تأتي مجموعة من الدول العربية في بؤرة التغير المناخي الذي يضرب العالم. الموضوع بات يهدد حياة الناس ومحاصيلهم وحتى الآثار التاريخية، وباتت مشاهد غير معتادة بالمطلق تظهر في أكثر من بلد عربي.
إعلان
التغير المناخي ليس مجرّد أخبار تنشرها وسائل الإعلام ولا مجرّد تحذيرات تطلقها المنظمات المهتمة بالبيئة، بل هو خطر داهم يتربص بالإنسانية قد يجعل الحياة في عدة بلدان أمراً صعبا وقد يؤدي إلى انتشار الجوع والفقر والهجرة وحتى الوفيات.
ونشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريراً تفاعلياً تحت عنوان "بطاقات بريدية من عالم مشتعل"، احتوى على معلومات عن مخاطر التغيٍّر المناخي على 193 دولة عبر العالم، كانت منها العديد من الدول العربية.
ففي المغرب مثلا، ذكر التقرير أن ثلثي الواحات اختفت خلال القرن الماضي، أما الكويت، فقد سجلت إحدى مناطقها، وهي النويصيب، درجة حرارة قُدرت بـ 53,1 درجة مئوية، وهي من الأعلى في العالم.
وفي السعودية، وعلى غير العادة، ظهرت وديان صغيرة من الثلج المذاب في جنوب المملكة المعروفة بدرجات حرارتها المرتفعة. أما في السودان، فمعاناة العديد من المناطق مع العواصف الرملية اشتدت مؤخرا، وبات الكثير من السكان مضطرين يوميا لكنس الرمل من أمام منازلهم.
وفي موريتانيا، زاد معدل الحرارة ما بين عامي 1901 و2020 بمقدار سنوي قدره 0.16 درجة مئوية، أما في الجزائر، فالمشهد كان حرائق الغابات التي أودت بحياة 90 شخصا على الأقل. وفي مصر، لم يعد الخطر يتهدد فقط المحاصيل الزراعية، بل كذلك الأهرامات التي باتت تحت خطر التضرر بسبب ظروف الطقس المتطرف. كما يكرر خبراء تحذيراتهم من احتمال غرق مدينة الإسكندرية وكذلك أجزاء واسعة من دلتا النيل بسبب ارتفاع مستوى مياه البحر المتوسط بفعل التغير المناخي.
وفي اليمن، أشارت الصحيفة إلى خطر من نوع آخر، يخصّ العسل اليمني المعروف في المنطقة، إذ إن الأمطار الغزيرة باتت تجعل الأشجار تزهر بشكل مبكر وتدفع الأزهار خارج الأغصان، قبل أن يصل لها النحل لامتصاص الرحيق، ما يعني تهديد تجارة يعمل بها أكثر من مئة ألف يمني، في بلد يعاني أصلا من تدهور الأحوال المعيشية.
وكانت مسودة تقييم وضعتها الأمم المتحدة قد بينت أن منطقة حوض البحر المتوسط التي تشمل دولا عربية وأوروبية تعد "مركز التغيّر المناخي"، وستشهد موجات حر غير مسبوقة وجفافا وحرائق ناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة.
ع.ا/ص.ش
ظروف مناخية مميتة حول العالم.. هل خرجت أزمة المناخ عن السيطرة؟
على مدار الأسابيع الماضية، انتشرت صورا تظهر حجم الدمار والخسائر البشرية والمادية جراء الطقس المدمر الذي ضرب العديد من دول العالم من ألمانيا إلى كندا ووصولا إلى الصين.. فهل خرجت "أزمة المناخ" عن السيطرة؟
صورة من: Noah Berger/AP Photo/picture alliance
فيضانات عارمة في أوروبا
خلفت الفيضانات غير المسبوقة في أوروبا دمارا كبيرا في بلدان غرب القارة فضلا عن مقتل ما لا يقل عن 209 أشخاص في ألمانيا وبلجيكا. وجاءت الفيضانات نتيجة هطول أمطار استمر لنحو يومين بما يعادل مقدار هطول أمطار لنحو شهرين. وخلال ساعات امتلأت الممرات المائية الضيقة لتتدفق مياه الفيضانات هادرة وتدمر في طريقها الكثير من المباني قديمة، فيما تقدر تكلفة إعادة بناء البنية التحتية المدمرة بمليارات اليورو.
صورة من: Thomas Lohnes/Getty Images
مواسم أمطار شديدة
تضررت مناطق كثيرة في الصين والهند جراء فيضانات قياسية فاقت قدرة السدود والمصارف وأغرقت شبكة مترو الأنفاق في تشنغتشو بوسط الصين. وأسفرت الفيضانات عن مقتل العشرات فيما كان مقدار تساقط الأمطار أكثر من معدلاتها الحالية. وتوقع علماء أن ظاهرة التغير المناخي ستزيد من خطر الأمطار والفيضانات إذ أنها تتسبب في زيادة معدل دفء الغلاف الجوي ليحتفظ بمزيد من الرطوبة ما يؤدي إلى زيادة عزارة الأمطار.
صورة من: AFP/Getty Images
موجات حرارة غير مسبوقة في كندا وأمريكا
باتت موجات الحر غير المسبوقة أمرا شائعا في عدد من ولايات أمريكا كواشنطن وأوريغون وكذلك مقاطعة "بريتيش كولومبيا" الكندية أواخر يونيو/ حزيران. وتسببت المستويات القياسية من الحرارة الناجمة عن "قبة حرارية" نادرة القوة حيث حُبس الهواء الساخن لأيام، في وفاة المئات. سجلت قرية ليتون الكندية درجة حرارة بلغت 49.6 درجة مئوية هي الأعلى على الإطلاق على مستوى البلاد.
صورة من: Ted S. Warren/AP/picture alliance
عواصف رعدية.. والسبب حرائق الغابات
انتهت موجة الحرارة في جنوبي ولاية أوريغون الأمريكية، لكن الظروف الجافة التي خلفتها زادت من خطر اندلاع موسم هو الأسوأ من مواسم حرائق الغابات في تلك المنطقة. وأدى حريق "أوريغون بوتليج" إلى إحراق مساحة تقترب من مساحة مدينة لوس أنجلوس في غضون أسبوعين ليصل الدخان إلى نيويورك. ووفقا لدراسة حديثة فإن هذا الطقس السيء كان من المستحيل حدوثه بشكل عملي لولا ظاهرة التغير المناخي الناجمة عن الأنشطة البشرية.
صورة من: National Wildfire Coordinating Group/Inciweb/ZUMA Wire/picture alliance
غابات الأمازون .. مصير مجهول
تعاني مناطق وسط البرازيل من أسوأ موسم جفاف منذ 100 عام، ما ضاعف من مخاطر حرائق الغابات وأيضا إزالة أشجار ونباتات غابات الأمازون المطيرة بوتيرة أكبر. وقال باحثون مؤخراً إن مساحات كبيرة من الغابات تحولت من امتصاص انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المسببة لظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض المعروفة باسم "الاحتباس الحراري" لتصبح مصدرا لهذه الانبعاثات، ولتقترب غابات الأمازون بدورها من نقطة تحول كبيرة.
صورة من: Andre Penner/AP Photo/picture alliance
"على شفا الموت جوعا"
بعد سنوات من الجفاف الحاد يعاني قرابة 1.14 مليون شخص في مدغشقر من انعدام الأمن الغذائي إذ يضطر كثيرون إلى أكل الصبار وأوراق الأشجار وحتى الجراد في وضع يرقى إلى المجاعة. ويقول العلماء إن الوضع المتردي في مدغشقر يشكل أول مجاعة في التاريخ الحديث يكون سببها الرئيسي ظاهرة "التغير المناخي"، إذ لا يعود سبب هذه المجاعة إلى كوارث طبيعية أو صراع سياسي أو حتى تدمير المحاصيل جراء الجفاف.
صورة من: Laetitia Bezain/AP photo/picture alliance
نازحون بسبب المناخ
وصل عدد النازحين جراء الصراعات والكوارث الطبيعية في 2020 إلى أعلى معدل له في عشر سنوات إذ بلغ رقما قياسيا تجاوز عتبة 55 مليون شخص فروا إلى أماكن أخرى في بلادهم. كذلك اضطر قرابة 26 مليون شخص إلى عبور حدود بلادهم واللجوء إلى دول أخرى. ووفقا لتقرير نشرته منظمات تعنى بشؤون اللاجئين في مايو/ أيار، فإن ثلاثة أرباع من اضطروا إلى النزوح في بلادهم كانوا ضحايا الظروف المناخية القاسية. مارتن كويبلر/ م.ع