مراسلون بلا حدود: ترامب يستلهم أساليب الأنظمة الاستبدادية
خالد سلامة أ ف ب
١٧ يوليو ٢٠٢٥
اتهمت منظمة مراسلون بلا حدود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصعيد "الهجمات الكلامية" ومضاعفة التدابير لـ"تقييد" حرية الصحافة في الولايات المتحدة، مستلهماً ذلك من "أنظمة استبدادية" ومُلهماً إياها في الوقت ذاته.
تسعى إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى تفكيك البث العام وأعلنت إغلاق محطات دوليةصورة من: Jacquelyn Martin/AP/picture alliance
إعلان
أكدت منظمة مراسلون بلا حدود الخميس (17 تموز/ يوليو 2025) أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثبت خلال الأشهر الستة الأولى من عودته إلى البيت الأبيض أنّه "أحد أقوى المدافعين" عن حركة عالمية معادية لوسائل الإعلام.
وقالت المنظمة في بيان إنّه منذ العشرين من كانون الثاني/ يناير الماضي صعّد دونالد ترامب "الهجمات الكلامية" وضاعف التدابير لـ"تقييد" حرية الصحافة في الولايات المتحدة، مستلهماً ذلك من "أنظمة استبدادية" ومُلهماً إياها في الوقت ذاته.
وقال كلايتون ويميرز مدير مراسلون بلا حدود في الولايات المتحدة إنّ "الكثير من هذه التكتيكات لا تحمل أي جديد، إنّها جزء من أساليب المعتدين على الصحافة حول العالم. لكن من الواضح أن ترامب ساهم في تضخيم هذه الظاهرة، مشجّعاً ومُلهماً قادة آخرين لمهاجمة وسائل إعلامهم الوطنية".
وفي شباط/ فبراير الماضي قام البيت الأبيض بتقييد التعامل مع وكالة أسوشييتد برس الأمريكية لأنّها رفضت، ولا تزال ترفض، استخدام تسمية "خليج أمريكا" بدلا من "خليج المكسيك"، بناء على قاموس الرئيس الأمريكي.
إضافة إلى ذلك، تسعى إدارة ترامب إلى تفكيك البث العام وأعلنت إغلاق محطات دولية مثل "فويس أوف أمريكا" (Voice of America) و"راديو فري يوروب"/"راديو ليبرتي" (Radio Free Europe/Radio Liberty) و"راديو فري آسيا" (Radio Free Asia).
وفي هذا السياق أشارت منظمة مراسلون بلا حدود إلى أنّ هذا الإجراء سيحرم مئات ملايين المستمعين حول العالم من "معلومات موثوقة"، وبالتالي سيشجّع على انتشار وسائل الإعلام التي تبث "دعاية" لـ"الأنظمة الاستبدادية مثل روسيا والصين".
وتخطط إدارة ترامب أيضا لوقف التمويل الفدرالي لوسائل إعلام عامّة مثل إذاعة "ان بي آر" (NPR) وقناة "بي بي اس" (PBS) ومؤسسات محلية مرتبطة بهما.
إلى ذلك، يلاحق الرئيس الأمريكي شبكة "سي بي اس" (CBS) الخاصة أمام القضاء، على خلفية تغطية إعلامية اعتبرها منحازة ضده.
تحرير: عماد غانم
هل تعلم أين تبدأ سلطات الرئيس الأمريكي وأين تنتهي؟
يمثل سيد البيت الأبيض أعلى سلطة سياسية على المستوى العالمي، هذا ما يعتقده كثيرون. لكن الأمر ليس بهذه البساطة. فسلطات الرئيس الأمريكي ليست مطلقة، إذ هناك آخرون يشاركونه القرار.
صورة من: Klaus Aßmann
هذا ما ينص عليه الدستور
يُنتخب الرئيس لأربع سنوات يمكن تمديدها في أقصى حد لفترة ثانية. هو رئيس الدولة ورئيس الحكومة. وبذلك فهو يقود أيضاً الجهاز الحكومي المكون من نحو أربعة ملايين شخص تقريباً، بمن فيهم أعضاء القوات المسلحة. ومن واجبات الرئيس أن ينفذ القوانين التي يسنها الكونغرس. وبصفته أعلى رتبة دبلوماسية في الدولة يمكنه أن يستقبل سفراء الدول وبالتالي الاعتراف بتلك الدول.
صورة من: Klaus Aßmann
المراقبة من خلال " التحقق والتوازن"
تتداخل السلطات الثلاث فيما بينها، وهي بذلك تحد من صلاحيات بعضها البعض. ويحق للرئيس العفو عن محكوم عليهم بالإعدام، ويسمي قضاة المحكمة العليا شريطة موافقة مجلس الشيوخ. كما يضطلع بتسمية وزراء إدارته والسفراء ولكن أيضاً بعد التشاور مع مجلس الشيوخ وشريطة موافقته. وبهذا يتحقق للسلطة التشريعية أحد سبل مراقبة السلطة التنفيذية.
صورة من: Klaus Aßmann
القوة الكامنة في "دولة الاتحاد"
يجب على الرئيس أن يبلغ الكونغرس بشؤون الدولة. وهو ما يفعله مرة كل عام في ما يسمى بـ "خطاب حالة الأمة". لا يحق للرئيس أن يقدم مشاريع قوانين للكونغرس ولكن بوسعه أن يبرز أهم المواضيع كما يراها من خلال الخطاب. فيمارس نوعاً من الضغط على الكونغرس أمام الرأي العام. ولكن هذا أكثر ما يمكنه فعله.
صورة من: Klaus Aßmann
يمكنه أن يرفض
عندما يعيد الرئيس مشروع قانون إلى الكونغرس دون التوقيع عليه يكون قد مارس حقه باستخدام حق الفيتو لرفض المشروع. وليس من حق الكونغرس أن يبطل هذا الفيتو إلا بأكثرية الثلثين في مجلسيه. وحسب المعلومات المستقاة من مجلس الشيوخ حدث هذا في تاريخ الولايات المتحدة مئة وإحدى عشرة مرة في أكثر من ألف وخمسمائة مرة اُستخدم فيها حق النقض، أي بنسبة سبعة في المئة.
صورة من: Klaus Aßmann
مناطق رمادية في تحديد السلطة
لا يوضح الدستور ولا توضح قرارات المحكمة العليا مدى سلطة الرئيس بشكل نهائي، إذ يمكن للرئيس أن يستخدم حق الفيتو مرة ثانية من خلال خدعة، حيث يقوم الرئيس في ظروف معينة بـ "وضع مشروع القانون في جيبه"، ويعني بذلك أنه يستخدم ما يعرف بـ "فيتو الجيب" فيصبح المشروع بذلك لاغيا ولا يحق للكونغرس إسقاط هذا الفيتو وقد تم استخدام هذه الحيلة الدستورية أكثر من ألف مرة في تاريخ الولايات المتحدة.
صورة من: Klaus Aßmann
إرشادات بطعم الأوامر
بإمكان الرئيس أن يرشد موظفي الحكومة إلى طريقة القيام بواجباتهم. وتعامل هذه الأوامر المسماة بـ "الأوامر التنفيذية" معاملة القوانين. وليس ضرورياً أن توافق عليها أي هيئة دستورية. ومع ذلك ليس بوسع الرئيس أن يفعل ما يحلو له، إذ بإمكان المحاكم أن تبطل مفعول هذه الأوامر أو بإمكان الكونغرس أن يسن قوانين تبطل مفعولها. وبإمكان الرئيس التالي أن يلغيها بكل بساطة.
صورة من: Klaus Aßmann
التحايل على الكونغرس...
من حق الرئيس التفاوض على اتفاقيات مع حكومات أخرى ويتوجب أن تحصل هذه على موافقة مجلس الشيوخ بثلثي أعضائه. ولتفويت الفرصة على مجلس الشيوخ لرفض الاتفاقيات يقوم الرئيس بإبرام اتفاق حكومي يُسمَى "اتفاقية تنفيذية" ولا تحتاج إلى موافقة مجلس الشيوخ حينها. وتسري هذه الاتفاقيات ما دام الكونغرس لم يعترض عليها أو يسن قانوناً يبطل مفعولها.
صورة من: Klaus Aßmann
... حينها يجب التراجع
الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية ولكن قرار الحرب يعلنه الكونغرس. وليس من الواضح ما مدى إمكانية أن يزج الرئيس بالقوات في مواجهة مسلحة دون الحصول على موافقة الكونغرس. في حرب فيتنام رأى الكونغرس أنه قد تم تجاوز خط أحمر بدخول هذه الحرب وتدخل إثر ذلك قانونياً. هذا يعني أن الرئيس قادر على الاضطلاع بهذه الصلاحيات إلى أن يتدخل الكونغرس.
صورة من: Klaus Aßmann
المراقبة النهائية
إذا ما استغل رئيس منصبه أو قام بعمل يعاقب عليه القانون، يمكن لمجلس النواب في هذه الحالة أن يشرع في إجراءات عزل الرئيس. وقد حدث ذلك حتى الآن ثلاث مرات دون أن تكلل أي منها بالنجاح. ولكن هناك إمكانية أقوى من ذلك لثني الرئيس عن قرار ما. الكونغرس هو المعني بالموافقة على الموازنة ويمكنه أيضاً أن يوقف تدفق المال. أوته شتاينفير/ و.أ