مجموعة العشرين بين ضرورة الانضباط المالي وآمال الانتعاش الاقتصادي
٢٤ يونيو ٢٠١٠تتطلع الأوساط الاقتصادية إلى قمة مجموعة العشرين التي ستنعقد نهاية هذا الأسبوع في تورونتو الكندية والتي ستناقش عددا من المواضيع الاقتصادية العالمية على رأسها كيفية الحفاظ على قوة الدفع التي حظي بها الاقتصاد العالمي خلال الأشهر الأخيرة وسبل منع تعرض النظام المالي العالمي لأزمات اقتصادية كالتي شهدها العالم عام 2009 والتي مازالت ذيولها تعصف باقتصاديات بعض الدول.
ويتوجه قادة مجموعة الدول الصناعية والاقتصاديات الصاعدة إلى تورونتو وهم يحملون أولويات مختلفة بشأن الدين العام وضبط القطاع المالي وفرض ضرائب جديدة عليه، وصولا إلى تنسيق السياسات الاقتصادية، سعيا منهم إلى إعادة إطلاق عجلة التعاون الدولي بين هذه الاقتصاديات وبحث الاختلافات في وجهات نظرهم من مواضيع سجالية متعددة.
ويقول الخبير الاقتصادي الدولي صلاح الدين هارون "إن قمة تورونتو ستكون مرحلة نحو الإصلاحات الهيكلية العامة للاقتصاد العالمي، سيحاول زعماء دول العشرين العمل لجعل النظام المصرفي العالمي أكثر سلامة". وأضاف أنه دون نظام مصرفي عالمي سليم سيصعب تحقيق استمرارية نمو الاقتصاد العالمي. كما أكد في الوقت ذاته أن التوفيق بين وجهات النظر الدول الأعضاء ستكون صعبة.
خطط التقشف واستمرار الانتعاش
ولعل أكبر المواضيع التي تشهد سجالا قويا بين أعضاء المجموعة هو كيفية التوفيق بين تدابير مواصلة الانتعاش الاقتصادي في ظل الإجراءات التي اتخذتها بعض الدول، لاسيما الأوربية منها، للسيطرة على العجز في الموازنات العامة. فإجراءات التقشف التي أعلنتها كل من اليونان واسبانيا وأخيرا ألمانيا لاقت انتقادات قوية من طرف بعض البلدان النامية وحتى الولايات المتحدة الأمريكية. ويقول المحلل الاقتصادي هارون في حديث لدويتشه فيله إن الإجراءات التقشفية التي اتخذت لضبط الميزانية والتحكم في النفقات الحكومية ستنعكس سلبا على معدلات النمو الاقتصادي المرتقبة وبالتالي فإن الخروج من الأزمة الحالية سيتأخر.
وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية القائمة بدت الاختلافات أكثر حدة، لاسيما بشأن ما يتعين فعله على الساحة الدولية. فالرئيس الأمريكي أوباما وجه رسالة إلى قادة مجموعة العشرين قائلا إن خطط التقشف ستشكل خطرا على الانتعاش العالمي، مضيفا أنه تم بذل كل الجهود لاستعادة النمو و لا يمكن تركه يتداعى أو يفقد قوته التي بدأت تظهر. وكانت قمة الاتحاد الأوروبي الأخيرة أكدت أنه على دول الاتحاد دفع الأعضاء الآخرين في مجموعة العشرين تجاه خفض الإنفاق وليس زيادته.
انقسام بشأن الإصلاح المالي وضريبة البنوك
من ناحية أخرى تصر عدد من الدول الأوروبية وفي مقدمتها ألمانيا على مطالبة مجموعة العشرين بفرض ضريبة دولية على التعاملات المالية التي تتسم بالخطورة، إلى جانب فرض ضريبة عالمية على المعاملات المالية. و يقول المحلل الاقتصادي صلاح الدين هارون ، إن "هذه المطالب تهدف إلى إرغام البنوك على تحمل تكاليف الاضطرابات التي باتت تهز الأسواق المالية و التي تسببت في إفلاس عدد من البنوك ". وتعارض البلدان النامية والصناعية الأصغر فرض ضرائب على العمليات المصرفية لمعالجة المخاطر المالية المستقبلية، معللين ذلك بأنهم لم يضطلعوا بأي دور في إشعال الأزمة المالية العالمية. وهو ما جعل كندا، التي لم يهتز اقتصادها في الأزمة المالية العالمية الأخيرة إلى جانب استراليا و بعض الدول الصناعية الصاعدة، تمارس ضغطا على الولايات المتحدة لتجنب إقرار هذه الإجراءات.
ويقول المراقب الاقتصادي هارون إنه حتى "الاتحاد الأوروبي منقسم بشأن الرسوم التي سيتم فرضها على المعاملات المالية و البنكية بدعوى أن هذه الرسوم ستساهم في هروب رؤوس الأموال إلى بلدان أخرى على غرار ما حدث في السويد في ثمانينيات القرن الماضي عندما فرضت إجراءات مماثلة".
وفي ضوء هذا التجاذب بين المؤيدين والمعارضين لفرض ضريبة دولية على التعاملات المالية الخطرة، إلى جانب فرض ضريبة عالمية على المعاملات المالية فإن فرص التوافق بين زعماء مجموعة العشرين "تبدو صعبة"، كما يقول المحلل صلاح الدين هارون. لكنه يضيف أن "التفكير سيذهب إلى إيجاد صندوق كبير لدعم الجهاز المصرفي من خلال اقتطاعات معينة ستفرض على البنوك وذلك لمواجهة حالات الإفلاس المحتملة مستقبلا".
الكاتب: يوسف بوفيجلين
مراجعة: هشام العدم