"الشيوخ" الفرنسي يتبنى مشروع قانون هجرة متشدد..ما الجديد به؟
١٦ نوفمبر ٢٠٢٣
تبنى مجلس الشيوخ الفرنسي نسخة أكثر صرامة من نص مشروع قانون يسعى لفرض المزيد من الرقابة على الهجرة وتشديد شروط منح الإقامة والجنسية. ومن المفترض أن تبدأ الجمعية الوطنية بدراسة هذا النص.
إعلان
بعد أسبوع من المناقشات، اعتمد مجلس الشيوخ الفرنسي الثلاثاء 14 تشرين الثاني/نوفمبر، نص مشروع قانون هجرة أكثر تشددا، بأغلبية 210 أصوات مقابل 115. ومن المقرر أن يُعرض النص على الجمعية الوطنية في 11 كانون الأول/ديسمبر، حيث سيتعين على الحكومة أن تمرر مشروع إصلاح قانون الهجرة، الذي يميل إلى فرض المزيد من الشروط والتقييدات على المهاجرين وطالبي اللجوء.
وأعلن رئيس كتلة حزب "الجمهوريين" في البرلمان أوليفييه مارليكس أن "مجلس الشيوخ شدد هذا النص، والهدف بالنسبة لنا هو مواصلة تشديده"، منوها إلى ضرورة إجراء تعديلات دستورية.
وقبل تبني هذا المشروع بشكل رسمي، يتوجب على الجمعية الوطنية دراسة النص، وبالتالي يمكنها إدخال تعديلات جديدة عليه أيضا.
وفيما يلي أهم التعديلات التي وافق عليها مجلس الشيوخ أمس الثلاثاء:
تشديد شروط الإقامة والجنسية:
الإقامة:
يشترط إصدار تصريح إقامة متعدد السنوات إتقان "الحد الأدنى من اللغة الفرنسية"، بعد الخضوع لامتحان تحديد مستوى لغة.
تعزيز الرقابة على هجرة الطلاب، وجعل إصدار أول تصريح إقامة للطالب مشروطا بتقديم وديعة مالية "لتغطية تكاليف النقل في حالة الاحتيال".
إعادة فرض عقوبة "جريمة الإقامة غير القانونية" التي كانت أُلغيت في عهد الرئيس السابق فرانسوا هولاند عام 2012. وتنص على فرض غرامة قدرها 3,750 يورو على أي فرد يتواجد على الأراضي الفرنسية دون أن تكون لديه أوراق إقامة سارية.
الجنسية:
إلغاء القانون (droit du sol) الذي يسمح للأطفال المولودين في فرنسا لأبوين أجنبيين، بالحصول على الجنسية الفرنسية عند بلوغهم سن الرشد.
تمديد شرط مدة الإقامة من خمسة إلى عشرة أعوام قبل إمكانية التقدم بطلب للحصول على الجنسية الفرنسية.
سحب الجنسية في حالة "الشروع في القتل" أو ارتكاب جريمة القتل ضد عناصر من الشرطة أو أي شخص يشغل سلطة عامة.
اللجوء ولم الشمل:
إصدار أمر بمغادرة الأراضي الفرنسي (OQTF) بمجرد حصول طالب اللجوء على رفض في المرحلة الأولى، أي قبل انتظار إجراءات الاستئناف أمام المحكمة التي تحق لطالب اللجوء. وهذا الرفض يلغي على الفور الحماية الصحية الشاملة (PUMA) ويجبرهم قانونيا على مغادرة مراكز استقبال طالبي اللجوء (CADA).
تشديد الشروط المفروضة على المقيم من أجل لم شمل أفراد عائلته، وذلك عبر تعديل شرط مدة الإقامة من 18 شهرا إلى 24 شهرا، أي لا يحق للشخص لم شمل أسرته قبل مرور عامين على إقامته في فرنسا.
الحد من الدعم الاجتماعي والصحي:
إلغاء الضمان الاجتماعي للأجانب الذين حصلوا على قرارات رفض الإقامة أو سحب تصريح الإقامة أو صدور قرار ترحيل.
تشديد شروط الحصول على بعض المزايا الاجتماعية (المساعدات العائلية، والمساعدة السكنية الشخصية..) من خلال فرض شرط الإقامة المنتظمة لمدة خمس سنوات في فرنسا، مقارنة بستة أشهر حاليا.
إلغاء المساعدة الطبية الحكومية (AME)، التي تغطي التكاليف الصحية للأشخاص الذين ليست لديهم إقامة، واستبدالها بـ"المساعدة الطبية الطارئة" المخصصة للنساء الحوامل وتوفير اللقاحات الأساسية ورعاية "الأمراض الخطيرة".
العمل:
عدم إمكانية التسجيل والاستفادة من خدمات مكتب العمل (pôle emploi) في حال حصول الشخص على قرارات رفض الإقامة أو سحب تصريح الإقامة أو صدور قرار ترحيل.
عمال "المهن الصعبة" الذين ليست لديهم وثائق، لن يحق لهم الحصول على الإقامة بشكل تلقائي كما كان منصوص عليه في المشروع الأولي، ولكن سيتمكنون من الحصول على تصريح إقامة "استثنائي" لمدة عام تحت شروط منها: العمل لمدة 12 شهرا خلال عامين ضمن المهن التي تعاني من نقص في الأيدي العاملة، وإثبات الإقامة في فرنسا لمدة ثلاثة أعوام على الأقل، و"احترام قيم الجمهورية".
مهاجرون أفارقة يتنازلون عن "الحلم الأوروبي" من أجل المغرب!
بدلًا من اتخاذه نقطة عبور إلى أوروبا، أصبح المغرب بلد استقرار للعديد من المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى. ورغم أن كثيرين ما زالوا يحلمون بالوصول إلى أوروبا، إلا أن بعضهم قرر البقاء.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
الاستفادة القصوى من الوضع الصعب
تشير التقارير إلى وجود ما بين 70 ألف إلى 200 ألف مهاجر من جنوب الصحراء الكبرى في المغرب، والعديد منهم وصلوا بشكل غير نظامي منذ سنوات ويخططون للعبور إلى أوروبا. لكن سياسة بروكسل المتمثلة في تشديد الحدود الخارجية جعلت من الصعب عليهم العبور. ويبدو المغرب أكثر ترحيبًا، رغم أن سياسته المتعلقة بالهجرة لا تزال غامضة. ويعاني بعض المهاجرين من الاستغلال، كما أن الاندماج في المجتمع ليس أمرًا مسلمًا به.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
على طول الطريق من داكار إلى الدار البيضاء
سيارة "فان" صغيرة في طريقها إلى المغرب تنقل البضائع والأشخاص على طول الطريق من روسو (على الحدود بين السنغال وموريتانيا) إلى نواكشوط. تغادر الحافلات الصغيرة داكار عدة مرات في الأسبوع وتسير على طول الساحل إلى الدار البيضاء، قاطعة مسافة 3000 كليومتر ذهابًا وإيابًا. يبدأ العديد من المهاجرين، بما في ذلك السنغاليون، رحلتهم إلى البحر الأبيض المتوسط من هنا أو يقومون بأعمال تجارية على طول الطريق.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
ظروف العمل صعبة
عثمان دجوم مع صديق له على سطح أحد المباني في بلدية آيت عميرة جنوب أغادير. وفي الخلفية، تشير مئات الدفيئات الزراعية إلى نجاح "مخطط المغرب الأخضر" الذي حول المنطقة إلى مركز للزراعة. يعمل العديد من الشباب الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى هنا مقابل حوالي 6 يورو (6.50 دولارًا) يوميًا. لا أحد تقريبًا لديه تصريح إقامة ساري المفعول، كما أن ظروف العمل صعبة.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
لا أوراق، لا حماية!
دجوم وزميله يمشيان بين أشجار الموز في إحدى الدفيئات الزراعية العملاقة. يعد العمل بدون أوراق رسمية والافتقار إلى الحماية القانونية أمرًا شائعًا في قطاعات أخرى أيضًا، مثل البناء وصيد الأسماك. هناك قدر معين من التسامح مع المهاجرين الذين انتهت مدة تأشيراتهم، ما يفيد الصناعات التي توظف أعدادا كبيرة من العمال غير المسجلين بتكلفة منخفضة.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
كسب لقمة العيش في مراكش
تعد الجالية السنغالية، وهي أكبر جالية للمهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى وما زالت تكبر، منظمة بشكل جيد، خاصة في المراكز الحضرية مثل مدينة مراكش السياحية. هنا، من السهل ممارسة تجارة الشوارع (أو تجارة الأرصفة) كعمل أول - مثل هذا البائع السنغالي في ساحة جامع الفنا الشهيرة.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
التضامن بين المهاجرين
بابكر ديي، رئيس جمعية السنغاليين في المغرب (ARSEREM)، يتحدث إلى أعضاء آخرين في منطقة بمراكش. تساعد الجمعية والشبكات الدينية الأعضاء في العثور على السكن وفهم الإجراءات الإدارية والحصول على الخدمات الأساسية. الجمعية لديها 3000 عضو. تضم جماعة المريدين الصوفية السنغالية 500 عضو في مراكش وحدها.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
حلم الوصول إلى أوروبا لايزال يراود كثيرين!
بعد العمل الشاق في العديد من الوظائف ذات الأجر المنخفض في جميع أنحاء المغرب، وجد عمر باي عملًا كطاهٍ في مطعم بأغادير. يقول: "لم آت إلى المغرب للبقاء. حاولت دون جدوى الوصول إلى إسبانيا (بشكل غير منتظم بالقارب) لمدة ثلاث سنوات". وعلى الرغم من أنه أصبح الآن مهاجرًا نظاميًا في المغرب وكوّن أسرة، إلا أنه لم يتخل عن حلمه بالذهاب إلى أوروبا.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
ميزات التحدث بالفرنسية
يعمل باباكر ديوماندي (الواقف في الصورة) منذ سنوات في مركز اتصال بمراكش. وهو الآن يقود فريقًا صغيرًا لشركة تجارية. ويعمل آلاف المهاجرين في مراكز الاتصال براتب شهري يصل إلى 55 يورو. تتعامل الشركات بشكل أساسي مع السوق الفرنسية، ما يزيد من صعوبة توظيف المغاربة، الذين ابتعدوا قليلًا عن اللغة الفرنسية التي فرضت خلال فترة الحكم الاستعماري الفرنسي.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
مواجهة العنصرية في الحياة اليومية
يدير محمد الشيخ موقف سيارات في ضواحي مراكش. حصل على تصريح الإقامة مبكرًا لأنه تزوج من مغربية. ويقول إن المجتمع مازال لا يقبل الزواج المختلط، ولذلك يجب أن تظل مثل هذه الزيجات سرية في كثير من الأحيان. يتمتع الشيخ بعلاقة جيدة مع زبائنه، لكنه لا يزال "يواجه العديد من أشكال العنصرية"، كما يقول.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
التوترات الاجتماعية والعنف
افتتح يحيى عيدارا مطعمًا ومشروعًا تجاريًا في مراكش لاستيراد المنتجات من السنغال. ويقول إن لديه العديد من الأصدقاء المغاربة اليوم، لكن كان لديه "الكثير من الخلافات مع البائعين في الماضي". ويبلغ معدل البطالة في المغرب 13 بالمئة، بينما تصل النسبة بين المغاربة الذين تقل أعمارهم عن 24 سنة إلى 30 بالمئة. وحيثما تكون المنافسة شرسة، تؤدي التوترات بين السكان المحليين والمهاجرين في بعض الأحيان إلى العنف.
صورة من: Marco Simoncelli/DW
تشجيع الاندماج
تُلقب إحدى مناطق سوق المدينة بالدار البيضاء بـ "marché sénégalais" (السوق السنغالية) بسبب كثرة تجارها السنغاليين. الزيادة في أعداد المهاجرين المستقرين في المغرب دفعت الرباط إلى إعادة التفكير في استراتيجيات الاندماج. منذ عام 2014، سمحت حملتا تسوية لأكثر من 50 ألف أجنبي بالحصول على تصاريح إقامة. وفي عام 2018، أطلق الاتحاد الإفريقي على المغرب لقب "البطل الإفريقي للهجرة".
صورة من: Marco Simoncelli/DW
المهاجرون يحتاجون إلى المزيد من الدعم
شاب سنغالي (في الوسط) يستمع إلى الموسيقى على الترامواي في الدار البيضاء. بين عامي 2014 و2022، خصص الاتحاد الأوروبي 2.1 مليار يورو (2.2 مليار دولار) من أموال التعاون للمغرب لتعزيز حدوده وإدارة الهجرة. ومع ذلك، فإن الإطار القانوني للهجرة في البلاد لا يزال يعتمد على قانون مكافحة الإرهاب لعام 2003 ويفتقر إلى الأموال اللازمة لسياسات الاندماج.
إعداد: ماركو سيمونسيلي/دافيد ليمي/م.ع.ح