أيدت أعلى محكمة ايطالية حكماً بالسجن لأربع سنوات، صادر بحق رئيس الوزراء السابق سلفيو برلسكوني في قضية التهرب الضريبي، لكن ثلثي المدة شملهما العفو بسبب تقدم عمره، فيما سيُعاد النظر بقرار منعه من ممارسة أي منصب رسمي.
إعلان
ثبتت محكمة التمييز الخميس (الأول من آب/ أغسطس 2013) الحكم بالسجن الصادر ضد رئيس الحكومة الايطالية السابق سيلفيو برلسكوني بتهمة التهرب الضريبي وقررت إعادة النظر في محكمة الاستئناف بقرار منعه من ممارسة أي منصب رسمي طيلة خمسة أعوام. لكن برلوسكوني البالغ من العمر ستة وسبعين عاما، لن يقضي فترة الحكم في السجن، فثلاث سنوات شملها العفو بسبب تقدمه في العمر، وذلك بموجب قانون صادر عام 2006. أما السنة المتبقية، فأمام برلوسكوني خياران، إما القيام بأعمال خيرية، أو الإقامة الإجبارية في أحد قصوره.
وأصدرت في مايو الماضي محكمة في ميلانو، حكماً بالسجن لأربع سنوات في حق برلسكوني في قضية تعرف صحفياً بـ"ميديا سات"، التي اتهم فيها بممارسة "احتيال ضريبي ممنهج"، عبر رفع رسوم النقل التلفزي وفق إطار غير قانوني.
وهذا أول حكم نهائي ضد سيلفيو برلسكوني الذي واجه منذ دخوله المعترك السياسي في 1994 عدداً كبيراً من القضايا لكنه استفاد على الدوام من التقادم أو من التبرئة. وبعد مناقشات استمرت يومين، عقدت المحكمة اجتماعاً للتداول ثم أصدرت قرارها بعد ساعات. أما الحكم بمنع برلسكوني من تولي أي منصب رسمي طوال خمس سنوات، فأحالته محكمة التمييز إلى محكمة الاستئناف في ميلانو.
وقال نيكولو غيديني، وهو أحد محامي برلسكوني: "لا يوجد في حيثيات الحكم" في البداية والاستئناف "الدليل على أن برلسكوني شارك في الجريمة المزعومة". وقال محاميه الثاني فرانكو كوبي: "كان يفترض تبرئة برلسكوني في البداية". وأضاف كوبي "برلسكوني كما يعلم الجميع يخصص كل وقته منذ 1994 للسياسة ولا يهتم بإدارة شركاته".
رحيل برلسكوني.. نهاية شخصية مثيرة في عالم الأعمال والسياسة و"الفضائح"
بعد حياة حافلة ومثيرة للجدل توفى سيلفيو برلسكوني، قطب العقارات والإعلام وكرة القدم، والسياسي الذي سيطر على الحياة العامة الإيطالية لسنوات ودخل التاريخ من عدة أبواب ليس أهمها كونه أطول رئيس وزراء إيطالي بقاء في منصبه.
صورة من: Cecilia Fabiano/LaPresse via ZUMA Press/picture-alliance/dpa
تدهور صحي
الاثنين (12 حزيران/يونيو 2023) وعن 86 عاماً رحل سيلفيو برلسكوني بعد معاناة من اللوكيميا (سرطان الدم) والتهاب رئوي. وكان برلسكوني في حالة صحية سيئة لسنوات. في نهاية عام 2020، على سبيل المثال، أصيب بفيروس كورونا والالتهاب الرئوي، وفي السنوات السابقة كان لا بد من نقله إلى المستشفى بسبب التهاب في المسالك البولية. وفي عام 2016، خضع لعملية جراحية في القلب.
صورة من: Luca Bruno/AP/picture alliance
مع ميلوني!
ورغم مشاكله الصحية والمعارك القضائية التي خاضها بلا هوادة، رفض برلسكوني التخلي عن السيطرة على حزب (إيطاليا.. إلى الأمام) وعاد إلى صدارة المشهد السياسي، وفاز بمقعد في البرلمان الأوروبي في عام 2019 وبمقعد في مجلس الشيوخ الإيطالي العام 2022. وحزبه جزء من الائتلاف اليميني الحاكم برئاسة جورجيا ميلوني وعلى الرغم أنه لم يكن له دور بشخصه في الحكومة فمن المرجح أن تسبب وفاته هزة في المشهد السياسي الإيطالي.
صورة من: Gregorio Borgia/AP Photo/picture alliance
ثروة هائلة
برلسكوني أحد الرجال الأكثر ثراء في شبه الجزيرة الإيطالية مع امتلاكه ثروة تقدرها مجلة فوربس بنحو 6,4 مليارات يورو. وتواجه إمبراطورتيه التجارية مستقبلاً غامضاً. ولم يذكر برلسكوني علناً من سيتولى المسؤولية الكاملة عن شركته ميديا فور يوروب (إم.إي.إف) بعد وفاته لكن من المتوقع أن تلعب ابنته الكبرى مارينا دوراً بارزاً في إدارتها.
صورة من: Cozzoli/Fotogramma/ROPI/picture alliance
برلسكوني والقذافي
كشفت بطلة حفلات "بونغا بونغا" سيئة السمعة، كريمة المحروق، المعروفة في إيطاليا بروبي روباكووري (روبي محطمة القلوب)، أنها أدت رقصات شرقية ببدلات رقص باهظة الثمن قدمها لبرلسكوني الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي. ربطت برلسكوني علاقة قوية بالقذافي وصلت لحد تقبيل يد الأخير. واعتذر برلسكوني عن سنوات الاستعمار وتعهد باتفاق عام 2008 بدفع تعويضات قدرها خمسة مليارات دولار عن أضرار المترتبة على الاستعمار.
صورة من: Livio Anticoli/dpa/picture-alliance
سنوات طويلة
سنوات طويلة قضاها محامو برلسكوني في محاكم البلاد للدفاع عنه. ورغم ذلك، يدخل حكم ضد رئيس الوزراء الإيطالي السابق برلسكوني حيز التنفيذ لأول مرة، بعد أن ثبتت محكمة التمييز الحكم بسجنه، لكنه لن يمضي العقوبة في السجن بسبب عمره. وقررت المحكمة ( شباط/فبراير 2013) إعادة النظر في محكمة الاستئناف بقرار منعه من ممارسة أي منصب رسمي طيلة خمسة أعوام.
صورة من: Reuters
بونغا بونغا!
لم تكن تهم التهرب الضريبي هي التي أحرجت برلسكوني أمام الرأي العام الإيطالي، بل حفلات المجون التي دعا إليها مومسات. وآخرها تلك الحفلة التي مارس فيها الجنس مع الفتاة القاصرة روبي ( التي تظهر في الصورة). تصرفاته أزعجت مؤيديه من الناخبين. حكم عليه (2011) بالسجن لسبع سنوات بسبب ممارسة الجنس مع روبي. هذا الحكم لم يدخل حيز التنفيذ بعد.
صورة من: Getty Images
النجاح!
رغم كل الفضائح حقق برلسكوني نجاحا سياسيا مميزاً. وأصبح حزبه المحافظ "حزب شعب الحرية"(2013) الشريك الأهم في حكومة اليساري أينريكو ليتاه. وتقلد برلسكوني أربع مرات منصب رئيس الوزراء في ايطاليا، كما كان السياسي الذي يقضي أطول فترة في منصب رئيس الحكومة الايطالية.
صورة من: Reuters
موجة احتجاج
معارضوه يعملون ضده بنفس حماس مؤيديه. احتجاج بصدور عارية قامت به نساء منظمة "فيمن" النسائية أثناء الانتخابات البرلمانية عام 2013. وشهد عام 2010 مظاهرات احتجاجية حاشدة دعت إليها منظمات نسائية وأحزاب يسارية ضد رئيس الوزراء آنذاك برلسكوني. وفي عام 2009 قام رجل مختل عقلياً بضرب برلسكوني بتمثال فجرحه في وجهه.
صورة من: Giuseppe Cacace/AFP/Getty Images
الأفضل تقديم أغنية
بثقة عالية بالنفس يسعد برلسكوني مشاهديه على شاشات التلفاز، وأحيانا يرحب بنفس الطريقة بضيوف الدولة، حيث يكتب أحيانا شعرا غنائيا بنفسه. وكأن لسان حاله يقول: أستطيع فعل كل شيء. ألبومه الغنائي الذي حمل عنوان "من الأفضل أغنية"(2003)، لقي إقبالاً كبيراً عليه من قبل مؤيديه.
صورة من: ANSA/AFP/Getty Images
سيد الشاشات
إمبراطوريته الإعلامية دعمته في ترسيخ سلطته السياسية من خلال الظهور المتواصل على الشاشات. كما جعل الكثير من أنصاره يحتلون مناصب مهمة في محطة التلفاز التابعة للدولة، مما فسح المجال لبرلسكوني للظهور على شاشة المحطات الرسمية لشرح وجهة نظره في الأجندات المختلفة. كما دافع عن نمط حياته الشخصية عبر تلك المحطات.
صورة من: AP
أدنى مستوى
شبهت صحيفة ايطالية تصدرها مؤسسة برلسكوني الإعلامية، ألمانيا في مقال لها بعنوان بـ "الرايخ الرابع" (2012) وقالت فيه إن ألمانيا تنوي تدمير إيطاليا من خلال فرض سياسة التقشف عليها. وقبل ذلك بستة أشهر كانت المستشارة الألمانية، انغلا ميركل، وبدعم من الاتحاد الأوروبي قد عملت على استقالة برلسكوني من منصبه كرئيس للوزراء بسبب فشله في خفض ديون الدولة وتفعيل الاقتصاد.
صورة من: picture-alliance/dpa
السخرية والاستهزاء
أصبح برلسكوني شخصية مضحكة في كرنفال ألمانيا في عام 2010، كما يبدو هنا في موكب مهرجان مدينة ديسلدورف. وانتقم الجمهور الألماني من انتقادات الصحيفة الإيطالية، التي تصدرها مؤسسة برلسكوني الإعلامية، بالتهكم والسخرية منه واتهامه بالتعاون مع المافيا.
صورة من: picture-alliance/dpa
حرب الزهور
تحول طلاق برلسكوني من زوجته إلى فضيحة من النوع الخاص استمرت فصوله طيلة عام 2009. واتهمته زوجته السابقة، فيرونيكا لاريو، بإقامة علاقات جنسية له مع قاصرات ووصفته بـ "المريض". حصلت لاريو على نفقات طلاق تعادل ما يقارب 36 مليون يورو سنويا. برلسكوني بدأ بعد طلاقه علاقة غرامية مع بائعة في متجر تصغره بخمسين عاما.
صورة من: VINCENZO PINTO/AFP/Getty Images
رجل عصامي
بعد فوزه للمرة الثانية في الانتخابات البرلمانية عام 2001، أطلق برلسكوني على نفسه تسمية "الفارس". وأصبح محبا للنكتة. لقد حقق كل شيء من مقاول بناء إلى مالك إمبراطورية إعلامية عملاقة وميلياردير وانتهاء بمنصب رئيس الوزراء. وتقود ابنته مارينا اليوم شركاته العديدة، لكن الأب يحتفظ بغالبية أسهم المؤسسة إلى جانب امتلاكه لنادي ميلانو.
صورة من: PATRICK KOVARIK/AFP/Getty Images
جنون المطاردة
يشعر برلسكوني طيلة حياته بأنه مطارد من قبل المدعين العامين "اليساريين". وحوكم عدة مرات بتهمة التحايل الضريبي والفساد ودفع رشاوى. لكنه كان وبحكم منصبه ينجح دوما في تسويف التهم الموجهة إليه والمماطلة في التحقيقات والاستفادة من تقادم القضايا. فقط في قضية واحدة تم إصدار الحكم عليه وأصبح الحكم نافذاً.
صورة من: picture-alliance/dpa
خلود الشباب
عام 1994 انتخب برلسكوني لأول مرة في الانتخابات التشريعية وتولى منصب رئيس الوزراء في إيطاليا مع الحزب الذي كان معروفا باسم شعر عشاق كرة القدم "فورزا ايطاليا". في ذلك الوقت كان الشعر في رأسه قليلاً مع كثرة التجاعيد في وجهه. في الأثناء زرع برلسكوني الشعر في رأسه وعالج تجاعيد وجهه.
صورة من: dpa/Bildarchiv
16 صورة1 | 16
وحتى مع تثبيت الحظر لن يخسر برلسكوني على الفور مقعده في مجلس الشيوخ. وفي القانون الايطالي على مجلس الشيوخ أولاً المصادقة على قرار المحكمة ويمكنه القيام بذلك بعد أشهر من صدور قرار المحكمة العليا. وفي جميع الأحوال تثبيت محكمة التمييز الحكم قد يهدد الائتلاف اليساري-اليميني في ايطاليا. وبعد تثبيت الحكم ستبرز متاعب لحزب شعب الحرية الذي يتزعمه برلسكوني والحزب الديمقراطي، الحزب اليساري الرئيسي، وبالتالي لحكومة ائتلاف اليسار-اليمين التي يتزعمها انريكو ليتا. وقسم من اليسار قد يعتبر أنه من غير المقبول الاستمرار في الحكم مع حزب شخصية صدر حكم بحقها وأنه يجب تنظيم انتخابات جديدة.
يُذكر أنه في حزيران/ يونيو حكم على برلسكوني بالسجن سبع سنوات ومنع من تولي أي منصب رسمي مدى الحياة بتهمة استغلال السلطة وإقامة علاقات جنسية مع مومس قاصر في قضية روبي غايت، واستأنف الحكم.