منذ ترشيحه للمنافسة على منصب المستشار بقي أرمين لاشيت مرشح الاتحاد المسيحي متردداً في اتخاذ الكثير من القرارات. من يكون هذا المرشح الذي يوصف بالحزم والقوة؟ وما هي أهم المحطات في مسيرته السياسية الطويلة؟
إعلان
يقود رئيس وزراء ولاية شمال الراين-ويستفاليا، أرمين لاشيت، منذ كانون الثاني/يناير من هذا العام الحزب المسيحي الديمقراطي. ويطمح الرجل البالغ من العمر 60 عاماً في خلافة المستشارة الحالية أنغيلا ميركل. منذ كارثة الفيضانات في غرب البلاد التي خلفت 170 قتيلاً ومفقودين وخسائر مادية هائلة يتعرض لاشيت لضغوط وانتقادات.
ضحكة "غبية"
في زيارة له مع الرئيس الاتحادي فرانك-فالتر شتاينماير لأحد المناطق المنكوبة وبينما كان الرئيس يعبر عن فزعه واستيائه، التقطت الكاميرات لاشيت وهو يضحك مع عدد من مساعديه. كرر لاشيت اعتذاره عما وصفه بالضحكة "الغبية" عدة مرات. وجاءت تصريحاته المتناقضة بشأن العلاقة بين التغير المناخي والفيضانات لتثير الارتباك أكثر.
وهنا مربط الفرس: منذ ترشيحه من قبل الاتحاد المسيحي للمنافسة على منصب المستشار لم يثبت لاشيت على رأي واضح في الكثير من القضايا. وفي بعض القضايا، يعتمد لاشيت الاستمرارية على نهج ميركل، وفي قضايا أخرى يختلف معها، ولكنه لا يقول ذلك بصوت عال جداً.
"أعصاب قوية وحزم"
فقط في منتصف نيسان/أبريل تمكن لاشيت من حسم الصراع المحتدم مع رئيس وزراء ولاية بافاريا الغنية، ماركوس زودر، على من سيكون مرشح الاتحاد المسيحي، المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي وشقيقه الحزب المسيحي الاجتماعي (البافاري)، على منصب المستشار. كانت استطلاعات الرأي تعطي الأفضلية لزودر، غير أن لاشيت أظهر أن لديه أعصاباً قوة وحزماً، وهي ما يحتاجه رئيس الحكومة. إنه "مقاتل"، هكذا يصفه أصدقاء له في الحزب.
عندما انتخب الحزب لاشيت كرئيس له على حساب فريدرش ميرتس بداية العام رأى الكثيرون في لاشيت الضامن للاستمرارية في نهج ميركل.
لاشيت منذ 2012 واحد من خمسة نواب لميركل كرئيسة للحزب. وهو يمثل "الحزب المسيحي الديمقراطي الوسطي". وتتردد في خطاباته عبارة: "نفوز فقط عندما نبقى في الوسط أقوياء". بهذا الشعار تمكن لاشيت، الكاثوليكي المنحدر من مدينة آخن، من الفوز برئاسة وزراء ولاية شمال الراين-ويستفاليا عام 2017، ومن ثم برئاسة الحزب، ومن ثم باختياره من قبل الاتحاد المسيحي للمنافسة على منصب المستشار.
عندما ووجهت ميركل بانتقادات بسبب سياسة الأبواب المفتوحة أمام اللاجئين عام 2015 بقي لاشيت رفيقها وحليفها المخلص. لكن فيما يخص التعامل مع جائحة كورونا، نأى لاشيت بنفسه تدريجياً عن ميركل.
لا يولي لاشيت الكثير من الاهتمام لقضايا التحديث والرقمنة والبدايات الجديدة. ويأتي على ذكر الحرية والمسؤولية كأسس للحزب الديمقراطي المسيحي إذ يقول: "يمكننا التغير، لكننا في السنوات الماضية أصبحنا مرتاحين للغاية". وفي العلن يمكن للاشيت أن يتحمس لحماية المناخ، دون أن يكون ذلك الحماس كبيراً على أرض الواقع السياسي، أو حتى ليعيد التفكير في قرارته السابقة.
لاشيت والخضر
اشتدت حدة اللهجة بين الاتحاد المسيحي والخضر منذ ترشيح لاشيت. وتركزت المعركة حول فضائح صغيرة في ماضي لاشيت وضحكه وقت الفيضانات. بينما هوجمت مرشحة الخضر، انالينا باربوك، بخصوص بيانات غير صحيحة في سيرتها الذاتية وانتحال بعض أجزاء كتاب نشر لها. ويتحول النقد بين المعسكرين إلى حقد، وخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي.
عمل لاشيت منذ دخوله البرلمان الاتحادي عام 1994 على بناء علاقات ثقة بين الخضر وحزبه. وفي بعض القضايا كالاندماج لديه حلفاء في حزب الخضر أكثر منهم في حزبه. وفي هذا السياق يقول: "لنجعل العشرينات عقد التحديث لألمانيا، ما يعني ديناميكية اقتصادية جديدة، وأمن شامل وأفضل فرص التعليم وأعدلها". هذا هو شعار حملته الانتخابية. وحاول لاشيت غالبا التحدث من منظور الاقتصادي فيما يتعلق بالتعامل مع الجائحة، وحتى فيما يخص الفيضانات تحدث أيضا من زاوية الاقتصاد.
من أسفل السلم إلى أعلاه
يعرف أرمين لاشيت كل جوانب المطبخ السياسي. كان الدارس للقانون عضواً في مجلس مدينة آخن (1989-2004)، وعضواً في البرلمان الاتحادي (1994-1998)، وعضواً في البرلمان الأوروبي (1999-2005)، وما يزال عضواً في برلمان ولاية شمال الراين-ويستفاليا منذ عام 2010.
نشأ لاشيت في مدينة آخن المحاذية لبلجيكا. وهذا أعطى شخصيته بعداً أوروبياً. ومنذ عام 2019 تولى منصب مفوض ألمانيا في العلاقات الثقافية مع فرنسا. ولدى الرجل علاقات مكثفة مع القيادة السياسية في باريس منذ أمد.
وفيما يخص العلاقة عبر الأطلسي، زار لاشيت الولايات المتحدة في عام 2019 وهو رئيس وزراء ولاية شمال الراين-ويستفاليا. وعلى ضوء تجربته السياسية هناك الأشياء التي ينبغي عليه العمل لتداركها.
وبعد الانتخابات؟
"من يدير ولاية (شمال الراين-ويستفاليا) بنجاح، يمكن أن ينجح في رئاسة الحكومة الاتحادية". بهذا الكلام يحاول لاشيت إقناع الناخبين. ومهما يكن من الأمر، سيبدأ العمل الفعلي بعد الانتخابات في محاولة تشكيل الحكومة. وهنا يستبعد لاشيت التعاون مع حزب البديل من أجل ألمانيا. ولكن حتى في صفوف حزبه هناك الكثير من العمل بانتظاره ألا وهو: مخاطبة المحافظين والنساء اللواتي كن فخورات بميركل. على ضوء ذلك يبدو أن طريق أرمين لاشيت إلى المستشارية ما زال طويلاً جداً وغير معبد.
كريستوف شتراك/خالد سلامة
15 عاماً على دفة القيادة ـ محطات في مسيرة المستشارة ميركل
كأول امرأة في تاريخ بلادها تشغل أنغيلا ميركل منصب مستشارة ألمانيا منذ عام 2005. قادت أربع حكومات، وأدارت أزمات صعبة بحنكة سياسية وجدارة أبهرت العالم، وهي اليوم أشهر قادة العالم. محطات في مسيرة ميركل السياسية.
"تلميذة كول"
كان المستشار الألماني الأسبق، هيلموت كول، يطلق على أنغيلا ميركل، لقب "تلميذة". لم تخرج ميركل من عباءته إلا بعد فترة طويلة في عام 2001، عندما كان الحزب المسيحي الديمقراطي CDU في المعارضة، وكانت ميركل زعيمة الحزب، غير أن فرصتها الكبيرة لم تأت إلا عام 2005.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Altwein
بداية متعثرة
بفارق ضئيل فاز الاتحاد المسيحي الديموقراطي وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي CSU على الحزب الاشتراكي الديمقراطي SPD بقيادة المستشار غيرهارد شرودر في انتخابات عام 2005. سجل الحزب المسيحي الديمقراطي بقيادة المرشحة لمنصب المستشارة، أنغيلا ميركل أسوأ نتيجة له منذ عام 1949. هذه الظروف كانت لا تبدو جيدة في بداية مشوار أي مستشار جديد، لكن ميركل سرعان ما ثبتت أقدامها بين كبار الساسة.
صورة من: dpa
أول مستشارة في تاريخ ألمانيا
في نهاية المطاف، أتفق التحالف الاتحاد المسيحي مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي تشكيل تحالف كبير. شرودر هنأ المستشارة الجديدة أنغيلا ميركل، التي تم انتخابها في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2005 من قبل البرلمان الألماني كأول مستشارة امرأة في تاريخ ألمانيا، وأصغر سياسية، والأولى من ألمانيا الشرقية سابقا، وأول عالمة فزياء في هذا المنصب.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/F. Reiss
الهيمنة على المشهد السياسي
تمكنت ميركل من الهيمنة على الساحة السياسة بسرعة. في قمة مجموعة الثماني في عام 2007، استقبلت رؤساء دول وحكومات أهم سبع دول صناعية وروسيا في منتجع هيليغيندام على بحر البلطيق، ومازحت الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج بوش (إلى اليسار) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. من الناحية الجيوسياسية، فقد كانت أجواء عالم السياسية في هذه الفترة أفضل بكثير مما هي عليه اليوم.
صورة من: AP
لعبة الألوان والسياسة
مظهر وأزياء المستشارة، ملفتة للنظر أيضاً، فهي دائما ما تطل بسترات ذات ألون معينة وعادة ما يظل لون البناطيل التي ترتديها غامق اللون، وما يتغير هو لون السترة فقط. بسبب تغير الألوان هذا، يعتقد الخبراء أنهم يستطيعون معرفة الحالة المزاجية للمستشارة أو الرسالة التي تحاول نقلها.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Schreiber
الأكثر شعبية داخل الاتحاد الأوروبي
في بداية الأزمة المالية، صعدت شعبية ميركل بسرعة وتحولت إلى رقم واحد بلا منازع في الاتحاد الأوروبي. هنا في خريف عام 2008، تظهر ميركل بابتسامة لطيفة أمام اثنين من مفتولي العضلات على المسرح الأوروبي، الرئيس الفرنسي آنذاك، نيكولا ساركوزي (في المقدمة) ورئيس الوزراء الإيطالي في ذلك الحين، سيلفيو برلسكوني.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Cerles
التعامل مع الأزمة المالية
عندما ازدادت ديون العديد من الدول الأوروبية، وأصبحت العملة الموحدة في خطر، وافقت ميركل على مساعدات مكثفة، لكنها في المقابل طالبت بإجراءات تقشفية في البلدان المعنية، ما أثار نقمة على ميركل هناك أعاد الذكريات المرة، خاصة في اليونان، حيث قارنت الصحف اليونانية تعاملها بالاحتلال النازي إبان الحرب العالمية الثانية.
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Panagiotou
منبر الشعب
هي متحدثة متمكنة، حب الظهور لا يعنيها كثيراً، غالباً ما تبدو صلبة، وحازمة في سياستها، لكن أسلوبها الرصين والواقعي والمتواضع يروق للكثيرين، وإلا لما كانت ستستطيع أن تدير الأمور في بلادها كل هذه السنوات.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Gentsch
"ماما ميركل"
في مرحلة ما اطلق عليها لقب "ماما ميركل". وطبعا ليس المقصود الأم بل أم الأمة، إنه نوع من السخرية أو المحبة وهو تقليد قديم. إذ لم يعد هذا الوصف يستخدم من قبل الصغار اليوم. الأم تعطي الاهتمام والعناية، ما يبدد الخوف. أما الجانب السلبي لهذا الوصف، هو أن الأطفال يبقون دائماً أطفالًا ولا يحب الجميع هذا.
صورة من: picture-alliance/dpa/U. Anspach
"يمكننا فعل ذلك"
أكثر ما اشتهرت به أنغيلا ميركل، هو جملتها الشهيرة "يمكننا فعل ذلك"، التي قالتها إبان موجة اللاجئين.، عندما أبقت الحدود مفتوحة أمام اللاجئين والمهاجرين في عامي 2015 و2016. لذلك اعتبرها البعض بمثابة قديسة لكن البعض الآخر أنتقدها بشدة. الانقسام في تقييم سياستها تجاه اللاجئين ما يزال قائما حتى اليوم.
صورة من: Getty Images/S. Gallup
"شخصية العام" 2015
في عام 2015 ، أطلقت مجلة "تايم" على ميركل لقب "شخصية العام" وحتى "مستشارة العالم الحر"، بسبب قدرتها على الإدارة في المواقف الصعبة، بدءاً من تعاملها مع الأزمة المالية العالمية ومروراً بأزمة اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Time Magazine
ملهمة النساء
ميركل هي أول امرأة في المستشارية، لكنها لم تجعل من ذلك قضية سياسية كبرى لها، غير أنه بفضل دعمها كان لبعض النساء مسيرة مهنية بارزة في الحكومة الألمانية. من أبزر الأسماء النسائية البارزة في المشهد السياسي الحالي: أنغريت كرامب كارينباور (رئيسة الاتحاد الديمقراطي المسيحي ووزيرة الدفاع)، و أورزولا فون دير لاين (رئيسة المفوضية الأوروبية)، وجوليا كلوكنر (وزيرة الزراعة).
صورة من: picture-alliance/M. Schreiber
المصلحة الوطنية
ميركل متحفظة ولا تظهر آراءها السياسية أو الشخصية بشأن رؤساء الدول والحكومات، وفي أغلب الأحيان تعبر عن آراء غامضة للغاية. هي تحرص في تعاملها على ما تقتضيه المصلحة الوطنية.
صورة من: picture-alliance/C. Hartmann
الغرور ليس من صفاتها
تعلم كم يبلغ ثمن لتر من الحليب!. حتى بعد سنوات من توليها منصب المستشارة، لم يغر ذلك شيئاً من أنغيلا ميركل. هنا في عام 2014 زارت أحد المحلات التجارية في برلين مع ضيفها المسؤول الصيني لي كه تشيانغ. لكنها شوهدت أيضا وهي تتسوق وحدها، كربة منزل.
صورة من: picture alliance/dpa/L.Schulze
سر حركة اليد المقبوضة
اشتهرت ميركل بحركة اليد المقبوضة، ولا أحد يعلم ما الذي تخفيه تلك الحركة. هي نفسها تقول إن الحركة تساعدها في الحفاظ على الجزء العلوي من جسمها مستقيماً ولا توجد رسالة أخرى من وراءها. على أي حال، استخدم الحزب المسيحي الديمقراطي حركة اليد على هذا الملصق الضخم خلال الحملة الانتخابية الألمانية لعام 2013 للتعبير عن الثقة والهدوء.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Simon
حياة ميركل الخاصة
لا يُعرف سوى القليل عن حياة ميركل الخاصة. إنها لا تكشف الكثير عنها، وربما لا يهتم الناس بذلك. نعلم، على سبيل المثال، أن ميركل وزوجها يواخيم زاور، العالم الفيزيائي أيضاً (في الصورة) يقضيان كل سنة إجازة عيد الفصح في جزيرة إيشيا الإيطالية، لكن هذا لم يكن ممكنا هذا العام بسبب الجائحة.
صورة من: picture-alliance/ANSA/R. Olimpio
إدارة أزمة كورونا
لقد غير الوباء الكثير في ألمانيا، ليس فقط طقوس إجازة المستشارة. ولطالما تعرضت سياسة ميركل الجادة والموضوعية للانتقادات، لكن تعاملها مع الوباء قد سجل أيضاً أرقاماً قياسية جديدة في شعبيتها.
صورة من: Johanna Geron/Reuters
قرب الوداع
أعلنت ميركل قبل عامين عن عدم رغبتها الترشح لولاية خامسة في انتخابات خريف عام 2021، لكنها حتى ذلك الحين تريد البقاء في المنصب. في حالة استمرارها في المنصب، كانت ميركل ستقترب من الحكم لما يقرب من 16 عاماً وبمدة أقصر بقليل من هيلموت كول، صاحب الرقم القياسي السابق في المستشارية.