مع إضافة سمة أوروبية عليها، سيكون اللجوء إليها احتيالًا".
ويأتي ذلك فيما يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون احتجاجات عنيفة في فرنسا على إصلاح قانون التقاعد، وبينما يواجه المستشار الألماني استطلاعات رأي متذبذبة إضافة إلى انقسامات في ائتلافه الحاكم في برلين.
وبرز خلاف بين فرنسا وبرلين الأسبوع الماضي حول مكانة الطاقة النووية في مقترح للمفوضية الأوروبية بشأن السياسات الصناعية.
وتريد فرنسا وحوالى عشر دول أخرى تعتمد على هذه التكنولوجيا، الحصول على اعتراف بالطاقة النووية في إطار الوسائل التي سيتم دعمها لإزالة الكربون من الاقتصاد، وذلك على عكس موقف ألمانيا ودول أخرى مناهضة للطاقة النووية.
معركة تلوح في الأفق
في النهاية، حصلت باريس على إشارة إلى الطاقة النووية ضمن الخطّة، منتزعة انتصاراً رمزياً. ولكن على المستوى العملي، لن يستفيد هذا القطاع تقريباً من أيّ من الإجراءات التي تنصّ عليها الخطّة، مثل تسريع إجراءات ترخيص المشاريع أو تسهيلات التمويل الذي تستفيد منه الطاقات المتجدّدة.
ويبدو أنّ معركة تلوح في الأفق لإعادة صياغة النص داخل المجلس الذي يجمع الدول الـ27 الأعضاء وفي البرلمان الأوروبي.
كذلك، تبرز السيارات بين نقاط الخلاف الأخرى. فقد أحدثت ألمانيا صدمة لدى شركائها مطلع آذار/مارس عبر منع نصّ رئيسي لخطّة الاتحاد الأوروبي بشأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من السيارات، كانت قد وافقت عليه سابقاً.
وكان هذا النص الذي يفرض المحرّكات الكهربائية بنسبة 100 في المئة للمركبات الجديدة اعتبارًا من العام 2035، موضوع اتفاق في تشرين الأول/أكتوبر بين الدول الأعضاء ومفاوضي البرلمان الأوروبي، كما تمّت الموافقة عليه رسمياً في منتصف شباط/فبراير خلال جلسة عامّة للبرلمان الأوروبي.
أزمة "الوقود الاصطناعي"
ولتبرير تغيير موقفها، وهو ما يعتبر نادر الحدوث في مرحلة كهذه من الإجراء، طالبت ألمانيا المفوضية الأوروبية بتقديم اقتراح يفتح الطريق أمام المركبات التي تعمل على الوقود الاصطناعي.
وتتضمّن هذه التكنولوجيا، التي لا تزال قيد التطوير، إنتاج الوقود من ثاني أكسيد الكربون الناتج من الأنشطة الصناعية، عبر استخدام كهرباء منخفضة الكربون. ويمكن أن تسمح باستخدام المحرّكات ذات الاحتراق الداخلي بعد عام 2035، في الوقت الذي تحظى فيه بدعم الشركات المصنّعة الألمانية والإيطالية.
وتقود السلطة التنفيذية الأوروبية نقاشات معقّدة مع برلين للعثور على مخرج لهذه الأزمة. وتتمحور الفكرة حول الإشارة في نصّ منفصل إلى كيفية إمكان الاتحاد الأوروبي إعطاء ضوء أخضر للوقود الصناعي، من دون وضع أهداف خفض ثاني أكسيد الكربون قيد التشكيك.
"مناقشات في المسار الصحيح"
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس في بروكسل "تكمن المسألة الآن في مجرد ايجاد الطريقة الصحيحة لتنفيذ هذا الوعد الذي قطعته المفوضية منذ زمن طويل. وإذا فهمت المناقشات بشكل صحيح، فإنها تسلك المسار الصحيح".
تواجه هذه التكنولوجيا انتقادات حادّة من المنظمات البيئية، التي تعتبرها مكلفة وتستهلك الكثير من الطاقة وملوثة للبيئة.
ويخشى عدد من المسؤولين التشكيك في إجراءات الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يمكن أن يعرقل عدداً من النصوص الأخرى، خصوصاً خطّة المناخ الأوروبية، في حال حذت دول أخرى حذو ألمانيا.
وقال رئيس وزراء لاتفيا كرشيانيس كارينش "ستنهار كل الهندسة الأوروبية لاتخاذ القرارات إذا تصرّفنا كلّنا على هذا النحو". وقال دبلوماسي أوروبي "إنها مسألة داخلية للسياسة الألمانية وصلت إلى أوروبا". وأضاف "ليس من الجيد التدخّل مجدّداً في النقاش، في الوقت الذي توصّل فيه البرلمان والدول الأعضاء إلى اتفاق. لا يمكننا إدارة أعمالنا بهذه الطريقة".
من جهته، قال وزير النقل الفرنسي كليمان بون "لا نأمل في إعادة فتح الموضوع. كما لا نأمل في العودة إلى (مناقشة) موعد 2035".
ع.ح./ا.ح. (أ ف ب)
ألمانيا وفرنسا .. صداقة خاصة شهدت الكثير من المنعطفات
بعد 62 عاما على توقيع اتفاقية الإليزيه حول الصداقة الألمانية الفرنسية يراد الآن الانتقال بهذه العلاقات الثنائية إلى مستويات أعلى. لكن الأمور لم تكن دائما سهلة في العلاقة بين البلدين.
صورة من: AP
تجاوز آلام الحرب العالمية الثانية
كانت فرحة أوروبية عارمة عندما زار في 1962 الرئيس الفرنسي شارل ديغول المستشار الألماني كونراد آديناور في بون. وبعد نصف سنة من هذه الزيارة وقع الزعيمان اتفاقية الإليزيه لتعزيز الصداقة الألمانية الفرنسية.
صورة من: picture-alliance/dpa
صداقة رجلين
كانت العلاقة بين المستشار الألماني هلموت شميت والرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان مميزة في سبعينات القرن الماضي. وزار جسكار شميت في منزله في هامبورغ، واشتكى من "التدخين المتواصل" للمستشار الألماني. جسكار يتحدث بطلاقة الألمانية، وشميت الراحل كان يتأسف لكونه لا يتحدث الفرنسية.
صورة من: picture-alliance/dpa
توأمة المدن
يوجد حوالي 2000 توأمة بين المدن الألمانية والفرنسية، وبعضها أقدم من اتفاقية الإليزيه. وهذه التوأمة بين مدينة رونيبورغ في ولاية تورنغن شرقي ألمانيا ومدينة هوتفيل-لومني الفرنسية أصبحت ممكنة فقط بعد الوحدة الألمانية. والتوأمة بين المدن تدعم الحياة المدرسية والثقافية والمهنية بين البلدين.
صورة من: DW
مصافحة تاريخية
لحظة بهجة ألمانية فرنسية: 1984 يتصافح الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران والمستشار الألماني هلموت كول خلال احتفال بذكرى ضحايا الحربين العالميتين في فردان. وأصبحت هذه الصورة فيما بعد رمزا للمصالحة الألمانية الفرنسية.
صورة من: ullstein bild/Sven Simon
هيئة الشبيبة الألمانية الفرنسية
ديغول وآديناور ركزا اهتمامهما منذ البداية على الشبيبة من البلدين التي وجب عليها التعارف والتعلم من بعضها البعض. الشاب الألماني نيكولاس غوتكنيشت والفرنسي باتريك بولسفور قاما في 2016 برعاية شباب عند إحياء ذكرى الحرب العالمية الأولى. ومنذ 1963 قامت هيئة الشباب بربط التواصل بين تسعة ملايين من الشباب الفرنسيين والألمان.
صورة من: DW/B. Wesel
الفرقة الألمانية – الفرنسية
الأعداء السابقون يشكلون اليوم وحدة عسكرية مشتركة. واُنشأت هذه الوحدة في 1989 وتم إدماجها في الفيلق الأوروبي في 1993. وعملياتها الرئيسية كانت في البلقان وأفغانستان ومالي.
صورة من: picture-alliance/dpa
العلاقات بين أنغيلا وفرانسوا
من الناحية السياسية لم يكونا قريبين من بعضهما البعض: المسيحية الديمقراطية أنغيلا ميركل والاشتراكي فرانسوا أولاند، خاصة خلال أزمة الديون الحكومية الأوروبية عندما كانت ميركل تضغط من أجل التقشف، فيما دعا أولاند إلى برامج إصلاح اقتصادية. وبالرغم من ذلك وجد الاثنان قاعدة مشتركة، وذلك من أجل تحمل المسؤولية السياسية تجاه أوروبا.
صورة من: picture-alliance/dpa
تصادم ألماني فرنسي
لقد عانى الفرنسيون لفترة طويلة لأن ألمانيا هي الشريك الاقتصادي الأقوى. لكن في عام 2017 حدث العكس، إذ استحوذت شركة السيارات الفرنسية "بيجو القابضة" التي تضم بيجو وسيتروين على شركة صناعة السيارات أوبل الألمانية الأصل. ومنذ ذلك حين يخشى الكثير من العمال لدى أوبل في ألمانيا من فقدان وظائفهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Rumpenhorst
تقريبا متزوجين؟
في ذكرى مرور مائة عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في مدينة كومبيين، حيث وقع وقف إطلاق النار في عام 1918. مشهد يبقى في الذاكرة: شاهدة عيان اعتقدت بأن ميركل هي زوجة ماكرون. إلا أن الصداقة الألمانية الفرنسية ليست وثيقة بعد إلى هذه الدرجة.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
مبادرة فرنسية ألمانية تاريخية
وُصفت المبادرة الفرنسية الألمانية للتعافي الأوروبي في مواجهة أزمة جائحة كورونا بأنها تاريخية وغير مسبوقة، وكان قد قدمها الرئيس ماكرون والمستشارة ميركل في 18 مايو أيار2020، وقد خلقت ديناميكية جديدة على الصعيد الأوروبي. فقد تبنتها المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي وتم على أساسها اعتماد خطة إنعاش أوروبية بقيمة 750 مليار يورو، تشمل 390 مليار يورو كإعانات للدول الأعضاء والقطاعات الممولة بقرض أوروبي.
صورة من: Jean-Christophe Verhaegen/AFP/Getty Images
علاقات محورية لا تخلو من تباينات
يُنظر منذ وقت طويل إلى العلاقة بين باريس وبرلين على أنها القوة الدافعة في صناعة السياسة الأوروبية. لكن خلافات طفت على السطح منذ عام 2022، خصوصا بعد خروج المستشارة السابقة أنغيلا ميركل من المشهد السياسي الألماني، على الرغم من أن الرئيس إيمانويل ماكرون والمستشار أولاف شولتس بذلا مؤخراً جهوداً لتحسين التعاون بين البلدين وتبديد الخلافات خصوصا في ملفات الدفاع وحرب أوكرانيا وقضايا تجارية وصناعية.
صورة من: Thibault Camus/AFP
أول زيارة دولة منذ ربع قرن
تعتبر زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس إيمانويل ماكرون (26-28 مايو أيار 2024) إلى ألمانيا الأولى من نوعها منذ حوالي ربع قرن إذ تعود آخر زيارة دولة قام بها رئيس فرنسي إلى ألمانيا إلى عام 2000 من قبل الرئيس الأسبق جاك شيراك. تعد فترة طويلة بالنسبة لبلدين مترابطين بشكل وثيق ولهما دور محوري في الإتحاد الأوروبي. لكن رغم هذا الانقطاع الطويل تجتمع حكومتا البلدين بشكل منتظم كل بضعة أشهر.