صادق مجلس الشيوخ الأمريكي أمس الأربعاء (22 ديسمبر/ كانون الأول 2010) على معاهدة "ستارت الجديدة" للحد من الأسلحة الإستراتيجية مع موسكو. وأقر المجلس على المعاهدة بأغلبية 71 صوتا مقابل 26 بعد مناقشة محتدمة هددت التعاون التقليدي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الشؤون المتعلقة بالأمن القومي. ويشترط الدستور الأمريكي موافقة ثلثي أعضاء المجلس من أجل المصادقة على المعاهدات. يذكر أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونظيره الروسي دميتري ميدفيديف قد وقعا المعاهدة في نيسان/أبريل الماضي. وتقضي المعاهدة بأن تخفض الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا مخزونهما من الرؤوس النووية إلى 1550 رأسا، أي تقليص ترسانتيهما بنسبة 30 في المائة مقارنة بما نصت عليه معاهدة عام 1991 التي انتهى أجلها في كانون أول/ديسمبر 2009. ويجب على الطرفين تخفيض أنظمة الإيصال التي تشمل صواريخ طويلة المدى والصواريخ التي تطلق من غواصات وترسانة القاذفات إلى 700 قطعة فقط.

وتعد الموافقة على المعاهدة دفعة للرئيس الأمريكي، الذي يعتبرها حجر الزاوية في إعادة صياغة العلاقات مع موسكو وأجندته المتعلقة بالحد من الانتشار النووي. كما ينظر لها أيضا على أنها محورية للحفاظ على استمرار المساعدة الروسية في أفغانستان وكبح أنشطة إيران النووية. وكانت المؤشرات على تمرير مجلس الشيوخ الأمريكي للمعاهدة قد تحسنت خلال الأسابيع الماضية بعد تعهد عدد من الجمهوريين المعتدلين بتأييد المعاهدة في الوقت الذي هدد فيه الجمهوريون المحافظون بعرقلتها متهمين البيت الأبيض والديمقراطيين بالتعجل في طرحها للمناقشة من دون إعطاء النواب وقت كاف لمناقشة تعقيداتها.

ترحيب روسي…

من جانبه، رحب الرئيس الروسي دميترى ميدفيديف بتصديق مجلس الشيوخ الأمريكي على معاهدة ستارت للحد من التسلح النووي بين واشنطن وموسكو، لكنه قال إنه يعتقد أن النواب الروس سوف يحتاجون لبعض الوقت لدراسة التعديلات علي المعاهدة. ونقلت وكالة ريا نوفوستي الروسية للأنباء عن ناتاليا تيماكوفا المتحدثة باسم الكرملين اليوم الخميس "الرئيس دميتري ميدفيديف راض عن الأنباء التي أفادت تصديق مجلس الشيوخ الأمريكي على معاهدة ستارت الجديدة، كما أعرب عن أمله بأن يكون مجلس النواب (الدوما) والمجلس الاتحادي الروسيين على استعداد لمراجعة والتصديق علي المعاهدة ". وأضافت تيماكوفا بأن ميدفديف يعتقد "أن البرلمان الروسي ربما يحتاج بعض الوقت لدراسة الجوانب القانونية من تصديق مجلس الشيوخ قبل أن يتخذ قراره". هذا ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن رئيس مجلس النواب الروسي (الدوما) قوله اليوم الخميس إن المجلس قد يصادق على معاهدة خفض الأسلحة الإستراتيجية (ستارت) الجديدة مع الولايات المتحدة بحلول العام الجديد.

… وترحيب ألماني ودولي

هذا وهنأت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الرئيس الأمريكي باراك أوباما على تصديق مجلس الشيوخ الأمريكي على معاهدة ستارت، معتبرة هذا التصديق بـ "قفزة نوعية مهمة في تطور شراكة حقيقية" مع روسيا، مثلما تم وضعها في الخطة الإستراتيجية الجديدة لحلف شمال الأطلسي (الناتو). وأعربت ميركل في البيان الذي تم نشره في برلين مساء أمس الأربعاء عن أملها في أن يتبع تصديق المعاهدة المزيد من خطوات في طريق نزع التسلح النووي. وبدوره أشاد وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله بتصديق مجلس الشيوخ الأمريكي على المعاهدة وأعرب عن أمله في أن تصادق روسيا سريعا على المعاهدة. كما أشار فيسترفيله إلى أن هذه الخطوة تعتبر بمثابة قفزة نوعية للجهود الدولية الرامية إلى نزع التسلح النووي، وأنها تعد بمثابة إشارة واضحة إلى "أن القوتين النوويتين العظميين جادتان في التزامهما بالحد من التسلح النووي".

كما رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإقرار معاهدة ستارت الجديدة. ونقل المتحدث باسم الأمين العام عنه قوله إن إقرار المعاهدة "يوجه رسالة قوية وواضحة تدعم نزع السلاح النووي ومنع الانتشار النووي". وأضاف: "الأمين العام يعتبر أن إقرار الولايات المتحدة (للمعاهدة) سيسهم في الإبقاء على ديناميكية تم اعتمادها بصعوبة خلال السنوات الماضية لصالح نزع السلاح النووي ومنع الانتشار النووي". وأشاد حلف شمال الأطلسي (ناتو) أيضا بتصديق مجلس الشيوخ الأمريكي على معاهدة ستارت وقال أندرس فوغ راسموسين، الأمين العام للحلف، مساء أمس الأربعاء في بروكسل إن هذه الخطوة سيكون لها إسهام هام في "تعزيز أمن منطقة الأوروأطلسي". وأشار راسموسين إلى أن الحلف أقر في قمته الأخيرة إقامة درع صاروخية مضادة للصواريخ الباليستية في أوروبا ومن المنتظر أن تتعاون روسيا في هذا المشروع.

(ط.أ/ د.ب.أ/ رويترز/ أ.ف.ب)

مراجعة: شمس العياري