أضرم مجهولون النار في مطعم تركي بمدينة كمنيتس شرقي ألمانيا، التي شهدت مظاهرات للنازيين الجدد واليمين المتطرف والشعبوي مؤخرا. الاستخبارات الداخلية تولت التحقيق كإشارة على ترجيح فرضية معاداة الأجانب كدافع لارتكاب الجريمة.
إعلان
قالت الشرطة في مدينة كيمنتس بولاية ساكسونيا بشرق ألمانيا إن مجهولين أضرموا النار في مطعم تركي، فيما يبدو أنه اعتداء على خلفية معاداة الأجانب في المدينة التي شهدت اضطرابات كبيرة في الأسابيع الماضية بسبب الظهور القوي للنازيين الجدد واليمين المتطرف والشعبوي على خلفية اعتداء وقع ضحيته مواطن ألماني من أصل كوبي.
وقالت الشرطة إن هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) تولت التحقيق في الحادث لكونه على خلفية معاداة الأجانب، حيث أوضحت الشرطة أنها لا تستبعد أن يكون الحادث اعتداء على صلة بمعاداة المهاجرين.
وتابعت الشرطة أن المنزل الذي يقع فيه المطعم التركي يقطنه أيضا 17 شخصا الذين اضطروا إلى مغادرة شققهم بسبب الحريق في المطعم. لكن ولحسن الحظ لم يتعرض أحد من السكان للضرر، فيما كان المطعم مغلقا وقت الحادث.
وكان سكان المبنى قد استيقظوا برعب قرابة الساعة الثانية ليلا بعد سماعهم لصوت انفجار وتصاعد الدخان من المطعم في اسفل المبنى. وتمكن رجال الإطفاء من السيطرة على الحريق فورا، فيما تم إجلاء سكان المنزل، لكنهم عادوا إلى بيوتهم فجرا.
وقال المحققون إن المجهولين قد تسللوا إلى داخل المطعم وأضرموا النار فيه، فيما قال سكان في المنزل إنهم لا حظوا ثلاثة اشخاص يهربون من مكان الحادث. وتتواصل التحقيقات لمعرفة تفاصيل الجريمة.
يذكر أن مدينة كمنيتس شهدت اعتداءات أكثر من مرة على مطاعم أجنبية. وكان مجهولون هاجموا صاحب محل إيراني وأصابوه مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر الجاري. كما هاجم ملثمون مطعما يهوديا في إطار مظاهرة يمينية بالمدينة
في نهاية شهر آب/أغسطس الماضي وأصابوا صاحبه.
وكانت مدينة كمنيتس قد شهدت مقتل مواطن ألماني 35/ عاما/ إثر طعنات بسكين خلال شجار مع أشخاص من جنسيات مختلفة على هامش مهرجان بالمدينة يوم 26 آب/أغسطس الماضي. وتسببت الواقعة في سلسلة من الاحتجاجات والمظاهرات المعادية للأجانب بالمدينة من جانب جماعات يمينية متشددة.
ح.ع.ح/أ.ح (د.ب.أ، أ.ف.ب)
كيف تحولت مدينة كارل ماركس السابقة إلى مسرح للتطرف اليميني؟
شهدت كيمنتس تحولا كبيرا منذ إعادة توحيد ألمانيا بدءًا بعودة اسمها الأصلي إلا أنها أمست رمزا للخوف على ديمقراطية ألمانيا وانقسام المجتمع بعدما وقعت جريمة قتل لرجل ألماني، يشتبه أن مرتكبيها هما اثنان من طالبي اللجوء العرب.
صورة من: Secunda-Vista/Fotolia.com
ثالث أكبر مدن ساكسونيا
بمساحتها البالغة نحو 220 كيلومترا مربعا وعدد سكانها البالغ نحو ربع مليون نسمة، تعد مدينة كيمنتس بعد مدينتي دريسدن ولايبزيغ الشهيرتين، ثالث أكبر مدن ولاية ساكسونيا بأقصى شرق وسط ألمانيا. وكانت واحدة من أهم مدن الصناعة في ألمانيا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
صورة من: picture-alliance/dpa
تغيير الاسم على طريقة السوفييت
اسمها جاء من نهر كيمنتس الذي يمر بها، وبنهاية الحرب العالمية الثانية تدمر نحو 90 في المائة من قلب المدينة. ومن عام 1953 وحتى 1990 في فترة ما عرف بـ"ألمانيا الشرقية" تحول اسمها لـ"مدينة كارل ماركس"، على غرار ما كان الاتحاد السوفيتي السابق يفعله من إعادة لتسمية المدن مثل ستالينغراد (فولغوغراد حاليا) ولينينغراد (سانت بطرسبرغ).
صورة من: imago/ecomedia/robert fishman
مشاهد من عصر النازية
كان برلمان كيمنتس من أوئل البرلمانات، التي سيطر عليها النازيون خلال حقبتهم، ما غير الوجه الثقافي للمدينة. وجرى اضطهاد اليهود ومصادرة أملاكهم، وحرق معابدهم في "ليلة الكريستال". ومن لم يهرب منهم خارج كيمنتس تم ترحيله أو إرساله إلى مراكز الاعتقال.
صورة من: picture alliance
تأثير سوفيتي كبير
بعد الحرب العالمية الثانية أصبح النفوذ السوفيتي واضحا في كيمنتس سواء من الناحية العسكرية أو المالية أو التعدين أو حتى الثقافة. وفي فترة الستينات كانت هناك حركة عمران كبرى. وفي السبعينات نالت شهرة في المسرح والرياضة مثل التزلج الفني على الجليد ورياضات الدرجات والسباحة ورفع الأثقال.
صورة من: picture-alliance/ ZB
مصاعب ما بعد الوحدة
رغم آلاف الشركات التي أُنشئت في كيمنتس بعد الوحدة الألمانية منذ 1990 إلا أن ذلك لم يخف لسنوات طويلة ما يعانيه السكان من بطالة. غير أن نسبة البطالة بدأت في التحسن فوصلت إلى 13 في المائة عام 2013 لتصبح الآن أقل من 8 في المائة عام 2018.
صورة من: picture-alliance/ZB
جريمة قتل تفسح الطريق لليمين المتطرف
مثل غيرها من مدن ولايات شرق ألمانيا وجد اليمين المتطرف نفسه في كيمنتس، رغم أن أعضاء حزب البديل الشعبوي والحزب القومي (النازيون الجدد) في برلمان المدينة هم أربعة فقط من بين 60 عضوا. غير أنه في ليلة السبت/ على الأحد (26 أغسطس/ آب 2018) ظهر اليمين المتطرف بقوة إثر مقتل رجل ألماني عمره 35 عاما، خلال احتفالات المدينة.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Prautzsch
الاحتشاد أمام كارل ماركس
صدر أمر باعتقال اثنين مشتبه بهما في قتله، أحدهما سوري عمره 23 عاما، والآخر عراقي عمره 22 عاما، يفترض أنهما وجها للرجل الألماني عدة طعنات. وبعدما انتشر خبر مقتله وقعت مظاهرات بعد ظهر الإثنين في قلب مدينة كيمنتس، واحتشدت مجموعات من اليمين المتطرف حول تمثال كارل ماركس.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen
صراع اليمين واليسار وهجوم على أجانب
بالتزامن مع ذلك تكونت مظاهرة مضادة من قبل الأحزاب اليسارية في نفس المكان، مما حتم تدخل الشرطة لمنع وقوع الصدام. وقام أشخاص من اليمين المتطرف بمهاجمة أجانب في كيمنتس. وفي المساء بدأت المظاهرات تهدأ بعدما أسفرت عن جرح ستة أشخاص، وتقول الشرطة إن عدد المشاركين في المظاهرات جاء أكبر من توقعاتها بكثير.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Seidel
"غير قابل للانقسام"
أظهرت تلك الأحداث مدى المخاطر التي تحدق بالديمقراطية والتعددية في ألمانيا، وتحدث سياسيون ومشاهير عن قلقهم من الانقسام، وأُعلن عن تنظيم مبادرة "غير قابل للانقسام" (unteilbar#)، من أجل التظاهر في برلين في 13 أكتوبر/ تشرين الأول، ضد الإقصاء وتأييداً لمجتمع ألماني منفتح. وستكون هناك في نفس اليوم مظاهرات في عواصم أوروبية أخرى ضد النزعة القومية. إعداد: صلاح شرارة.