مدونو الحرب الروس.. شجعان أم مجرد بيادق في لعبة سياسية؟
١٢ يناير ٢٠٢٣
ينتقد بعض المدونين الروس القيادة العسكرية لموسكو بشكل علني، فيما تتم ملاحقة المعارضين للحرب. فكيف يمكن تفسير ذلك في روسيا؟ هل هم مجرد جزء من لعبة سياسية؟ أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟ وهل يتجرؤون على انتقاد "رأس السمكة"؟
انتقادات كثيرة لأداء القيادة العسكرية الروسية بعد الضربة الأخيرة في شرق أوكرانيا في ليلة رأس السنةصورة من: ALEXANDER ERMOCHENKO/REUTERS
إعلان
دأب مدونون يمينيون مؤيدون للجيش الروسي، يعرفون أيضا باسم (milbloggers)، على استخدام منصة تيليغرام للتعبير عن غضبهم بشأن ما حدث في ماكييفكا. فقد ورد في منشور على قناة "Gray Zone"، وهي قناة مرتبطة بمجموعة فاغنر التي يقودها يفغيني بريغوجين، ورد على القناة:
"كما هو متوقع ، بدأ يوجه اللوم فيما حدث في ماكييفكا إلى الجنود أنفسهم، بالقول: كما ترون، لقد قاموا بتشغيل هواتفهم فتم رصدهم (من جانب أوكرانيا).
بالطبع، العدو لديه هذه القدرات وأحيانا يستخدمها. لكن في هذه الحالة، الأمر كذبة بنسبة 99 بالمئة. ومحاولة للتخلص من اللوم".الجاسوس السابق ومن يصف نفسه بالقومي، إيغور غيركين، والذي أدانته مؤخرا محكمة هولندية، غيابيا، بارتكاب جريمة قتل جماعي لتورطه في إسقاط طائرة الركاب MH17، فوق شرق أوكرانيا في عام 2014، قال إن الجنرالات الروس "غير قابلين للتدريب". وكتب غيركين على قناته على تيليغرام: إن المبنى الذي يؤوي الجنود قد دُمر بالكامل، لأنه كان يستخدم أيضا لتخزين الذخيرة.من جانبه، انتقد بوريس روجين، وهو كاتب ومدون يميني، تموضع عدد كبير من الجنود في مرمى المدفعية الأوكرانية. خصوصا وأن الجيش الروسي قد تكيف خلال الأشهر الماضية مع الظروف وغيّر استراتيجيته، بحيث لم يعد يضع كميات كبيرة من الذخيرة والوقود في مكان واحد. ومع ذلك، بحسب روجين، لم يطبقوا ذلك في ليلة رأس السنة. وألقى باللوم على القيادة العسكرية الروسية بقوله: "لايزال عدم الكفاءة وعدم القدرة على فهم تداعيات الحرب يمثلان مشكلة جدية".
الجاسوس السابق ومن يصف نفسه بالقومي، إيغور غيركين وصل به الأمر لنقد بوتين نفسهصورة من: Pavel Golovkin/AP/picture alliance
الانتقادات القاسية من جانب القوميين الروس لقيادات الجيش الروسي ليست بالأمر الجديد. فالمدونون العسكريون يقومون بذلك علنا منذ شهور. لكن موجة الغضب الأخيرة الموجهة ضد وزارة الدفاع الروسية تثير التساؤل عن سبب تسامح القيادة في روسيا مع هذا النقد، رغم السلطوية المتزايدة. يبدو أن المدونين المؤيدين للحرب قادرون على التعبير عن آرائهم بحرية، بينما يواجه المتظاهرون المناهضون للحرب عقوبات قاسية للغاية، قد تصل إلى السجن لمدة 15 سنة، بسبب تهم من قبيل: "تشويه سمعة القوات المسلحة الروسية" أو نشر "معلومات كاذبة" حول الجيش الروسي وأنشطته.
نظام بوتين غير قادر على السيطرة الكاملة
الاختلاف بين النقدين يكمن في اتجاه النقد، كما يرى عباس غالياموف، كاتب الخطابات السابق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمحلل السياسي المختص بالشؤون الروسية، ويضيف: "ينطلق المدونون العسكريون في نقدهم مما يسمى بالمنظور الوطني، مما يعني أنهم لا يقتربون من بوتين. هم يهاجمون المنفذين للتوجيهات. أي أنهم لا يشككون في قيادة بوتين أو في قراره بغزو أوكرانيا. ولذلك لا يُسمح بالنقد من جانب الأشخاص الذين يشككون في قيادته وفي الحرب نفسها. مثل هؤلاء يُنظر إليهم على أنهم أعداء".
ومع ذلك، فلقد وصل الأمر بإيغور غيركين، أحد أبرز نقاد أداء الجيش الروسي، إلى حد انتقاد بوتين بشكل مباشر، عندما نشر غيركين في الشهر الماضي مقطع فيديو مدته 90 دقيقة علىتيليغرام، قال فيه "رأس السمكة فاسد تماما".
المؤرخ البريطاني والخبير بالشأن الروسي مارك غاليوتي يرى أنه من المحتمل الإطاحة بوزير الدفاع ورئيس الأركان الروسيين خلال هذا العام.صورة من: SPUTNIK via REUTERS
وعن ذلك يقول المؤرخ البريطاني والخبير بالشأن الروسي مارك غاليوتي: إن نظام بوتين يدرك بشكل متزايد أنه لا يستطيع السيطرة على السرد بشكل كامل. ويضيف: "الأشخاص مثل غيركين ليسوا مهمين لأشخاصهم فقط، ولكن يمكن القول إنهم بشكل أو بآخر يتحدثون باسم فصائل كبيرة جدا داخل الجيش وأجهزة الأمن. وأعتقد أن هناك خوف من أن قمعهم قد يؤدي إلى جعلهم بمثابة شهداء، هذا من ناحية. ومن ناحية ثانية قد تفقد حينها فرصتك تماما في التعرف على مخاوفهم".
حيلة سياسية؟
وفي الوقت نفسه، كما يقول غالياموف، فإن بوتين غير سعيد أيضا بقيادته العسكرية، لأنهم "وعدوه بتحقيق النصر في غضون ثلاثة أيام. ولكن بدلا من ذلك سببوا له إحراجا كبيرا أمام العالم كله. وعلى المستوى العاطفي، هو يتفهم المدونين العسكريين".
الدافع وراء النقد له بعد سياسي كذلك، لأنه يعكس صراعات السلطة الجارية داخل القيادة.
"جزء من هذا النقد هو انعكاس للسياسات التي تجري خلف الكواليس لمحكمة بوتين"، كما يرى غاليوتي، والذي يضيف: "ليس كل فرد في الجيش مصطفٌ بشكل موحد خلف وزير الدفاع (سيرغي) شويغو ورئيس هيئة الأركان العامة (فاليري) غيراسيموف. هناك شعور سائد بأن كلا الرجلين، من المحتمل جدا هذا العام، أن يطاح بهما. أعتقد أن ما نراه في عالم وسائل التواصل الاجتماعي يعكس شيئا من السياسة الحقيقية التي تحدث في روسيا".
كيليان باير - ريغا/ف.ي/ع.ج.م
من فظائع روسيا في أوكرانيا: اغتصاب وإعدامات وقنابل عنقودية
بعد مرور أكثر من تسعة أشهر على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، رصدت كييف وحلفاؤها الغربيون وهيئات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية آلاف الحالات التي يشتبه بأنها تشكل جرائم حرب.
صورة من: Valentyn Ogirenko/REUTERS
منشآت الطاقة
في 29 تشرين الثاني/نوفمبر، اعتبر وزير العدل الألماني ماركو بوشمان أن الضربات الروسية التي "تدمر بشكل منهجي امدادات الكهرباء والتدفئة" قبل أبرد أشهر الشتاء تشكل "جريمة حرب رهيبة". وأشار بوشمان إلى أن السلطات الأوكرانية سجلت حتى الآن نحو 50 ألف حالة جرائم حرب مفترضة. كما اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن "أي ضربة ضد المنشآت المدنية تشكل جريمة حرب ولا يمكن أن تبقى بدون عقاب".
صورة من: Gleb Garanish/REUTERS
تهجير وفصل أطفال عن أسرهم
في تشرين الثاني/نوفمبر، أفادت منظمة العفو الدولية أن روسيا ربما تكون ارتكبت جرائم ضد الإنسانية بإجبارها المدنيين في المناطق التي تحتلها على الانتقال إلى مناطق أخرى، مع فصل الأطفال عن عائلاتهم في انتهاك للقانون الإنساني الدولي. ويأتي هذا التقرير لمنظمة العفو بعد تقرير آخر في آب/أغسطس أغضب كييف لاتهامه أوكرانيا بتعريض حياة المدنيين للخطر من خلال إنشاء قواعد عسكرية في المدارس والمستشفيات.
صورة من: Dimitar Dilkoff/AFP/Getty Images
اغتصابات
في 14 تشرين الأول/أكتوبر، دانت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة جرائم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية التي تتهم القوات الروسية بارتكابها في أوكرانيا، معتبرة أنها تمثل بشكل واضح "استراتيجية عسكرية" و"تكتيكاً متعمداً لتجريد الضحايا من إنسانيتهم". وطالبت السيدة الأوكرانية الأولى أولينا زيلينسكا بـ"رد عالمي" على استخدام العنف الجنسي كسلاح حرب قائلة إن مدعين في كييف يحققون بأكثر من مئة جريمة محتملة.
صورة من: Vuk Valcic/ZUMA Press Wire/ZUMAPRESS/Picture alliance
إعدام أسرى
في 27 أيلول/ سبتمبر، قال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في إن القوات الروسية والجماعات المسلحة التابعة لها تُخضع أسرى أوكرانيين لعمليات إعدام خارج نطاق القضاء وعنف جنسي وانتهاكات أخرى. وقالت ماتيلدا بوغنر، رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا، "إنهم يتعرضون لمعاملة قاسية ومهينة من قوات الأمن الروسية والجماعات المسلحة التابعة لها بدت أنها منهجية".
صورة من: picture alliance / ASSOCIATED PRESS
أربع مناطق
وفي 23 أيلول/سبتمبر، اتهم محققو الأمم المتحدة موسكو بارتكاب "جرائم حرب"، عارضين تقريراً يخالف الاحتراس الذي أبدته المنظمة الدولية بهذا الصدد حتى ذلك التاريخ. في المقابل، اعتبر المحققون أنه لا يزال مبكراً جداً الحديث عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بخلاف ما تؤكده أوكرانيا ومنظمات غير حكومية.
وحسب التقرير، وقعت الانتهاكات في مناطق كييف وتشيرنيغيف وخاركيف وسومي.
صورة من: Oleksii Chumachenko/ZUMA/IMAGO
خيرسون
في 18 تشرين الثاني/نوفمبر، خلص باحثون من جامعة ييل في تقرير مدعوم من وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن المئات اعتقلوا أو فُقدوا في منطقة خيرسون وأن العشرات ربما تعرضوا للتعذيب. وقال التقرير إن 55 على الأقل من حالات الاعتقال أو الاختفاء تضمنت مزاعم بالتعرض لمعاملة يمكن أن ترقى إلى التعذيب وفقاً للقانون الدولي، مثل الضرب والإيهام بالإعدام والروليت الروسي والصدمات الكهربائية وتعذيب الأقارب.
صورة من: Igor Burdyga/DW
خاركيف
في حزيران/يونيو، اتهمت منظمة العفو الدولية روسيا بارتكاب جرائم حرب من خلال الهجمات على خاركيف التي استُخدِمت في كثير منها قنابل عنقودية محظورة أدت إلى مقتل مئات المدنيين. وقالت منظمة العفو إنها كشفت عن أدلة في خاركيف على الاستخدام المتكرر من جانب القوات الروسية للقنابل العنقودية 9N210 و9N235 والألغام الأرضية المتناثرة وكلها محظورة بموجب الاتفاقات الدولية.
صورة من: Sofia Bobok/AA/picture alliance
إيزيوم
في أيلول/سبتمبر أعلنت السلطات الأوكرانية العثور على "450 جثة لمدنيين تحمل آثار موت عنيف وتعذيب" مدفونة في غابة عند مشارف إيزيوم في منطقة خاركيف في شمال شرق أوكرانيا. وتمكن مراسل لفرانس برس في الموقع من مشاهدة جثة واحدة على الأقل مكبلة اليدين بواسطة حبل. إثر ذلك دعت الرئاسة التشيكية للاتحاد الأوروبي إلى إنشاء محكمة دولية خاصة بجرائم الحرب في أوكرانيا.
صورة من: Goktay Koraltan/Depo/abaca/picture alliance
بوتشا
أضحت مدينة بوتشا، إحدى ضواحي شمال غرب كييف، في نظر الغرب رمزاً لـ"جرائم الحرب" الروسية في أوكرانيا. وعثر في أوائل نيسان/أبريل الماضي على مئات الجثث في بوتشا بعد انسحاب القوات الروسية. وتم اتهام جنود روس بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين هناك.
إعداد: خالد سلامة