"مراسلون بلا حدود": تراجع لحرية الصحافة في العالم
١٢ فبراير ٢٠١٤ في دراسة سنوية أُعلن عن نتائجها يوم الأربعاء (12 فبراير/ شباط 2014)، خلصت منظمة "مراسلين بلا حدود" إلى حدوث "تدهور طفيف شامل" في العالم مقارنة بالعام الماضي لحرية الصحافة، وذلك ضمن تصنيف سنوي تقوم به المنظمة لحرية الصحافة في 180 بلدا حول العالم.
وأظهرت الدراسة أن الولايات المتحدة الأمريكية تراجعت 13 مرتبة الى المركز 43. يأتي ذلك عقب صدور حكم قضائي بحق الجندي الأمريكي برادلي مينينغ بالسجن لمدة خمسة وثلاثين عاما لتسربيه معلومات من وزارة الدفاع الأمريكية لموقع "ويكيليس". أما إدوارد سنودن الذي عمل في السابق لصالح وكالة الأمن القومي الأمريكية والذي كشف عن عملية تجسس موسعة تقوم بها أجهزة الاستخبارات الأمريكية، فقد أعرب عن قناعته بأنه لن يحظى بمحاكمة عادلة في بلاده. وقد كانت رسالة واشنطن واضحة في السنتين الأخيرتين، مفادها "أن كل من يمد الصحافة بمعلومات دقيقة وسرية حول مؤسسات الدولة، فإنه سيواجه أقصى العقوبات"، كما يوضح كريستيان مير، المدير التنفيذي لمنظمة "مراسلين بلا حدود" عند تقديم نتائج الدراسة.
تراجع في الولايات المتحدة
وفي حوار مع DW، يقول مير إن "الولايات المتحدة الأمريكية لم تشهد يوما ملاحقة للصحفيين ولمصادرهم بذات الحدة التي هي عليها الآن"، محذرا في الوقت ذاته بالقول: "إذا أصبحت المصادر متوجسة (مما قد يلحق بها)، فإننا سنشهد تراجعا مصيريا لحرية الصحافة وانتكاسة مأساوية للأسس الديمقراطية". "إشارات فضيعة" تلك التي يتم إرسالها لدول مثل تركمانستان وسوريا وتركيا، على ما يوضح مير. ويضيف قائلا: "فإذا لم تعد الديموقراطيات التقليدية تنظر إلى حرية الصحافة كثروة قيّمة، فإن البلدان الأخرى لن تشعر بأنها تحت ضغط، طالما أن لا أحدا يطالبها سياسيا بضمان حرية الصحافة"، في إشارة إلى ما واجهته صحيفة "غارديان" البريطانية من ضغوطات لإجبارها على إتلاف مصادر المعلومات والأجهزة المخزنة فيها والتي مدها إياها عميل الاستخبارات السابق الأمريكي سنودن. واستنادا على قانون الإرهاب قامت السلطات البريطانية بالتحقيق مع صديق صحفي "الغارديان" غلين غرونوالد الذي نشر تقارير حول تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية.
حرية الصحافة في الشرق الأوسط
وفي بلدان الربيع العربي لم تسجل المنظمة الدولية أي تقدم بخصوص حرية الصحافة. ويوضح مير لـDW أن التطورات المتسارعة التي عمت المنطقة، "زرعت آمالا من الصعب تحقيقها، فيما أثبتت التجارب السابقة أن تغييرا مفاجئا في نظام الحكم نادرا ما قاد إلى تقدم مستمر".
واحتفظت مصر بالمركز 159 وتونس بالـ133، وهذا ما يؤكد بالنسبة لمير أن المزاج العام السائد في دول العربي "يقلل من أهمية حرية الصحافة"، بل وهناك من لا يعتبرها موجودة من الأساس، كما يحدث في سوريا حيث، "لا يوجد مكان أكثر خطورة على حياة الصحافيين في العالم منه في سوريا".
من جهة أخرى، شكلت تركيا أحد المحطات التي تحدثت عنها الدراسة بقلق كبير، فأثناء مظاهرات حول حديقة غيزي في إسطنبول، أصيب 153 صحفيا واعتقل 39. كما تمّ حجب مواقع إلكترونية، تزامنا مع مصادقة البرلمان التركي على مشروع قانون يسمح لمكتب الاتصالات التركي بحجب مواقع الكتورنية دون الحاجة إلى حكم قضائي، وسيتم اعتماد القانون فور توقيع الرئيس التركي عبد الله غول عليه، وهو ما لم يتحقق بعد.
وعلى غرار الدول التي "تسيء استخدام الحجة الأمنية" حسب "مراسلين بلا حدود"، تقوم السلطات التركية باعتقال صحفيين في حال تطرقوا إلى الملف الكردي مثلا بموجب قانون الإرهاب، وفق المنظمة. ويوجد حاليا ستون صحفيا محتجزا في تركيا.
ألمانيا في المرتبة 14
في المقابل، حلت ألمانيا في المركز الرابع عشر في سلم الترتيب. وقد اتهمت المنظمة مؤسسات ألمانية في عدد من الحالات بملاحقة صحفيين، ومصادرة وثائق وتسجيلات قاموا بها أثناء تغطياتهم؛ كما كشفت المنظمة عن تجسس مكتب حماية الدستور التابع لولاية ساكسونيا السفلى على صحفيين لسنوات. ورغم ذلك شدد كريستيان مير على أن ألمانيا تتميز "بنزاهة جهازها القضائي واستقلاله".
وفي هذا التصنيف أيضا تصدرت فنلندا ترتيب الدول، تلتها هولندا والنرويج، فيما خسرت مالي 22 مرتبة متراجعة إلى المركز 122. كما خسرت جمهورية إفريقيا الوسطى 43 مركزا، متراجعة الى المرتبة 109. أما سوريا وتركمانستان وكوريا الشمالية وإريتريا فجاءت كعادتها في أسفل الترتيب.