مراهقون ألمان "يُعاملون كالعبيد" في مشروع إجتماعي في رومانيا
١٨ فبراير ٢٠٢٠"بقي الأطفال في ظروف تعادل العبودية"، وذلك بحسب اتهامات الوكالة المختصة بالجريمة المنظمة والإرهاب في رومانيا " DIICOT". و تنص لائحة الاتهام الصادر عن المدعي العام في رومانيا على سرد كابوس لا نهاية له، حيث يدور الحديث عن "الأساليب الهمجية"، "الضرب المتكرر"، "الحرمان من الطعام"، "العمل البدني حتى الإرهاق"، "الإهانات والإجراءات المماثلة للتعذيب" و "الحرمان من الحرية".
لقد حدث كل هذا لمراهقين ألمان تتراوح أعمارهم بين 12 و 18 عاماً، والذين لديهم "مشاكل سلوكية" وتم إسكانهم في إطار مشروع اجتماعي ألماني في إقليم "ماراموريش" الروماني الواقع على الحدود مع أوكرانيا. وبدلاً من أن يتلقى هؤلاء الألمان المساعدة في قرية "فيسيو دي سوس" في شمال رومانيا، تعرضوا لسوء المعاملة.
ويتهم المدعي العام الروماني 14 شخصاً بالتورط في هذا الكابوس، من بينهم بعض موظفي مكتب هيئة حماية الأطفال الروماني، ومدير المشروع الألماني بيرت شومان وزوجته، فقد كان يفترض من هؤلاء إعادة دمج الشباب، الذين يعانون من اضطرابات سلوكية في المجتمع، وذلك بمساعدة "مشروع ماراموريش".
ووقعت بعض تكاليف هذا المشروع على عاتق ألمانيا، حيث كان يتم دفع مبلغ يصل إلى 6000 يورو شهريا مقابل كل شاب يشارك في هذا المشروع. ووافقت مؤسستان رومانيتان على المشروع: هيئة حماية الطفل ووزارة العمل الرومانية، التي أصدرت ترخيصاً للمشروع.
أساس موافقة ناقص
وفي مقابلة مع DW "دويتشه فيله"، قالت مادالينا تورزا، التي أصبحت مؤخراً سكرتيرة للدولة في وزارة العمل الرومانية إن "مشروع ماراموريش" لديه فقط رخصة كمركز رعاية لأنشطة "دمج اجتماعي" للشباب الألمان وليس لإقامة طويلة الأمد. وأضافت أنه لا أحد تحقق، ما إذا كان الأمر يتعلق حقاً بمركز للرعاية. وتابعت مالدينا تورزا حديثها قائلة "عندما لا تكون هناك شكاوى، فإن هيئة حماية الطفل لا يمكنها ببساطة طرق باب الناس".
ولم يتدخل الجانب الروماني إلاّ بعد فرار أوائل الشباب الألمان وحديثهم عن الظروف الوحشية، إذ بدأت التقارير الأولى في الحديث عن هذه الوقائع في سبتمبر/ أيلول 2019.
وأشارت نفس المتحدثة أنها تعمل حالياً على "إطار قانوني يمكن السلطات الرومانية في مثل هذه الحالات من مراقبة المؤسسات والمشاريع الأجنبية من هذا النوع، والتدخل مباشرة في حالة حدوث مشاكل".
تهدئة بالدواء
ويشير محققو الوكالة الرومانية المختصة بالجريمة المنظمة والإرهاب في رومانيا "DIICOT" إلى أنه كان هناك دائم شخص واحد على الأقل، من وسط هيئة حماية الطفل، يقوم بتحذير مديري "مشروع ماراموريش" المثير للجدل، عندما تكون هناك زيارة تفقدية وشيكة. ويضيف المحققون أنه في هذه الحالات كان يتم "تهدئة" المراهقين بالأدوية، حتى لا يتمكنوا من التحدث بصراحة عن الظروف الوحشية. ووفقاً للمحققين، فإن دائرة المتواطئين تشمل أيضاً السلطات المحلية، التي كانت على علم بما يحدث بالإضافة إلى العديد من القرويين، والذين استفادوا من مجهودات المراهقين الألمان من دون مقابل.
نظام عقاب وحشي
الوكالة الرومانية توجه إلى المتهمين أيضا اتهامات بالاتجار في القصر وغسيل الأموال. ووفقاً للمحققين، فإن الأموال التي دفعتها الدولة الألمانية للمشروع كانت "تستخدم أساساً لأغراض غير الأغراض المقصودة". زيادة على ذلك، لم تستطع عائلة بيرت شومان (مدير المشروع) تبرير مصدر مبلغ 137 ألف يورو، موجود في حوذهتها كملكية خاصة.
كما علم المحققون أيضاً –بحسب شهادات الشباب الألماني- أنهم عزلوا عن العالم الخارجي وأن الكثير منهم تعرض للضرب. كما تضمن "البرنامج التعليمي" لهذا المشروع عقوبات يحبس فيها الطفل بمفرده في غرفة ما. بالإضافة إلى أن الحراس كانوا يتعسفون في مسألة السماح لهم بالذهاب للمرحاض وغيرها من الأشياء.
مذنب أم ضحية؟
وفي رسالة مفتوحة إلى الصحافة الرومانية، اشتكى مدير المشروع الألماني بيرت شومان من الظروف القاسية التي كان محتجزاً فيها في رومانيا منذ أغسطس/ آب 2019. وتذكر مزاعمه بالظروف التي تحدث عنها الشباب الألمان في شهاداتهم.
في غضون ذلك، لا يوجد الآن أي طفل ألماني في قرية "فيسيو دي سوس"، بيد أن مادالينا تورزا سكرتيرة الدولة في وزارة العمل الرومانية حذرت في مقابلتها مه "دويتشه فيله" من إمكانية وجود حالات أخرى من هذا النوع، مضيفة أنه يحدث الكثير "خارج نطاق الرادر"، على حد وصفها.
كريستيان شتيفانسكو/ر.م