1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مراهقون مصريون يخاطرون بحياتهم في رحلة موت إلى أوروبا

أحمد أبو القاسم٢٥ يوليو ٢٠١٦

وهم الثراء السريع والإنبهار ببريق الحياة الأوربية، يغرى بعض المراهقين المصريين ويدفعهم إلى الهرب من البلاد بحثا عن وطن بديل. شبان مفعمون بآمال تحطمها قسوة التجربة، وتراودهم أحلام قد يدفعون أرواحهم ثمناً لها.

Ägypten Einwanderung Kinder
صورة من: Getty Images/AFP/D. Azzaro

داخل منزل ريفى متواضع اجتمعت أسرة "رضا – 16 عام " لإجراء محادثة إلكترونية معه بمساعدة أحد الأبناء. تبدو الوجوه سعيدة برؤية الإبن المهاجر، وبدون قلق عليه يتابع والداه الحديث بشغف معه خاصة بعد وعوده بإرسال المال إليهم لشراء أرض زراعية. وتشير الأم مبتسمة بأن إبنها سيصبح أوروبياً ميسور الحال، وأسرة المراهق غير نادمة على هجرته إلى إيطاليا برغم المخاطر.

DW عربية سألت رضا عن حياته كمهاجر غير شرعى فقال "أنا بحال أفضل الآن، تم إيداعى بمؤسسة للرعاية فى كاتانيا جنوب إيطاليا. لست نادماً على مجازفتى رغم أننى كدت أن أموت، والآن أتمنى الحصول على إقامة قانونية لأننى قاصر". تلك الثغرة التى يستغلها المراهقون، حيث يحصل القاصرون الذين هم دون سن الثامنة عشرة على إقامة قانونية في إيطاليا بعد تخرجهم من مؤسسات التأهيل. لا ينكر رضا الصعوبات التي يواجهها رغم تواجده مع أصدقائه من أنباء قريته ويقول إن " الوضع أصعب كثيراً مما تخيلت، ولكنه أفضل مقارنة بالحياة فى قريتى الفقيرة. سأحاول جمع المال، فقد أتيت إلى هنا من أجل ذل".

الأهل يدركون المخاطر والدولة لا تحرك ساكنا

عمدة القرية، خيرى البيجرمى، لا يعرف كيف يحمى المراهقين من تلك الرحلة المحفوفة بالمخاطر والموت، ويعبر عن حيرته وقلقه لـ DW عربية بالقول إنه "لا يوجد بيت إلا وخرج منه مهاجر، أصبح الأمر خطيراً وفشلت جهودى للتوعية بمخاطر تلك الرحلة. يغضب سكان القرية منى حين أطالب بتقنين الهجرة التي يعتبرونها الحل الوحيد لتحسين أوضاعهم الاقتصادية. الأسر مسؤولة عن تشجيع المراهقين على الهروب دون الاهتمام بسلامتهم".

خلال العام الحالى هاجر أكثر من 35 قاصرا من القرية توفى بعضهم غرقا في البحر، بعضهم وصل إلى الفردوس الأوربي والبعض الآخر لم تطأ قدمه الشواطئ الأوربية وبقي منتظرا على السواحل المصرية. يسرد العمدة حادثة وقعت في أبريلم نيسان الماضى حين إختفى 8 أطفال من القرية خلال إحدى رحلات الهجرة وانقطعت أخبارهم، مما رجح وفاتهم وتداولت وسائل الإعلام الحادثة، لكن السلطات لم تحرك ساكنا. العمدة يعتبر هذا التراخى متعمدا لإستفادة السلطات الحكومية من المنح المقدمة لمواجهة الهجرة غير الشرعية التى تقدر بأكثر من ألف يورو لكل مهاجر يتم ترحيله لبلده، حسب رأي العمدة.

عمدة القرية، خيري البيجرمي، قلق على مغامرة المراهقين بحياتهم للوصول إلى أوروباصورة من: Privat

الأحلام تصبح كوابيس

مصير المراهق مجهول خلال رحلة عبور البحر، محمود (17 عاما) واجه صعوبات ومخاطر كثيرة ولم يصل إيطاليا.DW عربية التقت محمود في القرية، التى يبدو الفقر والإهمال مسيطراً على كل بقعة منها، فتحدث عن رحلته المأساوية قائلا "اتفقت مع وسيط للتهريب على السفر إلى إيطاليا وأعطيته 30 ألف جنيه (حوالي 3 آلاف يورو). انتظرت فترة في إحدى المناطق الساحلية على البحر المتوسط بعيداً عن أنظار الأمن" ويتابع الحديث عن رحلته "ركبنا قوارب متهالكة غير صالحة للإبحار، تعرضنا لمعاملة سيئة من المهربين. رأيت الموت بعينى حين غرق قاربنا وقامت السلطات الإيطالية بإنقاذنا". في تلك الرحلة المأساوية توفى أكثر من 300 شخص. ويضيف محمود "لا أملك سوى حياتى التي كدت أفقدها؛ إنني نادم على التجربة. سأبقى في القرية أعمل بأى مهنة".

نحو المجهول

خلال تجاذب أطراف الحديث، قاطعتنا ضحكة ساخرة من زياد (16 عاما) الذي لديه تجربتان فاشلتان للهجرة. الأولى حين كان فى الرابعة عشر وتعرض حينها للغرق وكاد أن يموت قبل إنقاذه. والثانية كانت قبل شهر حين اختفى المهربون قبل الإبحار ولم يستطع مغادرة السواحل المصرية، و يعلق في حديثه مع DW عربية على مخاطر الرحلة عبر الحبر بأنه يتفق محمود على أنها "رحلة الموت، لكنى أختلف معه فى الخوف منها. ليس لدينا ما نخسره، الموت والحياة هنا شىء واحد فلماذا لا أحاول الهجرة مجدداً حتى أنجح فى الحصول على حياة أفضل. فإذا كان مصير رحلة الهجرة مجهولا، فإن المصير هنا معلوم.. إنه الفشل والفقر". حاولت أسرة زياد إقناعه بعدم السفر ثانية، لكنها تراجعت بعدما رأت أطفالاً أصغر منه قد هاجروا ووصلوا إلى أرض الأحلام .

الفقر وإهمال الريف يدفع الآباء إلى تشجيع أبنائهم على الهجرة رغم مخاطر الرحلة البحريةصورة من: Privat

الإنتماء والهوية فى خطر

يشير تقرير أصدرته اللجنة الدولية لمنظمة الهجرة العالمية في مايو/ أيار 2016 إلى أن عدد الأطفال المصريين المهاجرين عبر البحر المتوسط قد تجاوز 600 في الشهرين السابقين أي في مارس/ آذار وأبريل/ نيسان.

صحيح أنه تم إصدار قانون لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتجريم تهريب الناس ومعاقبة من يفعل ذلك بالسجن المشدد أو بغرامة لا تقل عن مائتى ألف جنيه مصرى أي أكثر من 20 ألف يورو، إلا أن ذلك لا يكفى لمكافحة ظاهرة تهريب المهاجرين حسب رأي المختصين ويوضح ذلك أستاذ علم الإجتماع السياسى سعيد صادق، بقوله إن هجرة المراهقين تؤثر على النسيج المجتمعى وتقلل من الإنتماء للهوية المصرية، لأن إكتساب الثقافة الأوروبية سيؤدى لصعوبة الإحتفاظ بالعادات المصرية وهذا أمر شائع بين المهاجرين حيث يزداد ولاؤهم للدول التي يهاجرون إليها ويستقرون فيها.

استاذ علم الاجتماع السياسي سعيد صادق: هجرة الشبان ستزيد من تدهور أوضاع المجتمع المصريصورة من: Privat

ويتابع صادق في حديثه مع DW عربية بأن "الظاهرة لها عامل طرد من حيث إهمال المناطق الريفية حيث لا تهتم بها الدولة، فيشعر المراهقون بالتهميش. وإن عامل انبهار المراهقين بنمط الحياة الأوروبية والحريات، بالإضافة إلى عدم اتخاذ إجراءات فعالة لتأمين الحدود وملاحقة المهربين وتعديل قوانين استضافة المهاجرين، سيخلق مشكلات أمنية واجتماعية وسيزيد من تدهور أوضاع المجتمع المصرى".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW