محكمة تركية تؤيد السجن المؤبد بحق رجل الأعمال عثمان كافالا
٢٨ ديسمبر ٢٠٢٢
أيّدت محكمة استئناف تركية إدانة قضائية صادرة بحق معارض بارز للرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وكان قد حُكم على عثمان كافالا، وهو معروف بنشاطه الخيري، بالحبس مدى الحياة؛ ما أجج العلاقات المتوترة أصلا بين أنقرة والغرب.
إعلان
أيدت محكمة استئناف تركية حكما بالسجن مدى الحياة، بحق رجال الأعمال عثمان كافالا، لمحاولته الإطاحة بالحكومة من خلال تمويل احتجاجات غيزي المناهضة للحكومة عام 2013، حسبما أفادت وكالة أنباء الأناضول الرسمية.
وفي نيسان/أبريل، حُكم على عثمان كافالا الناشط في الأعمال الخيرية والمولود في باريس، بالحبس مدى الحياة من دون إمكان استفادته من أي عفو، وذلك لإدانته بالسعي لإسقاط الحكومة من خلال تمويل احتجاجات شعبية في العام 2013.
وحُكم في القضية على سبعة أشخاص آخرين بالحبس 18 عاما لكل منهم لمساهماتهم في محاولة إسقاط الحكومة التي كان يرأسها أردوغان إبان ما أطلق عليه تسمية "احتجاجات متنزه غيزي" في اسطنبول. وأوردت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية أن محكمة الاستئناف خلصت إلى أن الحكم الصادر في نيسان/أبريل جاء "متوافقا مع القانون". ويمكن لوكلاء الدفاع عن كافالا الطعن بقرار محكمة الاستئناف أمام المحكمة العليا.
وفي ذاك الحين كان كافالا يُعرف بأنه رجل أعمال ينفق بعضا من ثروته للترويج للثقافة والمشاريع الرامية إلى مصالحة تركيا مع خصمها اللدود أرمينيا. لكنّ أردوغان أصر على توصيف كافالا بأنه عميل يساري للملياردير الأميركي جورج سوروس المولود في المجر، واتّهمه بتلقي تمويل خارجي لإطاحة الحكومة.
وفي بادئ الأمر وجّهت إلى كافالا تهمة تمويل موجة الاحتجاجات التي شهدتها تركيا في العام 2013 والتي يقول محلّلون إنها كانت رد فعل على نزعة أكثر استبدادية لأردوغان في النصف الثاني من فترة حكمه لتركيا الممتدة لعقدين من الزمن. وبرّأته المحكمة وأطلقت سراحه في شباط/فبراير 2020، إلا أن الشرطة عادت وأوقفته قبل أن يتمكن من العودة إلى منزله وزوجته.
ثم وجّهت إليه محكمة أخرى تهمة الضلوع في محاولة انقلابية ضد أردوغان شهدتها تركيا في العام 2016، قضى خلالها أكثر من 250 شخصا في اسطنبول وأنقرة. وفي نهاية المطاف وجّهت لكافالا التهمتان، ولاحقا دانته المحكمة بالتهمة التي كان قد بُرّئ منها في العام 2020.
وأعربت الولايات المتحدة عن "قلق بالغ" إزاء الحكم الصادر بحق كافالا، فيما طالبت ألمانيا بإطلاق سراحه فورا. وتجاهلت تركيا حكما صادرا عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يطالب بإطلاق سراح كافالا.
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP