مخاوف من انكماش للعام الثالث.. إلى أين يمضي اقتصاد ألمانيا؟
ماجدة بوعزة د ب أ
٢٧ مايو ٢٠٢٥
تتزايد المخاوف من حدوث انكماش للناتج الاقتصادي الألماني للعام الثالث على التوالي، مما قد يحدث سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية.
مخاوف متزايدة من حدوث انكماش للناتج الاقتصادي الألماني للعام الثالث على التواليصورة من: Michael Bihlmayer/CHROMORANGE/picture alliance
إعلان
أشارت تقديرات غرفة التجارة والصناعة في ألمانيا الثلاثاء (27 مايو/ أيار 2025) إلى عدم وجود بوادر تفيد بحدوث تعاف سريع في الاقتصاد الألماني. وقالت المديرة العامة للغرفة، هيلينا ملنيكوف، في برلين: "الانطلاقة الاقتصادية التي نتمناها جميعا ويحتاج إليها بلدنا، لا تلوح في الأفق بعد".
انكماش مرتقب للعام الثالث على التوالي!
وأضافت ملنيكوف أن هناك مخاوف متزايدة من حدوث انكماش للناتج الاقتصادي الألماني للعام الثالث على التوالي، وهو ما سيكون سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. وتابعت: "علينا أن نفعل كل ما بوسعنا لكي لا يكون هذا العام عاما ضائعا".
ولا تزال غرفة التجارة تتوقع انكماشا طفيفا في الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا بنسبة 0.3% للعام الجاري. وبذلك تكون الغرفة أكثر تشاؤما من الحكومة الألمانية ومجلس الخبراء الاستشاريين التابع لها والمعروف إعلاميا بمجلس "حكماء الاقتصاد الألماني"، حيث أشارت توقعات الحكومة والمجلس الفني إلى أن أكبر اقتصاد في أوروبا سيسجل ركودا في عام 2025 دون تراجع فعلي في النمو.
يعاني الاقتصاد الألماني من انكماش مستمر مما يجعل الخبراء يتخوفون من المستقبلصورة من: Boris Roessler/dpa/picture alliance
واستندت ملنيكوف في تصريحاتها إلى نتائج مسح اقتصادي جديد أجرته الغرفة وشمل أكثر من 23 ألف شركة. وأظهرت النتائج أن بعض المؤشرات شهدت تحسنا طفيفا، لكن المزاج العام في قطاع الأعمال لا يزال سلبيا إلى حد كبير، إذ لم تزد نسبة الشركات التي قيمت وضعها الحالي بأنه جيد عن 25%، بينما لا تزال التوقعات المستقبلية لغالبية الشركات متشائمة.
إعلان
أسباب متعددة والخطر كبير!
ووفقا للاستطلاع، ترى الشركات أن أكبر المخاطر تكمن في الظروف الإطارية المتعلقة بالسياسة الاقتصادية، وضعف الطلب الصناعي، وارتفاع تكاليف العمالة، وزيادة قيمة إسهامات الضمان الاجتماعي بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام، فضلا عن انضمام السياسة الجمركية الأمريكية المتشددة وغير المتوقعة إلى قائمة المخاطر.
وقالت ملنيكوف إن الشركات لا تزال في وضع ترقب، ما يؤدي إلى الإحجام عن ضخ الاستثمارات. وأكدت أن هناك حاجة ملحة لاتخاذ إجراءات في السياسة الاقتصادية.
ومن بين المطالب التي طرحتها ملنيكوف: تخفيض ضريبة الكهرباء إلى الحد الأدنى الأوروبي، وتيسير إجراءات الإهلاك الضريبي، والحد من البيروقراطية.
الإصلاحات صارت ضرورة ملحة!
ورأت ملنيكوف أنه حتى يكون لصندوق الاستثمار الحكومي الخاص، الممول عبر القروض والمقدر بـ500 مليار يورو والمخصص للبنية التحتية وحماية المناخ، تأثير فعال، فإن ذلك يتطلب إصلاحات هيكلية شاملة، مثل تسريع إجراءات التخطيط والموافقة.
وبحسب الغرفة، يمكن أن يستفيد قطاع الصناعة وقطاع البناء على وجه الخصوص من هذه الأموال، حيث أشارت الغرفة إلى بدء التحسن في المزاج الاقتصادي داخل هذين القطاعين بالفعل.
وقد أعلنت الحكومة الألمانية الجديدة اعتزامها طرح حزمة إجراءات شاملة لتخفيف الأعباء عن الشركات وذلك قبل حلول العطلة الصيفية. وتشمل هذه الإجراءات تخفيض ضريبة الكهرباء وتحسين شروط الإهلاك الضريبي بهدف تحفيز الاستثمارات.
تحرير: ع.غ
الجفاف في ألمانيا يقسو على الطبيعة ويفاقم مصاعب الاقتصاد
كان شهر مارس/ آذار 2025 واحدا من أكثر الشهور جفافًا على الإطلاق. وحذّرت وزيرة البيئة الألمانية من أن الجفاف غير المعتاد في الربيع يزيد خطر حرائق الغابات ويؤثر على النباتات والحيوانات والحصاد. وقد يعطل النقل النهري.
صورة من: Marc John/picture alliance/Bonn.digital
الجفاف يضرب شمال ألمانيا
جو مشمس وبارد وجاف للغاية، هكذا بدأ الربيع في شمال ألمانيا. وأفادت هيئة الأرصاد الجوية الألمانية (DWD) أن شهر مارس/ آذار 2025 كان واحداً من أكثر الشهور جفافاً في ألمانيا منذ بدء تسجيل القياسات في عام 1881. وكانت رطوبة التربة في طبقاتها العليا، وخاصة في شمال ألمانيا، أقل بنسبة تصل إلى 20 في المائة عن الحد الأدنى للقيم المسجلة على مدار سنوات طويلة.
صورة من: Jens Büttner/AP/dpa/picture alliance
الصمود في وجه الصعاب
هذه الشتلات الصغيرة تحدّت الجفاف طويلا، فقد كان مارس/ آذار جافًا بشكل غير معتاد، كما شهد شهر فبراير/ شباط أيضًا ندرة في هطول الأمطار، ولم يسجل أي هطول للأمطار خلال الأسبوع الأول من أبريل/ نيسان كذلك. أما الأيام القادمة، فلن تشهد سوى زخات متفرقة هنا وهناك، "في أفضل الأحوال"، بحسب ما قال مارسيل شميد من دائرة الأرصاد الجوية الألمانية لوكالة الأنباء الألمانية الأربعاء الماضي.
صورة من: picture alliance/Daniel Kubirski
دعوة لترشيد استهلاك مياه الشرب
دعا هيلموت ديدي، رئيس رابطة المدن الألمانية، المواطنين الألمان إلى ترشيد استهلاك مياه الشرب في ظل الجفاف المستمر. وقال في تصريح لشبكة التحرير الألمانية: "تغيّر المناخ بات ملموسًا بشكل متزايد. علينا استخدام هذا المورد الثمين، الماء، بحذر واعتدال". وأضاف أن إمدادات مياه الشرب ما زالت كافية في الوقت الحالي.
صورة من: Jens Büttner/AP/dpa/picture alliance
في الجنوب لا تزال طافية .. لكن إلى متى؟
في بحيرة كونستانس، الواقعة بجنوب ألمانيا على الحدود مع سويسرا، انخفض منسوب المياه الآن إلى أدنى مستوياته منذ فترة طويلة. ولا تزال هذه السفن الراسية عند جزيرة رايشناو تطفو فوق الماء، لكن أحد الموانئ في بحيرة "أونتَريزي" قد جف بالفعل. أما أصغر جزيرة في بحيرة كونستانس، وهي جزيرة "هوي" التي تبعد نحو 100 متر عن الشاطئ، فقد أصبح من الممكن الوصول إليها سيرًا على الأقدام في الوقت الحالي.
صورة من: Felix Kästle/dpa/picture-alliance
"ننتظر الأمطار بشكل عاجل"
في مدينة غلادبك بولاية شمال الراين-وستفاليا، يُظهر المزارع بيرند إيم فينكل مدى جفاف التربة في أرضه. وقال يوآخيم روكفيد، رئيس اتحاد المزارعين الألمان: "نشعر بالقلق من الوضع الحالي للطقس. نحن ننتظر هطول الأمطار على نحو عاجل".
صورة من: imago images/Funke Foto Services
غبار في الرياح
أكد أندرياس برومزر من دائرة الأرصاد الجوية الألمانية أن هناك "رطوبة تربة منخفضة بشكل غير عادي في هذا الوقت من السنة"، لكنه أضاف أن التربة لا تزال مشبعة جيدًا بالمياه على الأعماق. وقال إنه إذا هطلت أمطار غزيرة خلال الأسابيع القادمة، يمكن تعويض الجفاف الحالي. وأوضح: "في الوقت الحالي، لا يجب أن نفترض أننا سنواجه جفافًا شديدًا خلال أشهر الصيف".
صورة من: Jens Büttner/AP/dpa/picture alliance
جفاف شديد عند كاتدرائية كولونيا
منسوب المياه في نهر الراين في كولونيا حاليًا عند 1.54 متر (حوالي 5 أقدام)، أي نصف المستوى المعتاد. وقد أسفر ذلك بالفعل عن تداعيات اقتصادية: فعلى سبيل المثال، تقوم شركة تصنيع الصلب "تيسينكروب" بتحميل سفنها بشحنات أقل. ومع ذلك، قال المتحدث باسم الشركة لصحيفة "راينيشه بوست" إن إمدادات المواد الخام لم تتأثر حتى الآن.
صورة من: Marc John/picture alliance/Bonn.digital
زيادة خطر حرائق الغابات
وفقًا لدائرة الأرصاد الجوية الألمانية، فقد زاد خطر حرائق الغابات بشكل كبير. ففي منطقة زاورلاند، تصدى رجال الإطفاء بالفعل لحرائق كبيرة خلال يومين فقط. كما أن الجفاف قد أضعف الأشجار، مما جعلها أقل قدرة على الدفاع عن نفسها ضد تكاثر الحشرات.
صورة من: imago images/Markus Klümper
"عواقب أزمة المناخ"
قالت وزيرة البيئة المنتهية ولايتها شتيفي ليمكه (حزب الخضر) يوم الثلاثاء (8/3/2025): "الجفاف الحالي مقلق. حتى الآن، في الربيع، لا يزال الوضع جافًا جدًا في العديد من مناطق ألمانيا هذا العام. الزراعة والغابات، ولكن أيضًا جميعنا، نشعر بوضوح بعواقب أزمة المناخ." وأضافت أنه إذا استمر الجفاف بهذا الشكل، فقد يتأثر الحصاد.
صورة من: Jens Büttner/AP/dpa/picture alliance
القليل من المطر في الأفق
ومع ذلك، فإن التوقعات تقدم بعض الأخبار الجيدة للأسبوع المقبل على الأقل بالنسبة لغرب ألمانيا. فمن المتوقع أن تهطل الأمطار في مناطق مثل فرايبورغ وكولونيا، مما قد يساعد في رفع منسوب المياه في الأنهار الجافة مثل نهر الراين، كما في الصورة أعلاه.