مدن تاريخية.. كيف هدّد زلزال المغرب الذاكرة الجماعية للسكان؟
٢٥ سبتمبر ٢٠٢٣
الكوارث الطبيعية والحروب تهدد الآثار والنظم الثقافية للسكان. هذا ما حدث في بعض أجزاء المغرب بعد الزلزال الأخير. فماذا يعني فقدان مباني ومآثر تاريخية للسكان في هذا الظرف الصعب؟
إعلان
أكثر من أسبوعين على الزلزال المدمر الذي ضرب عدة مناطق في جبال الأطلس المغربية وخلّف قرابة 3 آلاف قتيل ومئات الجرحى. المآسي الإنسانية كبيرة خصوصاً أن الضرر لم يتوقف فقط عند القتلى والجرحى، بل كذلك من فقدوا منازلهم، إذ تقدر أرقام رسمية عدد المباني المنهارة بحوالي 60 ألفا، سواء المنهارة بشكل تام أو بشكل جزئي، ما تسبب بوصول عدد المتضررين إلى 2.8 مليون نسمة.
جزء من التاريخ يتضرر
الضرر لم يمس فقط المباني السكنية، بل كذلك المباني التاريخية، خصوصا أن الزلزال تسبب بأضرار في مدن تاريخية كمراكش وتارودانت. منظمة اليونسكو أشارت إلى تضرّر معالم تاريخية مدرجة على قائمة التراث العالمي، ومن ذلك حي المدينة القديمة في مراكش، المجاورة لساحة الفنا الشهيرة، وهي المدينة التي تعود لحوالي ألف عام.
وتحتضن المدينة القديمة العديد من دور الرياض التقليدية التي تحوّل بعضها إلى فنادق يقصدها الزوار عوضا عن الفنادق العصرية، كما تحتضن السوق القديمة للمدينة، حيث توجد محلات متعددة توفر للزوار كل احتياجاتهم. وغير بعيد عن ساحة جامع الفنا، نجد الحي اليهودي القديم، المعروف بالملاح، الذي بدوره تعرض لأضرار.
وغير بعيد عن هذا المكان، يوجد جامع الكتبية، الذي يعود بناؤه إلى القرن الـ12، وهو بدوره تعرض لأضرار بسبب الزلزال، ما دفع السلطات إلى إغلاقه بشكل مؤقت. كما تعرض مسجد تينمل التاريخي لأضرار بالغة للغاية، وهو يقع في قرية تينمل بالأطلس الكبير، ويحظى بأهمية كبيرة في توثيق تاريخ المغرب، وكذلك السور التاريخي لمدينة تارودانت، أقدم سور في المغرب، والذي يمتد على ثمانية كيلومترات ويصفه المغاربة بـ"السور العظيم".
الأولوية للإنسان.. دون إهمال التراث
لكن في أوقات الكوارث، الأولوية للإنسان قبل كل شيء. هذا ما يقوله الجميع، بمن فيهم المسؤولون في منظمة اليونيسكو، بحكم أن إنقاذ العالقين وإسعاف الجرحى ضرورة أساسية. لكن ذلك لا يعني إهمال إنقاذ التراث الذي يختزن ذاكرة أمة ويمثل جزءاً من ذاكرة العالم، وخسارته تبقى كبيرة للغاية وإن كانت لا تقارن بخسارة حياة البشر.
انتقل خبراء من اليونيسكو لعين المكان بعد الزلزال للوقوف على حجم الأضرار التي ضربت المآثر التاريخية. أهمية المكان ليست فقط للسياح، بل كذلك لأبناء المدينة، وهو ما توضحه سوزان هاردر، رئيسة اللجنة الدولية للدرع الأزرق، المهتمة بالمواقع الآثرية، إذ تقول لـDW: " الحقوق الثقافية هي من حقوق الإنسان. هذا لا يعني أن يخاطر الناس بحياتهم ويتوجهوا للمباني التي تعرضت للدمار، ولكن من المهم لهم أن يستمروا في طقوسهم خلال الجنائز، وأن يجدوا أماكن للصلاة خارج المساجد التاريخية المدمرة، خصوصاً في هذه الفترة".
الطقوس والعادات وأنماط التدين، هي أشكال من الترابط داخل هذه المجتمعات، وهي أمور مهمة للغاية في هذه الأوقات الصعبة، إذ تعطي الناس إحساساً بالاستقرار، خصوصاً لمن فقدوا كل شيء بسبب الزلزال، تضيف سوزان هاردر، الخبيرة في دراسات الآثار وعلم المصريات، لافتة أنه بعد كل كارثة طبيعية، من المهم أولا إنقاذ الأرواح والاستجابة للحاجيات الضرورية، وبعد هذا يتم الاعتناء بالوضع الثقافي.
ليست مجرد منازل
شهد المغرب حُكم العديد من السلالات، وعرف على مدار تاريخه عدداً من الثقافات، وعدد من مدنه القديمة ليست مجرد أحياء سكنية، بل ركن رئيسي من هوية السكان. "هذه الأماكن ليست مجرد نقاط جذب سياحي، بل هي أولاً مساكن" تقول هاردر. وتضيف: "معرفة الإرث الثقافي مهمة على الدوام، لأن هذه المباني شُيدت على مدار قرون من التعايش اليومي، وتحفل بتجارب من حياة الناس ومن عيشهم وكذلك طرق التسوق والعمل".
لذلك تمثل الكوارث الطبيعية، وكذلك الحروب، ضررا كبيرا لمناطق مماثلة، إذ يمكنها أن تتسبب بخسارة جزء من الهوية الثقافية، أو جزء من ذاكرتهم الثقافية، وهو ما أكده أحد سكان مراكش صرّح لمراسل من صحيفة "ذا ناشيونال": "ما وقع صدمة، هويتنا تشكلت عبر هذه المواقع (التي ضربها الزلزال)".
أعلنت وزارة الثقافة المغربية مؤخراً أن الدراسات لإعادة ترميم عدد من المباني التاريخية ستبدأ قريبا، وفي الآن ذاته لا تزال عدد من القصور والمعالم التاريخية في مراكش مفتوحة في وجه الزوار، كما أعلنت السلطات عن خطط لإعادة الإعمار، وإعادة بناء المنازل المتضررة ومن ذلك تلك الموجودة في الأحياء القديمة.
لكن التحدي ليس فقط إعادة الإعمار، فأحيانا يكون تعويض ما انهار صعبا للغية إذا ما كان ضرورييا تشييد بناء جديد لتعويض ما انهار بشكل كامل، أو على الأقل إيجاد صيغة للترميم لا تخدش الهوية التاريخية لمبنى شيد قبل قرون.
زيلكه فونش/إسماعيل عزام
السنة العبرية الجديدة في صور.. حداد وتضامن مع ضحايا زلزال المغرب
يحتفل اليهود سنويا بالعديد من الأعياد الدينية. وبتزامن مع رأس السنة العبرية الجديدة هذه جولة مصورة حول أهم تلك الأعياد وخلفياتها وطقوسها، وأجواء احتفال اليهود في المغرب التي خيم عليها الحداد والتضامن مع ضحايا الزلزال.
صورة من: David Lisbona/dpa/picture alliance
أجواء الاحتفال بالسنة العبرية الجديدة في المغرب
في كنيس بيت إل بالدار البيضاء أحيت الطائفة اليهودية وسط حضور محدود للغاية، ذكرى السنة العبرية الجديدة. وأعلن مجلس الطائفة اليهودية أنه أطلق بشراكة مع لجنة التوزيع المشتركة لمساعدة ضحايا الزلزال بالمغرب، نداءََ لليهود في العالم وخصوصا بالولايات المتحدة لجمع التبرعات لتمويل الجمعيات الخيرية التي تساعد ضحايا الزلزال الذي ضرب مناطق بالأطس الكبير جنوب المغرب وخلف حوالي ثلاثة آلاف قتيل وآلاف المصابين.
صورة من: David Lisbona/dpa/picture alliance
تضامن اليهود المغاربة مع ضحايا الزلزال
في ظل أجواء الحداد التي تعم المغرب بسبب الزلزال الذي ضرب منطقة الأطلس الكبير، أحيت الطائفة اليهودية بالدار البيضاء ذكرى السنة العبرية. وقال سيرج بيرديغو الأمين العام لمجلس الطوائف اليهودية بالمغرب في تصريحات صحافية، من كنيس بيت إيل في الدار البيضاء بالمغرب، إن اليهود المغاربة يشعرون "مثل جميع المغاربة، بشرف الانتماء لهذا الشعب الذي لديه هذا الالتزام القوي بالتضامن والتسامح والصداقة والرحمة".
صورة من: ADEL SENNA/AFP
الزلزال خلف أضرارا في حي الملاح التاريخي بمراكش
وسط أجواء حزن وتضامن بسبب الزلزال الذي ضرب المغرب السبت 9 سبتمبر/ أيلول 2023، أحيى اليهود المغاربة ذكرى السنة العبرية، وأعلن أمين عام الطائفة اليهودية في المغرب، سيرج بيرديغو أن مجلس اليهود المغاربة بالتعاون مع جمعية"حاباد" الخيرية قامت مباشرة إثر الزلزال بمبادرة تضامنية مع الضحايا عبر توزيع المساعدات للسكان بجوار حي الملاح اليهودي التاريخي في مراكش والذي تضرر جراء الزلزال.
صورة من: MariaTraspaderne/Agencia EFE/IMAGO IMAGES
حي الملاح بمراكش قبل الزلزال
منظر من حي الملاح اليهودي التاريخي بمراكش قبل الزلزال. عام 2017 استعاد هذا الحي تسميته القديمة "الملاح" التي تشير إلى ماضيه اليهودي، بعدما سمي لسنوات بحي "السلام". وكان ذلك بمناسبة أشغال ترميم واسعة شهدها ذلك العام. واستهدفت تلك الأشغال التي قدرت كلفتها بحوالي 17,5 مليون يورو، على الخصوص تطوير إمكاناته السياحية. الصورة التقطت يوم 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2017.
صورة من: Fadel Senna/APF/Getty Images
روش هاشناه: السنة العبرية الجديدة
خلال الاحتفال الذي يستمر يومين في شهر أيلول/ سبتمبر، يتعين أن يبتعد المرء عن الشر ويفعل الخير، لأنه في روش هاشناه (بداية العام) سيحاسبه الرب. ويذكر صوت الشوفار، وهو بوق مصنوع من قرن الكبش، المؤمنين بالتأمل الداخلي، تماماً كما كان عليه الحال قبل 2000 عام.
صورة من: Abir Sultan/epa/dpa/picture alliance
پيسَح: عيد الفطير
يذكّر الفصح بخروج اليهود من مصر. يقوم اليهود بالحج إلى حائط المبكى في القدس. خلال عيد الفصح (عيد الفطير) الذي يستمر ثمانية أيام، لا يؤكل أي شيء مخمر، لأن أسلاف اليهود لم يكن لديهم سوى الفطير عند فرارهم من مصر. تجتمع العائلة في وليمة، وهي عادة حتى بين اليهود العلمانيين. يقوم المتدينون بتنظيف جميع معدات المطبخ حتى يظل الطعام موافقا للشريعة اليهودية.
صورة من: Uriel Sinai/Getty Images
شافاعوت: عيد الباكورة
وفقا للديانة اليهودية، نزل الله الوصايا العشر في جبل سيناء، وبالتالي يعتبر عيد الأسابيع يوم "إعطاء التوراة". وهو أيضاً "عيد الباكورة"، عندما تنضج أولى الحبوب وتحصد بعض الثمار في إسرائيل. في زمن الكتاب المقدس، تم تقديم رغيفين من القمح مصنوعين من دقيق المحصول الجديد في هذا اليوم في معبد القدس.
صورة من: Shadi Jarar'ah/ZUMA Wire/APA Images/dpa/picture alliance
لاك بعومر: احتفال بعد حداد
تعتبر الأسابيع بين عيد الفصح وعيد الأسابيع فترة حداد. وممنوع على اليهود فيها قص شعرهم أو إقامة حفلات الزفاف. ولكن في اليوم الثالث والثلاثين تقطع بشكل مؤقت فترة الحداد ويتم الاحتفاء بلاك بعومر تخليداً لذكرى شمعون بار يوحاي، الذي درس التوراة سراً في كهف خلال العصر الروماني. وحتى اليوم، يتم إشعال النيران تكريماً له في شهر أيار/ مايو.
صورة من: Lior Mizrahi/Getty Images
الاحتفال بعيد الفصح في كنيس الغريبة بجزيرة جربة التونسية
يُنظَّم الحج إلى كنيس الغريبة في جزيرة جربة التونسية سنويا في اليوم 33 بعد عيد الفصح اليهودي، وهو في صميم تقاليد اليهود التونسيين. وتقول لافتة معلقة داخل الكنيس ومكتوبة بأربع لغات (العربية والانكليزية والفرنسية والألمانية) "يرجع عهد هذا المقام العتيق والمقدس المعروف بالغريبة إلى عام 586 قبل الحساب الإفرنجي أي منذ خراب الهيكل الأول لسليمان تحت سلطة نبوخذ نصر، ملك بابل وقد وقع ترميمه عبر العصور".
صورة من: Yassine Gaidi/AA/picture alliance
يوم كيبور: عيد الغفران
لمدة عشرة أيام يبدي اليهود الندم على خطاياهم. ومن ثم يتطهرون من الذنوب بذبح الدجاجة التي انتقلت لها ذنوبهم. وفي اليوم العاشر يتم الاحتفال بيوم كيبور بالصلاة في الكنيس طوال اليوم وبالصوم عن الأكل والشرب والامتناع عن النظافة الشخصية. في يوم الغفران، أهم عيد يهودي، يصدر الرب أحكامه على الناس.
صورة من: Menahem Kahana/AFP/Getty Images
سوكوت: عيد المظلة
قبل 3000 سنة، عاش الإسرائيليون حياة العبودية تحت حكم فرعون مصر. لقد أمر الله موسى أن يقودهم إلى أرض كنعان الموعودة. يقال إن الهجرة عبر الصحراء استغرقت 40 عاماً. وفي الطريق كانوا يعيشون في "السوكوت" (الأعراش). ويستظل اليهود في الخريف بالأعراش بعد قطف الفاكهة وحصاد العنب.
صورة من: Annette Riedl/dpa/picture alliance
سمحات توراه: عيد فرحة التوراة
وينتهي عيد الأعراش بعيد "شيميني أتزيرت" وعيد "سيمحات توراة": الأول يمثل بداية فصل الشتاء، والثاني هو الاحتفال بالتوراة، الكتاب المقدس اليهودي. يتم إخراج لفائف التوراة وحملها عبر الكنيس سبع مرات في موكب بهيج ويصاحبه حلقات رقص.
صورة من: Hanan Isachar/picture alliance
حانوكا: عيد الأنوار
لمدة قرنين من الزمان لم يتمكن اليهود من ممارسة شعائرهم الدينية تحت الحكم اليوناني، ولكن في عام 164 قبل الميلاد، استعاد اليهود القدس بعد تمرد. وفي فترة التمرد كان زيت الشموع في الهيكل يكفي لليلة واحدة. ولكن حدثت معجزة وبقيت الشموع مشتعلة لمدة ثمانية أيام: معجزة. ولهذا السبب تُضاء شمعة كل يوم لمدة ثمانية أيام في عيد الحانوكا.
صورة من: Ronen Zvulun/REUTERS
عيد المساخر: عيد الفرح والكرنفال اليهودي
لقد أراد الوزير الفارسي هامان ذات مرة إبادة جميع اليهود، كما جاء في التوراة. لكن أستير، زوجة الملك اليهودية، أنقذت شعبها. وهو من أكثر الأعياد صخباً عند اليهود. ويشجع التلمود اليهود على الشرب مع الأكل. ويلبس اليهود أزياء ملونة وتنكرية في الشوارع.
صورة من: Omer Messinger/ZUMAPRESS/picture alliance
تو بيشفات: عيد الشجرة
يأتي العيد في شهر كانون الثاني/يناير ويرمز لنهاية موسم الأمطار. وحسب التقاليد، في تو بيشفات، يتم تناول الفواكه التي تنمو في إسرائيل من عنب ومكسرات وتين وتمر وزيتون ورمان وحبوب. والعيد اليوم كذلك يوم لحماية البيئة في إسرائيل، حيث يقوم المواطنون بزراعة الشتلات في جميع أنحاء البلاد.
صورة من: Photoshot/picture-alliance
السبت: يوم الراحة الأسبوعي
ويستمر السبت من غروب شمس يوم الجمعة إلى مساء السبت. العمل ممنوع؛ اليهود المتدينون يزورون الكنيس في هذا اليوم. ولا يجوز إشعال النار يوم السبت، وهذا ينطبق أيضاً على المصابيح الكهربائية والأفران. إعداد سوزان كوردس/م.س/ خ.س