في تطور مفاجئ بقضية وفاة أسطورة كرة القدم الأرجنتينية مارادونا، أعلنت واحدة من أعضاء هيئة المحكمة الثلاثية تنحيها عن القضية. استقالة القاضية جاءت بعد ضغوطات كبيرة بسبب مشاركتها المثيرة للجدل في فيلم وثائقي مرتبط بالقضية.
وفاة مارادونا مازالت تشغل الرأي العام الأرجنتيني. صورة أرشيفية.صورة من: Valterci Santos/action Plus/dpa/picture alliance
إعلان
باتت محاكمة الفريق الطبي لأسطورة كرة القدم الأرجنتينيدييغو أرماندو مارادونا على المحك ومعلّقة أكثر من أي وقت مضى، إثر الفضيحة التي أدت مؤخرا إلى تنحية واحدة من القاضيات الثلاث بسبب مشاركتها من دون التبليغ في إعداد فيلم وثائقي.
وشهدت المحاكمة التي بدأت منذ أكثر من شهرين، نقاشا حادا بين أطراف عدة سعت إلى تنحّي القاضية جولييتا ماكينتاش عن الحكم بسبب تورطها المزعوم في فيلم وثائقي متعلق بالقضية، قبل أن ترضخ في النهاية.
وأمر رئيس محكمة سان إيسيدرو (شمال بوينزس آيرس)، ماكسيميليانو سافارينو، بأنه "يجب فصل (جولييتا) ماكينتاش"، معتبرا أن "الظروف التي تؤثر على نزاهة" القاضية قد ثبتت، بعد الاستماع إلى حجج الأطراف لطلب التنحي. ودعا رئيس المحكمة إلى رفع الجلسة قبل الاستماع إلى حججهم، بشأن ما إذا كان سيتم مواصلة المحاكمة أو رفضها.
في المقابل صرحت ماكينتاش بأنها لم تكن تملك "أي خيار" سوى استبعاد نفسها من الإجراءات بعد الضجة التي أثيرت حول مشاركتها في فيلم وثائقي عن القضية.
واستؤنفت المحاكمة مؤخرا بعد توقف دام أسبوعا، للتحقيق في مزاعم بأن أفعال ماكينتاش ربما شكلت إخلالا بالواجب أو استغلالا للنفوذ أو حتى رشوة. لكنها دافعت عن نفسها بالقول "لا توجد مخالفة (أو) جريمة".
وتتعلق القضية بالاستخدام المزعوم للكاميرات في قاعة المحكمة في انتهاك لحظر تصوير المحاكمة.
ونفت ماكينتاش مشاركتها في أي تصوير أو التصريح به، لكن لقطات نُشرت في وسائل الإعلام الأرجنتينية خلال عطلة نهاية الأسبوع أظهرتها وهي تجري مقابلة مع طاقم تصوير. وأكدت ماكينتاش "ما يحصل هو مُجرّد عملية إعلامية ضخمة لإجباري على الانسحاب من هذا النقاش، لكنني لن أعتذر، فأنا لم أرتكب أي خطأ".
قضية مارادونا تحظى باهتمام كبير من وسائل إعلام أرجنتينية.صورة من: Motta Sebastian/SIPA/picture alliance
"قاضية الإله"
وبعد سبعة أيام من التوقف، خُصصت جلسة بالكامل تقريبا لقضية ماكينتاش التي أطلقت عليها وسائل الإعلام لقب "قاضية الإله" والفيلم الوثائقي، كما مصير المحاكمة الأكثر انتظارا منذ سنوات في الأرجنتين.
إعلان
ويُعقد اجتماع في محكمةسان إيسيدرو لتحديد ما إذا كان يمكن استئناف المحاكمة بقاض جديد يحل مكان القاضية المتنحية، أم على المحاكمة أن تبدأ من جديد مع هيئة قضائية جديدة كما طالبت غالبية الأطراف.
وطلب محامو الدفاع وعائلة مارادونا كما المدعي العام بتنحية القاضية البالغة 47 عاما بعد العثور خلال عمليات تفتيش حديثة، على مقاطع فيديو تُظهر أنها شاركت بفعالية في إعداد مسلسل وثائقي قصير، كانت فيه شخصية محورية.
ويتألف المسلسل من ست حلقات مدة كل منها 30 دقيقة يحمل عنوان "عدالة إلهية"، يعِد بأن يروي قصة "موت. أسطورة. قاضية. محاكمة"، بحسب إعلان ترويجي عُرض الثلاثاء داخل قاعة المحكمة وسط ذهول الحاضرين.
فيلم ـ مارادونا الأسطورة والإنسان
01:19
This browser does not support the video element.
وبعد تنحية القاضية، طالب معظم الأطراف ببطلان الإجراءات "حتى يتم تعيين محكمة جديدة ونبدأ من جديد"، بحسب ما قال نيكولا دالبورا، محامي الممرضة نانسي فورليني، إحدى المتهمات في القضية.
"كارثة قضائية... فضيحة"
بدوره، قال ماريو بوردي محامي فيرونيكا أوجيدا، صديقة مارادونا السابقة، إن "الجميع يشعر الآن أن ما يحدث فيه خلل... محكمة جديدة ستكون الحل الأكثر صحة"، واصفا ما يجري بأنه "كارثة قضائية... فضيحة". وأضاف بودري "تخيلوا إن كان هذا يحدث في محاكمة دييغو مارادونا، فماذا يمكن أن يحدث لمواطن عادي؟"، معبّرا عن أسفه لأن الأرجنتين تعطي صورة "عدالة فوضوية".
من جانبه، طالب المدعي العام باتريسيو فيراري بتعيين قضاة جدد، لكنّه قدّر أن المحاكمة "يمكن أن تبدأ من جديد خلال شهر"، في حين توقّع بودري أن تُستأنف في كانون الثاني/يناير المقبل.
ومن جهة أخرى، طالب محاميان من الدفاع باستئناف سريع للمحاكمة، من خلال تعيين قاض واحد جديد فقط يحل محل القاضية ماكينتاش.
ومن الصعب تحديد من يستفيد من تأجيل طويل لمحاكمة كانت تسير ببطء شديد من الأساس، بمعدل جلستين أسبوعيا فقط، وما مجموعه 20 جلسة حتى الآن. خلال هذه الجلسات، ركّزت غالبية الشهادات (نحو 40 حتى الآن)، على ضعف مستوى الرعاية والتجهيزات الطبية في مكان تعافي مارادونا، من دون أن تحدد بوضوح مستوى المسؤولية أو وجود نية جنائية.
وتوفي مارادونا في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 عن عمر يناهز 60 عاما، أثناء تعافيه في منزله من جراحة في الرأس لعلاج جلطة دموية.
ووصف الادعاء الرعاية التي تلقاها نجم كرة القدم في أيامه الأخيرة بالإهمال الجسيم.
ويواجه المتهمون خطر السجن لفترة تتراوح بين 8 و25 عاما إذا أُدينوا بـ "القتل العمد المحتمل"، أي اتباع مسار عمل رغم علمهم بأنه قد يؤدي إلى الوفاة.
تحرير: خ.س
الأسطورة مارادونا.. حين تعانق العبقرية الجنون بالساحرة المستديرة
رحل أسطورة كرة القدم الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا عن 60 عاماً ليخلف أرثاً من الإبداع والسحر والإثارة، وصفحات قاتمة من التهور والإدمان. محطات صعود وأفول موهبة فذة.
صورة من: Tareq Onu
الحزن يخيم على الأندية
الحزن يخيم على الأندية
توفى أسطورة الكرة العالمية دييغو أرماندو مارادونا عن عمر 60 عاماً في منزله بأحد ضواحي العاصمة متأثراً بأزمة قلبية. ونعى العالم الكروي بالكامل، وليس وطنه الأرجنتين فحسب، وفاة أحد أعظم لاعبي كرة القدم على الإطلاق.
صورة من: picture alliance/dpa/P. Seeger
العالم يشاهد مراوغة مارادونا
بدأ مارادونا مشواره الكروي باللعب في سن مبكرة بنادي أرجنتينوس جونيورز، ومن هناك انتقل إلى بوكا جونيورز في بوينس آيرس. فقد كان النادي المفضل لأبيه، وتُوج معه بلقب الدوري الأرجنتيني عام 1981. ثم سرعان ما انتقل دييغو بعد ذلك إلى أوروبا للانضمام إلى نادي برشلونة الإسباني، بعد أن أصبحت الأرجنتين صغيرة للغاية بالنسبة له.
صورة من: AP
مارادونا يشتبك مع أودو لاتيك
لقد أنفق النادي الكتالوني رقماً قياسياً بلغ 7,3 مليون دولار في عام 1982 للفوز بتوقيع الفتى الأرجنتيني الساحر مارادونا، ولكنه لم يكن سعيداً قط في برشلونة. واشتبك مارادونا باستمرار مع المدير الفني الألماني أودو لاتيك، وذلك لاهتمامه المفرط بإقامة الحفلات الليلية في منزله الجديد وتعمد السهر. وبعد ثلاثة أعوام، ترك مارادونا النادي وربما اتخذ القرار الأفضل في مسيرته.
صورة من: imago/Werek
بطل نابولي بلا منازع
في يوليو/ تموز 1984، انتقل مارادونا إلى نابولي مقابل مبلغ قياسي عالمي آخر قدره 10.5 مليون دولار. ولم يحقق النادي الإيطالي قبل مارادونا سوى كأس إيطاليا عامي 1962 و1976، لكن الفتى الأرجنتيني قاد النادي بين عامي 1984 و1991 للتتويج بلقب الدوري الإيطالي مرتين وكأس إيطاليا وكأس السوبر الإيطالي وكأس الاتحاد الأوروبي في 1989.
صورة من: picture alliance / Mark Leech / Offside
من بطل إلى إيقونة
في نابولي تخلد مارادونا بطلاً، ولكن إقامته في المدينة ومغامراته فيها اتسمت بالشهرة والسمعة السيئة، إذ بدأ في تعاطي الكوكايين والاقتراب من المافيا المحلية. لقد تمتع مارادونا بالحياة إلى أقصى حد، على حافة الشرعية. ولكن شعبيته ظلت رغم من ذلك، وبات إيقونة خالدة.
صورة من: Getty Images
دييغو مارادونا ولقب كأس العالم
لم يترك أي لاعب آخر بصماته على بطولة كأس العالم كما فعل مارادونا عام 1986. فقد فاز بالبطولة مع الأرجنتين وأصبح نجم كرة القدم بلا منازع. وأحرز هدفه الشهير – المعروف بـ "يد الله"- ضد إنجلترا في ربع النهائي، لكنه تبعه بهدف آخر في نفس المباراة وكان واحداُ من أكثر الأهداف إثارة في تاريخ اللعبة. واُختير مارادونا كأفضل لاعب في البطولة.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/C. Fumagalli
الهزيمة الأصعب
كانت واحدة من أصعب اللحظات في مسيرة مارادونا الكروية عندما خسر نهائي كأس العالم أمام المنتخب الألماني في إيطاليا عام 1990، حيث حد المدافع غيدو بوخفالد من خطورته في المباراة، ليسجل الألماني أندرياس بريمه هدف الفوز من ركلة جزاء مانحاً ألمانيا المجد ويفسد حلم مارادونا في الفوز بكأس العالم للمرة الثانية. الكابتين لوتر ماتيوس يواسي مارادونا بالخسارة.
صورة من: picture-alliance/dpa
لحظات متهورة
وعلى مستوى الأندية انتقل مارادونا إلى إشبيلية عام 1992 قبل أن يعود إلى وطنه الأرجنتين. ولعب خمس مباريات فقط بقميص نيولز أولد بويز. ففي فبراير/ شباط 1994 أطلق النار من بندقية هوائية على الصحفيين بعد محاصرة فيلته بالقرب من العاصمة بوينس آيرس وحُكم عليه بالسجن لمدة سنتين و10 أشهر مع وقف التنفيذ.
صورة من: picture-alliance/AFP
قرار الاعتزال
خاض مارادونا مباراته الأخيرة في 25 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1997 مع نادي بوكا جونيورز الذي كان يدعمه دائماً. وقبل ذلك، تم إيقافه عن اللعب لمدة 15 شهراً بسبب تعاطيه المواد المخدرة. ومن أجل تجنب المزيد من الإيقاف، أعلن مارادونا اعتزال اللعب في نهاية الشهر، وهو يبلغ من العمر 37 عاماً، لينهي مسيرته الكروية المليئة بالسحر والإبداع والفضائح والتهور.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/N. Pisarenko
تدريب المنتخب.. حلم يتحقق ولكن...
في أكتوبر/ تشرين الأول 2008 عُين مارادونا مدرباً لمنتخب الأرجنتين، على الرغم من قلة خبرته التدريبية. ورغم نجومه الكبار ومنهم ليونيل ميسي فقد عانى فريقه في نهائيات كأس العالم 2010، حيث خسر 4-0 أمام ألمانيا في ربع النهائي وتمت إقالته في النهاية. ومن ثم درب أندية في المكسيك وأماكن أخرى، لكنه لم يكن بنفس مستوى نجاح مسيرته الكروية.
صورة من: DANIEL GARCIA/AFP/Getty Images
مارادونا والسياسة
بعد مسيرته الكروية ظل مارادونا يتصدر عناوين الصحف - على سبيل المثال عندما زار الرئيس الكوبي الأسبق فيدل كاسترو. كان هناك تقارير منتظمة عن إقامة حفلات كبيرة واستخدام مفرط للمخدرات والكحول. فأينما حل مارادونا كان موضع ترحيب.
صورة من: AP
صراع مع المرض
لقد أدى أسلوب حياة مارادونا إلى مشاكل صحية، بما في ذلك وزنه. أكثر من مرة تفادى الموت، إلى أن وفاته المنية أمس. وبعد أن خضع اللاعب السابق لجراحة طارئة هذا الشهر لعلاج تجمع دموي على المخ، تعرض مارادونا لأزمة قلبية أمس الأربعاء وتوفي عن عمر يناهز 60 عاماً. إعداد يورغ ستروشين/ و.ع