1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تحفظات على تجريم القضاء العراقي للسب عبر فيسبوك

أمجد سعيد – بغداد١٩ فبراير ٢٠١٥

قرار مثير للجدل أصدره القضاء العراقي باعتبار السب والشتم على مواقع التواصل الاجتماعي جريمة يعاقب عليها القانون، لكن صحفيين وخبراء في القانون والتكنولوجيا لهم مخاوف وتحفظات وملاحظات على القرار، وتحدثوا عن ذلك مع DW عربية.

Irak Facebook Profile von Politikern
صورة من: DW/A. Saeed

خلال الأسبوع الماضي أصدرت السلطة القضائية العليا، وهي سلطة مستقلة بموجب الدستور العراقي، قرارا باعتبار السب والشتم على مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا "فيسبوك" جريمة يعاقب عليها القانون.

وقام القضاء بإصدار بيان مقتضب حول ذلك أوضح فيه أن "الهيئة التمييزية لمحكمة استئناف بغداد/ الرصافة الاتحادية" اعتبرت في أحد قراراتها مؤخراً موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) أحد وسائل الإعلام"، مشيرا إلى أن "موقع التواصل هذا تنطبق عليه القوانين التي تنظم وسائل الإعلام الأخرى." كما أكد البيان أن "الهيئة نظرت فعلا في أول دعوى تتضمن قيام مدان بنشر عبارات قذف وسب بحق المشتكي، ووجدت أن الأدلة المتحصلة كافية لإدانته وفق قانون العقوبات العراقي."

قانون العقوبات العراقي

وعلى ما يبدو فإن الصدمة التي تلقاها العراقيون من هذا القرار خصوصا الصحافيين والمدافعين عن الحريات العامة، لم يخطر في بالهم أن هناك قوانين محلية نافذة منذ أكثر من أربع عقود تعاقب على السب والشتم في "قانون العقوبات العراقي" لسنة 1969 كما يقول المحامي حسن شعبان، الخبير في قضايا النشر والإعلام.

وأوضح شعبان في حديث مع DW عربية أن "قانون العقوبات يتضمن مواد قانونية تجرم السب والشتم عبر وسائل الإعلام، لكن الشئ الجديد والمثير للجدل الذي أفتت به السلطة القضائية هو اعتبار مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة إعلامية."

ولهذا السبب يطالب شعبان بضرورة تعديل هذا القانون لسببين، الأول أنه قديم ولا يغطي التطورات التكنولوجية الحاصلة في مجال الإعلام، والثاني أنه مجحف وصدر في وقت نظام مركزي يقوده حزب البعث المحظور. والمفارقة أنه لم يتم تعديله حتى الآن رغم مرور أكثر من عشر سنوات على سقوط نظام البعث، إضافة إلى عشرات القوانين المركزية المثيرة للجدل، حسب المحامي المتخصص في قضايا النشر.

متظاهرون في شارع المتنبي ببغداد يرفضون التضييق على حرية الصحافة. والآن تزداد المخاوف بشأن تجريم السب على فيسبوك.صورة من: DW/A. Saeed

وتنص المادة 433 من قانون العقوبات على أن "السب والقذف إسناد واقعة معينة إلى الغير بإحدى الطرق العلانية ويعاقب عليها بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، وإذا وقع القذف بطريق النشر في الصحف أو المطبوعات أو بإحدى طرق الإعلام تعتبر ظرفا مشددا." أما المادة 434 فأوضحت أن "العقوبة حبس لفترة لا تزيد عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن 100 دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين."

وما أثار الغموض أكثر هو أن القضاء لم يوضح تفاصيل أول قراراته بإدانة شخص سب شخصا آخر على "فيسبوك"، وكيف تم إثبات التهمة، وكيف سارت مجريات المحاكمة. لكن مصدرا قضائيا غير مخول بالتصريح قال في حديث مقتضب لـ DW عربية إن "مسؤولا في الدولة هو من رفع القضية على شخص اتهمه وشتمه عبر فيسبوك"، رافضا الإفصاح عن تفاصيل أكثر.

مخاوف من تحجيم الحريات

قرار القضاء باعتبار السب عبر "فيسبوك" جريمة؛ أثار حفيظة الصحافيين والإعلاميين والمدافعين عن الحريات؛ لأنهم يعتبرونه محاولة لتحجيم الحريات العامة في البلاد. كما أنهم شكلوا حملات تضمنت نشر مقالات رأي و"هاشتاغ" على مواقع التواصل الاجتماعي حمل اسم "لا تراقبني تتعب"، ردا على القرار.

أكرم عبد الكريم وهو صحافي وناشط مدني يقول لـ DW عربية إن "أكثر ما يثير مخاوفنا من هذا القرار أنه غامض، والقضاء لم يصدر قوانين واضحة لتعريف مثلا نوع السب والشتم وهل يشمل الانتقاد أم لا". ويرى أكرم أن غياب منظومة قانونية واضحة من أبرز مشاكل البلاد، فالدستور باعتباره أعلى سلطة قانونية في البلاد وما يتبعه من قوانين عراقية تتصف بالغموض ويمكن تأويل نصوصها بسهولة لتشمل حالات قد تكون خارج ما تستهدفه المادة القانونية، حسب تعبيره.

ويخشى حميد ألساعدي وهو صحافي أيضا من أن يستغل السياسيون من نواب ووزراء هذا القرار لصالحهم لمنع انتقادهم من قبل الصحافيين والكتاب بل وحتى المواطنين العاديين، خصوصا وأن العراقيين معروفون باستخدام النقد الواسع في تقييم سياسييهم ونوابهم. ولهذا كشف ألساعدي عن وجود تحشيد واسع والقيام بحملة لرفض قرار القضاء.

ويعتبر "فيسبوك" الموقع الأكثر شعبية بين العراقيين، وغالبا ما يلجئون إلى انتقاد السياسيين بأسلوب ساخر جدا عبر تعليقات مكتوبة أو من خلال رسومات كاريكاتورية.

الوضع التكنولوجي يصعب تطبيق القرار

المشكلة الأبرز التي تواجه قرار القضاء هي: هل يمكن تطبيقه؟ وكيف؟ وخصوصاً لأن مواقع التواصل الاجتماعي من الاستحالة مراقبتها في بلد مثل العراق لكثرة المشتركين فيها أولا، والتأخر التكنولوجي والإلكتروني الذي تعاني منه دوائر الدولة، وغياب كوادر كافية لتغطية مهمة مراقبة هذه المواقع، من جهة أخرى.

المهندس في مجال الحاسوب والمواقع الالكترونية مجيد محمد يقول لـ DW عربية إن "القضاء لن يستطيع تطبيق قراره بشكل صحيح لأن هناك صعوبة في إثبات التهمة ضد من يشتم ويسب على فيسبوك."

خبراء في التكنولوجيا والقانون يؤكدون صعوبة إثبات تهمة "السب والشتم" على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر.صورة من: DW/A. Saeed

ويسوق مجيد مثالا فيقول: "إن شخصا ما اتهمته المحكمة بشتم شخص آخر، يمكنه أن يقول إن حسابه على "فيسبوك" قد تم اختراقه من قبل مجهولين وأنهم هم من قاموا بنشر كلمات سب وشتم" وتابع مهندس الحاسوب والمواقع الإلكترونية: "عندها لن تستطيع المحكمة إثبات صحة قوله أو كذبه، كما يمكن لأي شخص مسح أي كلام نشره على صفحته بسهوله فيضيع دليل إدانته."

ويلفت مجيد الذي يعمل موظفا في إحدى الوزارات العراقية الانتباه إلى أن "دوائر الدولة تفتقر إلى الأجهزة والتطبيقات الإلكترونية الحديثة، ومازالت تستخدم طرقا بدائيةً في التواصل الإلكتروني، كما أن المخاطبات بين الوزارات ما زالت تجري بشكل يدوي عبر بريد محمول، فكيف يمكن للقضاء إثبات التهم عبر فضاء "فيسبوك" وباقي المواقع؟"

حتى الآن لم يقدم القضاء توضيحات لهذه التساؤلات القانونية والتكنولوجية، بينما ينتظر العراقيون تفاصيل أكثر، وسط مخاوف من استغلال القرار لإغراض سياسية، كما أنه سيحد من توجيه النقد للسياسيين، الذين غالبا ما يتعرضون للنقد بسبب تدهور الأمن والاقتصاد والخدمات في بلادهم.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW