تبدأ المحكمة الولائية العليا في مدينة دريسدن بشرق ألمانيا جلسات محاكمة سبعة مشتبه بهم من اليسار المتطرف. وتجري هذه المحاكمة الكبرى وسط إجراءات أمنية مشددة وتحظى بمتابعة إعلامية كبيرة.
تركز المحاكمة بشكل أساسي على شخص يُدعى بموجب قوانين الخصوصية الألمانية باسم يوهان غي، حيث يعتقد أنه كان يشغل موقعاً قيادياً في المجموعةصورة من: Johannes Eisele/dpa/picture alliance
إعلان
انطلقت اليوم (الثلاثاء 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025) بمدينة دريسدن الألمانية محاكمة مجموعة من سبعة أشخاص بشبهة الانتماء إلى حركة "أنتيفا أوست" اليسارية المتطرفة.
ويمثل المتهمون - وهم 6 رجال وامرأة - أمام المحكمة، بتهمة تورطهم، بحسب مكتب المدعي العام الفيدرالي الألماني، بثمانية هجمات في ألمانيا وعدة هجمات في المجر بين عامي 2018 و2023. وتبدأ المحاكمة بعد أيام قليلة من تصنيف الولايات المتحدة الحركة "منظمة إرهابية"، إلى جانب حركات أخرى تصف نفسها بأنها مناهضة للفاشية في أوروبا. وتعرف الحركة أيضا باسم "عصابة المطرقة".
تهم متعددة
وتواجه المجموعة اتهامات بتنفيذ هجمات عنيفة ضد أشخاص من الأوساط اليمينية المتطرفة على مدار عدة سنوات. وتشمل التهم الموجهة إليهم إحداث إصابات جسيمة والشروع في القتل والانتماء إلى منظمة إجرامية وإلحاق أضرار بالممتلكات.
ويُشتبه في أن من بين ضحايا المتهمين صاحب مطعم في تورينغن في شرق ألمانيا يشكل ملتقى لمتعاطفين مع اليمين المتطرف وتعرض لهجومين. ويُتهم اثنان من المشتبه بهم، وهما يوهان غ. وبول م.، بمهاجمة عدة أشخاص في بودابست في شباط/فبراير 2023 وإصابتهم بجروح.
تصاعد التهديدات الأمنية في ألمانيا
02:22
This browser does not support the video element.
وتركز المحاكمة بشكل أساسي على شخص يُدعى بموجب قوانين الخصوصية الألمانية باسم يوهان غي، حيث يعتقد أنه كان يشغل موقعاً قيادياً في المجموعة، وكان متوارياً عن الأنظار واختبأ لفترة طويلة قبل أن يقبض عليه محققو مكتب الشرطة الجنائية لولاية سكسونيا قبل عام.
ويوهان غ. متهم إلى جانب بول م.، بتنظيم دورات تدريبية يستعد فيها المشاركون للقتال والتخطيط لهجمات. ويُشتبه في أن الحركة خزّنت مطارق ورذاذ فلفل وأزياء وهواتف محمولة في مستودعات يديرها بول م.
إعلان
امتداد لقضية أخرى
وتعد هذه المحاكمة الكبرى الجارية في عاصمة الولاية، دريسدن، والتي من المقرر أن تستمر جلساتها حتى صيف 2027، امتداداً للقضية ضد الطالبة لينا إي.
وكانت المحكمة الولائية العليا في دريسدن قد حكمت على (لينا إي.) في عام 2023 بالسجن خمس سنوات وثلاثة أشهر، فيما تلقى ثلاثة من المتهمين الآخرين أحكاما أقل. وقد أدانهم شاهد رئيسي. ويشتبه في أن جميعهم كانوا ينتمون إلى نفس المجموعة التي يمثل أعضاؤها الآن أمام المحكمة.
تعد هذه المحاكمة الكبرى الجارية في عاصمة الولاية، دريسدن، امتداداً للقضية ضد الطالبة لينا إي.صورة من: Ulrich Wagner/dpa/picture alliance
يذكر أنه في أيلول/سبتمبر وقّع الرئيس الأمريكي أمراً تنفيذياً صنّف بموجبه حركة "أنتيفا" (مصطلح عام يُطلق على جماعات يسارية متطرفة ترفع لواء مناهضة الفاشية) "منظمة إرهابية محلية"، وذلك غداة مراسم تأبينية أقيمت للمؤثر المحافظ تشارلي كيرك الذي اغتيل في العاشر من ذلك الشهر.
ورحب حزب البديل لألمانيا اليميني المتطرف بالقرار الأمريكي وحض برلين على أن تحذو حذوه. ولكن متحدثة باسم وزارة الداخلية الألمانية أكّدت أن "الخطر المحتمل الذي تُشكّله حركة" أنتيفا أوست "انخفض بشكل ملحوظ مؤخراً". وأوضحت أن ذلك يعود إلى أن "قادة الحركة، وخصوصاً أعضاءها العنيفين، إما صدرت بحقهم أحكام مبرمة أو أنهم محتجزون" في انتظار المحاكمة.
ومن المقرر أن تستمر محاكمة المتهمين الـ 7 حتى تموز/يوليو 2026.
تحرير: عماد حسن
"مواطنو الرايخ".. متطرفون ألمان يخططون لإسقاط الدولة
يُعرف عن أعضاء حركة "مواطني الرايخ" التطرف اليميني والعنف وعدم الاعتراف بجمهورية ألمانيا الاتحادية التي تأسست بعد انهيار النازية. فما هي هذه الحركة؟ وما الخطر الذي تشكله؟ وكيف تتعامل معهم ألمانيا؟
صورة من: picture-alliance/chromorange/C. Ohde
ماذا يعتقد أعضاء الحركة؟
ترفض حركة "مواطني الرايخ" وجود شيء اسمه الدولة الألمانية الحديثة، ويصرّ أعضاء الحركة على أن الامبراطورية الألمانية لا تزال قائمة بحدود 1937 أو حتى بحدود 1871. تقول الحركة إن ألمانيا حاليا لا تزال محتلة من لدن القوى الأجنبية، وأن البرلمان والحكومة وكذلك السلطات الأمنية، ليست سوى دمى متحكم فيها من تلك القوى.
صورة من: picture-alliance/SULUPRESS/MV
فولفغانغ إبل.. أول "مواطني الرايخ"
فولفغانغ إبل من برلين الغربية هو أول من قال باستمرار وجود "دولة الرايخ". عمل إبل في خدمة القطارات المحلية ببرلين التي أدارتها آنذاك حكومة ألمانيا الشرقية تحت اسم "دويتشه رايشسبان". وعند تسريحه من وظيفته عام 1980، زعم بأنه كان موظفا حكوميا بالفعل في "دولة الرايخ" ولا يمكن إقالته من قبل مؤسسة قامت بعد الحرب. لكنه خسر كل الدعاوى القضائية التي رفعها ليتبنى بعد ذلك نظريات متطرفة وعنصرية.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Ebener
ماذا يفعل أعضاؤها؟
يرفض المنتسبون للحركة أداء الضرائب أو الغرامات. يعتبرون أن كل ما يجنونه مالهم الخاص وأن ممتلكاتهم كالمنازل هي أمور بعيدة تماما عن أيّ تنظيم أو إشراف من سلطات الدولة. يرفض أعضاؤها كذلك الإقرار بالدستور الألماني وبقية القوانين الموجودة في البلد، لكنهم في الآن ذاته يرفعون عدة دعاوى قضائية! يقومون بإعداد أوراقهم الخاصة غير المعترف بها كجوازات السفر ورخص القيادة.
صورة من: picture-alliance/Bildagentur-online/Ohde
كيف تطوّرت الحركة؟
بدأت الحركة سنوات الثمانينيات، لكن ما بدا أنه مجموعة ضعيفة دون قيادة، تطوّر إلى حركة من حوالي 19 ألف منتسب بحسب ما تؤكده الاستخبارات الألمانية. حوالي 950 من أعضائها تم تصنيفهم متطرفين من أقصى اليمين. على الأقل ألف عضو في الحركة يملكون رخص حيازة السلاح، وعدد كبير منهم يتبنون إيديولوجيات معادية للسامية وللأجانب.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Weihrauch
ما هي سمات أعضائها؟
يبلغ معدل أعمار أعضاء المجموعة 50 عاما. الرجال هم الجنس الأكثر حضورا داخلها. كما تجذب أشخاصًا يعانون من مشاكل مالية واجتماعية. يترّكز أعضاؤها بشكل أكبر في جنوبي وكذلك شرقي البلاد. من أشهر أسمائها، أدريان أرساخي، متوج سابق بلقب أكثر رجال ألمانيا وسامة. يقضي حاليا عقوبة بسبع سنوات، منذ الحكم عليه عام 2019 بعد إطلاقه النار وتسبّبه بجروح لرجل شرطة.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Schmidt
المنعطف الخطير
تُعتبر قضية فولفغانغ ب. ، الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 2017 بعد إدانته بقتل ضابط شرطة، هي المنعطف الذي دفع السلطات الألمانية إلى التعامل بشكل أكثر جدية مع متطرّفي هذه المجموعة. قام هذا المُدان بإطلاق النار على ضباط كانوا يفتشّون منزله بحثًا عن إمكانية حيازته أسلحة نارية. أحدثت الجريمة ضجة كبيرة وجذبت أنظار العالم كما طرقت ناقوس الخطر حول العنف اليميني المتطرف في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
جهود متأخرة
يتهم متتبعون ألمانيا بأنها لم تأخذ لمدة طويلة التهديد الذي تمثله هذه المنظمة على محمل الجد، ففي 2017 فقط بدأت الأجهزة الأمنية الألمانية لأول مرة بتوثيق الجرائم ذات الخلفية المتطرفة بين المجموعة. منذ ذلك الحين، تكرّرت المداهمات الأمنية لأهداف الحركة، كما قامت السلطات بحظر العديد من أنشطتها وفروعها. كذلك حقق جهازا الشرطة والجيش داخلياً لمعرفة إذا ما وُجد أعضاء أو متعاطفون مع الحركة بين صفوفهما.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Zinken
"إخوة" عبر العالم
رغم إعلان تشبثها بـ"الامبراطورية الألمانية"، إلّا أن عددا من أعضائها ظهروا مع العلم الروسي، ما قوّى اتهامات للحركة بأنها مدعومة من روسيا لأهداف تضرّ بالسلطات الألمانية. هناك تشابه بين "مواطني الرايخ" والحركة الأمريكية "حرية على الأرض" التي يؤمن أعضاؤها أنهم لا يحترمون إلّا القوانين التي تناسبهم بها وبالتالي فهم مستقلون عن الحكومة وقوانينها.
صورة من: DW/D. Vachedin
الأمير هاينريش الثالث عشر.. قائد المؤامرة
تزعم الأمير هاينريش الثالث عشر مجموعة "مواطني الرايخ" المتهمة بتدبير مؤامرة الانقلاب التي كشفت عنها السلطات مؤخرا. كان هاينريش قد خسر كل القضايا التي رفعها لاستعادة ممتلكات تعود لحقبة القيصر. وزعم بعد ذلك أن جمهورية ألمانيا الاتحادية قامت على أسس غير صحيحة، مرددا عبارات معادية للسامية وروج لإحياء الإمبراطورية وزعم أنه جرى تفكيكها ضد رغبة الشعب. إعداد: سامانثا إيرلي، رينا غولدينبرغ (ترجمة إ.ع/ م.ع)