يسعى مدير الأونروا إلى إقناع الاتحاد الأوروبي ودوله بضرورة مواصلة تمويل الوكالة بعد تعليق المساعدات من قبل عدة دول على خلفية اتهامات لموظفين بالمنظمة بالارتباط بحماس والمشاركة بالهجوم على إٍسرائيل. فهل ينجح في ذلك؟
إعلان
عندما دعا فيليب لازاريني إلى تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في بروكسل في مارس/آذار 2023، قوبل بانفتاح وترحيب وقتها. ومن المرجح أن يكون كل شيء مختلفًا يوم الإثنين (12 شباط/فبراير 2024) خلال محادثاته مع وزراء التنمية في الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي.
فقبل يومين من لقاء الأمين العام للأونروا فيليب لازاريني بوزراء مساعدات التنمية في الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وجه الجيش الإسرائيلي مجددا اتهامات خطيرة ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا): "هناك... تحت المقر الرئيسي للمنظمة في تم العثور على نفق قطاع غزة الذي تستخدمه حماس في أنشطة المخابرات".
وسيتعين على لازاريني، المفوض العام للمنظمة، أن يسأل نفسه أسئلة انتقادية حول كيفية إمكانية وجود صلات بين موظفين في الأونروا و حركة حماس الفلسطينية الإسلاموية المسلحة، التي تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية، وكذلك كيفية تورطهم المحتمل في هجوم الحركة الإرهابي على إسرائيل السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
يتولى فيليب لازاريني، وهو دبلوماسي متمرس في الأمم المتحدة، قيادة الأونروا منذ عام 2020 وتوجب عليه في ذلك الوقت أيضًا أن يتعامل مع فضيحة سلفه. فالمفوض السابق للأونروا بيير كرينبول استقال من منصبه بعد مزاعم واسعة النطاق بالمحسوبية وإساءة استخدام السلطة.
وبعد الكشف عن الاتهامات الموجهة ضد اثني عشر من موظفي الأونروا البالغ عددهم حوالي 13.000 موظف في قطاع غزة، قامت الأمم المتحدة على الفور بفصل عشرة منهم، بينما فقد الآخران حياتهما. ويجري الآن تحقيق داخلي للأمم المتحدة، أمر به الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لتحديد جميع المسؤولين. لكن وبحسب الأونروا، لم تقدم الحكومة الإسرائيلية حتى الآن أي دليل على ادعائها بأن عشرة بالمئة من موظفي المنظمة مرتبطون بإرهابيي حماس.
ألمانيا تعلق المساعدات، وإسبانيا تزيدها!
ويأتي فيليب لازاريني إلى بروكسل لمناشدة الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه بمواصلة تمويلهم للأونروا. وعلقت تسع دول أعضاء، بما في ذلك ألمانيا، مساعداتها للمنظمة حتى الانتهاء من التحقيق في الاتهامات، بينما تواصل دول أعضاء أخرى مثل أيرلندا وبلجيكا تقديم المساعدات للأونروا. وزادت إسبانيا مساعداتها للمنظمة بمقدار 3.5 مليون يورو لضمان إيصال المزيد من المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة. وتريد البرتغال أيضًا أن تقدم مساعدات أكثر من السابق.
وقال منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن الاتحاد لا يسدد حاليًا أي مدفوعات من ميزانيته المشتركة على أي حال، لأنه لن تكون هناك أي دفعات مستحقة بحلول نهاية الشهر. وحتى ذلك الحين، فإن مراجعة من الاتحاد الأوروبي للتدفقات المالية، بحسب بوريل، لابد أن تظهر ما إذا كانت الأموال قد تدفقت إلى الإرهابيين وما إذا كان التعاون مع الأونروا سوف يستمر. وأعرب بوريل عن أسفه لعدم وجود موقف موحد بين الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، وقال: "هذا ليس جيدًا".
بوريل: لا يمكن استبدال الأونروا
وبعد اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بداية شباط/فبراير، أكد بوريل على أن المساعدات للفلسطينيين في قطاع غزة يجب أن تستمر، وقال: "سندعو بالتأكيد إلى عمليات تدقيق وضوابط بسبب الثغرات في المساءلة، لكن يمكنني القول إن غالبية الدول الأعضاء الـ 27 تشعر بأنه لا يمكن استبدال الأونروا. وأكرر، لا يوجد بديل للأونروا!".
وبحسب منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، فإن الأونروا تقوم بإطعام حوالي مليوني شخص، ليس فقط في قطاع غزة، ولكن أيضًا في الضفة الغربية والأردن ولبنان، كما أنها تقوم بمهام طبية وتوفر التعليم المدرسي. وتساءل بوريل: "من سيحل محلها في هذا بين عشية وضحاها؟"، وأضاف: "تلعب الأونروا دورًا حاسمًا. صحيح أن الحكومة الإسرائيلية تنتقد الأونروا بشدة، ليس الآن فحسب، بل سابقًا كذلك. ولكن لا يمكننا معاقبة مليوني شخص".
شولتشه: سيتعين علينا المساعدة
وتعد ألمانيا ثاني أكبر مانح في العالم للأونروا، بمبلغ 202 مليون دولار في عام 2022. بينما الولايات المتحدة، التي علقت هي أيضًا مساعداتها، هي أكبر مانح بمبلغ 344 مليون دولار. ويأتي بعدهما الاتحاد الأوروبي، أي الوعاء المشترك لجميع الدول الأعضاء، في المركز الثالث بمبلغ 114 مليون دولار.
وفي أعقاب الاتهامات لموظفي الأونروا، قامت اليابان وسويسرا والمملكة المتحدة وكندا وغيرها أيضًا بتعليق مدفوعاتها أو التحفظ عليها. وقد استجابت 20 دولة حول العالم بهذه الطريقة. وتفترض وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية سفينيا شولتشه أن تمويل الأونروا سيستمر بعد معالجة تلك الحالات. وقالت شولتشه لقناة "إن تي في" الألمانية: "لا أستطيع أن أتخيل أننا لن ندعم بعد الآن، في ظل المعاناة والاحتياجات الموجودة حاليًا في هذه المنطقة. سيتعين علينا المساعدة. ومن مصلحة إسرائيل أيضًا أن تتم مساعدة الناس في المنطقة هناك".
الأونروا ترى أن العمل في خطر اعتبارًا من آذار/مارس
وأعلنت الأونروا، في بيان صحفي، أنها ستجد صعوبة في القيام بمهامها والحفاظ على الإمدادات لسكان قطاع غزة، الذي دمرته العمليات العسكرية الإسرائيلية، اعتبارًا من نهاية آذار/مارس الجاري. ولا يتم تمويل منظمة المساعدة، التي تتولى مسؤولية مساعدة اللاجئين الفلسطينيين منذ 75 عامًا، من الميزانية العادية للأمم المتحدة، بل تعتمد على التبرعات السنوية.
وقالت المنظمة: "في حين أن الأونروا معتادة على التعامل مع عدم اليقين من الناحية المالية، فإن التطورات في شهر يناير/كانون الثاني 2024 تمثل مستوى جديدًا من المخاطر. وما لم يستمر المانحون في الدفع بسرعة وبشكل واسع، فإن هذه الوكالة يمكن أن تصل إلى نهاية مواردها بحلول نهاية فبراير/ شباط 2024". وهذا هو بالضبط ما يريد فيليب لازاريني منعه من خلال مناشدته في بروكسل.
أعده للعربية: م.ع.ح
معبر رفح.. "شريان الحياة" لسكان غزة ونافذتهم الضيقة نحو العالم
يمثل معبر رفح بين مصر وقطاع غزة المنفذ الوحيد لنحو مليوني فلسطيني على العالم الخارجي. نشأ المعبر في ظروف خاصة وتعرض للإغلاق كثيراً بسبب حروب وخلافات سياسية.. فما هي قصته؟
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
معبر رفح .. شريان حياة
لا يختفي اسم "معبر رفح" من وسائل الإعلام منذ بدء الاشتباكات بين حماس والجيش الإسرائيلي، إذ يُعد المنفذ الرئيسي الذي تدخل منه المساعدات المختلفة من غذاء ودواء ووقود وغيرها إلى قطاع غزة. كان المعبر حجر أساس في اتفاق الهدنة الأخير بين الطرفين حيث تم الاتفاق على عبور المئات من شاحنات المساعدات المختلفة يومياً إلى جانب خروج حملة الجنسيات الأجنبية والمرضى والمصابين الفلسطينيين من خلاله.
صورة من: Fatima Shbair/AP/picture alliance
نقطة الاتصال بالعالم الخارجي
في أقصى جنوب قطاع غزة، وعند صحراء سيناء في الجانب المصري، يُشكل معبر "رفح" البري المنفذ الرئيسي للقطاع إلى العالم. يوجد في غزة ستة معابر أخرى منها ايريز (حاجز بيت حانون) في الشمال وكرم أبو سالم جنوب شرق القطاع لكنها تقع جميعاً تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. يبقى معبر رفح هو نقطة الاتصال الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي.
صورة من: Mustafa Hassona/Anadolu/picture alliance
كيف نشأ المعبر؟
نشأ المعبر عقب توقيع مصر وإسرائيل اتفاقية السلام عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982. قبل عام 1967 لم تكن هناك حدود بين رفح المصرية والفلسطينية لكنهما فصلتا بعد تنفيذ الشق الخاص من ااتفاقية ترسيم الحدود. خُصص المعبر لعبور الأفراد فيما خصص معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل لعبور البضائع.
صورة من: BOB DAUGHERTY/AP/picture alliance
إدراة مشتركة وفق اتفاقية أوسلو
سمحت اتفاقية أوسلو لممثلي السلطة الفلسطينية بالتواجد في المعبر. لكن منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 وإلى اليوم تغيرت ظروف المعبر عدة مرات وفقاً للتطورات الأمنية والعسكرية في القطاع. تم إغلاق المعبر مع انتفاضة عام 2000 وبعدها ظل ما بين الإغلاق والفتح، فيما شددت مصر إجراءات العبور من وقتها وحتى اليوم.
صورة من: Terje Bendiksby/NTB/picture alliance
من يتحكم في المعبر؟
سيطرت إسرائيل على المعبر خلال احتلالها للقطاع وحتى عام 2005 الذي انسحبت فيه من غزة. تم توقيع "اتفاقية الحركة والوصول" عام 2005 والتي جمعت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبرعاية أمريكية، وهي الاتفاقية التي أقرت بأن يخضع المعبر للسيطرة الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري بما لا يمس الأمن الإسرائيلي.
صورة من: picture alliance / ASSOCIATED PRESS
ضرورات أمنية
عملت مصر وإسرائيل على تقييد الحركة من غزة وإليها منذ أن فرضت حركة حماس سيطرتها على القطاع في 2007 حين وصل الصراع بين حماس وحركة فتح إلى ذروته. تقول الدولتان إن ذلك ضروريا لأسباب أمنية. ورهنت مصر التعامل مع المعبر بموافقة كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية. وخلال الحرب الأخيرة فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة في 9 أكتوبر/تشرين الأول.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
بين إغلاق وفتح المعبر
في عام 2010 قررت مصر فتح المعبر بشكل أكبر عقب ما عرف بواقعة "أسطول الحرية". ومع أحداث ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، أمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر باقتصار فتح المعبر على الحالات الطارئة. لم يفتح المعبر بشكل كامل إلا مع ثورة 25 يناير لكن منذ عام 2013 عاد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً. في عام 2017، فُتح المعبر أمام حركة الأفراد الحاصلين على تصريح أمني مع الخضوع لعمليات تفتيش صارمة.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
مخاوف مصرية
تكمن أكبر مخاوف مصر في أمرين؛ الأول هو حدوث تدفق هائل للاجئين الفلسطينيين الفارين من الحرب عبر معبر رفح. والثاني وهو الأخطر ويتمثل في احتمال دخول مسلحين إسلاميين إلى البلاد، خصوصاً وأن مصر تواجه جماعات إسلامية متشددة في سيناء وذلك على مدار أكثر من 10 سنوات. لذلك تولي مصر أهمية مشددة لتأمين معبر رفح.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
تطبيق إجراءات مشددة
لا تسمح السلطات المصرية للفلسطينيين بمغادرة غزة بسهولة، إذ يجب على الفلسطينيين الراغبين باستخدام معبر رفح التسجيل لدى السلطات الفلسطينية المحلية قبل سفرهم بنحو شهر وقد يتم رفض طلبهم إما من قبل السلطات الفلسطينية أو المصرية دون إبداء الأسباب. وفيما يشكو فلسطينيون من سوء معاملة على المعبر، تُبقي إسرائيل سيطرتها كاملة على ما يمر عبر القطاع خوفاً من وصول أي مساعدات خاصة لحركة حماس.
صورة من: Mohammed Talatene/dpa/picture alliance
الأولوية للحالات الإنسانية
أعطيت الأولوية في الاتفاق الأخير بين حماس وإسرائيل لعبور المساعدات الإنسانية والحالات المرضية وخصوصاً الأطفال الخُدج (غير مكتملي النمو) حيث أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً باستقبالهم في المستشفيات المصرية.
صورة من: Egypt's State Information Center/Xinhua/picture alliance
مخاوف من كارثة إنسانية
في مؤتمر صحفي كبير عقد في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش من أمام بوابات المعبر في الجانب المصري من استمرار إغلاقه، منذراً بحدوث كارثة إنسانية إن لم تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وشدد على ضرورة ضمان عبور قوافل المساعدات بعدد كبير من الشاحنات كل يوم إلى قطاع غزة لتوفير الدعم الكافي لسكانه.
صورة من: picture alliance/dpa
القصف يعرقل انتظام عمل المعبر
خلال الحرب الأخيرة، أكدت مصر عدة مرات أن المعبر مفتوح من جانبها وأنه لم يتم إغلاقه منذ بدء الأزمة الراهنة، لكن تعرض مرافقه في الجانب الفلسطيني للدمار بسبب الغارات الإسرائيلية يحول دون انتظام عمله بشكل طبيعي، وفق ما ذكرت الخارجية المصرية. إعداد: عماد حسن.
صورة من: Russia Emergencies Ministry/dpa/picture alliance