1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

محاكمة مبارك ـ "تطبيق حكم الشعب وإنذار للطغاة العرب"

٦ أغسطس ٢٠١١

محاكمة القرن، الفرعون في القفص، الشعب يريد إهانة الرئيس، العدالة الثورية تتحقق أخيرا، مبارك بالمحكمة وطغاة العرب يرتعدون، هذه عينات من تعليقات قيلت في الجلسة الأولى لمحاكمة الرئيس المصري السابق. فما دلالات هذه المحاكمة؟

مبارك في قفص الاتهامصورة من: Egyptian State TV/dapd

"لم أتصور يوما ما بأني سأرى مشهدا من هذا النوع، وهذا الشعور ليس حكرا علي بل يشاركني فيه الملايين من المصريين وغيرهم من كل أنحاء العالم الذين تابعوا هذه المحكمة على الهواء مباشرة". بهذه الكلمات وصف الصحافي الألماني المخضرم فولكهارد فيندفور، رئيس جمعية المراسلين الأجانب في القاهرة، مشاعره وهو يرى الرئيس المصري السابق حسني مبارك ممتدا على سرير في قاعة محكمة أعدت خصيصا له ولنجليه ووزير داخليته الشهير حبيب العادلي في كلية الشرطة. وإذا كان منظر مبارك، الذي حكم مصر لثلاثة عقود "بشكل مطلق"، يحمل دلالات كثيرة فإن المكان نفسه لم يخلُ منها أيضا. فإحدى أهم التهم الموجهة لمبارك هي إصدار الأوامر لقوات الأمن بإطلاق النار على المتظاهرين.

هذا الكلام لا يعني أن فيندفور، الذي يعيش في القاهرة منذ عام 1973 مراسلا لمجلة دير شبيغل الألمانية الذائعة الصيت، يرى في إحضار مبارك بهذه الطريقة انتصارا للثأر على العدالة والمصالحة كما ذهب بعض المعلقين الغربيين وحتى العرب في تعليقاتهم على الجلسة الأولى من محاكمة مبارك. وإذ يقر فيندفور بأن المسؤولين المصريين، سواء المجلس العسكري أو هيئة القضاء، تصرفوا تحت ضغط الثوار، لكنه لا يستنتج من هذه الخطوة أن "مسار المحكمة قد تحدد مسبقا لمجرد أنه تم إدخال الرئيس السابق إلى القفص وهو على سرير المرض والشيخوخة". ويضيف فيندفور، في حوار مع دويتشه فيله، أنه وبعد المظاهرات المليونية الأخيرة كان من المنتظر البدء بإجراء محاكمة الرئيس السابق مبارك.

محاكمة مبارك والمجلس العسكري

فولكهارد فيندفور مراسل دير شبيغل في القاهرة منذ عام 1973صورة من: picture-alliance / dpa

ويرفض فيندفور ما ذهب إليه البعض بأن إحضار مبارك بهذه الكيفية إلى قفص الاتهام لم يكن إلا صفقة تمت مع المجلس العسكري لامتصاص غضب الشارع المصري بعد الاعتصامات والمظاهرات الأخيرة. ويشدد الصحافي الألماني، الذي تعرف على مبارك عن قرب وعايش كل مراحل حكمه، على أن "ما شاهدناه ليس إلا بداية لمسلسل قضائي لم يكتمل بعد، بمعنى أنها كانت الجلسة الأولى فقط. وبالرغم من المعاني السياسية الواضحة لهذه المحاكمة إلا أننا لا نملك دليلا على أنها سُيّست من قبل القضاء المصري، على الأقل حتى هذه اللحظة". وإذا كان صحيحا ما يشاع بأن "هذه الجلسة كانت شكلية وأن المجلس العسكري أراد منها امتصاص غضب الشارع فإن الأيام المقبلة ستكشف ذلك من عدمه خصوصا أن الجلسة الثانية على الأبواب. فإذا حصل تباطؤ في عمل المحكمة أو تلاعب بها عندها يمكن تصديق هذه الإشاعات".

من جانبه يعرب المؤرخ المصري الشاب شريف يونس عن استغرابه من صدور الكلام عن الثأر والتحذير من عدم إجراء محاكمة عادلة لمبارك في بعض الصحف الغربية. ويتساءل يونس، في حوار مع دويتشه فيله، بالقول: "لا أعرف إذا كان هذا الكلام ينبع من نزعة استشراقية متعالية تجاه شعوب العالم الثالث التي يمكن ارتكاب فظائع بحقها دون أن يترتب عن ذلك أية نتائج". ويضيف يونس أنه يرى أن المحاكمة تمثل حلاً وسطا بين تطبيق العدالة الثورية في الشارع، على غرار الثورة الفرنسية وبين إفلات مبارك من العقاب ونجاح الثورة المضادة.

أما المحامي ناصر أمين، رئيس مركز استقلال القضاء، فينتقد بشدة من يصف محاكمة مبارك بالشكلية أو باتهام المجلس العسكري بالتواطؤ "كي يفلت مبارك من العقاب". ويضيف أمين، في حوار مع دويتشه فيله، أن "للمجلس العسكري مصلحة في إجراء المحاكمة وأن تكون علنية وأن تصدر أحكام عنها حتى يضع حدا لهذه الإشاعات ويطوي صفحة مبارك".

تحقيق مطالب الثورة ورسالة إلى العالم العربي

يرى معظم المراقبين أن مشاهدة مبارك في قفص الاتهام كانت رسالة إنذار إلى القادة العربصورة من: Egyptian State TV/dapd

ويرى المؤرخ شريف يونس أن هذه المحكمة تشكل إحدى أهم المراحل المحورية للثورة المصرية من حيث دلالتها؛ فهي تعني "تسليم الدولة المصرية وبشكل قانوني وقاطع بحدوث ثورة في البلاد". وهي، المحاكمة، تعبير عن "نقطة مهمة في مسار الثورة المصرية والثورات العربية عموما، أعني تطبيق حكم الشعب، ليس بالطريقة السلطوية التي كانت تقوم على وجود هوة كبيرة بين الحكام والمحكومين، بل بالمعنى الحرفي للكلمة: الحاكم العربي في قفص الاتهام أمام شعبه". وحسب يونس فإن هذه الدلالة لا تنطبق على مصر وحدها بل تنسحب على المنطقة كلها.

ويشدد الصحافي الألماني المقيم في القاهرة فولكهارد فيندفور على أهمية علنية هذه المحاكمة لمصر والعالم العربي عموما. فهي رسالة واضحة "وبالدليل الحي أن بإمكان الشعوب أن تتحرر وتسقط النظم الاستبدادية وأن أي حاكم، مهما بلغ جبروته، لن يفلت من العقاب". فمشاهدة مبارك في قفص الاتهام، تؤثر "في المقام الأول في الجمهور المصري الذي لم يكن يصدق أن هذا ممكن أو قد يحصل في أي يوم من الأيام. كما تؤثر إيجابيا في الجمهور العربي الذي يرى بأم عينيه كيف أن شعبا عربيا أنجز ثورته وأثبت أنه في مقدوره أن يعامل الكبير كما كان يعامل الصغير ".

أحمد حسو

مراجعة: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW