"مراكز العبور".. هل يصبح الاتفاق الألماني واقعاً على الأرض؟
٣ يوليو ٢٠١٨
وأخيراً تنفست ألمانيا الصعداء؛ إذ توصل المستشارة الألمانية ووزير داخليتها إلى اتفاق يقضي بإنشاء مراكز عبور على الحدود مع النمسا. كيف ستعمل تلك المراكز؟ وما العقبات في وجه ولادتها؟ وهل لها مثيل في أوروبا؟
إعلان
بعد أزمة حادة كادت تفرط عقد الائتلاف الحاكم توصلت ميركل ووزير داخليتها وحليفها البافاري أمس الاثنين (الثاني من تموز/يونيو 2017) إلى توافق حول سياسة اللجوء. وحسب إعلان الأمينين العامين لحزبي التحالف المسيحي فإن الاتفاق ينص على إقامة مراكز إيواء مؤقتة على حدود ألمانيا مع النمسا، للاجئين الذين تم تسجيلهم في دولة أخرى تابعة للاتحاد الأوروبي. وتوافق الطرفان على أن يتم رد هؤلاء اللاجئين انطلاقاً من هذه المراكز إلى الدول التي تم تسجيلهم فيها.
الجدير ذكره أن موقع شبيغل اونلاين الألماني ذكر اليوم الثلاثاء أنه في السنة الجارية وحتى منتصف حزيران/يونيو الماضي دخل ألمانيا 18349 طالب لجوء سبق وأن سُجل وأُخذت بصماته في دولة أخرى من دول الاتحاد الأوروبي.
كيف ستكون تلك المراكز؟
يمكن أن تُحاط تلك المراكز بسياج أو تكون على شكل خيام خاضعة لمراقبة أمنية. وستتواجد مباشرة على الحدود في "مناطق خارج الحدود" بمعنى أن طالب اللجوء سيكون عملياً فوق التراب الألماني، ولكن من الناحية القانونية فهو ليس في ألمانيا. وحتى الآن ليس واضحاً المدى القصوى التي من المفترض أن يقضيها طالب اللجوء فيها.
وسيتم وضع طالبي اللجوء في هذه المراكز وستخضع ملفاتهم لمعالجة سريعة، ولن يُسمح لهم أثناء البت في ملفاتهم بمغادرة مركز العبور.
إبعاد "توافقي"
غير أن تفعيل الاتفاق يبقى مشروطاً باتفاقيات إدارية بين ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي، بشكل تتم معه عملية إبعاد طالبي اللجوء من ألمانيا بشكل توافقي.
وتنص اتفاقية دبلن على إمكانية أن تعقد الدول الأعضاء اتفاقيات ثنائية مع بعضها البعض فيما يتعلق بالترتيبات العملية لتنفيذ الاتفاقية. ويؤكد الخبير في معهد ماكس بلانك للقانون الاجتماعي والسياسة الاجتماعية في ألمانيا، كونستانتين هيروشكا، أن أي اتفاقية ثنائية بخصوص اللجوء بين بلدين أوروبيين يجب أن تتم مراجعتها من قبل المفوضية الأوروبية للتأكد من أنها لا تتناقض مع قواعد دبلن.
على خطى دول أوروبية أخرى؟
إرجاع طالبي اللجوء من على الحدود يطبق في بعض الدول الأوروبية الأخرى مثل فرنسا والنمسا وسويسرا والتي تعيد طالبي اللجوء المسجلين في إيطاليا إليها من على الحدود بينها.
وبحسب بيانات الحكومة الإيطالية فقد أعادت كل من فرنسا والنمسا وسويسرا حوالي 16 ألف طالب لجوء كانوا مسجلين في إيطاليا إليها في عام 2017، رغم أن بعض التقارير الإعلامية تؤكد أن عدد طالبي اللجوء الذين تمت إعادتهم من على الحدود الفرنسية الإيطالية فقط وصل إلى 87 ألف، بحسب القناة الألمانية الأولى.
إلا أن هذه الدول الثلاث تربطها اتفاقيات ثنائية مع إيطاليا، تتعهد إيطاليا بموجبها باستعادة طالبي اللجوء المسجلين فيها، إلا أنه لا توجد أي اتفاقية كهذه بين ألمانيا وإيطاليا التي يصلها العدد الأكبر من طالبي اللجوء حالياً، رغم تعهد14 دولة أوروبية أخرى لألمانيا باستقبال طالبي اللجوء المسجلين فيها مسبقاً عند وصولهم إلى ألمانيا وهي إسبانيا واليونان وفرنسا وبولندا وبلجيكا والدنمارك وإستونيا وفنلندا وليتوانيا ولاتفيا ولوكسمبورغ وهولندا والبرتغال والسويد.
الاشتراكيون: عقدة المنشار؟
فكرة مراكز العبور ليست فكرة جديدة، فقد طُرحت في خريف 2015، غير أن الحزب الاشتراكي الديموقراطي تحفظ آنذاك على الفكرة ووصفها وزير الخارجية ورئيس الحزب، زيغمار غابرييل، تلك المراكز بأنها "مراكز اعتقال".
اليوم ليس مضموناً موافقة الاشتراكيين. وتسعى رئيس الحزب آندريا ناليس لإقناع رفاقها لتبني توجه براغماتي بشأن سياسة اللجوء.
وبهذا الصدد أوضح عزيز بوزكورت رئيس مجموعة العمل الخاصة بموضوع الهجرة داخل الحزب أن مراكز العبور "غير مدرجة في اتفاق تشكيل الحكومة الائتلافية". وهذا ما يفتح الباب أمام كل السيناريوهات.
محيي الدين حسين/خالد سلامة
قائمة طويلة.. ساسة وقفوا في طريق ميركل يوما ما!
كان المستشار الراحل هلموت كول عرابها وأبوها الروحي. عينها وزيرة للأسرة وهي في سن الـ 36 عاما. كان قادة الحزب الديمقراطي المسيحي في البداية يتهكمون منها، لكن حدث عكس ذلك. إذ غادر كثيرون منهم ميدان العمل السياسي وبقيت هي.
صورة من: AP
النظرة المتكلمة: هلموت كول
بماذا توحي هذه الأعين؟ مودة؟ أو شعور مثل :"لن أغفر لك ذلك أبدا!". في خضم فضيحة التبرعات التي عانى منها الحزب المسيحي الديمقراطي طالبت الأمينة العامة السابقة ميركل الحزب "بعدم خوض المعركة بحصانه القديم". وبهذا بات الرئيس الفخري للحزب المسيحي الديمقراطي هلموت كول، هنا خلال جلسة للحزب المسيحي الديمقراطي 2012، منتهيا سياسيا.
صورة من: Reuters
على يمينها: رولاند كوخ
البعض ممن تحدثوا داخل الاتحاد المسيحي عن أوقات أفضل يربطون الحلم مع هذا الرجل الجدي من ولاية هسن. إنه رئيس وزراء هسن السابق رولاند كوخ، الذي كان يُعتبر في الحزب المسيحي الديمقراطي كأبرز شخصية قيادية محافظة. ويبدو أنه كان يملك شبكة قوية داخل الاتحاد. بيد أن ميركل تقدمت عليه دون مثل هذه الشبكات.
صورة من: picture-alliance/dpa
الإرادة السياسية: فريدريش ميرتس
نعم السيد ميرتس. كان شخصا واعدا داخل الحزب المسيحي الديمقراطي. كان من المؤكد أن يصبح وزيرا للمالية وربما أيضا مستشارا لألمانيا. رجل ذو وعي حاد وشبكة اتصال داخل الاتحاد المسيحي. لكن ميركل جردت رئيس كتلة الاتحاد المسيحي (ميرتس) في البرلمان من سلطاته في 2001.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. von Jutrczenka
لقد طردته فعلا: نوربرت روتغن
هنا (في الصورة) يتقدم الرئيس يواخيم غاوك (يمين لم يعد في المنصب) والمستشارة أنغيلا ميركل (يسار دوما في منصبها) مع وزير البيئة المجبر على الاستقالة نوربرت روتغن وسط قصر بيلفو (قصر الرئاسة). روتغن أخطأ حين حمّل ميركل جزءا من المسؤولية عن خسارته في انتخابات ولاية شمال الراين فيستفاليا، أكبر ولاية ألمانية من حيث عدد السكان. روتغن كان مرشح الحزب المسيحي الديمقراطي لرئاسة حكومة الولاية.
صورة من: dapd
كان يثرثر حتى النهاية: غيرهارد شرودر
عندما خسر غيرهارد شرودر الانتخابات في 2005 كان يأمل في أن يرفض حزبه الاشتراكي الديمقراطي الدخول في مشاورات حول تشكيل ائتلاف كبير مع حزب ميركل وبقيادتها. "هل تظنين أن حزبي سيتحالف معك"؟ هكذا خاطبها شرودر في برنامج حواري تلفزيوني عشية ظهور نتائج الانتخابات. لكن بعد شهرين من هذه الواقعة كان عهد شرودر قد انتهى لتصبح هي أول مستشارة في تاريخ ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Finck
تدبير السلطة: فولفغانغ شويبله
من الذي كان سيشكل خطرا على ميركل، ربما فولفغانغ شويبله. كول لم يدع "ولي العهد" يمر إلى السلطة. وبعد التعرض لاعتداء والإصابة بالشلل النصفي كان التورط في فضيحة التبرعات عام 2000 يعني بالنسبة إليه كرئيس الحزب والكتلة النيابية نهاية مشواره السياسي. وعينته ميركل وزيرا للمالية، والآن رئيسا للبرلمان "البوندستاغ".
صورة من: picture alliance/AP Photo/M. Meissner
فاتورة مفتوحة: إدموند شتويبر
البافاريون. في هذه الأيام يمكن لنا متابعة رئيس الوزراء السابق إدموند شتويبر كيف ينتقد بقوة سياسة اللجوء المتبعة من ميركل في برامج حوارية. ربما لم ينس زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري السابق كيف فرض نفسه خلال فطور مشترك في 2002 ضد أنغيلا ميركل كمرشح الاتحاد المسيحي للمستشارية، إلا أنه خسر الانتخابات أمام شرودر بفارق ضئيل. ولم يقبل لاحقا أن يكون وزيرا في حكومتها.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
على الطاولة مع الرئيسة: هورست زيهوفر
بافاري آخر. هورست زيهوفر قبل منصب وزير الداخلية في حكومة ميركل والجلوس معها كرئيسة على طاولة مجلس الوزراء. تلك السيدة التي أهانها علنا في 2015 خلال مؤتمر للحزب المسيحي الاجتماعي. لكن من له هذا النوع من الوزراء لم يعد في حاجة إلى خصوم. ماذا يريد زيهوفر؟ لاجئين أقل؟ ميركل أقل؟
صورة من: Reuters/H. Hanschke
مارتن شولتس، هل نسيتموه؟
ماذا هل نسيتموه؟ مارتن شولتس (يمين) خسر بفارق كبير الانتخابات البرلمانية كمرشح لمنصب المستشار عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي في 2017، ولم يرغب في البداية في العمل مع ميركل ثم رفض العمل بدونها ـ وفي النهاية خرج خالي الوفاض، لأن حزب لم يعد يتحمل هذا التأرجح. والآن يجلس شولتس في البرلمان ويشاهد المستشارة وهي تمارس الحكم.
صورة من: Getty Images/C. Koall
كان صديقا لكنه لم يعد كذلك: دونالد توسك
هنا تتحدث ميركل إلى رئيس المجلس الأوروبي البولندي دونالد توسك (يمين). وظل توسك، الذي تألق لاحقا في بروكسل بدعم ألماني طوال فترة طويلة حليفا مهما لميركل. ويبدو أنه اختار مؤخرا الابتعاد، بل إنه، ولو صحت تقارير المراسلين، حاول أن يجهض من الخلف محاولات ميركل لتحقيق حل أوروبي في أزمة اللجوء.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Macdougal
يينس شبان، احتواء "منافس"؟
يينس شبان: سياسي من الحزب المسيحي الديمقراطي، ونائب برلماني ووزير صحة ومحافظ ـ وفي المجموع (كما كتبت ذلك وكالة الأنباء الألمانية منذ 2016): "منافس للمستشارة". ميركل قررت، في خطوة مفاجئة ضم شبان إلى تشكيلة الحكومة وكلفته بوزارة الصحة. ويرى المراقبون أنها أرادت بذلك "احتواءه".