"محاربة الإباحية"– قناع لتقييد حرية ناشطي النت في السعودية؟
٢٩ ديسمبر ٢٠١٣ تبدو السلطات السعودية، عبر وزارة الإعلام، منهمكة للغاية في مراقبة كل شاردة وواردة فيما يتصفحه السعوديون. فقد قررت الحكومة السعودية مؤخرا "تفويض الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع مهمة تنظيم المحتوى الأخلاقي والإعلامي بجميع وسائطه المعلوماتية التقليدية والالكترونية". هذا القرار سيشمل: "الأنظمة والتشريعات، ومواكبة المستجدات التقنية، والتثقيف والتوعية بدور تقنية الاتصالات والإعلام (...) والتحذير من خطورة محتواها الضار على الفرد والمجتمع".
صدور هذا القرار كان متوقعا، عقب تصريح لرئيس الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع بالسعودية الدكتور رياض نجم، نقلته صحيفة الحياة، حيث قال: "من ضمن مهمات الهيئة القيام بالدور الرقابي على المحتوى المرئي الذي يعرض في شبكة الإنترنت عبر مواقع مثل يوتيوب". ويبدو أن هذا التصريح تسبب ببعض اللغط في المملكة، فقامت الصحيفة بحذفه من موقعها، عقب رسالة بعث بها رياض نجم إلى الصحيفة.
"محاربة الإباحية أم ..؟"
العنوان العريض للتحرك الأخير من السلطات، كان تحت بند مكافحة "الإباحية". فقد نص القرار الأخير على أن مهام اللجنة تتضمن "الإسهام في حماية المجتمع من تفشي الإباحية والعمل على تكوين وعي اجتماعي وثقافي بالمحتوى الأخلاقي لتقنية المعلومات".
الناشط الحقوقي المعروف وليد أبو الخير قال في حوار مع DW عربية: "إن مجرد وجود وزارة الإعلام بحد ذاته هو للمراقبة والحد من حرية التعبير فكيف إذا أسند إليها ذلك صراحة". ولفت أبو الخير إلى أن "السلطات السعودية تدرك حجم الانفلات الكبير الذي أحدثه الإعلام الجديد، لاسيما تويتر وفيسبوك، فأصبح الشعب السعودي يعبر عن نفسه لأول مرة بدون واسطة وهو ما تخشاه السلطات السعودية".
لكن السلطات السعودية تشدد على أن محاربة المواقع الإباحية هي "أولوية بالنسبة إليها، في مجتمع محافظ عموما. كما أن هذا الأمر لا يقتصر على المملكة، فكثير من الدول الغربية، مثل بريطانيا، تتخذ إجراءات صارمة لمحاربة المواقع الإباحية".
لكن ناشطين سعوديين بارزين انتقدوا هذا القرار، واعتبروه مجرد يافطة عريضة تخفي الهدف الحقيقي، وهو فرض مزيد من الرقابة على التدوين والكتابة عبر الشبكة العنكبوتية.
تويتر و"شركاه"
الإحصاءات الأخيرة تظهر أن زيادة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية هي الأعلى في العالم. فقد وصل عدد مستخدمي تويتر إلى أكثر من 4.5 مليون. وبنسبة زيادة قياسية، وفقا لمدير موقع تويتر ديك كوستولو.
وفي 18 ديسمبر 2013 أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان تقريرا من 48 صفحة، تحت عنوان: "تحدي الخطوط الحمراء: حكايات نشطاء حقوقيين في السعودية".
روت فيه المنظمة قصص 11 ناشطا من النشطاء السعوديين البارزين في مجال الحقوق الاجتماعية والسياسية و"كفاحهم لمقاومة جهود الحكومة لقمع هذه الحقوق"، كما تقول المنظمة. واستخدم النشطاء وسائل الإعلام الجديدة، بما في ذلك المواقع الإخبارية الإلكترونية والمدونات، وأدوات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك، "لبناء علاقات مع بعضهم البعض ومناقشة الأفكار والاستراتيجيات من أجل التغيير وتطوير أرضية عامة لنشر رسالتهم الإصلاحية".
وهذا بالضبط هو أكثر ما يخيف السلطات السعودية، كما يقول المحامي والناشط السعودي وليد أبو الخير. لذلك تعمل السلطات على تطويق الأمر بشتى الوسائل "وتخشى أكثر أن ينتقل السقف العالي في الإعلام الجديد والحياة الافتراضية إلى الواقع الحقيقي ولذا هي تسعى لتقويضه".
ويرى أبو الخير أن ما يجري من تحقيق ومحاكمة للناشطين في هذه الأثناء هو خير دليل على ذلك. "فبعد أن قامت السلطات بحجب صفحاتهم وحساباتهم ها هي تخيرهم الآن، وأنا أحدهم، بين الصمت المطبق أو المحاكمة ومن ثم السجن لسنوات طويلة بتهم جميعها تتعلق بحرية الرأي والتعبير".