مدريد على دراجة - وسط المدينة قريباً خال من السيارات
٢٢ ديسمبر ٢٠١٨
إجراءات حركة السير الأولى جاءت بمفعولها في العاصمة الإسبانية. ورغم أن جودة الهواء تحسنت ومزيد من الأموال دخلت خزينة المدينة، لكن الامتعاض من رئيسة بلدية مدريد ملموس عند بعض الإسبان.
إعلان
إنها "حمراء" ـ هكذا تشتم طبقة المواطنين المحافظين في مدريد مانويلا كارمينا التي انتُخبت في 2015 كرئيسة بلدية لعاصمة إسبانيا. وشعار القاضية السابقة هو "مدريد يجب أن تعود مجددا لسكانها". وفي وقت قياسي حولت رئيسة البلدية الجديدة التي لا تضيع الوقت في تقديم مقابلات أو تنظيم استقبالات المدينة إلى مركز ثقافي معترف به أوروبيا تُنظم فيه إلى جانب المتاحف الشهيرة حفلات مجانية وتظاهرات فنية في كل يوم تقريبا.
وهي تريد تحرير السكان شيئا فشيئا من الرصاص والضوضاء. فمنذ نهاية نوفمبر أصبح مشروع " مدريد المركز" ساري المفعول. وهذا يعني أن حركة السيارات تبقى مقيدة في منطقة تتسع بـ 472 هكتارا، إضافة إلى زرع أشجار ونباتات من شأنها ابتلاع الغازات السامة. وبهذا المشروع تتطلع كارمينا البالغة من العمر 74 عاما إلى الفوز بالانتخابات البلدية في السنة المقبلة.
مدريد تعاني من تلوث الهواء
وما يعتبره كثيرون راديكاليا ليس إلا مواصلة سياسة بدأها أسلافها ورد فعل ضروري على الضغوط القادمة من بروكسل. وتحتل مدريد المرتبة السابعة بين مدن أوروبا التي تعاني من أعلى مستوى لتلوث الهواء. فالكثير من الإسبان لا يستعملون إلى حد الآن الدراجة الهوائية ولا يمشون على الأرجل، إلا أنه في السنتين الأخيرتين تغير الكثير في مدريد: يوجد الآن ممرات خاصة بالدراجات الهوائية. وحافلات النقل العمومي وسيارات الأجرة تم تجهيزها، وحصلت السيارات على ملصقات بيئية كي تتمكن من دخول وسط المدينة. فمن لا يملك رخصة أو لا يقطن في الشارع لا يحق له توقيف سيارته في منطقة "مدريد المركز". وهذه الإجراءات تتوسع، إذ من أجل دعم حركة السير الكهربائية سيتم بناء 20 محطة للتزود بالكهرباء في 2019.
مزيد من الأموال بفضل إجراءات البيئة
وإجراءات كارمينا لم تحسن فقط جودة الهواء، بل جلبت مزيدا من الأموال للمدينة. فمدريد تحولت إلى مدينة وسائل النقل البديلة. والاستثمارات المباشرة في مدريد ارتفعت في الربع الأول من 2018 بالمقارنة مع السنة الفائتة بـ 82 في المائة لتبلغ 4.5 مليار يورو. وبهذا يكون 77 في المائة من الاستثمارات المباشرة قد تمخضت عن العاصمة وحدها في إسبانيا. كما أن المدينة التي تحكمها امرأة "حمراء" تحقق أرقاما قياسية في السياحة، إذ زار في النصف الأول من عام 2018 نحو خمسة ملايين زائر العاصمة، أي خمسة في المائة أكثر من الفترة في السنة قبلها.
ردود فعل المعنيين مختلفة
وغالبية السكان معجبة بالتغييرات. " المدينة أصبحت في كال حال أكثر جاذبية"، تقول صونيا بيريس البالغة من العمر 50 عاما التي تستعمل منذ سنوات الدراجة الهوائية. لكن يوجد أصوات أخرى، لاسيما تجارة التجزئة والمتنقلون يوميا أغضبتهم كارمينا بمشروع "مدريد المركز". فشارع التسوق الرئيسي في المدينة ظل مغلقا لشهور هذا العام. وهذا أدى إلى خسارات في العائدات، كما يشكو أصحاب تجارة التجزئة.
وتتمثل المشاكل الأخرى في أنه لا يحق للمتاجر أن تحصل على السلع إلا في ساعات محددة، وجمع القمامة لا يتم مرتين في اليوم الواحد، كما كان معتادا. "الهواء سيصبح على المدى البعيد أنظف، لكن توجد قمامة أكثر في كل مكان"، يشتكي رودريغز.
تعقيدات في التفاصيل
ويشتكي غونزالو بوغ من تنظيم ممرات الدرجات الهوائية في مدريد، ويضيف بأن بعض الإجراءات لم تخضع للتخطيط الصحيح. كما أن سائقي السيارات غاضبون من عدد بلاغات العقوبة التي توزعها شرطة مراقبة الطرق. ولا يعرف الكثير من السكان كيف بإمكانهم الوقوف في وسط المدينة لتفريغ حمولاتهم التي لا يمكن حملها في قطار الميترو، وبالتالي فإن الغموض يسود التفاصيل.
الأشياء الجميلة تحتاج إلى وقت
ولم تحصل مظاهرات أو احتجاجات شعبية كبيرة إلى حد الآن بسبب الشكاوى في مدريد. "يجب علينا التحلي بالصبر، وربما سيتم ترتيب الأمور إلى ما هو أحسن"، تقول إريكا بيريس التي تدير مكتب سياحة في المدينة. ورغم كل الشكاوى يظهر منذ الآن رابح واضح لمشروع "مدريد المركز": إنها وسائل النقل العمومي، إذ استخدم أكثر من ثلاثة ملايين شخص فقط في نهاية الأسبوع الأولى قبل عيد الميلاد حافلات النقل العمومي. كما أن استعارة الدراجات الهوائية ارتفعت منذ الـ 30 من نوفمبر إلى عشرين في المائة.
شتيفاني مولر/ م.أ.م
بالصور.. حلاوة فراولة جنوب إسبانيا لا تُخفي مرارة جنيها!
هذا العام وصلت 15 ألف عاملة موسمية مغربية للعمل في جني الفراولة بإسبانيا. لكن العملية لم تمر دون ضجة، خصوصاً بعد شكاوى بعضهن من مضايقات جنسية . DW عربية زارت المنطقة والتقت بعدة عاملات حكين قصصهن عن تجربة مضنية.
صورة من: DW
ويلفا.. مملكة الفراولة في إسبانيا
يعدّ جني الفواكه الحمراء، خاصة الفراولة، أحد أكبر الأنشطة الزراعية بمنطقة الأندلس، وتحديداً في إقليم ويلفا، ما يساهم في جعل إسبانيا أحدى أكبر ثلاثة مصدرين لهذه الفاكهة عبر العالم. يحتاج كبار المنتجين في الإقليم إلى اليد العاملة الموسمية لعملية الجني، ما يدفعهم إلى الاستنجاد بالعمال المهاجرين، وبالعاملات الموسميات، خصوصاً القادمات من المغرب.
صورة من: DW
ظروف عمل صعبة بأجور زهيدة
يبدأ العمل مبكراً في الضيعات. يختلف الأجر بشكل طفيف، لكن العاملات يحصلن عموماً على 37 يورو (صافي) يوميا عن سبع ساعات ونصف، مع إمكانية تلّقي تعويضات مالية عن الساعات الإضافية. يعدّ هذا الأجر من الأضعف في إسبانيا، ولا يجذب، إلا نادراً، أبناء وبنات البلد. تبقى ظروف الجني جد صعبة، وعدة عاملات وعمال يُضطرون إلى التوقف بعد بضعة أيام.
صورة من: DW
مشاكل متعددة تُلاحق العاملات المغربيات
وصلت آلاف المغربيات على مراحل إلى الإقليم. لكن كثيرات منهن عانين مشاكل عديدة، من أبرزها أنهن لم يعملن مدة العقد الكاملة (3-4 أشهر)، ممّا أثّر على أجورهن، فضلاً عن نُدرة المترجمين وكثرة العراقيل أثناء الحصول على الأجور وأحياناً غياب المرافقة الطبية. مصادر تحدثت عن تعرّض عاملاتٍ لمضايقات جنسية، لكن هناك شبه إجماع أنها حالات معزولة.
صورة من: DW/I. Azzam
الفقر.. الدافع الأكبر للعمل الموسمي
الفقر أكبر الأسباب التي دفعت بالعاملات الموسميات إلى خوض تجربة العمل في إسبانيا. تحكي هذه السيدة أنها تعمل لأجل إعالة أبنائها، خاصة أن واحداً منهم يعاني إعاقة، مؤكدة أنها على استعداد للعودة العام المقبل ما دامت تجني هنا أكثر بكثير ممّا يمكن أن تجنيه بالمغرب. تنحدر جلّ العاملات من مناطق قروية، واختيارهن كان حكراً في الغالب على من لهن أبناء، حتى لا يبقين سراً في إسبانيا بعد نهاية العقد.
صورة من: DW/Ismail Azzam
السكن قرب الضيعات تفاديا لتكاليف أخرى
يعيش العمال والعاملات في مساكن خشبية قرب الضيعات. في كل بيت هناك 3 أو 4 غرف. بكل غرفة 3 أو 4 أشخاص، بينما توجد أحيانا غرف مخصصة للأزواج.توّفر الشركات أهم احتياجات الحياة بهذه المساكن، لكن على العمال تحمّل نفقات طعامهم، فيما يؤدي آخرون جزءاً من تكاليف السكن. توجد جنسيات متعددة في هذه المساكن، أهمها المغاربة والرومان والقادمون من إفريقيا جنوب الصحراء.
صورة من: DW/I. Azzam
"المسمن" المغربي حاضر بإسبانيا!
تحرص العاملات الموسميات على العيش وفق الطريقة المغربية. زرنا هذا المسكن في شهر رمضان حيثُ كانت سيدتان تعدّان مائدة الإفطار، وخصوصاً خبز "المسمن". بعض العاملات عبرن عن ارتياحهن للسكن بينما جرى العكس عند أخريات. تزامن موسم الجني مع شهر رمضان زاد من صعوبة العمل، خاصةً مع الحرارة المفرطة، وتأخر غروب الشمس للتاسعة والنصف أو أكثر.
صورة من: DW/I. Azzam
"الخطافة" في إسبانيا كذلك!
تحتاج العاملات إلى "الخطافة"، وهو لفظ يطلق على ممتهني النقل السري بالمغرب، لأجل بلوغ محلات التسوق. النقل الذي توّفره شركات الفراولة يخصّ فقط المسافة بين الضيعات والبيوت. تسعيرة "الخطافة" تتنوع حسب المسافة وتبدأ من يورو للعاملة الواحدة. بفضل العاملات الموسميات، حقق فرع سوق ممتاز ببلدة موغر أرقام مبيعات مرتفعة جعلته الأكثر نشاطاً بالإقليم ككل!
صورة من: DW/I. Azzam
تجارة مزدهرة.. بفضلهن!
تستغل العاملات الموسميات فرصة العمل بإسبانيا لشراء عدة سلع يأخذنها معهن إلى المغرب. تزامن موعد عودة الكثيرات منهن مع عطلة عيد الفطر، ما جعلهن يشترين هدايا لأقربائهن. وهو ما ساعد العاملات في بلدة موغر هو وجود محلات تجارية كثيرة يعمل بها مغاربة، ما سهل عليهن التواصل. بفضل هؤلاء النساء، حققت فروع تحويل المال في البلدة أرقام معاملات كبيرة، إذ يحرصن على تحويلات دورية لأسرهن بالمغرب.
صورة من: DW/I. Azzam
أكواخ البلاستيك "الصالحة" للسكن!
العمال المغاربة يستفيدون بدورهم من ضيعات الفراولة. لكن، بسبب حرص عدد منهم على توفير المال، أو معاناة آخرين في إيجاد الإيجار، أوعدم توّفرهم على وثائق الإقامة، يكون البديل في السكن هو أكواخ بلاستيكية تفتقر لشروط العيش الكريم. توجد في هذه الأكواخ بعض النساء لكن عددهن قليل. يسكن عمال آخرون في مراقد جماعية أفضل حالا بما بين 60 و100 يورو شهريا، بينما استطاع آخرون الظفر بسكن يُوّفره مُلاك المزارع.